هكذا يستخفون بعقول الناس
د فيصل الفهد
abu.zahid@yahoo.com
في كل مره اتابع فيه مسرحية التجاذب الامريكي الايراني لاسيما في العراق اشعر بالمراره الشديده لان هذا العالم الفسيح كله يتعامل مع هذه المسرحيه بشكل يوحي بالبلاهه والهبل وهو يتقبل يوميا حزمة الأخبار التي معرفة من يضحك على من !؟.
اتذكر جيدا انني عندما كنت اكتب عن فبركات العلاقه الامريكيه الايرانيه قبل اكثر من عشر سنوات وحديث النظام الايراني عن الشيطان الاكبر كان بعض الاخوه يعتقدون انني اذهب بعيدا واطلق لاتهاماتي العنان وانني احمل ايران ما لايجب ان تتحمله....علما انني كنت واحد من الذين نبهت الى ان ايران تنشط عسكريا وتعمل بالسر والعلن على انضاج مشروعها النووي الذي جمدته لفتره قصيره ايام الحرب العراقيه الايرانيه وعاودته بعد انتهائها وبعلم كامل من الامريكان .....وكان العراق قد خسر عدة محاولات لانجاز بناء مفاعلاته التي استوردها من فرنسا نتيجة تدمير المفاعل الاول في البحر وتدمير الثاني في عام 1981 بغاره جويه قامت بها طائرات الكيان الصهيوني بالتعاون مع النظام الايراني ومشاركة الامريكان وحاول العراق بجهود ذاتيه ان يعيد بناء منظومته النوويه الا ان ذلك لم يفلح لصدور جمله من العقوبات والقرارات من مجلس الامن بتخطيط امريكي صهيوني واضح بعد دخول العراق الى الكويت وشن عدوان واسع على العراق قادته امريكا وشاركت به اكثر من ثلاثين دوله لكل منها سبب معين للمشاركه فيه ؟؟!!.
قامت امريكا ومن تحالف معها على تدمير البنيه التحتيه للعراق مرات ومرات منذ كانون الثاني 1991 وجاءت فرق التفتيش لتكمل الشوط بحيث اصبح المشروع النووي العراقي بخبر كان وكذلك انتاج الصواريخ وتدمير ما موجود منها ...وكان النظام الوطني في العراق في مقدمة من يهاجم بحماسه شديده من قبل تنظيم القاعده وزعيمه اسامه بن لادن بمعنى ان العراق في ذلك الوقت في موقع العدو لتنظيم القاعده...ومع ذلك كانت وسائل الدعايه الصهيونيه الامريكيه ومرتزقتها في كل انحاء العالم يتحدثون ويصوغون الاكاذيب كما يصاغ الذهب عما يقولون ان العراق يمتلك ترسانه من اسلحة الدمار الشامل رغم كل ما اكدته فرق التفتيش ( التي كان اغلب العاملين فيها من المخابرات الامريكيه) في تقاريرها من عدم وجود ما يشير الى امتلاك العراق لتلك الاسلحه ومع ك ذلك لم يتوقف بوش ولا ادارته من اتهام العراق بامتلاكه لتلك الاسلحه المزعومه بل والانكى ان بوش وزمرته اتهموا العراق انه وراء احداث الحادي عشر من ايلول ولم يكتفي بكل هذه الترهات الى ان غزت قواته العراق واحتلته في 9 نيسان 2003 .
اما ايران فرغم ان العالم كله يعرف ان لديها برنامج نووي وان مسؤوليها لا ينفكون عن ألمجاهره باستمرارهم تخصيب اليورانيوم ويعلنون بين الحين والاخر عن تطوير صوارخهم ويطلق رئيس جمهورية ايران تصريحاته الناريه لازالة اسرائيل ومع كل ذلك فالسيد بوش لحد الان لم يفعل واحد من الف ما فعله ضد العراق...فما هو السبب؟ فهل كان العراق الذي لايمتلك ما تمتلكه ايران اليوم اخطر على اسرائيل وامريكا ..والجواب نعم فايران حليفه لامريكا والكيان الصهيوني ولولاها لما تمكنت امريكا من احتلال العراق وقبله افغانستان ...اما العراق قبل احتلاله فكان سكين بخاصرة امريكا ومدللتها اسرائيل ففي العراق حينها اراده وطنيه عربيه انسانيه وفيه مجتمع تربى على القيم الصحيحه وجيش وطني قومي والاف من العلماء والكفاءات بنيه تحتيه متطوره اعتمدت على قدرات وابداعات ابناء العراق....كل هذا وغيره ناهيك عن وجود اكبر خزين نفطي في العراق وهذا ما يهم شركات انتاج النفط الامريكيه العملاقه ويلبي الحاجه المتزايده للنفط خلال العقود القادمه لاسيما في الاسواق الامريكيه ناهيك عن الفرضيه الامبرياليه الامريكيه التي تتلخص بان من يسيطر على النفط يسيطر على العالم بشرقه وغربه شماله وجنوبه.
واذا كانت الامور هكذا فلماذا كل هذه الهرطقات الدعائيه وصياح الديكه ونباح الكلاب بين الاداره الامريكيه ونظام الملالي فعلى من يضحك هؤلاء؟ ثم ماسر هذا التغيير المفاجئ في مواقف حكومة الهالكي العميله؟ ضد ايران وكذا الحال في موقف جماعة مقتدى الصدر وصاحبهم موجود في هناك!.
لقد سمعنا مرات عديده من قياديين بارزين في جماعة الصدر ان الهالكي لم يكن ليتربع على عرش الحكومه لولاهم ثم تاتي اللحظه المفاجئه لينفجر الخلاف بين الطرفين المواليين لايران ويعلن الهالكي لاول مره انه هو من اوصل جماعة الصدر الى ما وصلوا اليه من مكانه وحضوه ثم في لحظه ما وجه قوات جيشه المليشياوي ضد مليشيا المهدي ولتفتح جبهات بينهما ادت ان تحسم لصالح الصدريين لولا ان لبى الامريكيين والبريطانيين استغاثة الهالكي الذي حاصرته مليشيا المهدي وكادت ان تطبق على رقبته في البصره بعدما فشل هجومه عليها التي أسماها صولة الفرسان ( الجربان)...وقيل الكثير عن الاقتتال في البصره ولكن الحقيقه الاكبر التي تقف وراءه هي السيطره على النفط الذي سبق وان اتفق على سرقته بين الامريكان والايرانيين والمليشيات العميله لهما وحكومة الهالكي اضافه الى تهيئة مسرح البصره لعمليات الانتخاب التي ستجري في تشرين ثاني القادم والتي تريد امريكا ان تحصرها بالعناصر التي تواليها في المرحله القادمه لاسيما في البصره حيث الخزين النفطي الاستراتيجي الاكبر في العالم ( يوجد في البصره بئر نفطي واحد يكفي انتاجه تغطية ميزانية العراق لمدة 33 سنه وبمعدل لايقل عن مئة مليون ولار سنويا؟؟!!).
صحيفة نيويورك تايمز الامريكيه كشفت في عددها الصادر نهاية الاسبوع الماضي أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أرسل عددا من كبار القادة الشيعة إلى طهران لمناقشة مخاوفهم من ان إيران تسلح وتمول مليشيات في العراق. وأوضحت الصحيفة أن "الوفد يضم علي الأديب، وهو عضو بارز في حزب الدعوة الذي ينتمي أليه المالكي وهادي العامري، العضو البارز في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وهو من الأحزاب الحليفة للمالكي، أما العضو الأخر فهو طارق عبد الله، وهو من أصدقاء المالكي القدماء ويدير مكتبه وان القضايا كلها ستطرح على الطاولة وأن هذه المجموعة ستثير قضية نقل أسلحة إيرانية عُثر عليها في العراق وإشارات أخرى عن تدخل إيران في شؤون العراق الداخلية، ومن المتوقع ان يزور الوفد رجال دين كبار في قُم ومن ثم المضي إلى طهران.
اما الامريكان فقد رحبوا بهذه الخطوه حسبما جاء على لسان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الذي امتدح قرار رئيس الوزراء نوري المالكي ارسال وفد برلماني الى ايران معتبرا انها خطوة مهمة لحث طهران على وقف تسليح الجماعات المسلحة في البلاد.
اما موقف الصدريين فقد لخصه الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري الذي صرح للصحفيين ان مقتدى الصدر يرفض أن يلتقي أي من قيادات التيار الصدري بالوفد البرلماني الذي يزور ايران حاليا.
وأضاف ان الصدر يصر على إن الحل لا يكون إلا في إطار المبادرة البرلمانية التي تبناها الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني في حين اعلن النائب سامي العسكري عبر اذاع ( سوا ) الامريكيه أن وفد كتلة الائتلاف الموحد الذي توجه إلى إيران لن يلتقي بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأخذ معه أدلة تثبت ضلوع طهران بتسليح وتدريب الميليشيات المسلحة في العراق. وأن هذه زيارة إيران تستهدف تحقيق هدفين هما إطلاع القيادت العليا في إيران عن الأوضاع الأمنية، وممارسة ضغط سياسي على إيران لتوضيح مواقفها من العمليات المسلحة في العراق
والمهم في حديث العسكري تأكيده على أن لا علاقة لنوري المالكي بفكرة الزيارة، موضحا أن الائتلاف العراقي اجتمع وقرر إرسال الوفد المشكل من أعضاء الائتلاف.
اما الايرانيين فلديهم اسباب اخرى لهذه زياره وهذا ما جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني، الذي قال مساء الجمعة الماضي، ان وفدا عراقيا وصل إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين بشان آخر المستجدات في العراق، مبينا ان المسؤولين الإيرانيين يجرون محادثات مع الوفد العراقي بهدف المساعدة على تسوية (الخلافات والاشتباكات الدائرة في العراق) والحد من استمرارها... وان الوفد "قدم خلال الاجتماع شرحاً عن نتائج المحادثات البناءة التي عقدها مع عدد من المسؤولين الإيرانيين حول الأوضاع الأمنية في العراق."
ان المتابع لكل هذه المعلومات سيعوم حتما في وسط بحر من المتناقضات والاكاذيب التي لاينفك الامريكان والايرانيين وعملائهما في الحكومه المنصبه في العراق اطلاقها يوميا....فالامريكان يباركون للهالكي ارساله وفد الى ايران ...وسامي العسكري يقول انه لاعلاقه للهالكي بارسال الوفد ...والوفد يتحدث عن ان هدفه هو كشف المستور بتدخل ايران ودعمها وتسليحها للمليشيات بالوثائق.....
اما الايرانيين فيقولون ان الوفد يريد تدخل ايران في حل الخلافات بين حلفائه وعملائه المزدوجين في العراق...وجماعة الصدر يقولون ان زعيمهم لن يلتقي مع الوفد ..والعسكري يقول انهم يرفضون لقاء الصدر!!! ولايدري غير اهل مكه ( اهل مكه ادرى بشعابها) من يصدقون من هؤلاء الدجلين ؟ وآخر سيناريوهات الكذب والتدليس وليس أخيرها يخرج علينا علي الدباغ الناطق باسم حكومة الهالكي اخيرا بخبر يقول فيه ان نوري الهالكي أمر بتشكيل لجنة لجمع أدلة على "تدخل" ايراني في العراق يتم عرضها فيما بعد على طهران ....في حين ان وفده الذي زار ايران قال انه حمل معه الادله الدامغه على تدخل ايران في شؤون العراق!!!؟؟؟
فعلى من يضحك هؤلاء السذج؟...قطعا انهم يضحكون على انفسهم.
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب