|
محمد حسين أما أحد وجهاء بغداد آنذاك وهو سليمان فيضي يقول للمس بـل الجاسوسة البريطانية محذرا أيـّاها فيقول :- (( أنتم لايمكن أن تتركوا الأمور تجري على هذا المنوال الذي تجري عليه الأن، فأن الهياج قد وصل الى درجة الخطر وأنا أخشى كثيرا من وقوع أضطراب علني ليس في بغداد وحدها ... بل ربما في الألوية، لأن العشائر كلها قد تأثرت به، وأني أرغب كل الرغبة في تجنب ذلك من أجل مصلحتنا ومصلحتكم معا )) أما عبد الرحمن النقيب فكان يصرّح جازما في أحاديثه الخاصة مع الحكام السياسيين ... بأنه ضد تعيين أمير على رأس الحكومة في العراق على أساس أن البلاد لم تكن على درجة من النضوج تؤهلها لأيّ نوع من أنواع الحكم العربي، ولذا فأنه كان يدعوا الى أستمرار الأدارة البريطانية التي يتحتم عليها أن تتعاون مع الشعب، مثلما كان يؤكد على الحاجة الى وجود الحاميات البريطانية في العراق من أجل المحافظة على السلم، كما انه كان اولا واخيرا يعرب عن تعجبه وأسفه لأستفتاء الرأي العام عن مستقبل العراق . هكذا تكتب ((مس بل)) عن عبد الرحمن ... نقيب بغداد وتروي عن لسانه أيضا ( كنا في غنى عن حماقة أستفتاء الناس عن رأيهم في مستقبل العراق، حيث أن ذلك كان سببا للأضطراب والقلق ولم تخمد نار الفتنة في المدينة بعد، أن ألأنجليز فتحوا هذه البلاد وبذلوا ثروتهم من أجلها كما أراقوا دمائهم في تربتها ولذا فلا بد لهم من التمتع بما فازوا به ) . وكما يوجه النقيب خطابه اليها ليقول :- أن أمتكم أمة عظيمة وثرية وقوية فاين قوتنا نحن ؟ وأنا إذ أقول هذا راغبا في أن يدوم حكم الأنجليز علينا، كما إنني أعترف بأنتصاركم، وأنتم الحكام ولأنا المحكوم ! وعندما اُسـأل عن رأيي في أستمرارالحكم البريطاني ... أجيب بأنني من رعايا المنتصر، ويضيف النقيب :- لقد مات الأتراك اليوم، وتلاشوا، وأنا راض ٍ بأن أكون من رعاياكم ! ويلتفت أخيرا الى زائرته الجاسوسة البريطانية ليقول :- مايجب عليك أن تقولين في لندن هو أننا نرغب في أن يحكمنا السر برسي كوكس ! وأن معظم الذين تكلموا ضدكم هم رجال لاسمعة لهم ولاشرف ولا يمتون الى أشراف البلدة بصلة ولكني أقول لكي أن تكوني حذرة من الشيعة .( المصدر كتاب حركة رشيد عالي الكيلاني للمؤلف أسماعيل أحمد باقي) . كانت تلك الشهادات مجرد عينات صغيرة من آراء ومواقف الطبقة الأقطاعية أو الأرستقراطية المنعزلة تماما عن مواقف الشعب المشرّفة، أما جماهير الأمة بأجمعها عربا وأكرادا وتركمانا وآشوريين كلدان وباقي الاقليات من حملة الأديان أو المعتقدات المتنوعة التي يتجمـّـل بها العراق كانوا يسيرون خلف العلماء والمفكرين الاحرار ومن العلمانيين الذين لم يبيعوا ضمائرهم للمحتل مقابل الاموال أو المناصب في الحكومة ن فلقد حاولت بريطانيا ولمرات عديدة أن تشتري ضمائر الشرفاء ولكن والحمد لله بائت بالفشل الذريع . وفي نفس الوقت الذي كانت قوات الأحتلال تتوجه لشراء الضمائر فتفشل كانت تتجه الى عامة الناس فتمارس ضدها سياسات من عدة بنود :- فالأغراء بالأنتعاش الأقتصادي وزيادة الأجور والتضليل بالحضارة الغربية والتقدم من ناحية والأفساد بالملاهي والحانات وصالات العرض الخليعة وإثارة الخلافات القومية والقبلية والدينية بين السنة والشيعة والمسيح واليهود والعرب والفرس والكرد والتركمان ومختلف أطياف المجتمع العراقي الأخرى، في محاولة منها لتمزيق كلمة الشعب وتخديره وتضليله وقتل الروح الوطنية فيه، ومن أجل توطيد أركان الأستعمار والأحتفاظ بالعراق الى الأبــد . وقد نجحت بريطانيا في سياساتها تلك نجاحا لابأس به إذ إستطاعت أن تضعف الروح الوطنية والثورية بشكل عام، مثلما إستطاعت من أن تعزل قطاعات كبيرة من أبناء الشعب العراقي عن المشاركة في الثورة الأكيدة، مثلما تمكنت من إضعاف سلطة العلماء والمفكرين الأحرار و الشرفاء من أبناء العراق وأبعدتهم نوعا ما عن الأتصال بالأمة ... يتبع
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |