|
ان مرض (الاستبداد)المزمن والمتوارث من نظام الخلافة وحتى النظام العربي الراهن بكل اشكاله هو النظر الى (المعارضة ) على انها مروق وخروج عن الدين او خونة وجماعة خارجة على القانون مما يجعل الانظمة رهن الابنية والثكنات او قابعة خلف الاسوار في ابراجها وقصورها بينما المعارضة تملك الشارع ولها من القوة الحقيقية ما لاتحظى به السلطة ..ونتيجة للاستخفاف بالمعارضة او الطائفة او الجماعة وتهميشها من قبل النظام سيحدث شرخا بين النظام وقطاعات الشعب وبسبب فقدان السلطة لشعبيتها لكنها تعيش وهم العظمة والبطش وتتشبث بالقشة للتمسك بالعرش والامر الثاني الذي يفقد النظام جماهيريته ويزيد من عزلته هو تنفذ وصفات البطراء ونصائح الغرباء لالكونها لا تجدي نفعا فقط بل تزيد حدة الانشقاق والتشرذم وتعمق التعاسة والفوضى والتناطح والامر الثالث :هو ما يتبعها النظام من انتهازية (نفاقية)وتغيير اصطفافاته وبروز ولاء تنظيمات سياسية الى العلن وتمحورها حول القطب فتكون في حماه بحيث تعزل عن محيطها ومكوناتها وان اعتقدت انها حققت شيء بهذا لكن شراك هذه لعبة خطيرة ومدمرة وخسران لها مما يفيد القطب من الالتفاف عليها وتحجيمها وحتى تصفيتها عند سنوح اول فرصة لهشاشتها وفقدانها لقواعدها الصلبة والجريئة .. وما يتبعها من تظليل اعلامي حكومي لاعادة حياة الاجواء القديمة لسوق عكاظ وتتويه الحقائق تحت طي الكلمات الخادعة والساحرة لخطباء ذلك الزمان حيث اصبحت بضاعة نافقة وخارج التاريخ واكل الدهر عليها وشرب لان المنكوب اصلا والمدمر سلفا لايمكن باي حال من الاحوال ان يوفر له الاحتلال مايحيه وينعشه ويقفا سالما على قدميه وكذلك صولات زعيق الحناجر والخطب المفبركة العصماء وجحرشة الاصوات التعبوية الصاخبة..لاتعطيى الامزيدا من الفرقة والتباعد والشقاء والخنوع مهما برقعوها وبهرجوها فهم يغردوا خارج السرب .. يقول الكاتب الكبير توفيق الحكيم :الاحتلال هو سلب للروح ...ونقول هو مصادرة للعقل وقتل للروح وسلب للارادة وامتهان للمقدرات ودفن للتاريخ وسحق للوطنية. الكل يعلم ما وصل اليه العراق ...عراق المحتضر ..والمحتضر لا تداويه حفنات من دراهم تلقى عليه هنا وهناك كصدقات ولا كسرات فتات كما لايشفيه مشارط ومباضع واجراء عمليات .. فهو كله جراحات نازفه حتى غلب عليه سمة العراق الجريح العراق النازف ..ولا ينقذه تحالف في الاجهازعليه وقتله بالاسلوب الرحيم ..وكل مايشكوه من غور جراحاته التي لاتعد ولاتحصى ..وكل مايبتغيه هو اسعافات فورية وعمليات انعاش في اجواء فضاء رحب نقي امن يجللها الحب والتسامح والرفق لارجاع ثقته بنفسه على تجاوز كل الصعاب والعقبات من خلال خطاب وطني حكيم ومعالج انساني خبيرمن خلال الحوار ومنطق التعقل والمصلحة الوطنية . وهنا لابد من القاء الضوء على سياسة اهل البيت السمحة الرحيمة حيال الرعية وتقاطعها مع مدرسة السقيفة التبريرية في استعمال العنف والارهاب مع معارضيها وقمعهم فمثلا عندما حمل المأمون الامة على القول (بخلق القران) والزم العلماء والائمة بالنزول على امره ومن يمتنع او يناقش يعذب ويظرب بالسياط ويسجن ويقطع عطائه وكانت محنة ابتليت بها الامة في عصره وهي تشبه لما يجري الان من ارعاب وتخويف وتحريك الغوغاء ولكن سلوكية الامام الرضا (ع) كانت مختلفة تماما عمى تقوم به السلطة من استخدام قدراتها وامكاناتها للطعن والتشويه واستعمال القوة حيال الخصم ويشهد التاريخ على مواقفه الرسالية حيال تلك الكارثة كانت صريحة وواضحة من التنديد والاستنكار لتلك الاساليب والممارسات الغير انسانية ولا اسلامية رغم كل الضغوط واساليب الحصار المفروض عليه وهو في قبضة الخليفة المأمون واذكر شذرات من حكم واقوال الامام الرضا لانها تنبع من تلك العين الصافيه وترضع من صدر الرسالة الهاديه ..فقد كان الامام الرضا يقول:(إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ فأما صاحب سيف وسوط فلا ) وكان قوله المشهور للمأمون ناصحا : (ما التقت فئتان قط إلا نصر الله أعظمها عفوا ).. ويجب النظر بعين الاعتبار ان الشعب العراقي كله اهلنا واخواننا ومن اولويات الحكومة حلحلت المشاكل المتفاقمة وتقديم الخدمات الاساسية المفقودة للمحرومين لا بالقاء حمم القنابل وطحن الجياع وان تراعي الاخر كما راعاها في الاهمال والتسويف ويجب ان تنظر بعين العطف والرحمة حتة مع من شطح وغرر به او انزلق في مهاوي الخطيئة من ابنائها وا خوانها فالصفح الجميل والتسامح والعفو خصوصا مايحيق من مخاطر حقيقية وكبيرة داخلية واقليمية وخارجية اولا:من حكمة الكرام سجية العفو ولنا بالمصطفى الاكرم (ص) اسوة حسنة حينما قال لعتاة قريش ومن الب على الاسلام وجيش الجيوش على الرسالة: اذهبوا فانتم الطلقاء... كما وان منظومة الاخلاقيات المحمديه ومباديء الرسالة الاسلامية في قضايا الحرب تعد القمة في الرحمة والتعامل حتى مع الد الاعداء ..وياتي على راسها (ان الاسلام او الايمان قيد الفتك) والتي ترجمها عمليا سفير الحسين مسلم مع الوغد العتل ابن زياد وعلى هذا النمط الرفيع كانت اخلاق اهل البيت وسموا تعاملهم مع الاعداء فذا ثائر اهل البيت زيد بن علي عندما الح عليه قواده وامراء جيشه من دخول الكوفة وجعلها قاعدة تموينية ودعم لوجستي وتعبوي رفض بكل شمم وقال: لعل اكرر لعل في دخول قطاعات الجيش اليها قد يعتدى على الشيخ الكبير او يذهب تحت سنابك الخيل الطفل الصغير والمراة فلا ادخلها ابدا وهنا يؤكد الاستاذ العقاد قائلا هذه سيرة ال محمد على نمط اخلاق جدهم وتعاليم الرسالة الخادة فلم يؤثروا النفع والمكسب على الحق والمصلحة العامة ثانية :هي ان اهل البيت (ع)جعلوا من انفوسهم دروع تحمي الدين وضحوا بها من اجله على نقيض من جعل من الدين درع يحتمي به ويوجهه وفق الاهواء والمصالح ثالثا: في المحن يفرزالجوهر من الزبد وكما قا ل امير المؤمنين (ع): اعرف الحق تعرف اهله ان الدين ليس مقرونا باقدار الرجال –هذا فلان او شيخ فلان او ابن مرجع الدين الفلاني-بل الرجال مقرونين بالدين من خلال سلوكياتهم الصحيحة . رابعا: يستبين لكل ذي لب وضمير ان السياسة والاعيبها وخبثها ومكرها لا تستقيم مطلقا وروح وصفاء ونقاء الدين وان تلبيس وتزي الدين بالسياسة لهوا خسرا فسادا للدين وخطا وتزيف للسياسة. فالحاضر بكل ارهاصاته يحتم إن نطوي كشحا عمن ندم ورشد وهمه ان يعمل ويكافح من اجل الوطن وبنائه فان يد الرحمة تسع وتشمل الجميع باعطاف الاخوة والمحبة.. ولكن مايحدث العكس و جريانات الامور عكس التيار وتنفذ اجندة الاخر ...وقد سئل الجمل لماذا رقبتك عوجه..؟ فهز راسه ضاحكا وقال :ما هو العدل والصحيح وغير المعوج في جسمي .. اليس كل شيء في بلادي مخروب ومنكوس من الباب الى المحراب؟ اليس كل مواطن في العراق محبط؟ اليس كل انسان يائس؟ اليس كل فرد عاجز؟ الا بماذا تفسر النزوع والزحف الحاشد للجماهير المليونية لزيارة سيد الشهداء الامام الحسين(ع) في الاربعين شيبا وشبابا نساء واطفالا الا لانقطاع السبل بهم وتغلغل الياس والاحباط الى نفوسهم وانغلاق كافة الابواب بوجوههم وايصاد جميع المنافذ قبلهم فلم يبق لهم الا الله واهل بيت الرحمة فالتجأوا الى الوسيلة الى الله وسفينة النجاة والى الغيب عسى ان تزول الكرب وتتنفس همومهم للخلاص مما يجثم على صدورهم وما يؤرقهم من كوابيس، ويفرج عنهم وبما يحيط بهم من بلاء ومحن وعذاب ومرارة. وكما يشير المحللون حيث يبقى الخطر المستفحل والمؤذن بكوارث هو ان جماعات الاسلام السياسي ركبت الموجة الديمقراطية كما وتنافست في لبس عباءة الدين لتوجيه الدولة المدنية الليبرالية ولي عنقها لتتوائم ومبادئهم ومنطلقاتهم واهدافهم لا مع الدين والدين لايقر الرعب والخوف والاستبداد وعدم تورعهم من التنمر واشهار السيف بوجوه المعارضة او المختلف باسم المطلق (الدين) لقطع الرقاب وابادة العباد لاجل التسلط الدكتاتوري وهذا ما اكده قديما العلامة ابن خلدون بان اشر الحكومات تخلفا وفتكا وفسادا من التحفت بالدين وتبرقعت بالمقدس وكانت ممارساتها وبالا على الدين وعلى الامة. ويبقى الخطأ المميت من نزو كتل الاسلام السياسي على سدة الحكم واندكاكهم مع من يبقى استمرارهم في السلطة حتى ولو كان ابليس وعدم تورعهم من بيع العراق ومقدراته في اسواق النخاسة بابخس الاثمان لضمان جثومهم على الرقاب بحد السيف. ان الديمقراطية في العراق ليس فقط اسيء استغلالها بابشع الاستغلال وتشوهت صورتها الى حد بعيد بل انها نحرت نحرا لكثرة الملغمين لها والعابثين بها والمتسترين خلفها بما اعتادوه من دكتاتورية القرع بعصا الدين واستغلال كل مقدس لفرض ما هو سياسي بشري وحيث يخون السياسي فكرته ورايه ومجتمعه ...عندما يقدسها وكانها الحجة البالغة..وكأنه الحق المحض الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه او خلفه... وما هي في الواقع الا افكارا من نبت انساني لا يمكن ان يكون مطلق الصحة، فهم يرون انهم الحق المحض (على كل مسلم إن يعتقد إنها النهج كله من الاسلام وان كل نقص منه نقص من الرسالة الاسلاميه الصحيحه ذاتها ) كما ويرصد هذا الباحث ماضي احزاب الاسلام السياسي ويربطها بالتراث. ( ليس في الامر غموض فطالما ظلت هذه (التشكيلات) مصممة على عدم النظر الانتقادي لتاريخها وكل ما كان في الماضي -وبالخصوص في حنة الهاجر ومحنة الوطن حيث لم تتفق المعارضة ولو على الاحد الادنى من قواسم العمل المشترك بل طفقت كل واحدة تلعن الاخرى -وكانه (تراث مقدس ) وخاصة لاخطائها الكبيرة والفادحة ستظل ساحتها وافكارها وممارساتها قابلة لان تحتضن وان تعزز ذات الاخطاء وان تتعمق ذات الجسارات والتجاوزات ......فكيف بهم الان وقد امتطوا السلطة وعنان الحكم ؟ (هكذا كانت الامور في جميع العهود وفي كل العصور فالشريعة الالهية كانت تتحول دوما في ممارسات البشر وتتكيف بحسب انتماءاتهم ولغاتهم واهوائهم وتتجدد في خطاباتهم ومقالاتهم وتنسخ في تفاسيرهم وتاويلاتهم ..)! ويلاحظ احد الباحثين خطورة هذا المبدأ ويرى (إن تصادر تنظيمات الاسلام السياسي الدين لمصلحتها وبهذا لا تصبح مجرد جمعية تطبق الدين كما يحاول غيرها إن يفعل وانما تؤكد إن منهاجها وحده هو الاسلام الصحيح ومن ثم فان من يقف ضدها كجماعة يكون خارجا على الاسلام ذاته ..انه مبدأ يسعى للسيطرة على الاسلام لا للاتصاف به فقط ) وفي هذا السياق يؤكد احد المحللين: (فهذه السرطانات المستفحلة في افكار قادة الاسلام السياسي(المتأسلمين)هي سبب تقهقر الاوضاع في العراق وترديها وانحدارها نحو هاوية الحضيض يوما بعد يوم، وفي هذا السياق يؤكد احد المحللين انخداع الجماهير بهذه التنظميات المتسترة بلبوس الدين:أعرف جيدا كم امتنا مولعة ومفتونة بحفنة من قادة الاسلام السياسي الذين يجيدون ارتكاب الحماقات والكوارث فقط ويعشقون المغامرات الكبرى ومتيمون بالشعارات حد الهوس ويمجدون الموت المجاني ويعبثون بانسانية الانسان ولا يعرفون العيش الا بين التوترات ولهب النيران وعتاد الخطب الصوتية ومغرمون أبدا ودائما بحماسات التراث البلاغي العكاظي ومهووسون باستحضار البلاغات الشعرية والمنبرية واللاهوتية اللاهبة للمشاعر والعواطف ..وقودهم دائما في الحروب الخاسرة والرهانات الفاشلة الشعوب المغيبة المتخلفة الراضية لاستبدادهم الكهنوتي وشره شهوانيتهم التسلطية مادام أولئك القادة والملهمون من السماء والموكلون بمفاتيح الخلد يأخذونها سريعا الى جنات النعيم الابدي واحضان الحور العين ... لم تعد هناك كلمة دخلت قاموس السخف الثقافي والسياسي والابتذال السلوكي ككلمة(الديمقراطية) ومن قبل كانت الجماعات(الاسلامية) هي الاخرى الجسر الذي امتطاه الكثيرون من ارباب القتل والتفجير وحولوها الى مفردة تتسكع عارية متهتكة متفسخة في دروب العمالة واعمالهم الاجرامية ) لذلك اصبحوا يستمراون العجز ويلقون بالوم كل الوم على الارهاب ويعشقون شرعنة العنف لانها اقرب الطرق في تاكيد صحة اجماع التنظيمات واختلاف الشعب السياسي وعلى فرض ان الحكومة عازمة على احلال الامن وفرض القانون واجتثاث الفساد ومعاقبة المجرمين في معاقلهم من خلال تجيش الجيوش والافراط بالبطش. لكن اليس روؤس الفساد وقادة الاجرام هم من على هرم الاحزاب الفاضلة والسلطة العليا الوادعةالان؟؟ صدق الرسول الاكرم (ص) عندما قال :انما هلك من قبلكم انهم كان اذا سرق فيهم الشريف تركوه وان سرق فيهم الوضيع اقاموا عليه الحد. اذن رجعنا الى المربع الاول وعادت حليمة الى عادتها القديمة، والا لماذا الان كل هذا التنكر الصارخ لقيم السماء والهوية الوطنية والولاء للوطن.؟ ولمن يخدم وفي مصلحة من يصب؟ ولماذا كل هذا التكالب على الشر والدمار وحمامات الدم الذي يلف اهلنا الحيارى ...؟ ونحن ومن موقع المسؤولية الشرعية والوطنية اذ نهيب بكل الشجعان والاباة ان يرفعوا اصواتهم منددين ومستنكرين بالهجمة الهمجية الرعناء والصولة الشرسة الشنعاء على العزل والابرياء من اهلنا وابنائنا وبناتنا واطفالنا من القصف والدمار والفناء المستمر ... لقد اصبحنا اضحوكة للدنيا ومضغة الطارق ن وشماتة الاعادي نفري اجسادنا بايدينا ونذبح بسلاحنا شبابنا واهلنا...! الم يمنعكم من الخوض في دماء الابرياء وصايا نبى الرحمة (ص).؟ الى متى ينتهي هوس حمامات الدم وحمم الدمار ..؟ لماذا كل هذا السكوت المطبق من المجتمع الانساني العالمي والشرعية الدولية ومنظمات حقوق الانسان ..؟ أأجدبة الدنيا .أأصبح العالم بلقعا...الله اكبر ..؟ امافيكم مسلم ..؟امافيكم حر..؟ امافيك رشيد ..؟ اين رجالات العراق واهل الشهامة..؟اين رجال الفكر والثقافة والوعي..؟ اين الاحرار..؟اين العلماء.؟ اين الشيوخ..؟ اين الشرفاء واصحاب الضمير..؟ اين الوطنية ..؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |