|
الدكتور/ حسن المحمداوي أستاذ جامعي وباحث سايكلوجي لايخفى علينا بأن التقمص (Identification)، هو حيلة أو آلية دفاعية من حيل الدفاع ( Defense Mechanisms ) العديدة والتي يستخدمها الفــرد من اجل خفض حالات التوتر والقـلق التي غالبــاً ما تصاحب الآزمات النفسية التي يتعرض لها وعلى أختلاف أنواعها ومصادرها. أن الحيل الدفاعية بشكل عام، تهون من وطأة العقبات المادية والمعنوية التي يتعرض لها الفرد وهي بالتالي تنحو الى خلق حالة من التوافق والرضا الذي يطفوا على الحقائق الواقعية ، كما وان هذه الحيـل الدفاعيــة والتي من ضمنها ( التقمص) تعمل على جعل الفرد جاهـــلاً للتعرف على نقاط ضعفه وعيوبه ونقائضه ونياته الدفينة الذميمـة والرجيمـة ، فتقيه بذلك من مشاعر النقص والذنب ومن إستصغار ذاتــه ولومها ومحاسبتها، وبصورةعامه فانها تقيه من الألام التي يكون مصدرها الذات والآخرين وتعطيه نوعاً من الراحة المؤقتة والوهمية في ذات الوقت. ومن الجدير بالذكر هنا، أن الحيل الدفاعية ليست حيلاً شاذة، فالناس يتفاوتون بإصطناعها بقدر قليل او كبير كبارهم وصغارهم، ولكنها تصبح ضارة وشاذة حين يفرط الفـرد في أستخدامها والالتجاء اليها أولاً وحيمنا تحجب هذه الحيل عن الفرد رؤية عيوبه ومشاكله الحقيقية وبالشكل الذي تؤدي الى أن تؤثر سلباً في تقديره لذاته وفي صلاته بالآخرين تأثيراً ضاراً وبارزاً. وأود هنا ان أسلط الضوء على التقمص لبعض الأفراد الجدد على الساحة العراقية وكذلك على الفكر العراقي والذين ينزعــون الى ربط شخصياتهم بشخص او فئة له ولها من الصفات ماسمت بهم وخلدهم الناس على مر التاريخ ، بحيث كانت كل انواع التقييمات التي تصدت لهم وسيرهم متأزرة ومتواترة على قيمة هذه الشخصيات وسيرتها العابقة بالطيب والآصالة والأنسانية العالية التي لاتقف عند حـد ، حيث يحاول هؤلاء المتقمصين الجدد من أن يتقمصوا سيرة ومرجعية هذه الشخصيات من أجل اثبات الذات او كسب تقدير الحشود لهم، والذي قد ينعكس ايجاباً وبشكل مرحلي على تقديرهم لذواتهم. وهنا لابد من التوضيح بأن هناك نوع من التقمص التوحدي او الأندماجي وهذا النوع يعد ايجابياً لانه يمثل الأيمان الصادق بسيرة حياة العظماء من الناس وبالتالي فهو يخلق انساناً يروض نفسه من أجل ان يكتسب صادقاً بعض السمات التي تميز هؤلاء العظماء مما تجعله اكثر تاثيراً وخاصـة في الجماعــات الواعية والمدركة لحقيقة الأمور وليس العامة من الناس الذين تنطلي عليهم سطحيات السلوك وقشوره، فهذا النوع من التقمص يدفع الفرد الى محادثة النفس بالقيم الاخلاقية واستحضارها ومحاولة تقويم السلوك من خلالها ورحم الله الشاعر حين يقول: صلاح أمرك للاخلاق مرجعه فحدث النفس بالأخلاق تستقم وبناءاً على ماتقدم فأني أجد من الآهمية هنا التطرق الى موضوع القيادات الدينية الموجودة على الساحة العراقية الآسلامية من كل المذاهب ( مستثنياً المرجعيات الدينية) ، أقول لهؤلاء الذين يتصيدون الدنيا بالدين أما كفاكم ترفاً وتخمة على حساب هذا الشعب البائس المسكين لقد سكنتم في مساكن الذين ظلموا وقصورهم وملئتم البطون بما كان يتلذذ به الطغاة والفرق الوحيد هو في اللباس الذي ترتدونه حيث يضفي عليكم نوعاً من الوقار عند المحرومين والبائسين وأعلموا أن إمامكم وخليفة المسلمين على بن ابي طالب(ع)، عندما تولى الخلافة وطلبوا منه أن يسكن قصر الآماره أبى ذلك وقال ( أنه قصر الخبال) ، ألم تسمعوا أو تمر على اذهانكم وأنتم الداعين اليه مقولتــه التى تنضح حباً ورحمــة وانسانيه وهو يقــول: ( والله لوشئت لتسربلت الدمقس من ديباجكم ، وأكلت لباب البر بصدور دجاجكم وشربت الماء الصافي برقيق زجاجكم ، ولكن ماني عليَ ونعمة لا تبقى وملك يبلى ، أما والله لقد رقعت مذرعتي حتى استحيت من راقعها وحتى قال لي قائل: الأتنبذها عنك ، فقلت احجب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى، والله لو شتئت لأهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ، ولكن هيهات ان يغلبني هواي او يقودني جشعي الى تخير الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لاطمــع له بالقـرص ولاعهد له بالشبع). وأنا اسائل هنا الذين يقودون هذه المجاميــع والذين يغشونهم بمعسول القول وبمظهرهم الديني وهم يكنزون من الذهب والفضــة ماتمتلئ به خزائنــهم في الداخل والخـارج وماتمتلئ به بطونـهم من الفسق والحرام وهم يدركــون جيداً بأن هناك الكثير من الناس من يلتحف السماء ولايجد كسرة من الخبز يسدون بها رمقهــم ، الم يعلمــوا مثل هؤلاء بان اليــة التقمص هذه التي يتعاطــوها هي مكشوفة عند انصــاف المتعلمين وان خدعــوا بها الطبقات الجاهلــه من المحرومين فــهي بالتالي مكشوفة أمــام جبار السموات والأرض الذي يقول لموسى (ع) في الحديث القدسي:ـ ( ياموسى ثلاثة أنا برئ منهم يوم القيامة ، اولهم رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل أستأجر أجيراً فبخسه حقه ، ورجل باع حر فأكل ثمنه). أن رب الرحمة والغفران يتبرئ من الذي يأكل بأسم الدين وبالتالي فهو يحرف الدين ، لإن هذا الأمر يشكل خطراً كبيراً على الأنسانية وعلى العقل كذلك ، وأن هذا الحبل التقمصي الزائف يكون قصيراً وسوف تسقط هذه المظاهر الخداعة للناس حتى بعد حين ، ورحم الله البهاء زهير حين يقول: ومهما تكن عند أمرءُ من سريقةِ وأن ظنها تخفى على الناس تعلنُ أين أنتم بكل فصائلكم ومذاهبكم من كل هذا !!! ألم تخجلوا من تدنيس سيرة هؤلاء العظماء بأفعالكم المشينة وبسلوكياتكــم التي لاتمــد اليهم بصله ، والله نحن نسيء بهذا التقمص المزيف الى محمحد(ص) وأصحابه أكثر مما يسيء هذا الدنماركـــي في تعليــقاته الرعناء على رسول الخير والرحمة، لإنه يرى ويسمع ما يعمل هؤلاء الذين يزعمون الأنتماء لمحمد(ص) من سلوكيات تتبرأ منها حتىالحيوانات ، فهذه الفضائيات تبث بين الحين والآخر الجموع الملثمة التي تذبح الأبرياءمن الناس بالمنشار (كأبداع أو أبتكار) عوضاً عن السكين ، وخلفــهم لافتــه كتب عليها ( لاآله الاالله محمد رسول الله) ، اليس هــذا بأسوء من التعليقات التي يطلقها هذا الدنماركي !!؟؟ أنكم أيها المتقمصون ابعد ماتكونوا عن محمد(ص) وروحه التي غمرت الدنيا محبة وتسامحاً وأنسانية، الم تسمعوا بقصــة الرجل المشرك الذي دخــل على الرسول(ص)، وبال في وسط المسجد ، وعندما قام الصحابــــة ليضربوه بالسيف قال لهم ، أتركوه وأريقوا الماء على بوله ، هذا كل مافعله، فأين هذه الروح المتسامحه التي تعلــوا على الحقد والضغائن من نفوسكم الشريرة التي لاتعرف غير منطق القوة والقتال غير الشريف ؟ وأين أرواحـــكم التي لاترتاح الأ برؤية الدماء والدمار من قول المصطفى(ص) ( من قتل عصفوراً عبثاً جاء الى الله يوم القيامة تسبخ اوداجه دماً عبيطاً ، يقول أي رب سل هذا فيمَ قتلني، لم ينتفع من لحمي ولم يتركني أكل من حشاش الأرض). أين أنتم بالله عليكم ولو بالجزء اليسير من هذا السلوك الذي يرمي الى التعمير كما هو العهد بالأنسان، ومتى كان سعيكم في الأمر فيه خيــر للعبــاد والبــلاد، فمنذ خمس سنين ولايزال المحرومين يئنون تحت وطئـــة العــوز والحاجة في بلد يزخر بالخيرات التي تصادرها هذه المجاميع المتقمصة على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وكيف يمكن ان نبني الأنسان ونطلب منــه أن يصـــلح ذاتـــه مادامت الذئــاب من المتقمصين تستحوذ على خيراته وثرواته بل حتى على غذائه اليومي ، ورحم الله شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب حين يقول: أتريـدُ من هـــذا الحطـام الآدمي المستباحْ دفءُ الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباحْ ودواء ماتلقاه من سأمٍ وذلٍ واكتــــــداحْ
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |