|
د. حامد العطية ليس من قبيل الصدفة أن يتزامن وجود المالكي والسنيورة، ولا أقصد ذاتيهما على وجه التحديد، بل كان المطلوب وجود المالكي أو صنوه والسنيورة أو شبيهه، وأجزم بأن المالكي والسنيورة متطابقان، في الفكر والسلوك، ليس مهماً انتماءهما الطائفي، فلو كان السنيورة شيعياً والمالكي سنياً لكانا متماثلين أيضاً، ولو جيء بالسنيورة للعراق وابتعث المالكي إلى لبنان لتبادلا الأدوار بيسر ومن دون مشقة، لأن الاثنين مادة هلامية، لا صلابة فيها، ولا قوة ممانعة ذاتية، بل مجرد أدوات طيعة بأيدي صناعها. الإثنان رؤساء وزراء، في نظامين ديمقراطيين، أو هكذا يقول الختم الأمريكي على أوراق استيزارهما، وحكومتيهما بفعل استقالات وانسحابات الوزراء منهما ساقطتان، ولو كان أي منهما يتحلى بالحد الأدنى من المسئولية أمام الدستور والناس لاستقالا فأراحا وارتاحا، ولكنهما آثرا الاحتفاظ بمنصبيهما، تشبثاً بالسلطة التي لم يحلما يوماً بنيلها، وامتثالاً للأوامر، فالسنيورة كما وصفه السيد حسن نصر الله مجرد موظف عند وزيرة الخارجية الأمريكية، ولو قيل نفس الكلام عن المالكي لكان عين الصدق والحقيقة، فالإثنان منقادان تماماً للأمريكان، فلا السنيورة يستطيع قراراً أو حراكاً بدون موافقة مسبقة من السفارة الأمريكية ولا المالكي يجرأ على شن صولة واحدة أو تحريك حظيرة جنود أو حتى دخول مكتبه في المنطقة الخضراء من دون استئذان ضابط أمريكي. يعرف المالكي والسنيورة بأن مصيرهما مرتهن بأمريكا، وحضورها في المنطقة، لذا فما أن اضطربت الأمور في لبنان، وتجرأت المعارضة على التصدي للسنيورة وجماعته، حتى حركت أمريكا المدمرة (كول) وبعض قطع من أسطولها ليهدأ قلق السنيورة وينام قرير العين، وعندما كبا فرسان صولة المالكي في البصرة أرسلت أمريكا أسطولها الجوي ودباباتها لنجدته ولهرس لحوم أباة البصرة الفقراء، انتقاماً لإذلالهم صنيعتها المالكي. عندما يكيل الرئيس الأمريكي الإمعة بوش المديح لعملائه وحلفاءه في المنطقة لا ينسى المالكي والسنيورة، ولو بحصة قليلة، فكلاهما في نظر الرئيس الأمريكي شجاع وحكيم وقوي و"ديمقراطي"، ولا بد أن ينتشي الإثنان لذلك، فأغلب المرؤوسين يطربون لسماع اطراء رؤوسائهم، ولكن إذا كانت المذمة التي تأتي من "الناقص" بوش لإيران وحزب الله والصدريين هي شهادة لهم بالكمال فأي شهادة يعطيها الناقص بوش للمالكي والسنيورة بمديحه لهما؟ المالكي والسنيورة متماثلان، إلا في أمر واحد، ينتمي السنيورة لطائفة صغيرة في بلده، ويستعين بالأجنبي لتعزيز مكانته ومكانة جماعته الطائفية والحزبية، أو هكذا يظن، وعلى الرغم من كون المالكي من الأكثرية الطائفية في العراق فقد ضحى هو وحلفاؤه بمصالح طائفته والعراق واستعانوا بالأمريكان من أجل السلطة والمناصب، لذا فالإثنان ساقطان في عرف الشعوب والأديان والقيم والمباديء العليا، لكن هنالك درجات في الهاوية، والمالكي في درك أسفل لأنه أساء للمتدينين وللحركات الدينية الشيعية باستغلاله التدين في سبيل بلوغ مصالحه الدنيوية الرخيصة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |