|
ساهر عريبي تشهد منطقة الشرق الأوسط ومنذ إنتصار الثورة الأيرانية قبل ثلاثة عقود,صراعا مريرا بين المحور الأمريكي والمحور الأيراني. وتعتبر الساحات الفلسطينية واللبنانية والعراقية،أبرز ساحات المواجهة بين الطرفين . ورغم أن الصراع بين الجانبين الأمريكي والأيراني قد إتخذ أحيانا طابع المواجهة المباشرة كما حصل عندما هاجمت الولايات المتحدة إيران جويا أثناء أزمة الرهائن الامريكيين في طهران أو أثناء إسقاط القوات الأمريكية للطائرة المدنية الأيرانية و ضرب المنصات النفطية الأيرانية أثناء حرب الخليج الأولى أو عندما هاجمت إيران السفن الحربية الأمريكية في الخليج، فإن المواجهة بين الطرفين غلب عليها الطبع الغير مباشر، بمعنى انها تحولت الى صراع بين أتباع وحلفاء كلا الطرفين في منطقة الشرق الأوسط, فيما تقدم كلا من امريكا وأيران الدعم السياسي والعسكري والمالي لأتباعهما وبالتالي فهما بمنأى عن الأصطدام المباشر وحتى تحين ساعة الحسم التي يسعى كلا الطرفين لتجنبها في المرحلة الحالية. ففلسطين تشهد صراعا بين حركة حماس السنية المدعومة من ايران من جهة وبين مجموعة محمود عباس المدعومة من امريكا من جهة أخرى. فيما يشهد لبنان صراعا بين حزب الله المدعوم من إيران وبين حكومة السنيورة المدعومة من قبل أمريكا. واما العراق فهو الأخر يشهد صراعا بين الحكومة العراقية المدعومة من قبل أمريكا بقيادة نوري المالكي وبين مناوئيها ممن ينتهجون النهج الأيراني في معاداة الولايات المتحدة الأمريكية. وعند النظر ألى هذا الصراع من الزاوية الطائفية فسيجد المراقب بأن الصراع لا يمكن وصفه بالطائفي كما يحاول البعض اليوم وصف الصراع في لبنان. فالنادي الأمريكي لم يعد حكرا على الطائفة السنية منذ سقوط شاه إيران, فهناك اليوم نوري المالكي الشيعي وهو عضو أساسي وفاعل في النادي الأمريكي الى جانب معظم زعماء المنطقة. واما النادي الأيراني فهو الأخر يضم بدوره حركة حماس السنية الى جانب حزب الله الشيعي. ولذا فإن الصراع الدائر في المنطقة لايمكن وصفه بالطائفي بل هو صراع سياسي بين محورين يملك كلا منهما أيديولوجية واولويات تختلف إختلافا جوهريا عن بعضها البعض . فالمحور الأيراني يرفع شعار الدعوة الى الأسلام والتخلص من الهيمنة الأمريكية وإزالة إسرائيل, فيما ترفع أمريكا شعار إحلال الديمقراطية في منطقة الشرق الوسط ودعم إسرائيل والمحافظة على وجودها بإعتبارها حليفا إستراتيجيا لها. غير أن البعض لايريد رؤية الأمور بهذا المنظار الواقعي فيحاول وصف ماحصل يوم امس في بيروت على انه صراع بين الشيعة والسنة كما وأن هذا البعض ينظر الى الوضع في العراق من زاوية طائفية ضيقة، ومن هنا كانت العديد من ردود الأفعال لما حصل في بيروت يوم أمس لا تبتعد كثيرا عن تلك النظرة الطائفية، في حين أن المنطق يفرض تقييم أحداث المنطقة من وجهة نظر سياسية. فالمالكي هو سنيورة العراق من حيث تمثيله للمشروع الأمريكي في المنطقة، والمالكي اليوم هو واحد من زعماء المنطقة القلائل الساعين لأنجاح المشروع الأمريكي وبكل قوة،كما وإنه الزعيم الأكثر حظوة لدى الأدارة الأمريكية من بين كل زعماء المنطقة، وفي نفس الوقت فلايحظى أي زعيم أخر بهذا الحجم من التأييد والدعم السياسي والعسكري الأمريكي من بين كل زعماء المنطقة. ولذا فلايوجد مبرر لحكومات المنطقة المحسوبة على المحور الأمريكي لعدم دعمها للمالكي وإسناده وتقديم كل أنواع العون التي يحتاجها كالتي يحظى بها السنيورة في لبنان،فالمالكي عضو فعال في النادي الامريكي ومحارب شرس للمحور الأيراني في المنطقة فلم الخوف منه؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |