|
الأسلام وبنيته الاجتماعية مابين المدنية والقبلية ... أعادة قراءة - 7 -
حميد الشاكر أ: - (ظواهر الاجتماع تدل على بنيته) هناك معادلة بسيطة تدل على اي بنية اجتماعية يراد معرفتها فكريا وتلمس جذورها اجتماعيا، وهي معادلة (رصد الظواهر الاجتماعية) فمثل هذا الرصد للسلوك الفردي والجمعي لأي مجتمع انساني ما هو الكفيل بمعرفة النوعية البنيوية التي يقوم عليها هذا الاجتماع، ومعرفة الفكرة التي أسست عليها هذه البنية او تلك من البنى الاجتماعية، فمثلا -، عندما نصادف اجتماعا انسانيا يندفع بشدة لحل نزاعاته الاجتماعية المختلفة الظواهر الفكرية العقدية او السياسية او الاقتصادية وحتى الاسرية على اساس استخدام لغة العنف والقوة من اول درجة في التعامل الاجتماعي، فسنفهم وعلى الفور ان لهذا الفرد وتلك الجماعة بنية اجتماعية قائمة على القوة، مما يوصلنا الى فهم نوعية البنية الاجتماعية التي ينطلق منها هذا الفرد او تلك الجماعة، وكذا فكرتها التي تشير الى معادلة (فكرة العصبة زائدا بنية القوة تساوي ظواهر استخدام لغة العنف باعتبارها المعبر الطبيعي عن الفكرة والبنية الاجتماعية ؟.)) وهكذا ومن خلال رصد ظاهرة فردية او اجتماعية متكررة لهذا الفرد او تلك الجماعة في حياتهم السلوكية استطعنا تشخيص البنية التربوية والاجتماعية التي يقوم عليها بنيان هذا الفرد الفكرية، والسلوكية ايضا، وهذا بعكس مالو رصدنا مجتمعا او فردا يتعامل مع ازماته الاجتماعية ومشاكله الانسانية بنوع مختلف من السلوكيات الفردية والاجتماعية، بأن يلجأ الى القضاء والقانون في حال وقوع اشتباك فردي او اجتماعي ما، ويتجنب بشدة استخدام العنف والقوة كلغة حسم لحلّ خلافاته الاجتماعية والانسانية، فنسفهم على الفور ومن خلال هذه او تلك من الظواهر السلوكية الاجتماعية ان صاحب هذه اللغة من التعبير الاجتماعي هو فرد او مجموعة قائمة على بنية الاجتماع المدني والذي بدوره يقوم على معادلة (فكرة التنوع، زائدا بنية التعايش، تساوي ظواهر اللجوء للقانون وفض النزاعات بصورة تحافظ على قيام المدينة المعتمد على النظام والقانون) !. نعم هنا الظاهرة انبأتنا بصورة واضحة عن البنية الاجتماعية وفكرتها الاصيلة التي تمون هذه البنية الانسانية، والتي تختلف مرّة لتكون قبلية قائمة على فكرة وبنية العصبة والقوة، ومرّة على اساس انها مدنية قائمة على فكرة وبنية التنوع الانساني، .... وهكذا تكون الظاهرة التعبير الدقيق عن هوية بنية الاجتماع وفكرتها المتينة، ففي مجتمع تنتشر فيه ظاهرة القراءة والثقافة واحترام القانون والاعتناء بكماليات التأنق المدني، وحب الفن ودعم النظام، وأعطاء التكافئ في الفرص، وتحرك المرأة، ولغة الحب والانفتاح والتآخي الانساني ..... الخ، ندرك وعلى مستوى عالي من التيقن ان هناك مجتمعا مدنيا راقيا في الوجود الانساني هو الذي انتج كل هذه الظواهر التي انتجتها بنية المدنية وفكرتها المتألقة !. وكذا الواقع في مجتمع تنتشر فيه ظاهرة الامية، وتقديس الاباء، والتفاخر بالرجولة والشجاعة والقوة، وينظر الى الفن على اساس انه نافلة من الوجود، وكذا الحال في الخوف من الاخر والاعتماد على رابطة الدم، وانتفاء لغة الصداقة، والتقوقع على الداخل، واللجوء الى الخشونة، وعدم الاطمئنان الى الغريب، والحرص الزائد على خصوصية المرأة، وعدم الالتفات الى الشأن العام او احترام القانون ...... الخ فاننا سندرك اننا أمام مجتمع قبلي يقوم على فكرة وبنية العصبة التي انتجت كل تلك الظواهر المنسجمة مع روح القبيلة والعصبة ولكنها المتنافرة مع روح الاجتماع المدني وبنيته الانسانية في التنوع هذا !. ب:- (ظواهر الاجتماع العربي ماقبل الاسلام) للاجتماع العربي بالعموم، والقرشي بالخصوص ماقبل الاسلام وابّان ولادته العظيمة ظواهر متعددة ومختلفة المناشئ تشير من قريب او من بعيد الى بعض الملامح والتراكيب البنيوية لهذا الاجتماع المتنوع الافكار والمتعدد السلوكيات المجتمعية، والتي تقول لنا وبصراحة ان هناك اجتماعا انسانيا متنوعا وليس يعيش على هامش نمط موحد من السلوك الجمعي هذا، ونحن ان أردنا فهم التراكيب المجتمعية للاجتماع العربي ومن ثم الاسلامي، فعلينا دراسة ورصد تلك الظواهر الاجتماعية بدقة لنستطيع فيما بعد فهم وتصنيف كل ظاهرة اجتماعية وارجاعها الى بنيتها الاجتماعية، وفكرة هذه البنية الانسانية وهل هي كانت امتداد للبنية القبلية ؟. أم انها تستند الى قواعد مدنية حضارية تحاول التعبير عن ذاتها بهذه اللغة السلوكية او تلك من الظواهر الاجتماعية المختلفة ؟ ان التاريخ العربي يمدنا بالكثير من الظواهر الاجتماعية العربية التي كانت تتحرك في المحيط العربي الواسع، وكذا في المحيط القرشي المكي المختصر لنواة الاجتماع العربي ذاك، من قبيل ظواهر اجتماعية تتلخص في جانبها الفكري الذي يعبر عن العقائد العربية الدينية وغير الدينية التي كانت تعيش على سطح الواقع العربي الفكري والثقافي، وهناك ظواهر اجتماعية اخرى تعبر عن ذاتها اقتصاديا في البيع والشراء، السلع والانتاج، اساليب التبادل التجاري وكيفية العقود الربوية، وعلاقات العمل بين صاحب رأسل المال والعامل، وطرق التجارة واساليب قيام الاسواق ....الخ، وكذا هناك ظواهر اجتماعية اخرى تعبر عن ذاتها في الاجتماع العربي بالعموم والقرشي المكي بالخصوص من خلال النمطيات السلوكية السياسية في الحروب وفض النزاعات او في التحالفات واقامة المعاهدات، او في اساليب استخدامات السياسات الخارجية والداخلية لأمة العرب مع باقي الشعوب والاقوام المحيطة بهم .....الخ، وكذا الحال لايقل اهمية بالنسبة للظواهر الاجتماعية التي يذكرها لنا التاريخ بوضوح حول السلوكيات الاجتماعية المختلفة التي كانت تتحرك داخل اطار الاجتماع القرشي والعربي في الاسرة ومع الفرد، في التربية ومع المرأة، في البيت ومع الاطفال .... الخ هذه الصور التاريخية المتنوعة لظواهر الاجتماع العربي والقرشي المكي ايضا !. ان كل هذه الظواهر الاجتماعية العربية التاريخية هي رصيدنا الفعلي في فهم التركيبة الاجتماعية العربية، التي اسس على احدها الاسلام بنيته الاجتماعية، والتي ان فهمها اسرارها وتنوعاتها، فهمنا فيما بعد أسلامنا العظيم بشكل واعي ورؤية واضحة، من اساسه الاجتماعي الاول وحتى غاياته ومبادئه واهدافه في هذه الحياة، وادركنا بشكل واضح ونقي فيما بعد ظواهر الاسلام الاصيلة وظواهر باقي البنى الاجتماعية الدخيلة على الاسلام وبنيته الاجتماعية، وهذا هو بالفعل مايدفعنا للبحث عن وفي الجذور البنيوية العربية لندرك اسرار هذه البنية واختلافاتها الجوهرية!. نعم : ماهو المثل التاريخي الواضح الذي يشير الى بنى اجتماعية عربية مختلفة ومتنوعة في بنية الاجتماع العربي ؟. وهل بالامكان تلمس بعض الظواهر الاجتماعية لندرك الفرق والصراع الجلي بين بنية الاجتماع القبلي والاخر المدعى انها مدنية ؟. لنجيب على مثل هذه الاسئلة وغيرها بمثل تأريخي واحد، يذكر لنا حادثة تأريخية شبه سياسية مختلفة المعاني حدثت قبل ولادة الاسلام الكريم في الاجتماع العربي، وهذه الحادثة تدخل في اطار الظاهرة الاجتماعية العربية السياسية والادارية لمجتمع قريش داخل مكة، حيث يذكر لنا اصحاب التورخة، وارباب السير (كتاب السيرة النبوية المطهرة) حلف من ضمن التحالفات العربية القرشية الداخلية المتنوعة، وهو ماسمي بحلف (الفضول) ففي ثنايا دراسة هذا الحلف اجتماعيا الكثير من الرؤى التي تؤكد وجهة نظرنا في الصراع الذي كان قائما بين بنيتين اجتماعيتين، الاولى قبلية، والثانية شبه مدنية بدائية !. (ظاهرة حلف الفضول القرشية) للحديث تكملة ...........
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |