|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين واله الصالحين الطاهرين مما لاشك فيه إن أي فرد مسلم عندما يلتقي بطفل يتيم فقد حنان احد أو كلا أبويه وفقد الطمأنينة وامتلأ قلبه بالقلق والخوف من مستقبل مجهول ، لابد أن يتأثر وتنبعث في داخله مشاعر إنسانية جياشة تولد في داخله رغبة ملحة في مساعدة ومساندة هذا الطفل وربما يعبر عن مشاعره الإنسانية هذه بصورة عطاء مادي أو كلمات طيبة حنون أو مسحة على رأس اليتيم. هذا ما يمكن أن يحدث عندما يكون اللقاء عابراً ولكن ماذا إن لم يكن عابراً ؟. ماذا إن أراد الله بأحدنا خيراً فوجد نفسه مسئولا عن تربية أو رعاية يتيم أو مجموعة من الأيتام؟. إن الوضع هنا أكثر تعقيداً مما نظن فعلى من يحمل هذه المسؤولية أن يحقق معادلة صعبة بين إعطاء الحنان اللازم لليتيم للتعويض عن بعض ما فقد وبين الحزم اللازم لتربية اليتيم تربية اجتماعية ناجحة، فاليتيم لا يحتاج إلى توفير مستلزمات المعيشة المادية والعاطفة والحنان والإحساس بالأمان فقط بل يحتاج أيضا إلى التهذيب والتربية الحازمة التي تكون لديه شخصية سوية يتمكن بها من التوافق الاجتماعي الجيد والعيش بصورة طبيعية بين أقرانه. ومن اجل تحقيق المعادلة التربوية السليمة لابد من مراعاة عدة نقاط :- 1- الرفق باليتيم قال تعالى " فأما اليتيم فلا تقهر" الضحى -9- إن اليتيم بعد أن فقد أباه يفقد مصدراً للحنان والأمان ويتولد لديه إحساس بالضعف والقلق فلا بد من مراعاة الجانب النفسي وما يعاني اليتيم من اختلاجات نفسية عند تربيته وعدم القسوة عليه قال تعالى "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم " الماعون -1’2- أي إن من يقهر اليتيم ويقسو عليه كمن يكذب بيوم الدين. 2- التأديب والتهذيب إن الوضع النفسي لليتيم لا يعني الإفراط في التدليل والحنان والتغاضي عن المساوئ والأخطاء التي يرتكبها اليتيم لأن ذلك يؤدي إلى إيذاء اليتيم أكثر من نفعه بل إن من حق اليتيم على مربيه إن يحظى بقدر من التوجيه والإرشاد والتربية المتوازنة السليمة. إن التربية السليمة لا تكتمل إلا بالتأديب والتهذيب وقد سئل ابن سيرين عن ضرب اليتيم فقال"اصنع به ما تصنع بولدك ، اضربه ما تضرب ولدك " وقال العلماء " اليتيم يؤدب ويضرب ضرباً خفيفاً " وفي هذا توجيه إلى جواز تأديب اليتيم بالعقاب العادل المناسب ردعاً وزجراً عن الخطأ. 3- تجنب التذمر والشكوى من المهم جداً لكل من يربي يتيماً أن يدرك انه في نعمة من الله فلا يشكو ويتذمر قال الله تعالى" ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر " المدثر-7،6- قال رسول الله ( صلى الله عليه وعلى اله وسلم ) " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى " أي إن كافل اليتيم لا يفصـل مكانه فـي الجنــة عـن مكان رســـول الله ( صلى الله عليه وعلى اله وسلم) إلا مثل ما يفصل بين الإصبعين من مسافة ، وروي إن رجلاً شكا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وعلى اله وسلم) قسوة قلبه فقال له " أن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين ، وامسح على رأس اليتيم ". 4- الاهتمام بمال اليتيم قال تعالى " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا " الإسراء -34 - تحذرنا الآية الكريمة من أكل أموال اليتامى ظلماً وتوصينا بأن نصون حقوق اليتيم ونحافظ عليها. إن رعاية الأيتام واجب وأمانة بأعناق المسلمين أوصانا الله بهم وليتذكر كل منا عندما يرى أولادنا شيئاً في السوق فهم يطالبوننا بشرائه لهم سواء كان طعاما أو لعبة أو حلوى ...الخ فما بال الأطفال الأيتام؟ من سيشتري لهم ؟ من سيلبي رغباتهم البريئة ؟!. نحن نشكو من شدة الغلاء وارتفاع الأسعار مع إن لكل منا دخلاً يعيش من وراءه فكيف لمن لا معيل ولا دخل لهم ؟!. اختم كلامي بحديثين شريفين للحبيب المصطفى خاتم الأنبياء الرسول محمد ( صلى الله عليه وعلى اله وسلم) v " من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة اخوين ، كما إن هاتين أختان ، والصق إصبعيه السبابة والوسطى ". v " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له الأعضاء بالسهر والحمى ".
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |