صافي الياسري

hsatiyyah@hotmail.com

تعميم الحالة العراقية

كنا قد تحدثنا سابقا عن مشروع النظام الايراني لاعادة ترتيب الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الاوسط  بما يضمن هيمنته  عليها، بل تبعيتها الكاملة له حتى لو ادى ذلك الى احراق المنطقة باكملها في اتون حرب اقليمية بل ودولية ، ومنذ لحظات قيامه  الاولى، وضع اللبنات الاولى لهذا المشروع ، بالتاسيس لفكرة تصدير  (الثورة الاسلامية الخمينية) ونشر الاتباع  والمريدين لها في المنطقة، ثم بناء الكيانات المسلحة وتحويلها الى قوى نشطة وفاعلة ومؤثرة سياسيا وعسكريا، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان وبقية الواجهات في سوريا وفلسطين والعراق ودول الخليج، وقد نجح النظام في تاسيس هيكل طائفي مسلح في لبنان كما نجح في العراق، بعد سقوط صدام، بشكل جدي ومؤثر، وافلح في ايجاد ركائز نفوذه ونشر وجوده  المباشر وغير المباشر - عبر الواجهات المحلية  - واتخمها بالمال والسلاح والتدريب والتوجيه، ما اشاع الفوضى والاحتراب الطائفي والعقائدي والعرقي بن عموم مكونات المجتمع العراقي واللبناني، حتى بات النسيج الاجتماعي العراقي المعروف بالتنوع  مهلهلا وممزقا ومتاكلا  وحفرت الخنادق بين المدن العراقية بل حتى بين احيائها، وشلت سلطة القانون في العراق وفي مناطق عديدة في لبنان، ولم ينته الامر بعد، فالنظام الايراني يسعى الى المزيد والى اعدام فرصة قام كيان عراقي موحد – مستقل الارادة -  يحكمه مشروعه الوطني وغاياته، وباتت الادلة الموثوقة  على التخريب الايراني تساق ليس من قبل  الاميركان والمعارضة فقط، بل حتى من مسؤولين حكوميين وجدوا انفسهم غير قادرين، على تغطية ما لا يمكن تغطيته، ومع ذلك استمر النظام الايراني وعملاؤه بالانكار وممارسة دورهم التخريبي  في العراق، والحال نفسه يجري في لبنان، والادهى .. وهو مانبهنا اليه سابقا مرارا، ان النظام الايراني بعد ان وطد  وجوده في العراق بات يسعى الى  تعميم الحالة العراقية في (الجوار القريب) .. والجوار القريب – نظرية  في توسيع  المجال الحيوي  السياسي والاقتصادي، استعارها النظام الايراني من الفكر السياسي للاتحاد السوفيتي  السابق، والمقصود بها هنا، فضلا على العراق، دول الخليج والاردن وسوريا ولبنان وفلسطين، ثم اليمن وما بعدها، ويمكن  الاستدلال على سعيه في دول الخليج  بالانتشار الاقتصادي السرطاني في دولة الامارات العربية، حيث تعمل اكثر من  عشرة الاف شركة  ايرانية  وتشغل اكثر من ثلاثمائة مليار دولار في مصارف الامارات ومئات الالاف من العمال الايرانيين  الذين يزيد عددهم على عدد السكان الاصليين، والمستوطنين الايرانيين الذين تمكن بعضهم الحصول على  الجنسية المحلية، والحال نفسه في الكويت، حيث يعمل اكثر من ثلاثمائة الف عامل ايراني، والتوغل الايراني في البحرين، اجلى من ان يوضح  حيث باتت الافكار الطائفية  مرجعية يجري تيارها في التيار السياسي في البلاد باتجاه تغير هوية الدولة البحرينية العربية، وكم من مسؤول ايراني اعلن ان البحرين محافظة ايرانية حتى وقت قريب؟؟ وكم من تصريح ايراني يحتج على تاشير الجامعة العربية احتلال ايران جزر الامارات الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وام موسى؟؟ وتدخلات النظام الايراني في اليمن   وتفجير العنف الطائفي في  شماله، وتحديدا في منطقة صعده، حيث تنتشر زمر الحوثي المسلحة والممولة والموجهة ايرانياً،  وبذلك يكون النظام الايراني  قد طوق منطقة الخليج  من كل جهة، ووضع عبواته الناسفة داخل هياكلها وهو على اهبة الاستعداد لتفجيرها  في الوقت الملازم، بعد ان تنضج  الطبخة تماما ليصبح الخليج كله – عراقا – آخر.

