من المعلوم لدى جميع الناس أنه عندما تتوحد العائلة الواحدة على كلمة واحدة أو على رأي واحد فأن ذلك يجعل من هذه العائلة عائلة كريمة ومقدرة ويحسب لها الف حساب، ولكن عند عدم الثبوت على رأي واحد او كلمة واحدة اتخذت سلفا،فان ذلك سوف يؤدي الى تفتيت تلك العائلة . ان هذا المنظر الذي صغته لعائلة واحد يمكن تعميمه بسهولة لكامل المجتمع وتسري قوانينه على علاقات الدولية . 

فلقد لاحظنا في الاونة الاخيرة بدأ بعض الشخصيات من الاحزاب الكردية بأثارة تطبيق المادة 140 بطريقة أواخرى، حيث عقدت لجنة ما تسمى بتطبيق المادة 140، والتي حضرها (السيد تحسين كهية) عضو مجلس المدينة من الكتلة التركمانية. نحن هنا بأسم الشعب التركماني الذي صوت له واختاره مع غيره عضوا في مجلس المدينة يحق لنا أن نساله سؤلا بسيطا : "ألم يكن من المفروض على سيادتكم اخذ رأي جميع اعضاء الكتلة التركمانية وبعض الشخصيات التركمانية السياسية الذين لهم المام كبير في الساحة السياسية ؟" انك يا سيد تحسين كهية واحد من هذا الشعب الذي نطق بجملة (المادة 140 قد انتهت دستوريا وقانونيا) كيف تحضر مثل هذه الاجتماعات ؟ " انني لا استطيع انتقادك لانني لست على علم بما دار في هذا الاجتماع من توجهات واراء، ولكن نحن نقول ونؤكد كان المفروض عليك عدم حضور أعمال هذه اللجنة، لاننا كشعب قد قررنا منذ اقحام هذه المادة في الدستور العراقي ولحد الان بأنها ليست لصالح شعبنا التركماني المظلوم .

 ولاننا جميعا نحبو في خطى الديمقراطية يلزمنا جميعا الكثير من الدروس والعبر، وبالتأكيد سوف نتعرض للخطأ ولسوف نقع في العديد من المصائد والفخاخ السياسية التي سوف لن يتعب ويمل منافسونا ورقباؤنا السياسيون في نصبها لنا . كل هذا متفق عليه ومفروغ منه، ولكن الحقيقة الاخرى التي يجب ان لاننساها بأننا نجتاز نفقا مظلما وتمر علينا اياما عصيبة فيها الخطأ على صغره قد يكلف مستقبلنا ومستقبل اولادنا ولربما احفادنا، فالعراق اليوم ولاسيما شعبنا التركماني يمر بفترة مفصلية مهمة في تاريخة تتمحور عليه الخريطة الساسية لوجود شعب بكامله لخمسين سنة اخرى على الاقل . لذلك يتوجب الحذر الف مرة ومرة في اطلاق التصريحات، وأخذ القرارات، والمشاركة في الفعاليات والنشاطات والاجتماعات . 

 فهناك في الديمقراطيات المتأصلة سياق نفتقده في ديمقراطيتنا الوليدة، ويا حبذا يتسع صدر سياسيونا جميعا بدون استثناء في الانتباه اليه والعمل بموجبه . هذا السياق يعتمد على بقاء السياسي المنتخب على صلة وثيقة بدائرته الانتخابية يخبر ناخبيه بتفاصيل نشاطاته، ويستمع الى ارائهم ويتحسس توجاتهم ويتبين تقييماتهم السياسية . ولان السياسية تمارس لاجل رفاهية المجتمع أولا واخيرا، لذلك يتوجب الاستماع الى صوت الناخب والتواصل المستمر معه، فهو لانه بعيد عن الساحة وغير منغمس في مصالح السياسة المتشابكة بألتأكيد سوف يملك الرؤية الواضحة الناصعة، ويبقى أكثر التصاقا لقيمه ومبادئه العقائدية، لذلك انصح ككاتب ومحلل سياسي ( اثبت الوقائع اليومية صدق رؤيته وصواب حدسه أكثر من مرة ) ان يلجأ سياسيونا الى هذا التقليد المتحضر في الديمقراطية . 

اما اذا ارتى سياسيونا الترفع عن الاستماع الى صوت الناخبين الذين اوصلوهم الى مقاعد السياسة، وفضلوا الانغماس بدل ذلك في الطريقة المعتمدة الان من اكثرية المشتغلين في السياسة العراقية وهي التنعم بخيرات وواردات العمل السياسي واعتبار انتخابهم فرصة تاريخية لاتتكرر في جمع المكاسب عليهم عدم تفويتها، فذلك بحث اخر .

فالعرف التركماني الذي لايعرف ممارسة العقاب لمن يتعمد الخطأ والخيانة والكذب على الجموع وتفريق الكلمة بدل توحيدها والخروج عن الاجماع الشرعي، يعرف شكل اخر من العقاب، فعقابه شامل وصارم يتمثل في مقاطعة جماعية للعملية السياسية، لنرى بعد ذلك من ستحملة الاصوات ليجلس في مقعد السياسة ويخرج لسانه للجموع التي تهافت على صناديق الاقتراع في الحر اللافح والبرد القارص، فيتحالف مع اعدائه ويجني المكاسب المادية والمعنوية .

غير ان هذا العقاب الجماعي الذي سينزله جموع شعبنا التركماني العظيم له سلبية اخرى يجب الانتباه اليه وعدم نسيانه والعمل على منعه وتجنبه وهو ان هذا العقاب الموجه للسياسين الذين يرون في العمل السياسي فن ولعبة تلعب لحسابات شخصية هو في نفس الوقت انتحار جماعي وعودة الى ميكانيكية التقوقع الذي اعتاد شعبنا التركماني على ممارسته لتسعين سنة مضت وعقب كل نكسة تعرض لها . فلقد كانت تكلفة هذا النوع من العقاب باهض جدا، اذ كلفنا تهميشا سياسيا وعزلة اجتماعية ومنفى اختياري، هذا التهميش هو الجرح المفتوح الذي ما فتئنا نتحدث عنه ونلحس جروحه ونئن من الامه .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com