تطرقت الرؤية المشتركة لنداء مدنيون إلى الكثير من النقاط والأسس التي يجري الاتفاق والتحالف بموجبها،ووضعت برنامجا متكاملا حددت بموجبه رؤيتها للأوضاع التي تمر بها البلاد والأسس الكفيلة بالنهوض بالعملية السياسية وإحراز التقدم المطلوب لمساراتها،وهذه الرؤيا بلا شك تمثل رأي الأطراف المشاركة بها أو التي اتفقت عليها ،رغم وجود الكثير من الجهات المعارضة لأي عمل سياسي في ظل الوجود الأجنبي في العراق ،لذلك يتطلب الأمر الاتصال بهذه الجهات ومحاولة الحوار معها لزجها في العملية أو ضمان إيقاف حملتها الضارية ضد التيار الديمقراطي في العراق،لأن هذه الأطراف للأسف الشديد أخذت تنحوا بعدائها للجهات القريبة منها في تناسي متعمد للعدو الحقيقي الذي عليها العمل لمحاربته وتحجيمه.

والجانب الآخر الذي يجب علينا الانتباه له بعد تحديد البرنامج الخاص بالحملة،هو الآليات التي يتم العمل بموجبها لنشر برنامج الحملة والتثقيف به ومحاولة كسب الجماهير لجانبه،ومن هي القوى العاملة على الأرض التي يقع عليها عبء نشره وأذاعته،وما هي الوسائل الكفيلة بإنجاح الحملة،وهل أن التوقيع لوحده كاف لحملة كبيرة يراد لها الوقوف بوجه أعتا هجمة يتعرض لها العراق في تاريخه الحديث،وما هي الإمكانات المتوفرة للتيار الديمقراطي لضمان نجاح حملته في ظل تمايز كبير للإمكانيات المتاحة .

أن التيار الديمقراطي في العراق يتعرض لحملة تشويه كبيرة تشارك فيها أطراف محسوبة عليه،وأعداء لهم القدرة والقابلية على التحرك في مختلف الاتجاهات بما يمتلكون من وسائل فعالة لا يتوفر للتيار جزء ضئيل منها،فالتيار الديمقراطي في العراق لا يمتلك في مجال الأعلام أي وسيلة جماهيرية قادرة على نشر برامجه وأهدافه وإبراز صورته في الشارع،فيما تمتلك الأطراف الأخرى آلة إعلامية ضخمة لا يمكن لقوى التيار مجتمعة الوفاء بجزء ضئيل منها مما يستوجب العمل على أيجاد الماكينة الإعلامية القادرة على العمل في الظروف الحالية،فلا يكفي لإنجاح مثل هذه الحملة جمع التواقيع وإصدار البيانات وكتابة المقالات ،بل تحتاج إلى قدرات وإمكانيات حتى تتمكن من الوصول للجماهير لذلك علينا تحديد الوسائل التي يمكن الارتقاء بها وإيصال ما يمكن إيصاله إلى الجماهير لذلك يتطلب الأمر:

* أيجاد فضائية تتمتع بإمكانات فنية عالية يمكن من خلالها نشر الوعي الديمقراطي وأشاعته بين الجماهير،وإبراز مضامين حملة مدنيون وأهدافها وبرامجها،وقد يتراءى للبعض أن بعض القنوات الديمقراطية الموجودة حاليا يمكن لها أن تسهم في بلورة الوعي الديمقراطي ،ولكن أغلب هذه الفضائيات تعمل بالضد من توجهات الحملة ولها أهدافها الخاصة وأجندتها المعلومة والدليل أنه رغم مضي شهور على انطلاق الحملة إلا أننا لم نجد لها ذكر في أي فضائية عراقية أو عربية،وكأن هذه الفضائيات تعيش في عالم آخر أو تبث في بلد غير العراق،وللقارئ الكريم أن يشير إلى فضائية تناولت ولو لدقيقة واحدة خبر الحملة أو ما يجري لها من تحضيرات،بل أن بعض هذه الفضائيات تعمل بالضد من أطراف الحملة وتحاول أبراز كل ما هو سلبي في تاريخ العراق وتنسبه للأطراف المشاركة في الحملة والأدلة على ذلك كثيرة.

* تفتقر الحملة إلى الناشطين في الساحة العراقية،ممن عليهم توزيع بياناتها أو تهيئة الجماهير للإسهام بها وتأييدها،فالوضع الاستثنائي الذي يعيشه العراق أثر بشكل واضح على أي تحرك للتبشير بالحملة أو تنبيه الجماهير إليها،ولم أجد لبعض أطرافه أي حضور يذكر في أي مجال من مجالات الأعلام المقروء والمسموع والمرئي بما يصب في خدمة الحملة،ولم أسمع أن حزبا من الأحزاب المشاركة فيها قد أقام ندوة جماهيرية،لشرح مضامينها وأهدافها وبرنامجها،ولعل الأغلبية من الجماهير العراقية لم تسمع بها أو تعلم بوجودها باستثناء بعض ممن لهم اهتمامات معروفة في العمل السياسي.

*أن الجماهير العراقية بحاجة إلى من يناضل من أجلها ويعمل لتلبية طموحاتها وتحقيق احتياجاتها،فأين هي النضالات المطلبية التي قام بها المشاركين في الحملة،هل خرجت الجماهير الديمقراطية بمظاهرات تطالب بالقضاء على الفساد،أو تحسين الخدمات أو تشغيل العاطلين أو تحسين رواتب المتقاعدين أو زيادة رواتب الموظفين،وهل بمقدور القائمين بالحملة تسيير مظاهرة جماهيرية في أي محافظة من محافظات العراق،في ظل التقلبات المعروفة،والظروف الشاذة،وأين هي القوى الديمقراطية التي سارعت لتلبية النداء وطرحت رؤيتها الكفيلة بأغناء الحملة وإنجاحها،لقد حضرت العديد من الندوات فكان جل حضورها من الأطراف الديمقراطية ولم أجد جديدا فيها أو حضور لشريحة الشباب التي تشكل النسبة الكبيرة من العراقيين أو النساء اللواتي يشكلن ما يزيد على نصف نفوس العراق.

*تحتاج الحملة لإقامة ندوات في الهواء الطلق والوصول إلى المعامل والجامعات والمزارع لبيان وجهة نظرها وطرح برامجها وتصوراتها ولكن ذلك مستحيل الحدوث هذه الأيام لهيمنة القوى غير الديمقراطية،وعزوف الجماهير عن المشاركة بأي نشاط سياسي بسبب خيبة الأمل الكبيرة في الأطراف السياسية العاملة في العراق،رغم أن الديمقراطيين لا علاقة لهم بكل الأخطاء التي رافقت العملية السياسية التي لم يكونوا طرفا فاعلا فيها،ناهيك أن قسما من المحسوبين على التيار الديمقراطي كان لهم أخطائهم التي انعكست سلبا على الديمقراطيين.

أن الشعب العراقي بحاجة إلى قوى محركة،قوى قادرة على العمل الميداني،والنزول إلى الشارع ومواجهة جميع الاحتمالات ،فأن البوصلة العراقية تحولت الى الديمقراطيين والعلمانيين بعد الفشل المريع خلال هذه السنوات للأطراف الأخرى التي لم تستطع تقديم البديل أو تحسين الأوضاع أو قيادة المركب العراقي إلى شاطئ الأمان،مما يستوجب العمل الجاد والدءوب لبناء الركائز المتينة التي تسهم في تقوية التيار الديمقراطي وفاعليته.

*ضرورة الإسهام الفاعل لقوى التيار الديمقراطي في منظمات المجتمع المدني والدخول بقوة في الجمعيات والاتحادات العمالية والطلابية والشبابية والفلاحيه والمهنية والثقافية،وعليها أن تشكل حضورا متميزا في هذه الأوساط في الوقت الذي نرى عزوفا وضعفا في هذا المجال فقد هيمنت على هذه الاتحادات جهات هامشية هي والديمقراطية على طرفي نقيض،وأخذت الجهات الحكومية الفاعلة بسط هيمنتها عليها والتأسيس لقيامها بما يخدم توجهاتها وإقصاء الآخرين،ووصلت الأمور إلى إصدار قرارات حكومية بإلغاء وتجميد عمل هذه المؤسسات وقطع الدعم عنها وتجميد أموالها،في مسعى واضح لتجييرها لصالحها،وهذا يستدعي من قوى التيار الديمقراطي العمل الجاد وسط الجماهير وأخذ زمام المبادرة وعدم فسح المجال لهيمنة الأطراف الأخرى عليها، وتحويلها إلى واجهات حزبية رسمية.

*عدم جعل التحالفات فوقية بين قيادات الأحزاب ،والسعي لتوطيد العلائق بين أطرافها العاملة في الأوساط الشعبية،وفتح فروعها في المحافظات وأجراء لقاآت مع الأطراف الأخرى التي لا زالت خارج التحالف،والسعي لإشراك كافة الحلفاء في نشاطها الجماهيري اليومي،فقد عمل بفاعلية أعضاء الحزب الشيوعي ومناصريه،فيما انكفأت الأطراف الأخرى،ولم يكن لها أي وجود يذكر في العمل الجماهيري والمجتمعي،مما يستدعي وضع منهج متكامل للتحرك بهذه الاتجاهات،وعدم الاكتفاء بالاتفاقات والاجتماعات الفوقية التي لا تؤتي بالعمل المطلوب.

* أما ما طرح عن شكل الدولة وطبيعة العمل داخل التحالف فهذه أمور خاصة يحلها الساسة وقادة الأحزاب والتجمعات ولهم الاستعانة بمستشارين وخبراء للخروج بنتائج سليمة،أما المهم حاليا فهو بلورة هذا التيار وإنجاحه شعبيا،لذلك لا أرى في الأطروحات التي يطرحها البعض ضرورتها بقدر الأهمية المرجوة للعمل وسط الجماهير،وأن ما يراد تأكيده عن حقوق الإنسان وتفعيل الآليات الديمقراطية هو من الأوليات التي لا تحتاج إلى طويل بيان بقدر أيجاد الأساليب السليمة للعمل على تطبيقها وتفعيلها والنضال الجماهيري من أجلها،وكسب الجماهير لجانبها،وليس فقط بالكلمات لأن الحقوق تؤخذ بالعمل الميدان لا عمل الصالونات أو المكاتب ،وأهمية التيار تكمن في عدد مؤيديه في الشارع لا عدد الأحزاب المشاركة فيه،فهناك الكثير من الأسماء والعناوين التي لا تمتلك حضورا جماهيريا ،ولا يتعدى وجودها عدد المساهمين في تكوينها،وهذه قد تشكل عبئا على التيار وتعطل من فاعليته لأنها لا تعد أن غابت أو حضرت.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com