 اما في الشام  فالاردن وان بدت سلطة القانون، واجهزة امن الدولة مسيطرة على الوضع، الا ان ما يخشى منه، هو انه بات في اطار وحيز  تنفيذ الخطوة الاولى، عبر الوجود الكثيف للمهاجرين العراقيين، واوضاعهم الصعبة اقتصاديا ومعاشيا، وامكانية استغلالها ايراني، لبث فكرة تغيير النظام الاردني اولا، ثم العمل على تنفيذ هذه الفكرة، وهو امر تاخذه السلطات الاردنية ماخذا جديا وتراقبه عن كثب وتتخذ اجراءاتها واحيتياطاتها الكفيلة  بافشاله، ومع ذلك لا يمكن القول بان الاردن بمنأى عن حريق (بلقنة الشرق الاوسط) وبخاصة ان التنور الفلسطيني بات محرقة اهلية تهدد بالامتداد الى الاردن ايضا، والدور الايراني في فلسطين  هو الآخر بات معروفا حيث تتم تهيئة الوقود باستمرار لتلك  المحرقة التي صارت علنية  في الاحتراب الدموي  بين – قتح وحماس – وفي زج الفلسطينيين في مواجهات غير متكافئة مع اسرائيل، حتى باتوا منهكين تماما، وهو ما يسعى اليه النظام الايراني لتسهيل مهمته في التحرك في المنطقة مستغلا العامل الاقتصادي، اضف الى ذلك الوضع المتفجر في لبنان وهو ما حذرنا منه مرارا وتكرارا، فحرب تموز التي خاضها حزب الله مع اسرائيل على الارض اللبنانية وجرت لبنان الى دمار شبه تام لم تكن في الحقيقة الا (بروفة) ايرانية لاشعال المنطقة كلها عبر فتيل مناطقي محدد في الوقت المناسب ايرانيا، عبر ادوات النظام التي تمكن من  تعزيز وجودها وتقويتها هنا وهناك  في الخواصر الجغرافية الخطرة – شرق اوسطيا -  فقد اتخذ النظام الايراني  شعار المساعدة  على (اعادة اعمار جنوب لبنان)  ستارا لتمويل عملائه  في الجنوب  وتمويل  نشاطاتهم – العسكرية واللوجستية – ومنها شبكة الاتصالات  التي انشأها حزب الله، في مناطق الجنوب اللبناني امتدادا الى سوريا، والتي تغطي اكثر من مائة الف خط، ويمكن مدها الى الشبكة اللبنانية المحلية والدولية، لتخدم مئات الآلاف الاخرى التي يحتاجها الحزب لاغراضه، وهي بالتاكيد ليست خدمة (مدنية) بحسب اجندة حزب الله، وانما هي نشاط عسكري لبناء قاعدة اتصالات بعيدا عن الاستشعار الالكتروني الاسرائيلي، وهي مدفونة عميقا في الارض، وسرية الخرائط، الامر الذي دفع الحكومة اللبنانية الى الاعتراض عليها، باعتبارها، فعلا من افعال -الدولة داخل الدولة - فحزب الله وبتوجيه ايراني، يبني دولته، في الجنوب اللبناني، ولوكان الثمن تفتيت لبنان وتفجيره  وجعل الدماء تسير انهارا  في شوارع مدنه، وهذه هي حقيقة ما يسمى الان – انقلاب حزب الله العسكري - والسيطرة على بيروت واجبار الحكومة  على التراجع عن موا قفها، تجاه الركائز التي يدقها حزب الله وايران، لبناء دولته الخاصة، والتي اوضح بشكل لا يقبل اللبس كل المسؤولين الحكوميين اللبناانيين، ان ايران هي اللاعب الاول  في ساحة التفجير  والاحتراب – اللبناني – اللبناني -  وقال ذلك ايضا وزير الخارجية  السعودي – سعود الفيصل -  علنا وادان دور ايران  في اشعال فتيل الفتنة الطائفية في لبنان، ولم تخف ايران اعتراضها على تدخل  العرب عبر الجامعة العربية  لاعادة الامور الى نصابها  في لبنان تحت غطاء الادعاء بان المشكلة لبنانية وحلها لبناني وعلى العرب الا يتدخلوا في الشان اللبناني، تماما كما فعلت مع العراق حين عزلته عن محيطه العربي للاستفراد به.

 تعميم الحالة العراقية .. ونقلها الى لبنان لم يعد مشروعا على الورق انما خطوات تنفيذيه لها ما سيعقبها شرق اوسطيا، ضمن الصفحات الاخرى لمشروع النظتام الايراني لبلقنة منطقة الشرق الاوسط كلها.  فهل  ثمة من يسمع او من يقرأ؟؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com