الأسلام وبنيته الاجتماعية مابين المدنية والقبلية ... أعادة قراءة  - 2 -

 

 

حميد الشاكر

al_shaker@maktoob.com

 كيف تتأسس بنية الاجتماع الانساني ؟.

وماهي العوامل المنتجة لأختلاف تلك البنى المجتمعية ؟.

********* 

عندما يقال : أن الانسان أجتماعي بالطبع!.

فأن مراد ومقصود هذه الرؤية انه لابد من ان يجتمع الانسان مع الاخر الانساني في بقعة جغرافية طبيعية معينة ليستطيع الاستمرار بالحياة الانسانية التي وجدت لتكون بشكل تجمع بشري!.

وعندما يبحث بالاسباب والدوافع التي تفرض معادلة الاجتماع تلك على هذا الانسان او ذاك، تختلف عادة التفسيرات والتحليلات والرؤى والافكار .. الى العوامل التي فرضت على الانسان ان يكون اجتماعيا بالطبع، فمنهم - من المفكرين واصحاب الرؤى العلمية - من يرى : ان العوامل الاقتصادية هي العامل الاساس التي دفعت الانسان ليشكل نواته الاجتماعية الاولى، باعتبار ان الحاجة الاقتصادية لايمكن رفعها للانسان منفردا، ولابد له من آخر انساني يساهم في رفع متطلبات الحاجات الاقتصادية للانسان، وعليه كانت ولم تزل الحاجة الاقتصادية هي العامل الرئيس في تشكيل نواة الاجتماع الانساني بل وهي التعبير الدقيق لمقولة : الانسان اجتماعي بالطبع باعتبار طبيعته الاقتصادية هذه هي التي فرضت معادلة الاجتماع الاولى تلك على الانسان في هذه الحياة!.

كما ان هناك من يرى الجانب الاخر من طبيعة الانسان البشرية هي التي فرضت على الانسان ان يكوّن اجتماعه الانساني الاولي ذاك، الا وهي طبيعة الخوف وطلب الحماية، فباعتبار ان الانسان رأى من خلال تجربته البشرية انه لايستطيع دفع المخاطر المحيطة به طبيعيا لوحده ومنفردا وبلا معين، ففضّل ان يكون مع الاخر الانساني في اجتماع، وان كان مزعجا لفرديته الطبيعية الا انه الاوفر حظا على دفع المخاطر المحيطة بهذا الانسان منفردا، وعليه رأى الانسان ان من مصالحه الطبيعية والسياسية هي ان يكون لديه منظومة اجتماعية توفر له الحماية من جهة وتدفع عنه المخاطر من جهة اخرى، فكان ولم يزل عامل الخوف وطلب الامان هو عاملي الدفع الانساني الذي فرضا عليه معادلة التجمّع الانسانية هذه!.

وهناك من يرى غير ذالك من العوامل التي فرضت على الانسان ان يكوّن اجتماعه الانساني ذاك، من قبيل الانجذاب الفطري الطبيعي للانسان الى جنسه الانساني الاخر ....، ولكنّ وعلى اي حال لابد من التجمع للانسان وبغض النظر عن الاعتبارات والعوامل التي تساهم بهذا التجمع او ذاك من التجمعات الانسانية هذه!.

نعم يبقى ان نؤكد على : ان اي تجمع او عامل من هذه العوامل التي تذكر في علم الاجتماع الانساني من هنا وهناك، هي ليست مجرد وبطبيعة الحال مفردات لغوية او مصطلحات علمية فحسب!.

لا ... لكنّ تلك العوامل التي تذكر لهذا التجمع الانساني او ذاك الاخر البشري، لهن مؤثراتهن المجتمعية المباشرة على بنية هذا المجتمع او ذاك من المجتمعات الانسانية المتنوعة، فتجمع يقوم على فكرة (الخوف وطلب الحماية) في هذه الحياة هو حتما تجمعا يقوم بناءه الاجتماعي على اساسيات الكيفية التي ينظم فيها هذا الاجتماع لتكون غايته وحركته كلها متجهة الى فكرة (دفع الخوف عن الفرد وضمان ايجاد الحماية له) من الاخطار الخارجية، وكذا عندما نقرر ان عامل الحاجات الاقتصادية هو من العوامل الاساس في قيام التكتل الاجتماعي، فهذا يعني ان نفس هذا العامل سيتحول وتلقائيا من كونه سبب وجود نواة الاجتماع تلك الى كونه العامل الغائي لوجود الاجتماع هذا، ليكون فيما بعد الغاية الرئيسية من قيام الاجتماع، ولتنظّم تلقائيا شبكة الاجتماع الانساني هذا على الكيفية التي من خلالها يستطيع الفرد ان يسد من حاجاته الاقتصادية تماما من قبل هذا الاجتماع البشري، وان لم يستطع الفرد ان يسد هذه الحاجة من خلال وجوده الاجتماعي فهذا يعني انتفاء السبب الاساس لقيام هذا التجمع البشري وكذا يقال نفس الشيئ عندما يفقد الانسان عنصر الحماية من قبل المجتمع او تداهمه ابواب الرعب والخوف والمخاطر من كل جهة بدون ان يكون للمجتمع اي دور في حماية افراده المنضوين تحته، يكون مثل هذا الاجتماع فاقدا لسبب وجوده من جهة، وفاقدا للغاية الرئيسة التي من اجلها اقيم هذا التجمع البشري!.

ومن هنا ندرك ان بنية اي مجتمع انساني تقوم وبالاساس على (( الفكرة )) التي تشرح للانسان السبب الواقعي والعامل الاساس الذي دفعه ليقبل بلعبة الاجتماع هذه، وهل ان اساس تجمعه مع الاخر الانساني هو اساس سياسي او اقتصادي او اجتماعي او روحي عقدي ؟.

بالضبط : ان كان اساس تجمع الانسان وبنيته الاجتماعية قائمة على فكرة العامل السياسي، فعلى الانسان ان يقيم حركته الفردية والاجتماعية على برنامج مايقدمه هذا العامل وتلك البنية السياسية من خدمات وحماية لهذا الفرد او ذاك، ولايتوقع مثل هذا الفرد ان يكون سلوكه الاجتماعي وانماط حركته الاجتماعية مغايرة لهذه البنية المجتمعية السياسية!.

وكذا الحال : ان كان اساس التجمع الانساني قائما على الفكرة الاقتصادية فعلى الفرد ان يقيم حركته الاجتماعية والفردية كلها على ضابط المصالح والحاجات في مثل هذا الاجتماع الذي اقيم اصلا على البنية الاقتصادية للمجتمع!.

وهكذا تسير العجلة في اي بنية اجتماعية روحية او نفسية أخرى بنيت على  الفكرة التي تحولت فيما بعد الى الاساس والبنية لهذا الاجتماع او ذاك من التجمعات الانسانية المتنوعة في هذه الحياة!؟.

نعم يبقى القول ان للعوامل الطبيعية الاخرى في الحياة الانسانية مدخلية مباشرة في انتخاب الانسان لهذه البنية الفكرية او تلك الاخرى الانسانية، ففي عامل الجغرافية الطبيعية - مثلا - مدخلية مباشرة في صياغة الانسان وانتخابه لفكرة بنيته الاجتماعية، وان هناك افكار معينة اكثر قربا لهذه الجغرافية الطبيعية منها الى الاخرى، ففكرة العامل السياسي هي الاقرب لواقع الجغرافية الطبيعية الصحراوية والجبلية التي جبلت على الصراع مع الطبيعة والنضال من اجل البقاء، وكذا فكرة العامل الاقتصادي - مثلا - عندما تكون هي الاقرب لجغرافيا الصناعة والزراعة والاستقرار والتداول التجاري منها ..... فعندئذ يكون للعامل الجغرافي الطبيعي مدخلية مباشرة على فكرة بنيت الاجتماع من جهة، وعلى انتخاب هذا الاجتماع لهذه او تلك من البنى الاجتماعية المتنوعة!.

اذن : فبنية اي مجتمع هي مجموع فكرة تشرح لماذا ينبغي على الانسان ان يكون اجتماعيا بالطبع ؟.، مضافا لها الاخذ بنظر اعتبار الانسان للغاية التي من اجلها ارتضى ان ينتمي الانسان الى هذه او تلك من المنظومات الاجتماعية الانسانية!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com