تحت هذا العنوان كتب الأستاذ علي عرمش شوكت عن عملية النفق،ويبدو أن الأستاذ الكريم يشير إلى عملية سابقة هي التي ذكرها الراحل حسين سلطان في حكاية النفق(وقبل مغادرتي سجن نقرة السلمان بأيام كنا في قاعه مجموعة من الرفاق نتحدث في مواضيع شتى ومنها الهروب من السجن وقال أحد الرفاق ( إننا سعينا في سجن الحلة قبل نقلنا الى حفر نفق من غرفة الصيدلية وهي تقع بين ممرين ( قاووشين ) كبيرين في القلعة الجديدة وحفرنا بالعمق ما يقارب المتر إلا إننا اضطررنا في ظروف معينه الى غلقه ( بصبة من الأسمنت )) وأردف قائلا موجها كلامه لي : سـوف تلاحظها إذا وصلت سجن الحلة ، الغرفة كلها كاشي أرضيتها وستجد مساحة من الأسمنت تلك هي الحفرة ) . هكذا قال أحد الرفاق في حديث عَرضي ، إلا إني كنت منتبها إليه بكل جوارحي وكانت عندي فكرة سابقة إن سجن الحلة فيه إمكانية جيدة للهروب حيث تحيط سور السجن بيوت أهلية لا تبعد عن غرف السجن إلا بضعة أمتار ومثل هذه الإمكانية مغرية لمن يفكر بحفر نفق للهروب . . . .

وأضاف . . . واني لم أعمل عملا مباشرا مثل الحفر أو نقل التراب نظرا لوضعي الصحي وزرت النفق مرتين فقط . الأولى في بداية العمل وعند نهاية البئر والثانية عند أزمة التراب والزيارتين كانـتا في وقت متأخر من الليل)

يقول الأستاذ علي عرمش شوكت(في الرابع عشر من أكتوبر عام 1963 حكم علي لمدة سنتين من قبل المجلس العرفي العسكري الثاني وأرسلت الى سجن الحلة ، وهناك التقيت برفاق كنت اعرفهم قد سبقوني الى السجن وهم الشهيد حليم احمد من بغداد الجديدة وقاسم ناجي حمندي من أهالي الشواكة في بغداد و اسأمه جلميران من ا بناء الموصل و علي رديف من منطقة الصليخ وعبد علي سلمان ومحمد علي إسماعيل من أهالي النعمانية و كاظم حمود من المحمودية وكان كل هؤلاء مازالوا يحتفظون بعضويتهم في الحزب لصمودهم أمام جلادي انقلاب شباط الأسود عام 1963 فتباحثنا في أمر تشكيل تنظيم سري داخل السجن واتفقنا على تكوين لجنة قيادية في المرحلة الأولى فتكونت من الرفاق المذكورين أعلاه زائدا علي عرمش شوكت كاتب هذه السطور وبعد حين التحق بها الشهيد عبد الزهرة مزبان من أهالي البصرة بعد ان وصل مرحلا من سجن نقرة السلمان ، ووضعت اللجنة مهام لها كان أولها إعادة الصلة بالحزب خارج السجن وتشكيل تنظيم بصلات فردية وسرية للغاية والعمل على الهروب من السجن وانيطت هذه المهمة الأخيرة بالشهيد حليم احمد ، واختير قاسم ناجي سكرتيرا للجنة الحزبية كما كانت مهمة الاتصال بالحزب على أكثر من رفيق من أعضاء اللجنة القيادية وكان ذلك في الاجتماع الأول للجنة بتاريخ 28/10/1963 وفي مجرى سعينا للاتصال بالحزب رغم قسوة الوضع مسكنا أول خيوط الاتصال وذلك عن طريق والدة علي عرمش حيث أرسل ألينا بواسطتها من خط تنظيمي بقى سالما وتحديدا من الرفيق جبار موسى عيسى جريدة الحزب مكتوبة بخط اليد وبعض التوجيهات ومنها للهروب من السجن لحاجة الحزب ألينا ، وقد وصلتنا هذه التوجيهات بعد انقلاب 18 تشرين 1963 في يوم المواجهة 1/12/1963 وكانت سعادتنا غامرة أولا بسقوط نظام الفاشست و ثانيا بارتباطنا بالحزب ، بعد ذلك أتيحت أمامنا فرصة اكبر للتحرك على الرفاق الصامدين ، وبودي هنا ان اذكر بعض أسماء اولئك ويؤسفني سلفا إذا لم تحضرني الآن كل الأسماء ومنهم : المرحوم سامي جليل من الشواكة والشهيد حميد شلتاغ من الاعظمية وعبد الأمير سعيد وكلف وروسي ورشيد عباس الترف من الشواكة أيضا وحنون مجيد والمرحوم معن جواد وفاضل كسل والشهيد بدران رسن وسعدي أبو عمار ولعيبي خلف وعبد خلف ولطيف كشكول وتركي عجمي من الكرخ وعزيز مشاري وخليل الجنابي وسالم ضهد وصباح نوري وجبار خضير وبنيان عزيز من العسكريين والمرحوم عباس سميج وجواد كاظم فنير وجبار عليوي و عبد الأمير كاطع من العطيفية ومن أبناء الحلة عارف مجيد وعبد الأئمة هادي وعباس مرعب وحميد عبد الحسين وآخرين وكان عدد السجناء آنذاك يربو على 1400 سجين كلهم من الشيوعيين.

عندما حولتنا الإدارة من السجن القديم الى السجن الجديد نظمنا أوضاعنا بشكل أفضل ووزعنا أعضاء اللجنة الحزبية على جميع الردهات وشكلنا لجنة إدارية مسئولة عن تمشية الأمور الحياتية واستلمنا المطبخ الذي كان بيد السجناء العاديين من اجل الاعتناء بالطعام وبناء على طلب إدارة السجن لتشخيص ممثل للسجناء شخصت اللجنة الحزبية سكرتيرها قاسم ناجي ممثلا عن السجناء وبعد فترة رأينا إن ذلك ليس صحيحا من ناحية الصيانة فبدلناه برفيق آخر من خارج اللجنة وهو سامي جليل، وكرسنا جهدنا على المهمة الأكثر إلحاحا إلا وهي عملية الهروب، كان احد السجناء من الضباط لديه خطة للهرب بصورة فردية وهو الملازم قيس ابلغنا بها وبعد ان نفذت وهرب من السجن بدأنا بتهيئة مستلزمات خطتنا فطلبنا من رفاقنا في الخارج إرسال( انكر) جنكال وحبل ومنشار حديد فوصلنا الطلب بواسطة الشهيدة ام ثائر زوجة الشهيد عبد الرزاق احمد شقيق حليم التي كانت بطلة وشجاعة حيث استطاعت ان تضلل السجانين في المواجهة وتضع الانكر ومنشار الحديد في قدر من الرز المطبوخ مع الباقلاء وفوق الرز دجاجة مقلية وعندما شاهدها السجان سال لعابه حينها بادرت ام ثائر وأعطته الدجاجة فسمح لها بالدخول دون تفتيش وكانت الخطة الأولى للهروب هي قطع القضبان الحديدية للشباك الذي يفضي الى الممر الخلفي الفاصل بين الردهات وسور السجن الخارجي وعند الخروج عبر الشباك ليلا يتم التسلق بواسطة ( الانكر) والحبل علما ان الجهة الخلفية من السجن لا توجد عليها حراسة مشددة ، و عندما مضينا في العملية شوطا وقطعنا القضبان ونحن بانتظار ترتيب بعض الأمور اللوجستية من رفاقنا في الخارج اكتشف امر (الانكر )حيث كنا قد أخفيناه في تانكي الماء وعندما ذهب احد السجناء العاديين واسمه صفوك لتنظيف التانكي عثر عليه مما أدى الى إلغاء الخطة والبحث عن طريقة أخرى ، ونحن في صدد البحث عن سبيل آخر جاءنا خبر عبر احد السجانين الطيبين الذي كسبناه صديقا لنا وهو من أبناء الحلة مفاده إن هناك حملة تفتيش ستجري من قبل الإدارة في جميع الردهات بسبب العثور على الانكر وحينها كانت لدينا بعض الأدبيات والرسائل الحزبية فقررنا إخفاءها ولم نجد غير دفنها تحت الأرض ولا يوجد في السجن ارض قابلة للحفر كلها من الاسمنت المسلح ما عدا غرفة صغيرة تسمى الصيدلية مكسوة أرضيتها بالكاشي ( البلاط) وعندما باشرنا بقلع البلاط عثرنا على مجرى للمياه الأسنة مغلق وقديم ويمتد باتجاه السياج الخارجي ولا يحتاج إلا لتوسيع قليل وقمنا بتهيئة أدوات الحفر وكانت هذه العملية يتولى تنفيذها الشهيد حليم احمد ورفاق آخرين وفقا لمخطط اللجنة الحزبية ، كان ذلك في نهاية عام 1964، في بداية عام 1965 انتهت محكومية الرفيق قاسم ناجي وعلي عرمش وآخرين من رفاق التنظيم على اثر ذلك تم تأجيل العملية وكذلك نشأت بعض الإرباكات في العلاقة بين السجناء الحزبيين وغير الحزبيين مما أدى الى تخلي المنظمة الحزبية عن اللجنة الإدارية الى الطرف الآخر ، ولكن بقى بعض الرفاق كمسئولين إداريين في ردهاتهم وذلك ما زاد صعوبة العمل في حفر النفق لكن بعد ذلك واصل الشهيد حليم احمد والرفاق الآخرون العملية خصوصا بعد مجيء مجموعة جديدة من السجناء مرحلين من سجن نقرة السلمان ومنهم الشاعر مظفر النواب والمرحوم حسين سلطان وغيرهم وهذا عام 1967 حيث تمت عملية الهروب بنجاح باهر رغم حصول بعض الإشكالات على اثر الانشقاق في الحزب في تلك السنة) .

وبذلك يتبين لنا أن عملية الهروب التي أشار إليها الأخ على عرمش هي الأولى،وأن كانت العملية الثانية التي أشرف عليها حسين سلطان امتدادا لها بالاستفادة من فكرتها ،وإكمالا لها،وبذلك تكون شهادة الأستاذ علي إلى جانب قولنا أن المشرف على العملية هو الراحل حسين سلطان،بالتعاون مع الشيوعيين الآخرين المعتقلين في تلك الفترة والذين أشرنا إليهم في الحلقات السابقة،وأن العملية كانت مخططة قبل أن يحدث الانشقاق الكبير في الحزب،وبذلك لا يمكن لجماعة القيادة المركزية القول بانفرادهم بالعملية وقيامهم بها لأنهم لم يكونوا منشقين في بدايتها وان الانشقاق حدث في الأيام الأخيرة لعملية الهروب وما رافقه من إشكالات تطرقنا إليها سابقا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com