|
رشاد الشلاه التظاهرة الإعلامية والدبلوماسية، ولافتاتها الرئيسية تأكيد ونفي التدخل الإيراني السلبي في تفاصيل الشأن العراقي اليومي، هي الحدث الأعلى صخبا في الأيام القليلة الماضية. الجانب الأمريكي، صحافة ومسؤولين عسكريين ومدنيين، يؤكدون هذا التدخل، بأدلة قاطعة ملموسة، والجانب الإيراني، لابد له أن ينفي هذا التدخل. لكن ما يقلل من قوة الحجج الأمريكية، باتهامها لإيران بالتدخل، هواهتزاز مصداقيتها جراء الأكاذيب التي افتضحت بسبب سياساتها وممارستها الفعلية في الساحة العراقية قبل وبعد التاسع من نيسان العام 2003. ومما يضعف مصداقية نفي النظام الإيراني الرسمي لهذا التدخل، هواعتماده على مبدأ "التقية"، أي فعل الشيء والإيمان به مع إعلان نقيضه، وهذا المبدأ ركن أساس في عقيدتهم المذهبية. بالإضافة إلى التصريحات المتناقضة لأصدقائها العراقيين مسؤولين حكوميين وبرلمانيين عند تأكيد هذا التدخل ونفيه. وبغض النظر عن الاتهامات الأمريكية ونفيها من الجانب الإيراني، فان هناك إجماعا رصينا لدى المراقبين، على أن القضية العراقية غدت ورقة هامة لدى النظام الإيراني لن يفرط بها، وهي سبيله إلى تحقيق أهدافه الإقليمية؛ بالاعتراف به طرفا مقررا في منطقة الشرق الأوسط، وبحقه في امتلاك السلاح النووي، وان تتعهد الإدارة الأمريكية بعدم تحجيم دوره في العراق ولبنان ومنطقة الخليج وافغانستان، وتتعامل معه ندا مكافئا. أصدقاء وحلفاء النظام الإيراني من العراقيين، وقعوا في حيص بيص هذه التداعيات، فهرع وفد من كتلة الائتلاف العراقي إلى طهران توسلا إلى النظام الإيراني " للتعقل" في هذا التدخل، فلم يعد بإمكانهم التستر عليه، ويعطي المبرر لمزيد من تدخل دول الجوار السني، خصوصا في الوقت الذي يقترب فيه موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ولما لهذا التدخل السافر من ضرر على شعبية ائتلافهم. المسؤولون الحكوميون العراقيون الكبار هم أيضا في هذه المعمعة، مما اضطر رئيس الجمهورية ونائبه ونائب وزير الخارجية إلى اللقاء منفردين بالسفير الإيراني في بغداد لـتأكيد" أهمية تعزيز العلاقات وتوطيد أطر التعاون بين العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الجارين"، لكن لب هذه اللقاءات هوالتبرم من هذا التدخل الايراني، والعتب الخجول عليه. الحكومة العراقية المستجيرة برمضاء القوات الأمريكية والبريطانية من نار التدخل الإيراني، وجدت مخرجا من هذا المأزق، وهي تعاني من الانقسام ما بين المؤكد للتدخل والنافي له حتى بين موظفي مكتب رئاسة الوزارة، مخرجا يتمثل بتشكيل لجنة عليا من مسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية لجمع الأدلة على هذا التدخل. لكن واستنادا إلى تجارب تشكيل اللجان الحكومية في قضايا متنوعة وعديدة سابقة والتي لم يعرف أحد إلى أين آل مصيرها، فان هناك معطيات جدية في أن ينزوي ملف هذه اللجنة في احد أدراج مكاتب رئاسة الوزراء لأجل غير مسمى بسبب عدم كفاية الأدلة!. السؤال المطروح اليوم هو، هل سينتظر العراقيون العاديون ما سيتوفر للجنة العراقية من إثباتات؟ ومتى؟ ودماؤهم لما تزال تُهدر؟ والأدلة القطعية على هذا التدخل بأطنان الأسلحة والمتفجرات وحقائب توزيع الهبات والرواتب الشهرية، كافية لديهم على امتداد أرياف ومدن وسط العراق وجنوبه؟. مرة، أجرت إحدى الفضائيات العربية لقاءا مع ممثل الفصائل الإسلامية الأفغانية المتناحرة، وكان حينها مقيما في الخليج لجمع التبرعات والمقاتلين، سأله المحاور: هناك أقاويل عديدة حول مصادر تمويلكم وتدريب قواتكم.. منها على سبيل المثال المخابرات الأمريكية.. وانتم تنفون ذلك دائما، فهل نعرف منك حقيقة هذه المصادر؟ أجابه الضيف وهويلوك العربية: من الله تبارك وعلا .. وهنا فاجأه المحاور المتعاطف هووقناته مع المقاومة الأفغانية بحضور عفوي : كيف يعني من الله سبحانه وتعالى؟ أتقصد أن السماء تنزل عليكم صواريخ وحقائب دولارات!؟.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |