سجاد علي السجاد

  sajjadsajjad19@yahoo.com

إيران ترعى عصابات سرقة النفط العراقي في البصرة مقابل (حصة الأسد)

 مسألة تهريب النفط في البصرة دخلت ملف القضايا الشائكة والمعقدة ، حيث تكونت مع مرور الزمن عصابات منظمة تهرب النفط برا وبحرا، واستمرت هذه الحالة من سرقة أموال العراق وعلى مرأى ومسمع الجميع، الحكومة وقوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية، ولم تتخذ الإجراءات الكفيلة لمعالجة هذا النهب المنظم إلا أخيرا.

وتقف وراء هذه العصابات المنظمة جهات ثلاثة متصارعة على أهم مصدر من مصادر تمويل ميليشياتها المسلحة حيث يدور الصراع بين فصائل شيعية ثلاثة: حزب الفضيلة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وجناحه العسكري "فيلق بدر", والتيار الصدري وجيش المهدي، ولا ريب أن التيار الصدري يقف خلف الفضيلة في صراعه الراهن مع المجلس الأعلى للثورة – خصمه اللدود- ووكلاء المرجع الشيعي السيستاني، ويدعمه بطريق غير مباشر.

ويستمد حزب الفضيلة قوته من خلال سيطرته شبه الكلية على مصادر نفط الجنوب استخراجا وتصديرا، وخاصة نفط البصرة، ويهيمن الحزب على أجهزة الدولة في البصرة (الشرطة والحرس الوطني والمخابرات)، وعلى كل مفاصل الإدارة المحلية ومجلس المحافظة الذي يترأسه محمد الوائلي العضو القيادي في حزب الفضيلة.

هذا الوضع لم يدم لحزب الفضيلة وبدأ يخسر الكثير من مواقعه النافذة في أوساط البصريين لصالح المجلس الأعلى للثورة الإسلامية والتيار الصدري، اللذين اكتشفا أهمية السيطرة على البترول للسيطرة على جزء كبير من العراق، وبمساعدة من إيران التي تمكنت من توطيد نفوذها في المدينة.

أما حقل مجنون الذي اكتشف في السبعينات والذي يقع على الحدود المحاذية لإيران فإن مخاطر السيطرة عليها قضية ممكنة في ظروف العراق الحالية التي تشير إلى ضعف الدولة ومؤسساتها الأمنية والدفاعية وسيطرة القوى الإرهابية والمليشيات الطائفية على العديد من المناطق مع وجود تدخلات واضحة من جانب إيران إضافة إلى بعض التنظيمات الطائفية الموالية لها وقد يكون المدخل لهذه السيطرة أو مد اليد إليه بحجة الحرب العراقية الإيرانية واعتبار ذلك جزء من تعويضات الحرب التي تطالب بها وقد تكون القضية الثانية ظاهرة حقيقية أكدها مسؤول في شركة نفط الجنوب العراقية حيث أشار بأن الجهات الفنية في الشركة باشرت أعمالها بتنفيذ مد أنبوب نفطي يحمل النفط العراقي الخام بين البصرة والمواني الإيرانية في عبادان عبر شط العرب ولا نعرف إلى الآن ما هو موقف وزارة النفط ووزيرها الشهرستاني من هذا التصريح.

إن الثروة النفطية التي يسيل من أجلها لعاب القوى الرأسمالية والشركات المتعددة الجنسية أمانة وطنية والإفراط فيها إنما خيانة للوطن وإفراط بالاستقلال الاقتصادي الوطني وجعله تابعاً ذليلاً للاقتصاد الرأسمالي الأجنبي وعملائه الذين يبيعون الوطن بابخس ألاثمان من اجل مصالحهم الأنانية.

300الف برميل إلى 400 ألف برميل تنهب وتسرق يوميا بأساليب مختلفة وعلى يد عصابات وميليشيات  أو جهات دولية ،وقد قدر مكتب المحاسبة الاميركية في تقريره الصادر في منتصف العام الماضي قيمة النفط (المسروق) بين خمسة ملايين وبين خمسة عشر مليون دولار يوميا على أساس احتساب سعر البرميل آنذاك ب 50 دولارا في المتوسط، وهذه التقديرات تتجاهل كثيرا ما يسرق بوسائل الفساد الداخلي الأخرى في منشآت النفط العراقية نفسها، كما تتجاهل كون السعر قد اختلف الآن وقد تجاوز أل 90 دولارا وهذا يعني بحسبة بسيطة أن مايزيد عن 5 مليارات دولار سنويا تذهب إلى جيوب أثرياء جدد ظهروا في العراق وأطلق عليهم الصحفيون وصف" فئران الأنابيب "،وهم يشكلون طبقة فاسدة مرتبطة بالقيادات الحاكمة التي جاءت على دبابات الاحتلال.

ويتفق المراقبون من كافة التيارات أن هناك حالة انفلات أمني في الجنوب سمحت بعمليات نهب وسرقة  لثروات الجنوب االعراقي، ولاسيما الحدود الشرقية لمحافظات الجنوب،وقال مسؤولون في الحكومة أن  خمس عشرة بئرا نفطية يجري سحب النفط منها لصالح إيران ،وليس صحيحا ما ادعاه البعض من أن هناك آبارا مشتركة عراقية إيرانية علما بأن  حقول الجنوب العراقي والبصرة تحديدا تنتج مايقارب مليون و600 ألف برميل يوميا الآن ،وربما هناك أرقام جديدة تفوق هذا الرقم، يتم اقتطاع 400 ألف برميل للاستهلاك المحلي والباقي للتصدير، غير أن ظروف سيطرة الميليشيات والأحزاب الدينية على الجنوب وعلى البصرة حصرا شجعت على تهريب كميات كبيرة من النفط إلى دول الجوار ومنها إلى أسواق عالمية وحسب تقرير للخبير النفطي الاميركي (جيري كايسر) فان إيران تستفيد من 300 ألف برميل مهرب إليها يوميا عبر الحدود في جنوب العراق.

ويستفيد المهربون عادة من ظروف انعدام الأمن ومن غياب القانون ،حيث يسهل تهريب كميات كبيرة الى دول الجوار أو عبرها إلى مناطق أبعد ، ومن هذا نفهم مدى اتساع وخبرة شبكة (فئران الأنابيب) العراقية ،وكيف تمتد مثل جيش من الجرذان في كل أنحاء المعمورة، وقد أشار احد التقارير الاميركية  إلى أن أرباح عصابات التهريب بأربعة مليارات من الدولارات سنويا ،دخلت إلى ميزانية الميلشيات المتنافسة، والتي تسعى لامتلاك المزيد من الأسلحة لتخوض حرب شوارع ، حيث يعتبر العديد من المراقبين أن الاشتباكات الأخيرة في البصرة والناصرية بين قوات الأمن وجماعة اليماني ليست سوى محاولةٍ لتقويض النظام العام ما يوفر بيئة لاستمرار عملية نهب النفط، فجماعة مقتدى وجيش المهدي يسيطرون على ميناء (أبو الفلوس) الذي تديره ثلاث أو أربع عوائل مافيا معروفة واسعة النفوذ ترتبط مصالحها ليس مع جيش المهدي فقط إنما مع الميليشيات الأخرى في حزب الفضيلة والمجلس الأعلى والدعوة ومنظمة بدر، في حين ظل حزب الفضيلة يبسط نفوذه على حراسات المنشآت وعلى نقابات عمال النفط وعلى آلية إنتاج وتصدير(النفط الأسود) الذي يتعرض للتهريب يوميا.

وقضية سرقة النفط يعرفها الكافة لكن لا توجد مساءلة حتى اليوم،لأن الوثائق والمستندات التي تكشف حجم السرقات يتم حرقها أو تبديدها ، ويرصد المراقبون ملابسات أحاطت بعملية إحراق وزارة النفط العراقية أثناء احتدام الصراع بين حزب الفضيلة وقائمة الائتلاف حول أحقية كل منهما بمنصب وزير النفط ( العراقي ) ففي 28 ابريل2006 قام مؤيدو ومنتسبو حزب الفضيلة الإسلامي بتوزيع منشورات على نطاق واسع في معظم المساجد والحسينيات التابعة لهم في بغداد والبصرة وبعض المحافظات الجنوبية مطبوع فيها صورة كتاب رسمي يذكر فيها بأن مسؤولا شيعيا كبيرا هو أحد وكلاء تصدير النفط العراقي لحسابه الخاص، ولم تمض سوى أيام قليلة على توزيع هذا المنشورحتى شب حريق في الطابق الثاني ثم امتدت ألسنة النيران لتلتهم الطابق الثالث مما أدى إلى أتلاف وإحراق المكاتب الرسمية في وزارة النفط العراقية في الطابقين بصورة كاملة، وأتت النيران على كل الأرشيف العائد للوزارة والعقود والمستندات والوثائق الرسمية الخاصة بأذون تصدير النفط العراقي ووارداتها، وكذلك أتت النيران على جميع مكاتب أجهزة الكمبيوتر والمحاسبة والحاسب الآلي وحسب التصريح الرسمي في حينها للحكومة (بأن سبب الحريق هو ماس كهربائي وتم السيطرة على الحريق في غضون ساعتين(مع العلم بأن جميع شهود العيان وحتى من الحراس أفادوا بأن التيار الكهربائي كان مقطوعا عن وزارة النفط أثناء الحريق .،وثبت بعد ذلك انه تم إحراق وزارة النفط مع سبق الإصرار وعمدا لكي يتم التعتيم عن حجم السرقات والاختلاس) .

ويطالعنا اليوم الناشط السياسي العراقي اسماعيل الوائلي شقيق محافظ البصرة حيث يؤكد ان إيران تقوم بسرقة النفط العراقي من حقلي الطيب والفكه واجزاء من حقل مجنون مشيراً في الوقت ذاته الى ان إيران تعتقد انها بسيطرتها على البصرة تستطيع ان تمسك الخليج العربي من رقبته.

واستغرب الوائلي في لقاء خاص مع جريدة الوطن من كثرة صورة رجال الدين الإيرانيين التي تملأ البصرة بينما لا توجد صورة لرجل دين عربي واحد.

الغريب في الامر أن وزير النفط العراقي نفى قبل شهرين وجود سرقة للنفط ثم بعد ذلك بعشرة أيام خرج ليؤكد وجود سرقة للنفط من جانب ايران ثم عاد ونفى وجود سرقة للنفط منذ احتلال العراق.. هذا التخبط اثار استغراب الكثيرين وعندما بحثت في الموضوع علمت ان السيد محمد رضا السيستاني نجل آية الله السيستاني هو الذي ضغط على وزير النفط العراقي للتصريح بذلك علما بأن السيد محمد رضا السيستاني هو الذي يشرف على وزارة النفط حسب نظام المحاصصة القائم في العراق.

وتبقى قضية النفط في البصرة قضية شائكة ومعقدة ما لم تبسط الحكومة العراقية كامل سيطرتها على المرافق النفطية من خلال قانون صارم لا مكان للمحسوبيات والحزبيات مكانا فيه فهي ثروة لكل العراقيين والتلاعب بها أو التهاون في الحفاظ عليها خيانة كبرى.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com