إلى الذين يريدون تقييد "الصحافــة العراقية"
 

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

في بلد يحبونحوالديمقراطية ـ كالعراق ـ لا بد لمحبّي الحرية من الانتباه والحذر تجاه السلطة وصناع القوانين والقرارات، وكذلك هوالأمر فيما يتعلق بالقانون الذي يدعي البعض أنه سيأتي لحماية "حقوق الصحفيين" بينما هوفي الواقع قانون صاغته أيدٍ تعمل لصالح رجالات الحكومة، وكما نعلم فإن الحكومة مهما كانت تمثل الشعب وتمتلك شرعيتها التي اكتسبتها عبر "الانتخاب"، إلا أن الحكومة وفي كل البلدان، حتى تلك الديمقراطية واللبرالية فكيف ببلداننا العربية والإسلامية!! فكل حكومة تسعى إلى الحد من حرية الصحافة ورأينا وزير خارجية "قطر" وعبر قناة الجزيرة التي تروج للقاعدة، رأيناه كيف يحثّ اللبنانيين على التقليل من حرية الصحافة بحجة أنها تسبب "الفتنة".

مرة أخرى رأينا مجلسا عراقيا ـ حزبا ـ يصنع من نفسه وكيلا وناطقا باسم مرجعية آية الله السيستاني ـ كان أحدهم قد أساء الأدب تجاه المرجعية عبر قناة الجزيرة ـ ومردّ الاعتراض على ذلك الحزب الذي أخرج المظاهرات المنددة هوأنه لم يفعل ذلك لوجه الله بل لأغراض دعائية ونضيف أيضا أن السيد السيستاني وبضخامة مركزه الديني ـ وهومؤمن بحرية الكلمة ـ لم يلق بالا إلى ذلك الشخص الذي تكلم عبر الجزيرة، لكن أحزابنا وللأسف تريد خلق "ثقافة الرموز" واحترام "الرمز" في تقليد قبيح لا يقل قبحا عن منهج البعث المجرم وإعلامه الذي كان يريد من الشعب أن يكون نعجة جاهزة للذبح في سبيل الطاغية.

من هنا كان لزاما علينا ونحن في بلد مليء بأحزاب ـ القادة المناضلين ـ والمدافعين عن أمجادهم الشخصية والعائلية ووراثة هذه الزعامة إلى أبنائهم وذويهم في المستقبل، هذه الوراثة الأموية القبيحة كيف لنا أن نتصور ولولحظة واحدة أنها مستعدة أن تحترم "حرية وكرامة الصحفيين"!! ويمثل وضع القيود على الصحفي وفي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق الذي خرج لتوه من 4000 سنة من الطغيان والحروب والدكتاتورية خطوة بالاتجاه الخاطيء، والعجيب والغريب أن السيد مؤيد اللامي أمين سر نقابة الصحفيين العراقيين يجادل وفي أكثر من لقاء تلفزيوني، الحرة وقناة العراقية وقناة المسار وتلفزيون الديار، مدافعا عن وضع قيود ـ أؤكد على هذه الكلمة ـ على حرية الصحفي العراق ومستشهدا دائما بالمثال الأمريكي (كلمة حق أريد بها باطل) حينما منع الجيش الأمريكي في حرب تحرير العراق أي تغطية صحفية بدون إذن من وزارة الدفاع، وهذه حقا مقارنة فاشلة وغير واقعية، فهذه الدولة العظمى ذات الممارسات الديمقراطية والتي ترضع أبناءها لبن الحرية طوال مائتي عام، كيف نقارنها بالعراق الذي لم يكد يذق الحرية وفوائدها كاملة.

إن هذا الإلحاح العجيب من نقابة الصحفيين على تقييد الحرية الصحفية لا يعكس إلا شيئا واحدا هوهاجس الخوف من أن تأتي الحرية الفكرية فتدك كل محظورات الآباء والأجداد وسعيا إلى إيقاف حركة العقل العراقي الجبار الذي سيمحوالفكر البعثي وكل من سار على نسقه ونمطه ليأتي جيل جديد يقدس الحرية والإنسان، وإذا ما أخذنا الموضوع بحسن نية ولم نقل أن السيد مؤيد اللامي لم يقصد عمدا أن يعمل ضد حرية الصحافة ـ وهي مهددة مع القانون وبدونه ـ إلا أن دفاعه عن تقييد حرية الصحفي تتناقض ومهمته كمسؤول عن نقابة من المفترض أن تدافع عن الصحفيين، ففي كل نقابات العالم نجد النقابة تضع أعلى سقف من المطاليب بينما الحكومة تضع في المقابل أقل الحلول وأسوأها، لكن هنا حصل العكس، فالحكومة تقيد والنقابة تصفق وتهلل مقابل بعض الهبات الحكومية.

ورغم أنه قد سبق لنا في مقال آخر أن وضعنا الاصبع على نقطة حساسة وهي اعتراف اتحاد الصحفيين العرب بهذه النقابة إلا أننا نكرر ما قلناه على سبيل التأكيد والتنبيه، فالدول العربية التي لا يرجى منها ولا من مؤسساتها خير تسارع إلى الاعتراف بهذه النقابة دونا عن كل النقابات العراقية الأخرى ومن الواضح عقلا ومنطقا أن لا شيء بدون مقابل خصوصا حينما يكون التعامل مع دول عربية ذات الأنظمة الاستبدادية، فمقابل الاعتراف "العروبي" بنقابة الصحفيين العراقيين ومدها ودعمها في السر والعلن، فإن هذه النقابة ستسعى ـ أرضاءا للأعراب ـ إلى تهميش الحرية وتركيز أنظار الصحفيين على الأموال والرواتب والحقوق "المادية" مقابل تخليهم عن الحرية والديمقراطية، والحكومة العراقية طبعا ترغب في أن لا تكون هناك صحافة تسبب لها "الصداع".

أرجومن كل الصحفيين والكتاب وألأدباء والمثقفين العراقيين أن يتصدوا لهذه النقابة التي تريد جعل الصحفيين "موظفين" لدى الحكومة والدولة وتريد أيضا أن تكون حصان "طروادة" للأعراب القومجيين الذين يريدون إفشال التجربة الديمقراطية العراقية وتحويلها إلى نسخة معدلة من التجارب الدكتاتورية العربية، إن هذه النقابة هي التهديد الأكبر في العراق لحرية الصحافة، إنها أخطر من أسلحة الإرهاب وثقافته العنفية، لأن الصحفي يستطيع مواجهة الإرهابيين بعقله وثقافته وحتى لواقتضى الثمن دفع حياته من أجل الحرية، لكن حينما يتسلل البعض إلى المؤسسات القانونية والحكومة والبرلمان لتقييد الصحفي فإن هذا يشكل تهديدا أكبر نرجومن العراقيين التنبه له.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com