فضيحة الأطفال العراقيين الذين تعالجهم إسرائيل

 

 

يحيى السماوي

Mohanad.habeeb@yahoo.com

أثارت مسألة إرسال أطفال عراقيين مصابين بالسرطان، إلى إسرائيل لغرض العلاج، مشاعر اسـتياء شعـبي لدى جميع العراقيين (باستثناء أحباب إسرائيل من العراقيين العرب ـ وهم عدد لا أظنه يتجاوز عدد قطيع أغـنام الراعي صلبوخ آل محيسن) ..

المعلومات التي نشرتها الصحافة العربية والإسرائيلية، تشير إلى أن تكلفة علاج الطفل الواحد لا تتجاوز سبعة آلاف دولار أمريكي ـ ما يعني أن علاج جميع الأطفال وعددهم أربعة وثلاثون طفلا، لا يتجاوز الربع مليون دولارأمريكي، وهو مبلغ سيبدو تافها بالنسبة لبلد كالعراق يطفو على بحيرة نفط، بلغت أمواله المختلسة والمنهوبة عشرات مليارات الدولارات باعتراف لجنة النزاهة الرسمية ...

قبل بضع سنوات، تبرّع رئيس جمهورية العراق السيد جلال الطالباني بمبلغ ثلاثين ألف دولار إلى الروائي العربي الشهير المرحوم نجيب محفوظ في مرضه الأخير بعد تجاوزه التسعين من عمره ـ مع أن نجيب محفوظ يمتلك ملايين الدولارات بعد فوزه بجائزة نوبل، وليس كعوائل الأطفال العراقيين المعدمة ... وبعده تبرع نائبه السيد عادل عبد المهدي بمبلغ ربع مليون دولار أمريكي لطلاب جامعة الأزهر، غير أن إدارة الأزهر رفضت قبول المبلغ مبررة ذلك بأن " فقراء العراق " أحقُّ بالمساعدة من طلابها ...(طبعا أعاد السيد النائب الشيك إلى جيبه ولم يقم بتوزيعه على الفقراء العراقيين) .

رئيس جمهوريتنا عرف بمرض نجيب محفوظ فسارع إلى مساعدته مع أنه يقيم في القاهرة التي تفصلها عن بغداد قارّة كاملة ... لكنه لم يسمع ولم يعرف بمرض أطفال العـراق مع انهم يقيمون غـير بعـيد من " جمهورية المنطقة الخضراء " !!

وزارة الصحة العراقية، أعلنت بلسان وزيرها السيد " صالح الحسناوي " أنها لا تعلم بمسألة وجود الأطفال العراقيين المرضى في إسرائيل ... بل ولا تعلم بوجود هيئة طبية إسرائيلية تتخذ من المنطقة الخضراء مقرا لها !!!في حين أبدت نقابة الأطباء الجزائريين إستعدادها لمعالجة هؤلاء الأطفال في الجزائر .... فالنقابة الجزائرية التي يقع مقرها في قارة أفريقيا، تعلم بمحنة الأطفال العراقـيـيـن المرضى، ووزارة الصحة " جمهورية المنطقة الخضراء " لا تعلم !!!!

جمعية " إنقذ قلب طفل " الإسرائيلية أعلنت عن أنها سبق وعالجت ثمانية عشر طفلا عراقيا في مستشفيات تل أبيب، وأبدت جمعية " شيفت آخيم " ألخيرية لإسرائيلية استعدادها لتحمل نفقات علاج خمسة وثلاثين طفلا آخر ما زالوا عالقين في الأردن، وحكومتنا دام ظلها (لا من شاف ولا من سمع ولا من دري ....)

بعض أعضاء البرلمان العراقي ـ وقد سمعوا بتفاصيل الفضيحة من وسائل الإعلام الأجنبية ـ طالبوا بفتح تحقيق ... فإذا بأحد أدعياء النضال، ينبري للتهجم عليهم واصفا تلك المطالبة بـ " المزايدة السياسية الرخيصة " ربما لأنه يخشى إفتضاح أمره كـَعَـرّاب لإسرائيل في العراق !!!

 مثال الآلوسي ـ عضو البرلمان ورئيس ما يسمى بـ (حزب الأمة) أبدى استنكاره واحتجاجه على الأصوات التي نددت بإرسال الأطفال العراقيين إلى إسرائيل ... ولا عجب، ما دمنا نعرف أن " الرفيق مثال الآلوسي " كان العراقي الوحيد من بين كل الساسة الجدد الذين دخلوا العراق برفقة المحتل، قد زار تل أبيب في الأيام الأولى من الإحتلال، كرسالة غزل إلى واشنطن لإثبات حسن السلوك أمام وليّ نعمته، مما حمل حزب المؤتمر برئاسة أحمد الجلبي على طرده رغم أنه يمثل ثاني شخصية قيادية فيه ... الآلوسي يتهم المحتجين على إرسال الأطفال إلى إسرائيل، بالمتاجرة السياسية ... فوصل به عدم الحياء، أن طالبهم بأن يطلبوا من جامعة الدول العربية ودول العالم الإسلامي التبرع بمبالغ العلاج ـ وكأنّ به لا يعرف أن علاج هؤلاء الأطفال من بين مسؤليات الدولة العراقية ..

وعلى افتراض أن الدولة العراقية لا تملك مبلغ العلاج، فهل كثير على أعضاء برلماننا ـ والآلوسي منهم ـ باعتبارهم " ممثلي الشعب " أن يتبرع كل منهم ببضع مئات من الدولارات يقتطعونها من رواتبهم ومخصصاتهم الخرافية لتغطية علاج أطفالنا الفقراء في لندن أو باريس أو واشنطن ؟ أليس حريّـا ً بالآلوسي مطالبته واشنطن بتحمل نفقات العلاج، باعتبارها السبب في إصابتهم بالسرطان نتيجة اليورانيوم المنضب المستخدم في آلاف أطنان القنابل التي رمت بها العراق ؟

وإذا كان السياسي على مثل هذه الدرجة من الصفاقة وعدم الحياء وتعمّد المغالطة والمزايدات السياسية المبتذلة والمفضوحة، فكيف يمكن للمرء أن يحترمه ويحترم حزبه ؟

أعتقد أن مثال الآلوسي جدير بأن يكون عضوا في الكنيست الإسرائيلي، وأن يحمل وسام " نجمة داود " !!!

وماذا عن المؤسسات والجمعيات العراقية الخيرية ؟ أليس حريّا ً بمؤسـسـة " شهيد المحراب " أو " مؤسسة الخوئي "أو "الشهيد الصدر " مثلا، الإضطلاع بتحمل نفقات علاج هؤلاء الأطفال العراقيين المعدمين ؟

وماذا عن أصحاب الموانئ السرية الخاصة بتهريب النفط ؟ أليس حريّـا ً بهم " تزكية " أموالهم بتخصيص ثمن بضعة صهاريج نفطية لدفع تكاليف العلاج في الدول " الجارة " التي تشتري النفط المهرب بربع قيمته ؟

 إن مأساة هؤلاء الأطفال، قد أسقطت جميع الأقنعة، وكشفت عن حقيقة أن لإسرائيل وجودا في العراق ـ إن لم يكن بشخوص الموساد وممثلي شركاتها الاستثمارية المموهة، فبشخوص عرّابيها الظاهرين ممن زاروها في وضح النهار، أو غير الظاهرين ممن يتـقـنون العمل في " بورصة النخاسـة السياسية " ... !!؟؟؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com