عملية الهروب من سجن الحلة،أو حفر النفق،هذا العمل البطولي الرائع تباينت حوله الآراء واختلفت المواقف،فقد قيل وكتب عنه الكثير وكل(يحوز النار الكرصته) فالقيادة المركزية ومن سار خلف لوائها ينسبون هذا العمل لهم رغم أن بدايات حفر النفق أو التخطيط له كان قبل أن توجد القيادة المركزية أو حدوث ذلك الانشقاق الخطير،وقد أشرت للموضوع عرضا وانأ بسبيل بيان دور محلية بابل للحزب الشيوعي في عملية الهروب واحتضان الهاربين،ولكن كتابتي أثارت الأخ الكريم الأستاذ جاسم المطير فأصدر بيانا أحمد الله أنه أخذ الرقم 111 بدلا من (1) الذي يعني بيان الثورة في مصطلحات الانقلابيين العراقيين،وأجبت حينها باني ناقل لروايات منها ما ذكره الفقيد حسين سلطان في مذكراته، وقد وردتني رسالة من الأخ الكريم نعيم الزهيري وفيها معلومات وافية عن الموضوع طلب مني التصرف بها كيف أشاء،لذلك رأيت أدراجها هنا على أمل مواصلة نشر جميع وجهات النظر وذكريات المشاركين بالعملية،وسأحاول في حلقات قادمة نشر ما ذكره الآخرين حول العملية لتكون أمام أنظار الجميع للخروج بتصور سليم عن هذا العمل الجبار .وأماطت اللثام عن أسراره خشية ضياعها بعد أن ضاعت الكثير من الحقائق عن التاريخ المجيد للشيوعيين العراقيين لعدم الاهتمام بتسجيلها في فترات كان من السهل توثيق الكثير من الأحداث،وذلك بسبب البيروقراطية التي واكبت محاولات كتابة تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،وعدم أيكال الأمر إلى متخصصين أو مهتمين بمثل هذه الجوانب،ومن خلال ذلك أطرح أمام أنظار رفاقي في الحزب الشيوعي العراقي،ومن لا زالوا داخل الحزب أو خارجه محاولة استجلاء هذه الحوادث المهمة وتوثيقها بعيدا عن الخلافات الأيديولوجية والفكرية والحزازات الشخصية،لإثبات الحقائق كما هي بغية توثيق التاريخ وكتابته من وجهة نظر ماركسية،لا على الطريقة البرجوازية في قلب الحقائق وتحويلها لوجهات تخدم هذه الجهة أو تلك لأن هذه الحوادث أصبحت ملك التاريخ وللتاريخ أن يقول كلمته،وخصوصا في المواقع المفصلية الهامة كقضية الموصل وأحداث كركوك التي لا زال الكثيرون ممن يتصيدون في الماء العكر يزمرون ويطبلون لها بقلب الحقائق والافتئات على التاريخ دون أن يتصدى أحد للرد عليهم وكتابة الحقيقة كما هي،وأن ما لدى الحزب من وثائق يستطيع من خلالها وضع النقاط على الحروف وعرض الحقائق كما هي أمام أنظار المؤرخين والرأي العام،وبهذه المناسبة أود أن أناشد القيادة الحالية وكافة الرفاق ممن يمتلكون أي معلومات عن شهداء الحزب أو أحداثه نشرها وإذاعتها،فقد شكل الحزب لجان عدة لكتابة سفر الشهداء الخالدين، إلا أن هذه اللجان نامت نوم أهل الكهف بعد أن عهد بها إلى أناس بعيدين عن أي اهتمام تاريخي، أو يمتلكون القدرة على الكتابة،أو لهم اهتمام في هذا المجال،أن تاريخ الحزب أمانة في أعناق جميع الشيوعيين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وعليهم الكتابة بشرفهم الشيوعي لا بعواطفهم وما في داخلهم من ترسبات،وأدناه شهادة الأخ الزهيري أنقلها كما هي،على أمل أن يكون الجزء التالي شهادة أخرى لأحد المشاركين أو المطلعين على عملية الهروب وحفر النفق.

(نشر الأخ عقيل حبش ذكرياته عن نفق سجن الحلة،احد مآثر الشيوعيين العراقيين وبطولاتهم غير المحدودة،وكذلك عن الكفاح المسلح في الاهوار، في قصة بعنوان " الطريق إلى الحرية " ومؤخرا نشرت رسالة شاعرنا الكبير مظفر النواب التي وجهها إلى السيد عقيل آنذاك،وقد اخرج الرسالة المهندس علي الكناني بصورة جميلة .

ليس خافيا على احد الاندفاع الكفاحي المنقطع النظير للكثير من المناضلين الشيوعيين آنذاك،ومنهم السيد عقيل حبش وتصميمه على الهروب من السجن بغية الالتحاق بـ " النواتات الثورية " للكفاح المسلح في الاهوار،تلك التي أوجدتها مجموعة من الرفاق الشيوعيين في اهوار الناصرية في منطقة غموكة .ولا نخفي سرا إن نقول بأنها كانت امتدادا لامتشاق الحزب السلاح ضد انقلابيي شباط الأسود عام 1963 في بغداد وبعض المدن الأخرى .إن الدعوة للكفاح المسلح وخلق النواتات الثورية في الريف على غرار ما صار في أمريكا اللاتينية وبطلها تشي جيفارا،كانت تستحوذ على أذهان الشباب المتقد حماسا للتخلص من الأنظمة الدكتاتورية والاستبداد .

كان على رأس تجربة الكفاح المسلح في اهوار الناصرية المناضل أمين حسين الخيون " أبو جماهير " وبعدها تشكلت قاعدة أخرى من قبل مناضلين أشداء،وكان قائدها الملازم البطل خالد احمد زكي " ظافر " والقاعدة الأخيرة أوسع وأكثر تنظيما من سابقتها نسبيا، وقد تبنتها القيادة المركزية التي انشقت عن الحزب في أيلول 1967 بقيادة عزيز الحاج .وقد انتهت التجربة في أول صدام لها مع قوات النظام آنذاك،لأسباب لسنا بصدد تناولها الآن،رغم البطولات النادرة التي أبداها رفاق المجموعة،طبعا عدا الذين تخاذلوا وخانوا رفاقهم .

لقد انتهى مناضلوها بين شهيد ( خالد احمد زكي ) وبعض رفاقه،وبين من غيّر موقعه وانحاز إلى صفوف السلطة التي رفع السلاح لإسقاطها،وآخرين جلسوا بعيدين عن العمل الحزبي،وقسم منهم صاروا معادين للحزب الذي كانوا قد تربوا في صفوفه،والبعض الآخر اخذ يمارس مهام نضالية بصيغة أخرى كالكتابة والنشر ..وغيرها .لم يحالفني الحظ في الاطلاع على كتابات عن تلك التجربة،سوى ما كتبه الأخ عقيل حبش وما تناوله الكاتب السوري المبدع حيدر حيدر في روايته " وليمة لأعشاب البحر " ...ومن هنا فأنني أرى إن تجربة الكفاح المسلح التي خاضها الحزب الشيوعي العراقي ضد الأنظمة الدكتاتورية قد بدأ فعلا في شباط/1963،ولا أريد المجازفة بالقول بان انتفاضة جنود معسكر الرشيد بقيادة الرفيق حسن سريع احد أوجهها.

إن تلك التجارب الكفاحية المسلحة،وامتدادها تجربة الحزب في كردستان ـ قاعدة بيرموس ـ مثلا في عام 1963،كانت بمثابة تمرينات لحركة الأنصار الشيوعيين التي بدأت في عام 1979 في كردستان وبعض المناطق الأخرى في الفرات الأوسط وأماكن أخرى .لقد قوّم حزبنا تجربة الكفاح المسلح الأخيرة ـ تجربة الأنصار .كما الرفاق الأنصار أنفسهم الكثير عنها،وتحدثوا عن تجاربهم الشخصية فيها .ولا يزال معظمهم يمارسون مهامهم النضالية كأعضاء في حزبهم الشيوعي في داخل الوطن وخارجه وبإشكال منوّعة كل من موقعه .

وما دمنا في موضوع الكفاح المسلح، بودي الإشارة إلى تلك الفكرة ـ الكفاح المسلح ـ التي أراد الحزب القيام بها في عام 1967، فشخص بعضا من كوادره العسكرية وأرسلهم للتدريب،سوية مع مناضلين من أحزاب شيوعية شقيقة ومنظمات صديقة،أرسلهم للتدريب في دولة مجارة،، لكن الفكرة ألغيت مع البدء بتنفيذها ....

لنعـد الآن إلى موضوع، نفق سجن الحلـة،فقد تحدث عنه وكتب البعض،كل من زاوية النظر التي كان فيها،والحقيقة تقال :إن لكل حدث جوانب عديدة ولا يمكن لأي شخص الإلمام بكل الجوانب .وان كل الذين كتبوا أو تحدثوا عن النفق نسوا ذكر أحداث هامة أو تناسوها إهمالا أو تحاشيا،وإنني إذ اكتب هنا بعض الإيضاحات والتصويبات،ليس من اجل الطعن أو المناكدة بقدر ما هي كشف للحقائق حسب معرفتي الشخصية التي تكونت عبر معايشتي الميدانية أو المعلومات التي سجلتها من آخرين مشاركين بالعملية ومنهم حسين سلطان نفسه وسعيد تقي ومجيد وكمال كماله والثلاثة الأخيرين لا يزالون أحياء يرزقون ...

وبدءا ً أقول وبكل ثقة إن ما من مناضل يرضى أو يستسلم لقيوده .فبالنسبة لي فكرت بالهروب من معتقل باب المعظم / القلعة الخامسة،بعد إلقاء القبض عليّ في مدينة الرطبة الحدودية،بأسم وعنوان وجواز سفر مزورة،وأرسلوني مخفورا الى المعتقل المذكور في 26/10/1962،وكانت عملية الهروب سهلة جدا، وعندما طرحت الفكرة على مسئولي التنظيم في المعتقل آنذاك وهم كل من عاصم الخفاجي مسئول نقابة عمال المياه الغازية،وجاسم تاجي وهو مناضل قديم،رفضا الفكرة رفضا قاطعا ً بحجة إن العملية ستؤدي الى التضييق على المعتقلين !! فامتثلت للأمر علما إنني كنت كادر محترف للعمل الحزبي ومحكوم غيابيا ثلاث سنوات وتحت مراقبة الشرطة سنة واحدة .وذلك كان الحكم الأخر الذي صدر بحقي بعد أن خرجت من سجني الأول ...

فـي 6/11/2006 تحدث الأستاذ جاسم الطير عن نفق سجن الحلة،على اعتباره احــد الهاربين منه، وكان الحديث عبر غرفة ينابيع العراق ـ غرفة أنصار الحزب الشيوعي العراقي ـ وقد أدار الندوة الأستاذ هادي الخزاعي، (أبو أروى)، وقد ذكر المتحدث بعض الحقائق الهامة وليس كلها،كما صور بعض الأحداث بالمقلوب .فلقد صوّر التخطيط للنفق وحفره والخروج منه هو من عمل أشخاص في القيادة المركزية،المنشقة عن الحزب (جماعة عزيز الحاج ) . فمجموعة القيادة المركزية في السجن شخصت مكان الحفر من غرفة الصيدلية في القلعة الجديدة ... ومظفر النواب كان ينقل التراب، بعلب التايـد،ويعطيها إلى جاسم، وجاسم يرميه في المراحيض، الى أن سدت المجاري !؟ .وقال أيضا ً :كانت سطوح غرف السجن ينزل منها الماء فطلبوا من إدارة السجن رشق السطوح بالتراب والتبن ...وغيرها .والأنكى من ذلك قوله : عندما بدأ الاستعداد للهروب ( جماعة القيادة ) احتج الآخرون أي ( مجموعة اللجنة المركزية ) وحاولوا كسر باب النفق وكشفه أو الخروج مناصفة 12= 12 ( ففتي ففتي )، ثم استطرد ؛ بعد الهروب جلس معنا شاب من اللجنة المركزية فأخذناه معنا ... وحسين سلطان هرب أيضا ً ... !! شكرا ً يجاسم،شكرا يمجموعة القيادة على هذا الكرم الحاتمي إذ سمحتم( للمسكين حسين سلطان بالهروب وأخذتم الشاب من اللجنة المركزية معكم) ؟ . هنـا تحاشى الأستاذ (أبو يمامة) أن يشير الى بيانه الذي أصدره عشية هروبه وفحواه ( لقـد قمنا بحفر نفق في سجن الحلة وأردنا الهروب، لكن قطب اليمين حسيـن سلطـان أراد منعنا وكشف النفق للسلطة !!)... عذرا لا أريد مناكدة العزيز أبو يمامة فهو أستاذي الذي درّسني الاقتصاد السياسي في سجن نقرة السلمان، وعندما انحاز إلى جانب القيادة المركزية ونحن في سجن الحلة، كان لي نقاش معه حول شرعية الانشقاقات في الأحزاب الشيوعيـة ؟ .

ليتســع صدر الأستاذ أبو يمامـة بالاطلاع على الحقائق التالية،وباختصار كبير :

كان السجناء السياسيون في سجن الحلة يفكرون في تنظيم عملية هروب جماعي من السجن، وشخصوا المكان المناسب للعملية وهو بالوعة التواليت الموجودة في الغرفة الصغيرة التي استعملت كصيدلية من قبل السجناء، ((تقع تلك الغرفة في جناح المستشفى في القلعة الجديدة .وذلك الجناح يتكون من أربع غرف متقابلة وفي الأخير غرفة صغيرة مقسومة الى قسمين،الأول للصيدلية والأخرى الداخلية، من جهة الجنوب تستعمل كتواليت .وبذلك يكون جناح المستشفى يشكل حرف " U " وعندما الغي ذلك الجناح كمستشفى،عند اكتضاض السجن تحوّل الى سكن عادي للسجناء .وتتوسط الغرفة الصغيرة غرفتين هما الغرفة رقم 7 من اليمين والغرفة رقم 13 من اليسار،ولكل من الغرفتين باب يفتح على الغرفة الصغيرة،إضافة الى باب رئيسي آخر لكل منهما يطل على ساحة السجن .))

ألغيت فكرة الهروب تلك من ذلك المكان لعدم القدرة على صيانة سر الحفر، ذلك المكان أشار له الرفيق سالم (وهو شاب من السماوة،كريم العين )، في الجلسات المسائية في آذار/1967 مع حسين سلطان .

كان حسين متحمسا ًجداً للهروب الجماعي وذلك لغرض سياسي يتمثل في اهانة السلطة،وتخليص مناضلين من القيد،للالتحاق بصفوف الحزب .ومن جانب آخر كان السجناء الّذين نقلوا من سجن نقرة السلمان الى سجن الحلة إضافة الى بعض السجناء في نفس السجن فكروا بالهروب من مكان المطبخ وأجروا الترتيبات التي كانوا يرونها مناسبة لذلك .لكن المكان لم يكن مناسبا فتعطلت الفكرة(وقد عرف حسين سلطان ذلك منهم) ... نقل حسين سلطان الى سجن الحلة، ولم يحالفه الحظ في الهروب في الطريق، فعينت له الهيئة الإدارية في السجن مكانا في الغرفة رقم 6 في القلعة الجديدة . عندها عاين المكان فوجده حسب المواصفات التي أشار إليها سالم .

فاتح حسين سلطان الحزب واقترح تنظيم عملية هروب جماعي، وان يكون مكان الحفر من احد البيوت القريبة من السجن، فالعملية تكون أسهل كثيرا،لكن لم يستلم جواب ( لان قيادة الحزب آنذاك مشغولة بمشاكلها الداخلية ) أي قبل الانشقاق، فقرر أن يأخذ العملية على عاتقة،فاختار 20 رفيقا بمواصفات خاصة، وعقدت جلسة في إحدى قاعات القلعة القديمة ..لم ينجح الاجتماع،لقـد سفّه العملية احد الكوادر الحزبية المعروفة وطلب إلغائها ...

فـــي نيسـان اختار سبعة رفاق وقد فاتحهم على انفراد وهم كل مـن :

ملازم فاضل :محكوم عشرين سنة لمقاومته انقلاب شباط الأسود في معسكر سعد .

كمال كماله : رسام ونحات،كادر طلابي معروف في مدينته دهوك،محكوم 20 سنة .

حافظ رسن : محكوم 20 سنة، كما كان يبدو،

مجيد : من أهالي الكاظم ومن مقاومي شباط الأسود محكوم20 سنة .

عقيل حبش : طالب من الناصرية .

اخو عقيل : اضن انه كان عسكري .

سعيـد تقي : كادر عمالي، احد مسئولي نقابة عمال الزيوت النباتية،محكوم 20 سنة،مكلف من قبل تنظيم السجن باستلام الأرزاق

وقبل البدء بالعملية، حسبت كمية التراب وأين توضع استنادا الى حجم النفق، وكذلك المسافة من الغرفة الصغيرة حتى السياج الخارجي الجنوبي للسجن،حيث مرآب السيارات،تم ذلك بمساعدة المهندس عـلي حسين سالم ... نقلت محتويات الصيدلية الى إحدى غرف القلعة القديمة . وفي إحدى ليالي نيسـان،بعد منتصف الليل تسرب الحفارون الى غرفة النفق وتناول حسين سلطان أل،، هيـم،، ورفع غطاء البالوعة قائلا : ماركس انجلز لينين، تيمنا بما قاله رفاقنا في سجن الرمادي عندما أرادوا حفر بئر للماء، بعد إن قطعت عليهم إدارة السجن المـاء،أثناء اعتصامهم . من هنا الطريق الى الحزب ..!!

معالجــة التراب :

صنع صندوق كبير من، الفايبر،بطول غرفة النفق وبعرض منتصفها، واحتياطا خيطت بطانية سوداء على شكل اسطوانة . وضع الصندوق بملاصقة الغرفة رقم 7 وبذلك سُدَّ بابها المطل على غرفة النفق .أما الباب الآخر أي باب الغرفة رقم 13 فيمكن فتحه عليها ..... حسين سلطان يتمشى في الساحة يراقب الحرس آو أية حركة مشبوهة، طيلة بقاء الحفارين في أداء مهمتهم .

أمـا عيـن الحفارين ومجستهم في إدارة السجن فهو سعيد تقي، فكان يخرج الى إدارة السجن مع بدء الدوام الرسمي وحتى انتهائه ...كان الحفارون شديدي الحرص على سرية مهمتهم،تلك التي لا يعرف بها غيرهم بما في ذلك لجنة تنظيم السجن والهيئة الإدارية، إلا ما ندر.

فـي 25 / أيلول / 1967 أذاع صوت الشعب العراقي نبأ الانشقاق، بسطو رمزي ( عزيز الحاج ) وآخرين وأخذهم مطبعة الحزب واحتجازهم جندل ( زكي خيري،عضو المكتب السياسي للحزب )...بادرت منظمة السجن بإرسال برقية تدين فيها الانشقاق،وتؤكد وقوف الشيوعيين في السجن الى جانب اللجنة المركزية ...

فــي1،2 /10/ كانت الزيارات الاعتيادية للسجناء من قبل عوائلهم ؛ فجاءت وثائق المنشقين (( اجتمع الكادر المتقدم في الحزب وقرر طرد العناصر اليمينية وتطهير قيادة الحزب منهم ...الخ )) .انحاز اغلب السجناء إلى جانب الانشقاق وبضمنهم كوادر حزبية معروفة، أما الأقلية ومعظمهم من الرفاق من ذوي الخبرة والذين يتمتعون بوعي عالي،وقفوا إلى جانب اللجنة المركزية(وأنا منهم) ... استفدنا من تجارب الانشقاقات الماضية، فمنعت المهاترات والطعون، قدر المستطاع لسد الطريق أمام إدارة السجن التي هللت للحدث . قسمنا قاعات السجن، وصارت لجنتا تنظيم حزبي ولجنة إدارية واحدة من ثمانية أشخاص، 5 من القيادة المركزية و3 من اللجنة المركزية (وكنت احدهم).

تــوقف الحفر في النفق تماما بعد الانشقاق وانحاز اغلب الحفارين الى القيادة ولم يبق منهم مع اللجنة المركزية سوى مجيد والمشرف على النفق سعيد تقي وحسين سلطان . ومن هنا عرف الآخرون من اللجنتين بسر النفق . وعبر مفاوضا ت تقرر مواصلة العمل ـ الحفر ـ على أن تكون نسبة الهروب 6 من مجموعة اللجنة المركزية و18 من مجموعة القيادة المركزية، ومثّلَ مجموعة القيادة حافظ رسن ومثل مجموعة اللجنة المركزية حسين سلطان نفسه .وصارت اللقاءات مستمرة بينهما في هذا المجال .

استمر العمل كالسابق، وبعد فترة اختنقت غرفة النفق بالتراب، وصار الخوف من انهدام النفق من ثقل التراب . وبعد دراسة ونقاشات ومقترحات مطولة وانتظار مُمـِل، تم الاهتداء إلى فكرة الطلب من إدارة السجن بالموافقة على شراء خشب (على حساب السجناء )لعمل كابينتين واحدة لعمل الشاي والأخرى لكي الملابس،فحصل سعيد تقي على الموافقة وكذلك على إدخال كمية من التراب والتبن لوضعه فوق سطحيهما (وليس على سطح السجن!) ...بُنيت الكابينتان بملاصقة غرفتي جناح المستشفى المذكور من جانب القاعة رقم 7، نقل التراب الزائد من غرفة النفق تحت جنح الليل إلى التراب الممزوج بالتبن قرب الكابينتين .

فــي مسـاء يوم 7 /11 /1967 رجع محمود،، معلم من الناصرية، من مجموعة القيادة المركزية،،من المحاكمة في بغداد ولا ندري ماذا كان يحمل معه إلاّ إننا فوجئنا بحشد كبير في الغرفة رقم 13 المجاورة للنفق كما بيّنا، وفي الساعة السابعة قطع التيار الكهربائي ...ذهب مجيد، احد الحفارين،، إليهم فطردوه وأهانوه، ثم ذهب إليهم حسين سلطان نفسه فسحب عليه احدهم ( وهو من أهالي الموصل ) خنجرا وأراد ضربه ومنع، وهنا ثارت ثائرة حسين وتناول أل ( هيـم ) وكسر قفل غرفة النفق وقـال :

ـ لماذا خرقتم الاتفاق، لماذا تريدون الخروج وحدكم ؟... إن الذين سرقوا الحزب بالسطو على مطبعته واحتجاز احد قادته، ليس صعبا عليهم خرق اتفاق مع مجموعة صغيرة... ! سأغلق النفق ولا أدعكم تخرجون للتخريب ..!!

ســاد القلعة الجديدة جو من التوتر الشديد، وصارت أية مماحكة تؤدي الى كارثة .كـان الوقت يحسب بالثواني، ذهب مظفر النواب وحسين ياسين وحافظ الى حسين سلطان تباعا ً فطردهم بكلمات غير لائقة، ثم تدخّل صـاحب الحميري وتكفل تنفيذ الاتفاق .

مـن جانب مجموعة اللجنة المركزية عُيّـن َ سعيد تقي مشرفا ً على هروب المجموعة، وكان الهروب واحدا من القيادة المركزية يليه واحدا من اللجنة المركزية وهكذا... ولدى خروج العنصر السادس من مجموعة اللجنة المركزية،انتهت مهمة سعيــد فانسحب .هرب من مجموعة اللجنة :حسين سلطان صبي عضو اللجنة المركزية وعبد الأمير سعيـد وهو كادر عمالي وقد استشهد ببطولة ,لطيف ألحمامي كادر حزبي من الناصرية، الشاب مجيـد التحق بالهيئات العمالية للحزب، حازم الجماس من أهالي الموصل وشخص أخر لا أتذكر اسمه ...

من جانبنا شكلنا لجنة تنظيم وأخرى احتياط خاصة بنا.وأتلفنا الوثائق التي قـد تقع في أيدي العدو، تحسبا ً لما سيحدث وأصدرنا توجيهات لرفاقنا حول محتوى الإفادة في حالة الاستدعاء للتحقيق. فهل يتذكر ذلك الإخوة الذين كتبوا أو تحدثوا عن النفق ؟؟

وأخيرا ً أقول وأنا واثق من نفسي : إن نفق سجن الحلة ما كان من صنع القيادة المركزية، لست مدافعا عن اليمين واليمينيين، فتاريخ حزبنا ( والحمد لله ) مليء بالانعطافات اليسارية واليمينية، لكن التصحيح يتم في كل مرّة من داخل الحزب وليس من خارجه . وحتى حسين سلطان كان متطرفا يسارا مرّة ولدي وثائق تثبت ذلك، ومتطرفا ً يمينا مرة أخرى ـ خط آب ـ المقيت ولكن ليس وحده، بل، شاركه الرأي والتوقيع على ذلك البيان المشئوم قادة آخرون ذهبوا مع الانشقاق وصاروا ثوريين،، للكَشر،، ثم استسلموا للنظام الذي رفعوا السلاح لإسقاطه، وفي مقدمتهم مسئولهم وقائدهم عزيز الحاج الذي انهار وطلب الغفران قبل أن يلسعه سوط الجلاد ...

وأخيرا ً أحيل القارئ العزيز، إن رغب، إلى موقع الناس ( www.al-nnas.com ) تحت باب ذكريات وبعنوان ـ القيــد وأناشيــد البطـولة وقصة نفق سجن الحلـة ـ )

نعيم الزهيري

12 /11/2006

ملاحظة هامة :

نشر الأخ الكاتب محمد علي محي الدين، موضوعا بعنوان " دور منظمة الحلة في عملية الهروب " في موقع الحوار المتمدن، بتاريخ 3/8/2008. وقد رد عليه الكاتب جاسم محمد مطير بمقال نشر في موقع الناس 1/5/2008(ومواقع أخرى)، تحت عنوان " بيان 111صادر عن الهاربين من سجن الحلة " ... وبما إنني كنت احد السجناء في سجن الحلة آنذاك، ولدي معلومات موثقة عن عملية النفق وقد نشرتها في موقع الناس ومواقع أخرى، وبخصوص ما كتبه الأخ الكاتب محمد علي محي الدين قد جاء طبقا للمعلومات التي استقصيتها من الرفاق في منظمة بابل عندما كنت هناك، وبالأخص الرفيق سامي عبد الرزاق، أبو عادل، الذي تربطني وإياه علاقات تنظيمية ... أقول : إن دور منظمة الحلة آنذاك كان دورا مبدئيا ورائعا، وان ما كتبه الأخ الكاتب المذكور لا تشوبه أية شائبة ...

نعيم الزهيري / أبو واثق 5/5/ 2008

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com