|
توطئة . ربما يقول البعض أن الدفاع عن يهود العراق مؤامرة صهيونية . ألا أن ذلك لم يثن عزمي عن الكتابة عنهم وهنا أجد نفسي بعيدا عن المؤامرة أذ أتناول مكون عراقي مجتث هم الفيليون. من أجل لملمت شتات الهوية العراقية عسى أن يستوعبها ساسة اليوم. كثير من الكتاب والحقوقيين قد تبنوا القضية وهنا عجنها بيد فراتية وفرشها على طاولة الرأي العام ألأنساني القاضي زهير كاظم عبود. وأبن القضية الكاتب رياض جاسم فيلي. وألأستاذ الدكتور برهان الشاوي الباحث الرائد في الدفاع عن الفيليين كمكون أجتماعي وحاضنة حضارية . وبالتاكيد الناشط في الدفاع عن هذه القضية بسخاء الفيلي الاستاذ أنور عبد الرحمن. ولن أنسى الشاهد الشهيد أبو صلاح رحمه الله .هنا اسجل شرف وقوفي معكم في هذا الوقت دون مزايدة على هؤلاء ألأفذاذ . تعني كلمة فيلي أنه الثوري أو المتمرد أو العاصي بدلالة الشجاعة. تشير (فيلي) ألى سلالة ملوك العيلاميين . التي بدأت بالملك بيلي حوالي عام 220 قبل الميلاد. حيث أطلق على رعيته لفظة(بيلي). بمرور الزمن نتيجة أختلاطها مع لغات عدة متناثرة أصبحت (فيلي) (1). لهجتهم هي اللورية وهي من فروع اللغة الكوردية السائدة في المناطق المحاذية للحدود العراقية ألأيرانية. تأريخيا هم أحفاد ألأيلاميين(العيلاميين) حيث سبقت حضارتهم السومريين . فهم أحفاد الشعب الهيتي الذي قطن بين نهر دجلة وجبال زاكروس. مناطق يطلق عليها تاريخيا لورستان الممتدة بين الحدود العراقية وألأيرانية . التي صارت تحت سلطة الدولة العثمانية. مما تقدم يمكن القول أن الفيلية يمثلون هوية حضارية عراقية ضاربة في جذور العراق القديم بلاد ما بين النهرين. لا تختلف عن حضارة السومريين والبابلين والكلدان والاشوريين. لا يخفى أن الفيلية مكون أجتماعي يعتنق المذهب الشيعي بعد (الفتوحات ألأسلامية). بحكم موقعهم الجغرافي حيث أغلبيتهم قد قطنوا في المناطق الممتدة بين الحدود ألأيرانية - العراقية ذات ألأغلبية المذهبية الشيعية. ألا أن ذلك لا يمنع من أعتناقهم لمذاهب أخرى نتيجة قربهم الجغرافي وألأثني من أبناء كردستان الجنوبية . مما لا شك فيه أن المنطقة عانت من صراع مذهبي وقومي بين الدولة العثمانية والفارسية. كان الفيليون وما زالوا كموقع جغرافي وهوية أجتماعية محل أستهداف لنتائج هذا الصراع في أوجهه المختلفة القومية والطائفة سواء داخليا وأقليميا. على الرغم من ذلك لم يعرف الفيليون تعصبا أتجاه أبناء وطنهم . بل أنهم تعاملوا مع عوامل أضطهادهم بحكمة متناهية لضمان ديمومية عراقييتهم. حبث ذهب البعض منهم ألى ألأندماج في القبائل العربية الكبيرة كبني لام وطي وربيعة . ألآخر منهم قد أندمج في المجتمع العربي العراقي بملبسه ولهجته بحيث أنه فقد ثقافته ألأجتماعية كمكون عراقي مستقل (فيلي) (2). فصهروا هويتهم في كل المكونات ألأجتماعية العراقية دون تعصب قومي أو طائفي. للفيليين دورا مهما في الحياة المدنية لتأكيد تأثيرهم في مناحي الحياة العراقية بعيدا عن منافع السلطة الحاكمة التي تداولت على حكم الدولة العراقية بنزعة سلطة البداوة بألأخص الفترة التي تلت فترة جمهوريات ألأنقلابات العسكرية . فأبتعدوا عن واجهة الحكم كي لا يستفزوا المشروع السياسي العروبي وألأسلامي في العراق شأنهم شأن يهود العراق. نجد دورهم واضحا في تنشيط الحياة ألأقتصادية بألأخص في المجال التجاري. فللفيليين دور كبير في تأسيس غرفة تجارة بغداد فقد شغل السيد عبد علي محمد علي عضو رئاسة غرفة تجارة بغداد لدورات عديدة، فضلاً عن كونه عضواً في كافة لجان الغرفة وكان موضع ثقة وتقدير كل رجال التجارة والأعمال. كما كان لهم دور في مجال التربية والتعليم فقد قامت مجموعة من الشخصيات الفيلية بتشكيل جمعية للمدارس الفيلية عام 1946 حينها قام المرحوم الحاج (ناوخاس مراد) بالتبرع بدارين سكنيين لإشغالهما أبنية لتلك المدارس. في المجال الرياضي لن ينسى العراقيون نجوم الرياضة العراقية من الفيليين كجلال عبد الرحمن حارس مرمى الفريق الوطني العراقي . وكذلك اللاعب شاكر علي لاعب نادي الطلبة والأخوين اللاعبين محمود أسد وصمد أسد لاعبي المنتخب العراقي وكذلك المرحوم محمد علي قنبر لاعب منتخب العراق بكرة القدم ومدرب نادي الفيلية الرياضي. وكذلك مدرب نادي الشرطة المرحوم عبد كاظم. كما نجد مسحات االشخصية الفنية الفيلية المرهفة على الفن العراقي واضحة. كألمطرب صلاح عبد الغفور. والموسيقار نصير شمة. أما في مجال الرسم والتمثيل فهناك أسماء لامعة أمثال إسماعيل خياط، ماجد شاليار، والنحات حسين مايخان. أنخرط الفيليلون في ألمشروع السياسي العراقي الذي يلبي مطالبهم كعراقيين يمثلون مكون أجتماعي يعاني من ألأجتثاث والتهميش وألأنتقاص من مواطنته . فأنضمو ألى صفوف الحزب الشيوعي العراقي. منهم الدكتور عزيز الحاج سكرتير الحزب الشيوعي وكذلك كامل كرم رضا أحد أعضاء سكرتارية الحزب الشيوعي. ناهيك عن أنضمامهم في صفوف الحركة الكوردية وألأحزاب الشيعية شأنهم كبقية العراقيين. ألا أن سمتهم السياسية لم تحيدهم عن مدنيتهم في ألأندماج مع بقية مكونات المجتمع العراقي (3). مما تقدم يمكن أن نثبت حقيقة مفادها أن الفيليين يمثلون هوية حضارية لمفهوم العراق القديم. تعود جذورهم ألى حضارة أيلام ( العيلاميون). كما انهم عجينة أجتماعية عراقية تمثل أغلبية عراقية تختصر العراق في كل أبعاد خطوط الطول والعرض الممتدة على جغرافيا أقليم الدولة العراقية فهم الكورد في الجنوب والشيعة في أقليم كوردستان العراق. لهم دورهم في تفعيل المشروع العراقي سياسيا وأجتماعيا وأقتصاديا. ماكنة المشروع السياسي العروبي ألأسلاموي جرفت هذا المكون ألأجتماعي وأجتثته . في الفترة التي تلت أجتثاث يهود العراق بهياج شعبي أسست له (وطنية الفرهود) . أما الفيليون فأنهم ضحية دولة فرهود عملت منذ تأسيسها على أجتاثهم بقانون جنسية ذات تابعية عثمانية وليست عراقية. فهم عراقيون بجنسية مكتسبة وليس أصيلة بسبب مشكلة التبعية. ان قانون الجنسية أورد نصاً في المادة الثالثة منه يقول : وفي العام 1932 تم تعديل نص المادة الثامنة من قانون الجنسية فأصبح كما يلي : وصولا ألى قرار أصدره مجلس قيادة الثورة المنحل والمرقم (666) بموجبه تم تهجيرهم وحجز الشباب ومصادرة أموالهم. أنه أجتثاث بموجب قانون أتضحت ملامحه في القرار (666) . فهذا القرار يعد تتويج لمسيرة أضطهاد رافقت هذا المكون ألأجتماعي العراقي منذ تأسيس الدولة. ذلك ما سنتناوله في القسم القادم (1) الكورد الفيليون تاريخ مجيد وواقع مر ومستقبل مجهول- مؤسسة شفق http://www.wattan4all.org/wesima_articles/fayleekurd-20060625-16594.html (2) دكتور برهان الشاوي - الكورد الفيلييون..والبحث عن الذات http://www.wattan4all.org/wesima_articles/fayleekurd-20060613-16174.html (3) الكورد الفيليون تاريخ مجيد وواقع مر ومستقبل مجهول- مؤسسة شفق http://www.wattan4all.org/wesima_articles/fayleekurd-20060625-16594.html (4) زهير كاظم عبود _ المسؤولية القانونية في قضية الكرد الفيليين http://www.wattan4all.org/wesima_articles/destour-20071221-25796.html
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |