|
لماذا اثارة هذه " الاشكالية " ؟ لما كان العراق ـ كما نعلم ـ هو المهد التاريخي للبشرية، فالتاريخ العراقي له مكانة كبرى في كل الدنيا منذ القدم .. وسيبقى ذلك الى الابد، خصوصا في رؤية العالم الى العراق واهله مهما اختلف العراقيون في تقويم انفسهم .. ومهما اهملوا شأن جغرافيتهم، وقللوا من شأن مركزيتهم في هذا العالم، لكن للتاريخ طعم خاص لدى العراقيين .. وله مناخات لا حصر لها من انواع متعددة وفضاءات متنوعة .. صحيح انه مضطرب ومنقسم ومزدحم التناقضات في ذاكرتهم، الا انه يحتل كل تفكيرهم، فمنهم من يثلمه، ومنهم من يقصيه، ومنهم من يعيش بعض تناقضاته ليل نهار وبعض من يتملكه ويحتكره لنفسه ضد غيره .. بل ان رواسب التاريخ وبقاياه هي الاقوى في المجتمع العراقي مقارنة بغيره من المجتمعات ! وعليه، فقد غدت المواقف العراقية من التاريخ متباينة على اشد ما يكون التباين ! بل وتكاد حتى الرؤية له من قبل العراقيين مختلفة سواء عند المختصين العراقيين فيه، او عند المثقفين والساسة ورجال الدين .. سواء كانوا عربا ام غير عرب، سواء كانوا من ابناء المدن ام من اطرافها، او عند الطبقات الاجتماعية او لدى الطوائف الدينية او حتى عند هؤلاء الساسة او المتحزبين لهذا الطرف او ذاك .. لقد عرف العراق المعاصر تشظيات لا اول لها ولا آخر .. تشظيات اورثها التاريخ لنا، او تحزبّات ساهمت في تعطيل ارادتنا الحضارية .. او سياسات طغيان وزعامات دكتاتورية، او احاديات حزب قائد، او ميول تحالف جبهة .. الخ كلها اعتمدت الاحادية وسوقت حتى تواريخنا على اساسها .. الخ هذه " الاشكالية " التي اثيرها اليوم، كنت قد عالجت بعض مخاطرها في مكان آخر ولأكثر من مرة منذ عشرين سنة، فهي مشكلة تفكير، ومشكلة مجتمع، ومشكلة تربية، ومشكلة دولة، ومشكلة ثقافة اصلا بحيث تتنافر الاراء حول اي مسألة تاريخية تنافرا كبيرا .. وان ما زاد في الطين بلة، تلك الاخطاء الشائعة المتوارثة والجهل بالتفاصيل التاريخية وجذور الانقسامات الدينية والمذهبية بحيث يحمل كل مذهب او طائفة تاريخه الخاص به وهو يتصادم اصلا مع غيره .. ونجد ايضا دور المؤسسة الرسمية في العراق على نهج معين دون غيره واخيرا سيطرة الايديولوجي والسياسي على المعرفي والعلمي في التاريخ لدى العراقيين المحدثين في القرن العشرين .. ولا يمكنني ان ادّعي بأن مجتمعات عربية واقليمية اخرى لا تعاني من مشكلات تاريخية مستعصية، ولكنني اجدها اقل بكثير مما يعانيه المجتمع العراقي .. وخصوصا في القرن الذي رحل من دون أي تحولات حقيقية باتجاه سيرورة هذا العصر، فلقد مضت مائة سنة من دون اي تقدم حقيقي، ونقف اليوم على حصيلة مريرة من انعكاس كل الادران السياسية والاجتماعية والتربوية والايديولوجية على التفكير السائد اليوم في العراق ازاء التاريخ .. بل وتعد اليوم مشكلة عميقة لا يمكنها ان تحّل بسهولة ابدا .. العراقيون : هل كانوا بحياديين او موضوعيين في يوم من الايام ؟ هل تستطيع العلوم الاجتماعية أن تدعي " الموضوعية" عند العراقيين المحدثين أبان القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين؟ إن جواب هذا "التساؤل" المهم كان ولم يزل موضوعاً لخلافات شديدة بين المجددين والتقليديين ليس في علم التاريخ وحده، بل في علوم الاجتماع والفلسفة والسياسة إلخ ونعيد اليوم ـ وفي غمرة التخّلي عن إطار النقاشات الوضعية ـ هذا التساؤل عن مشكلات المعرفة التاريخية العراقية ووظيفتها، فنجدها وفي مختلف التخصصات ومنذ عقد الأربعينات وحتى اليوم قد بذلت عنايتها بالجوانب والتواريخ السياسية على حساب الجوانب ( البنى) والتواريخ الاجتماعية والتطورات الاقتصادية، وهذا جزء ايضا من ثقافة عربية اشمل واكبر هي المسيطرة على الذهنية السائدة .. اذ غلبت على المؤرخين العرب فعلاً، المعلومات لا المفاهيم، والأحداث لا الظواهر، والشخوص لا البيئة، والتفاصيل لا المناهج، والسياسة لا المجتمع، والمسردات لا التحليلات .. إلخ .. ان المشكلة التاريخية هي الاخطر اجتماعيا وسياسيا قبل ان تتفاقم تخصصيا، فالمختصون اصلا من ابناء هذا المجتمع المتنوع الذي تكمن كل مشكلاته في التاريخ اصلا، وهي تمتد معه نحو الحاضر، وستبقى ملازمة له نحو المستقبل .. ولكن ؟ كان للمؤرخين العراقيين، افتراضات عدة حول طبيعة الكتابة التاريخية بل وكانت لهم قناعاتهم في بعض المناهج المتبعة في احتراف تلك "الكتابة"، كما حظيت نخب العراق المثقفة في الجيلين السابقين: جيل المد القومي 1949- 1979، وجيل المد الديني 1979 – 2009 بنتاج حالات التباين والاختلاف ليس في وجهات النظر، والجدل الفكري بين المدارس الفكرية والفلسفية والسياسية حسب، بل حتى في توظيف المعلومات كل لصالح ما يؤمن به او يفكر فيه، وهي ظاهرة غير صحية ابدا في إطار بناء أي مشروع للعقل والتحديث لهذا البلد كالتي شهدنا بعض شعاراتها مرفوعة في كل العهود السياسية التي عايشناها في أوقات عدة، وهنا بيت القصيد .. هل يمكننا خلق الحد الادنى من تلاقي العراقيين فكريا على قواسم مشتركة لأي تاريخ من تواريخهم الثقيلة والمعقدة ؟ هل يمكنهم ان يكونوا حياديين ولو لمرة واحدة في تقييم الاحداث والشخوص والمواقف والنصوص والقادة والوقائع والاحوال .. ؟ هل باستطاعتنا ان نضمن ما يجب تأمينه على مستوى المنهج والمضمون والنتائج من جملة الخيارات التي يجب توفيرها أمام الجيل الجديد ؟ انني واياكم نجد كم كان هناك من تركيز على التفسير القومي للتاريخ في العراق ازاء ما كان من تفسير ماركسي او ديني او عقائدي عند العراقيين .. ولكنها حالة نجدها في اكثر من مجتمع قريب او بعيد .. ولكن ما يلفت النظر عند العراقيين في المجتمع كونهم ينقسمون تاريخيا بشكل حدّي لا يعرف المقاربة ابدا، ولا يستخدم التراجع، ولا يمارس المرونة .. وقد جعلهم التاريخ اليوم يتشّظون الى شظايا واشلاء : ملل ونحل وقبائل وطوائف وفروع واحزاب .. كما هو حال لبنان مع فوارق الجغرافية والجيرة، بل وان المشكلة في العراق اعمق مما نتصور، اذ جعلهم التاريخ يهربون من حاضرهم ومستقبلهم ليكونوا منتمين الى انقساماته الماضوية من دون ارادتهم وبوعي حضاري مفقود !! تشخيص خمس مشكلات أساسية : لا أدعي أبداً أنني قد قرأت كل ما كتب في العراق من كتب وبحوث ورسائل جامعية في التواريخ المتنوعة، ولكنني استطعت الاطلاع على نسبة كبيرة من الكتابات الجامعية والعلمية وغيرها عن العراق على مدى الثلاثين سنة الماضية وانا اعمل في السلك الاكاديمي . وقد تلمست ثمة إشكاليات أساسية، ازعم انني قد حللت فحواها بشكل مركز، وحبذا لو أفصحت موضحاً بعض حالاتها الأساسية ومؤكداً على : 1-حاجة الكتابة التاريخية والاجتماعية وخصوصا في تاريخ الثقافة والمجتمع الحديث لـ " النقد" تفكيراً وممارسة من أجل تقويم المنهج مشافهة وتحريراً، وإفساح المجال لمن له القدرة على " التجديد" في الكتابة والتحليل، وبناء المصطلحات، واقتراح التخصصات، أن يمارس دوره منهجياً مع احترام الآراء النقدية لما فيه مصلحة العراق علمياً في المستقبل. ان ما كتب وما يكتب وينشر منذ اكثر من خمسين سنة منه ما هو جدير بالقراءة والتقدير، ومنه ما هو منحاز او غير حيادي ولا موضوعي ابدا .. ان عزلة العراقيين ـ ايضا ـ قد جعلتهم من البعد بمكان عمّا كتب ونشر عن العراق، فثمة مواقف ودراسات ومنشورات بغير العربية عن العراق لا يهتم بها العراقيون للاستفادة منها او نقد مضامينها، او ادراك مفاهيمها . 2- الاستفادة من التخصصات المنهجية جميعاً، تلك التي يعمل بها المؤرخون اليوم في المعاهد المتقدمة، فما يصلح في زمن لا يصلح بالضرورة في زمن آخر. ولكن ما يصلح في مكان فهو يصلح بالضرورة في مكان آخر، وأقصد : كيف يكتب " التاريخ" وكيف تعالج العلوم الاجتماعية والانسانية اليوم من قبلنا ؟ وكيف يكتب "التاريخ" وتعالج تلك العلوم عند غيرنا؟ ان اخطر ما يسود ثقافتنا العراقية هيمنة الايديولوجي على المعرفي وطغيان الرؤية السياسية على الرؤية العلمية ! ان سخونة العواطف وهيمنة الانتماءات وسرعة الاحكام هو السائد في الثقافة العراقية التي نعيشها اليوم ليس في الحاضر حسب، بل انها تنسحب على الماضي .. والاخطر هو قياس الحاضر ببقايا الماضي .. وأي ماض ؟ انه الماضي العربي الاسلامي الذي يحيا العراقيون في معبده بشكل عضوي مقارنة بماضي الحضارات العراقية الكلاسيكية التي لا يحياها الا بعض المثقفين والمبدعين .. اما التاريخ الحديث والمعاصر، فكثيرا ما تحدث في تقييمه ودراسته والاستشهاد ببعض احداثه ووقائعه .. جنايات حقيقية، بل وان العراقيين لا يعرفون من تاريخهم غير الذي تعلموه في مدارسهم بشكل خاطئ . 3- الاهتمام بمضامين التاريخ الاقتصادية والاجتماعية والحضرية – المدينية وبالجوانب الفكرية والثقافية والتنظيمية في بناء التخصصات المعرفية في كتابة التاريخ بالعراق، وكان الأوائل من مؤرخينا ورواد تلك " الكتابة" والمعالجات قد اهتموا بهذه الجوانب الأساسية، ولكن غلبت عليهم فيما بعد أنشطة الكتابة في التواريخ السياسية والعلاقات والدول والإدارة، وما شابه ذلك. ان التاريخ السياسي هو صاحب الغلبة على التاريخ الحضاري .. ولما كان كّل من التاريخين قد سارا بطريقين مختلفين ووقع الحضاري تحت وطأة السياسي فأماته وقضى عليه منذ اكثر من الف سنة .. فان بقايا السياسي هي الشغل الشاغل للتفكير السائد اليوم .. العراقيون هنا منقسمون بطبيعتهم بين مؤيد ومتفاخر وممّجد ومتعال على العالم بتاريخه المجيد التليد وبين مستاء منه وهارب عنه ويصفه بابشع الصفات القميئة ! وكثيرا ما اسمع من قبل عراقيين ( مثقفين او انصاف مثقفين او ساسة متحزبين ) اننا نحن العراقيين اصحاب الحضارات والتواريخ التي صنعت العالم ولكن على الطرف المقابل ثمة من يقول بأن تاريخنا من ابشع التواريخ بكل ما حفل به من دم وعنف وقتل وطغيان ومقاتل ومظالم .. فهل يمكننا خلق اجيال جديدة تتخلص من هذين الخندقين ؟ والخروج من ازمة هذا التناقض المميت الذي ازداد وتفاقم بشكل كبير جدا ابان ثورة المعلومات المعاصرة .. واذا كانت هذه " الثورة " تأخذ بتقدم المجتمعات، فانها غدت مثيرة للتناقضات والمشكلات في مجتمعاتنا المتخلفة قاطبة . ولابد من السعي لايجاد البدائل او خلق نقيض النقيض . كيف ؟ 4- التأكيد على وظائف التاريخ الحقيقية في أن يكون المؤرخ واقعي النظرة والرؤية والممارسة ويؤمن بنسبية الاشياء والتفكير عليه ان لا يكون خيالي الفكرة وطوباوي الذهن ومغلق الآفاق ويؤمن بمطلقات الاشياء والشعارات، وعليه، ان تكون له قطيعته المعرفية مع كل بقايا التاريخ وترسباته من اجل ان يدرك مشكلاته ويتوازن مع تعقيداته الحديثة .. بل ويتخلص شيئا فشيئا من تأثيراته المعلنة والخفية السياسية والايديولوجية والحزبية والفئوية والطبقية والطائفية .. فوظائف تواريخنا العراقية تنفعنا في جانب، ووظائف تواريخ غيرنا تنفعنا في جوانب أخرى، وعلى مؤرخينا أن يكونوا أمناء وأصلاء في تمييز ما تقدمه هذه " الوظائف" عن تلك في حاضرنا ومن أجل بناء مستقبلنا. هنا لابد ان يفرز اساسا السؤال القائل : من هو المؤرخ العراقي ؟ هل يكفي ان يكون كاتبا متحزبا كي يجّرب حظّه في كتابة تاريخ ليصبغه بقناعاته كيفما يريد على حساب المعلومات الصائبة ؟ لماذا كل هذا الغباء باستغفال المؤرخين المعرفيين والمختصين ؟ لماذا التشبّث بالاحادية في تزوير الحقائق التاريخية ؟ هل بالامكان معالجة او تقييم حدث كبير او شخصية قوية بمقال صحفي من دون ان يعالج جانب معين فقط، ويكون حريصا اتم الحرص على ما يطلقه من احكام ؟ هل غدت عملية الكتابة التاريخية سهلة جدا بحيث يجّرب حظه فيها كل من هبّ ودبّ ؟ 5- تقديم الأهم على المهم في منهاجية ودراسة التواريخ المختلفة طبقاً لمدى الاستفادة الوطنية أولاً (أي حاجتنا الحالية والمستقبلية نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها العراق ومنذ خمسين سنة وحتى اليوم)، فقد أثبتت التجربة والتجربة التاريخية بالفعل أن معرفتنا التاريخية وعلومنا الاجتماعية والانسانية تتفاوت طبقاً لنسبة مخاطر الواقع ومصائر المستقبل سياسة وجغرافية، فحاجتنا إلى معرفة تواريخ الشخوص والنخب المثقفة والفئات الاجتماعية وحالات اقتصاديات المدن والريف والبادية والعادات والتقاليد والرموز .. كلها اهم بكثير بالنسبة للاجيال القادمة من استنساخات تواريخ سياسية وشخصية وبطولية ومؤدلجة عقيمة لا تجدي نفعا البتة . انها جميعا تخلق الحوافز والمهارات من اجل تشكيل رؤية عراقية تتفق على الاسس العامة وعلى مبادئ عراقية .. ودعهم يختلفون في الجزئيات . استنتاجات : من اجل تاريخ وطني حضاري وأخيرا اقول بأن هذا " الموضوع " لم تكتمل معالجته عندي بعد، اذ ان لي رجعة اليه كرة اخرى او كرّات قادمة لتحديد ما اريد الدعوة اليه، اي الدعوة الى امتلاك ذاكرة عراقية خصبة وحضارية، تستنذ الى تاريخ وطني عراقي له منهج حضاري وتفسير معرفي وموضوعية ورؤية نقية من كل الشوائب، ولكنني آليت على ان اعالجه نظرا لما نحن عليه اليوم وفي غمرة هذا الحشد الاعلامي والالكتروني الذي قلب الطاولة على رؤوس المعرفيين والمختصين والفلاسفة وهو يتبنى باسم المعرفة الالكترونية على شبكة المعلومات الدولية اخطر القضايا التي لا يمكنها ان تعالج بتسرع، ولا يمكنها ان تكون بايدي اناس لا تهمهم الموضوعية ولا المعرفة بقدر ما يهمهم حزبهم السياسي او فكرهم السياسي او ايمانهم السياسي او الكامن والمخفي في نفوسهم .. ان " التاريخ " من اخطر مشكلات الثقافة العراقية المعاصرة، وكل التاريخ بدءا بالتواريخ الكلاسيكية التي لا يعترف بها البعض، وانتقالا الى الانقسام الحاصل في الرؤية والذهن وحتى المعتقد للتاريخ الاسلامي برمته .. ووصولا الى التاريخ الحديث والمعاصر الذي تتباين في تقييمه الاراء والافكار، وتخلط عنه المعلومات، وتزور فيه كل الشهادات ويتجنّى فيه البعض على عهود ومواثيق وابطال واحداث وشخصيات .. بل ويتصادم العراقيون في ثقافتهم (حتى اليومية) في ابسط القضايا التاريخية التي غدت نقمة عليهم في حاضرهم، بعد ان جنت عليهم في ماضيهم .. وستبقى خازوقا دق في اقفيتهم نحو المستقبل . وقبل ان يطالبني البعض ان اكون مرائيا كي اوزع الاحلام الوردية وان اعلن الرضى المقنّع بالفرحة وهّز الرؤوس بالموافقة كذبا ورياء ـ كما اعتاد بعض العراقيين على ذلك من خلال ثقافتهم الحزبية ـ لابد ان يعلن كل عراقي موقفه بصراحة وتجرد وبكل حرية وتمرد ولكن عليه ان لا ينسى الامل .. فمن اجل الامل نحيا لنكتب .. ربما يطول تحقيق الامل عشرات او مئات السنين، ولكن من اجل الامل نقول كلمتنا عسى تستقيم اعواد الاجيال القادمة لما فيه التقدم الحقيقي وبناء ما يمكنه ان يشع تحت الشمس .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |