بعد إعمار البصرة!

 

جاسم الحلفي

rawarend@yahoo.com

عادت ولو بتفاؤل حذر وانتظار طويل،مظاهر الحياة الطبيعية الى محافظة البصرة،بعد انتهاء عمليات " صولة الفرسان " التي انطلقت في 25 آذار مارس الماضي. وفتحت المحلات التجارية أبوابها للمتبضعين، وشهدت أسواق المدينة حركة لم تشهدها منذ فترة ليست بالقصيرة، وتحسن الدوام بشكل ملحوظ في جميع دوائر الدولة، وانتظم كذلك في جامعة البصرة التي كادت إن تشل خلال الفترة المنصرمة لولا عزيمة هيئتها التدريسية وإصرار طلبتها على مواصلة الدوام فيها. وهذا ان دّل على شي فإنما يدل على ان  الحياة لا يمكن لها ان تتوقف، ولا بد لها ان تسير بشكل طبيعي مهما حاول الخارجون عن القانون من فرض" نظامهم " على الناس.

واتى تواصل الجهد الأمني ومواكبته بملاحقة من اقترفت أياديهم جرائم بحق الأبرياء،لتعطي إشارة بان العملية لم تتوقف بل هي متواصلة حتى يتم فرض القانون، ويتحقق الأمان، ويتبدد الحذر، ويتلاشى الخوف الذي سكن قلوب وكاد ان يستقر في النفوس .

وكي يصبح التحسن الأمني الملموس في مدينة البصرة واقعا معاشا، وحقيقة راسخة لابد من العمل حثيثا على تنفيذ باقي مفاصل خطة فرض القانون، تلك المفاصل التي لا تقل أهمية عن الجانب العسكري والأمني،ومنها، وفي مقدمتها ، تأمين الخدمات الضرورية للموطنين، ورفع كفاءة العمل بهذا الاتجاه،والبدء بتنفيذ المشاريع الخدمية والصناعية في المحافظة، وعدم التردد في ذلك، ان من شأن تحسس المواطنين بذلك تعزيز ثقتهم بالحكومة و جديتها في تنفيذ وعودها،وتعطي من جانب أخر الأمل بان الأمور تسير بالاتجاه الصحيح مما يشجع المواطنين على المشاركة والانخراط في تحمل مسؤولياتهم التي لا يمكن للحكومة من التقدم في عملها وترسيخ الأمن والنظام دون المساهمة الواعية للمواطنين.

فلا يغيب عن البال ما لحق بالبصرة وناسها الطيبين من أذى على مرّ السنين، وما عانت هذه المدينة الباسلة من إهمال ونسيان، رغم الثروات التي تكتنزها أرضها المعطاء.  ربما قد يتفهم الناس عدم قدرة الجهات المختصة على العمل من اجل تنفيذ البرامج والمشاريع التي أعلن عنها في العام الماضي، بسبب الظروف الأمنية الصعبة التي مرت على المدينة،وتحكم المسلحين فيها، ووضعهم العراقيل أمام أي جهد للتعمير وإعادة البناء، بالإضافة الى التخريب المستمر. ولكنهم بالمقابل لن يعفوا الجهات المسؤولة من التقصير والإهمال الذي عانوه منها، بل ربما تكون ثقتهم قد تزعزعت بتلك الجهات وبتبريراتها وتطميناتها الكثيرة،ومنها الوعود التي أطلقها بعض المسؤولين الكبار في الدولة في مؤتمر أعمار محافظة البصرة.

والتطلع الى الإسراع في البناء والتعمير أصبح ملحا لاسيما ان هناك تخصيصا مناسبا لذلك، وجاء تصريح الدكتور حسين الشهرستاني وزير النفط قبل أيام بان موارد العراق من النفط ستصل الى 100 مليار دولار في نهاية العام الحالي، ليعطي أملا في تضاعف الموارد التي سيحصل عليها العراق، وهذا ما يحمل السلطات مسؤوليات استثنائية في إدارة هذه الموارد الكبيرة. ويتطلب كذلك إعادة  ترتيب الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للبلد بصورة صحيحة، وترتيب الإنفاق بما يخدم البناء وإعادة أعمار كل ما خربتها لحروب والنزاعات.

وحين تتم المباشرة في تعمير البصرة، بعد هذا التحسن الملموس في أوضاعها، تكون الرسالة القوية والواضحة التي تقول: إن الأمن والتعمير متلازمان، قد وصلت الى باقي مناطق العراق التي ما زالت تعاني من عدم إحلال الأمن والاستقرار فيها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com