د . عبد علي عوض

إلى جانب الواقع الأمني الذي يمس مباشرةً المواطن العراقي، كذلك الواقع الإقتصادي الذي مرّت عليه خمسة سنوات، وطرأ عليه بعض التحسن من ناحية رفع القدرة الشرائية عن طريق زيادة الرواتب وشمول شريحة واسعة من المعدمين بالرعاية الإجتماعية (والتي مبالغها بتقديري لاتزال أقل مما يجب أن تكون عليه، لأنها لاتوفر كل مستلزمات العيش الكريم للعوائل المعففة، بسبب موجة التضخم والفوضى الحاصلة في الإقتصاد) . لقد إتسمَت السياسة الإقتصادية طيلة الأعوام الخمس المنصرمة بالإرتجالية، مبتعدة عن مبدأ التخطيط العلمي، الذي طالبت بإلغائه مجموعة من (بقالين الإقتصاد)، متصورين أنّ إعادة بناء مرتكزات الإقتصاد العراقي يتم فقط من خلال تخصيص الإعتمادات المالية المطلوبة سنوياً وتسليمها إلى مجالس المحافظات (التي تفتقر إلى الكادر الإداري – العلمي – المهني النزيه) . وبعد كل هذا التخبط، إعترف بشجاعة وزير التخطيط د . علي بابان بضرورة العودة إلى الخطط الخمسية ! . إنَّ إعتماد الخطط الخمسية وحده لايكفي، وإنما يجب أن تستند تلك الخطط إلى أكبر منها، أي الخطط العشرية والعشرينية، لكي نتحاشى الوقوع بمشاكل عدم إنجاز بعض المشاريع ذات العلاقة بتقلبات الإقتصاد العالمي، وكيفية السيطرة على الإنفجار السكاني، الذي بدأت علاماته تظهر جلية في أزمات السكن وتفشي البطالة . لايمكن إلغاء عملية التخطيط، وإنما يجب تغيير آليتها، فإذا كانت سابقاً تبدأ من قمّة هرم جهاز التخطيط نزولاً إلى هيئاتها في المدن، الآن يجب أن تبدأ من لجان التخطيط في المحافظات صعوداً إلى وزارة التخطيط .

ومن مؤشرات السياسة الإقتصادية الفاشلة، هو تصريح رئيس اللجنة الإقتصادية في مجلس النواب حيدر العبادي، الذي دافع عن تصريحات وزير الصناعة (الحريري) وبررها، عندما أعلن الثاني النية بإستقبال مليون عامل مصري، بحجة أنّ العامل العراقي غير مُهيأ حرفياً . وهنا أطرح التساؤلات التالية : -

1– هل أنّ الفلاّح الصعيدي أرفع وعياً من خريجي كليات الزراعة والمعاهد الفنية الزراعية وثانويات الزراعة العراقية، العاطلين عن العمل؟.

2 – هل أنّ العامل المصري أفضل علمياً من خريجي الكليات الهندسية والمعاهد الفنية وثانويات الصناعة العراقية، الذين تحولوا إلى باعة متجولين لبيع السكائر والحلويات ؟ .

3 – هل تناسى السيدان العبادي والحريري ماذا فعل أربع ملايين مصري بالواقع الإجتماعي والإقتصادي العراقي ؟ ... كان معظمهم من خريجي (أكاديمية أبو زعبل للعلوم الإجرامية !) . جلبوا معهم كل أمراضهم الإجتماعية وعلّموا الشرائح العراقية الشاذة طرائق صناعة المخدرات داخلياً، إنْ تعذّر إستيرادها من الخارج !! إضافةً إلى جرائم القتل والسلب وتزوير العملة وجوازات السفر وغيرها .

4 – هل أنّ العراق يعاني من نقص في الأيدي العاملة ؟ لاسيما وأن نسبة البطالة الفعلية تزيد على 50%، عدا البطالة المقنّعة، يعني أن أجمالي نسبة البطالة تتجاوز 60% .

على السادة المعنيين أن يراعوا مشاعر الشعب العراقي، فإنه يضمر في ذاكرته صور سيئة لحثالات المصريين، الذين حلّوا محل الشباب العراقي العائد من جبهات القتال بالتوابيت ! .

ما عدا التغطية على التطبيق الإقتصادي الفاشل، الهدف الثاني من وراء هكذا تصريح وإعلان، هو إرضاء الأحزاب القومية (العروبية) بأنّ العراق لم ينفصل عن محيطه العربي .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com