|
هلال ال فخر الدين قد يظن البعض ان المأسى البشرية تقاس بكثافة ضحاياها وسعة حجم افرادها او يجعل معيار خلودها في الذاكرة وفق ارتفاع اعداد المصابين او حسب ازدياد اعداد الناس او من لحقهم الضرر من جراء كارثة كما في بركان وزلزال (كراكتوا )الذي حصل في القرن التاسع عشر وراح ضحايها عشرات الالوف ولف الكرة الارضية سحابة سوداء لمدة شهر من الزمان او زلزال (اغادير) الذي دمر هذه المدينة المغربية دمارا شاملا في ستينيات القرن الماضي او حتى في زمننا الحاضر كاعصار(توسونامي )المدمرالذي دمر مناطق تدميرا رهيبا وذهب الالوف من البشر ضحايا او كارثة اعصار (كاترينا) الذي دمر مدينة اطلنطا الامريكية بكاملها وراح ضحاياه بعشرات الالوف او زلزال (بام) في ايران قبل خمس سنوات الذي خلف دمرا واسعا وعشرات الالوف من الضحايا وعشرات الالوف فقدوا منازلهم فنلاحظ ان هذه الكوارث تتناسى بعد مدة من الزمن بذهاب تلك الحالة ورجوع الامور الى طبيعتها حيث تبقى محفوظة في الارشيف ثانيا حتى المصائب الكبرى كفقد الاوطان واستباحة اهلها بعد فترة من الزمن تطوى صفحتها ويسدل عليها الستار وتنسى مثلا كذهاب مدن الاندلس واحدة تلو الاخرى واخيرا ضياع كامل الاندلس بسقوط (غرناطة) وانتهاء الوجود الاسلامي فيها وكذلك صقلية والهند ..واخيرا فلسطين عام 1948 والان وبعد كل تنازلات الاعراب وما وصلوا اليه من التردي لحد فقدان الكرامة والاذلال يتمنون ولو الحصول على الضفة والقطاع ولكن لايعار لهم اي اهتمام .. فتبقى هذه المأسي على فداحتها مدونة في بطون كتب التاريخ او سجلات الحوادث والكوارث ليس الا...!!. لكن الصحيح والثابت نصا ان تكون المأساة لمقام شخص واحد فرد فقط وان كانت لم تتحقق لذلك المقام السامي الا لان الاشأة الالهية ابت الا ان تكون عظيمة وكبيرة كماعبر الذكر الحكيم عن قضية رؤيا سيدنا ابراهيم في ذبح ولده اسماعيل التي وصفها (إن هذا لهو البلاؤ المبين ) وليس هذا فقط بل وتصبح مأساة خالدة مع الدهر ويعاد ذكرها في كل عام وفي اقدس الاوقات (الحج)واقدس البقاع مكة او(المشاعر المقدسة) وحتى يضحى عن ذلك الفتى سيدنا (اسماعيل ) لتسليمه لقضاء الله بالذبح ان فداه الله (بذبح عظيم )ولحد الان ومئات الالوف من الاضاحي تنحر في كل عام قربة الى الله تعالي قربانا لسيدنا اسماعيل حيث فداه الباري عزوجل بذبح عظيم خالد مدى الدهور..وقد يكون الامر اعمق من ذلك عندما يكون للحيوان مقام عند الله سبحانه اكثر من مقام بشر ممن خلقه وكرمه وحتى قد يفني ذلك العد الكبير من الناس (امة) باكملها بسبب عصيانه واعتدائه على بهيمة لااكثر ولا اقل كما في فصيل ناقة سيدنا صالح (ع) حيث انزل الباري عزوجل سخطه وعظيم غضبه(فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ) على امته وافناهم جميعا اي فناء (امة) بكاملهابسبب عصيانهم لتعرضهم لبهيمة بالقتل فقلب الله بلادهم وجعل عاليها سافلها وكأن لم يكونوا بالامس او اصبحوا اثر بعد عين .. صحيح ان سيدنا المسيح عيس ابن مريم لم يقتل شخصا او لم يصلب ذاتا بل شبه لهم لكن امم حية وشعوب واعية في العالم تحتفل في كل عام بتلك المأساة وتحي ذكرى(كلمة الله) وتلعن الطغاة والظالمين وقتلة الانبياء ... لذلك نلاحظ بوضوح والتاريخ لازال شاهدا على خلود مأساة (فاطمة) في ضمير الامة تحيى ذكراها الاليمة ومصيبتها الرتيبة ورزيتها الجليلة ليس فقط في كل عام من شهادتها صابرة محتسبة بل عندما يطل اسمها الشريف او يطرق الاسماع ذكرها او يذركر عفوا قبرها مهما تطاول الزمان وما مهما حرفته الاقلام وسطره الاجراء ....ذالك اشاة الله (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه)حيث تبقى تلك الفاجعة الاليمة حية للعيان باقية في الاذهان تتوارث جيلا بعد جيل وهي شاخصتا كامسها مصيبة عطرة ندية خالدة وكانها من جدة الان تبعث في الورى وتخلدوا الا وهي مأساة مصاب سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) مأساة هزة الامة بكاملها لانها لم ترعى وصية نبيها في اهل بيته وبالخصوص في بضعته وروحه التي بين جنبيه وكما حدث بذالك اصحاب الصحاح والسنن وحيث جعل الله غضبه مقرونا بغضبها ورضاه سبحانه عمن رضت وهذا ماتؤكده المسانيد وان ما حدث لها من مأساة ما تقشعر له الابدان ويأباه حتى القساة ويرفضه الكفار لان تعامل ابنة المصطفى وشجنته بتلك الوحشية المفرطة في الغل والحقد واكفان النبي بعد طرية وفي بعض الرواية لما يقبر بعد وعلى الرغم من كثرة تاكيد القران على مودة ال بيت محمد (قل لا سألكم عليه اجرا الا المودة في القربى) وقوله سبحانه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) ويذكر اصحاب الصحاح والسيرة ان النبي (ص) ظل مواصلا قرع دار الزهراء لمدة ستة اشهر متواصلة وامام مرى ومسمع من شيوخ الصحابة وعامة المسلمين ..قائلا (ص) الصلاة ال محمد إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ...واذا بذلك الباب يحرق وتعصر حبيبة المصطفى ووديعته الوحيدة في امته ويسقط جنينها بتلك الفضاعة التي لم يشهد مثيلا لها حتى في تاريخ الجاهلية الجهلاء على فظاعة وقسوة ودموية بدوها حيث كانت النساء تصان في الخدور وتحفظ بالدور وان حدثت معارك تبقى المرأة في منأى منها وتراعى وتحترم ولايعتدى عليها ويعتبر الاعتداء عليها خسة ونذالة وحقارة مابعدها من خسة ودنائة والشاعر يقول : كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول لكن لذي يبعث على الحيرة والدهشة ان يفتخر ويتباهى شاعر النيل حافظ ابراهيم بتلك الفاجعة الكارثية التي المت بال الوحي والتنزيل التي تزلزل الجبال الراسيات التي يقول فيها : وقولت لعلي قالها عمر اكرم بسامعها عظم بملقيها حرقت دارك لا ابقي عليك بها وان بنت المصطفى فيها ما كان غير ابو حفص بقائلها امام فارس عدنان وحاميها الله اكبر ... وهذا المعنى يؤكده العلامة ابن قتيبة الدينورى في الامامة والسياسة عندما يذكر هجوم العصابة على ال الرسول وبيدهم اقباس النار قيل لابن صهاك :ان في الدار( فاطمة) فقال :(وإن) تحديا وجرأة على الله سبحانه ومقام رسوله (ص)ومقام ال البيت (ع) ..وقد ببررت الحادثة الفضيعة وزيفت هذه الفاجعة الممضت من قبل شيوخ الشياطين وحتى اراد البعض طمسها واسدال الستار عليها بحجج البحث العلمي الذي لايعدوا ظربا من التخريف وقلب الحقائق لغاية في نفس يعقوب. في حين تلاحظ اناس لارابطة لهم بالدين او هم علمانيون ولكن يثبتون الحقائق ويسيرون وفق الموضوعية والبحث العلمي لاتاخذهم لومة لائم ذلك لان تلك الحادثة المروعة هزة ضمائرهم الحية هزا عنيفا وحركت مشاعرهم هول المصيبة وعظمة المأساة ويعتبرها بعضهم اول هجمة همجية ارهابية في الاسلام تطال الابرياء ومن هؤلاء المفكر والباحث المحقق الاستاذ (سامي النشار ) رئيس قسم الفلسفة في الجامعة المصرية في كتابة نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام ج2 في تناوله للخلافة الفاطمية وما بثته من روح التسامح سواء بين الاديان او المذاهب واحترامها للفكر ورعايتها لعلم والعلماء مما جعلها محط لرحال العلماء والفلاسفة والمفكرين ومن كل الملل والاديان وصاغة ثقافة عالية مزدهرة ومحفوفة بالحب والاحترام للناس جميعا مما لاعهد به من قبل وقد ذكر في البداية سبب تسمية الخلافة بالفاطمية اي نسبة الى الصديقة الكبرى فاطمة بنت محمد ام ابيها المصطفى (ص) ومضمون قوله :اني لاعجب من شيوخ الصحابة وكبارهم ان يبدر منهم مثل تلك الفعلة الشنيعة الى مقام سيدة نساء العالمين وان يتعامل معها بتلك القسوة المتناهية في الغلظة من بضعة نبيهم ووديعته لديهم التي لم يترك غيرها بين ظهرانيهم وما اخذه عليهم بحبهم ومودتهم وجعلها اجر لعظيم جهاده وتبليغ رسالته التي اخراجهم من دنس الجاهلية وعباد الاصنام الى رحاب عز الاسلام وتوحيد الله بعد ان كانوا اذلة خاسئين يخافون ان يتخطفهم الناس ...فبئس الجزاء ما جازيتم به نبيكم في اهله وهو بعد شاهدا عليكم .. واخيرا اعتقد متيقنا انه ما كان لاحدا على الاطلاق في الامة ان يتصدى للانحراف ويقاوم الانقلاب ويجرأء على مقارعة... غير امرأة هي السيدة فاطمة ابنة رسول الله (ص)لما حباهى الله بالتكوين والهمها التنزيل وافهمها التأويل وما اورثها المصطفى هديه وسمته واستلهامها شجاعة ولي الله فنهضة بما لم ينهض به سواها فصدحة بالحق وابانت الزيغ والقت الحجة واشهدة بالمحجة.. في زمان اجدب فيه الضمير ونعدم فيه النصير..لذلك اصبحت ابنة المصطفى اسوة فريدة وقدوة صالحة وانموذج فذاليس فقط للمرأة المؤمنة الواعية الرشيدة المضحية وانما للرجال كذلك على مدى الدنيا والدهور..كذلك كانت خاتمة حياتها الغضة الشريفة نوعا فريد المأساة تراجيدة لن تنسى وظلامة عظيمة لاتغتفر .!!!! وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |