|
ثقافة الدونية لدى المرأة – تعرقل عجلة البلاد
مازن الياسري كثير من المدافعين عن ما يعرف بحقوق المرأة ، يرددون العبارة الشهيرة (المرأة نصف المجتمع) .. ما قيمة هذه العبارة التي نسمعها دوماً .. وما مدى واقعية الطرح بالنسبة لواقع العراق .. لعل من البديهي التأكيد إن نموذج دراستنا في هذا المقال المجتذب هي المرأة العراقية .. وهنا نكرر السؤال حولها .. هل المرأة العراقية هي نصف المجتمع ؟ الجواب المنطقي لهذا السؤال هو بالتأكيد كلا .. فالمرأة العراقية ليست بنصف المجتمع كماً أو نوعاً وإنما هي أكثر من ذلك بكثير . إن التعدادات السكانية الرسمية وغير الرسمية الحديثة أثبتت إن المرأة في العراق ومنذ العام 1990 أو قبل ذلك التاريخ هي أكثر عدداً من الرجال في العراق .. والأسباب واضحة فكثرت الحروب و المصائب التي عمت العراق منذ العام 1980 لغاية اليوم سلبت الكثير من الأرواح البريئة من الرجال العراقيين في الحروب الطويلة وأحداث العنف وما إلى أخره ... إذن المرأة في العراق هي أكثر من الرجل عدداً ، كما إن المرأة العراقية تختلف بوضوح عن قريناتها في الشرق الأوسط و الخليج العربي .. فهي تمتلك ومنذ مدة طويلة حقوقاً انتخابية كاملة وحرية بالتعليم و التوظيف .. مع الأخذ بنظر الاعتبار بعض العواقب الاجتماعية التي تعانيها المرأة العراقية . ولكن ورغم قناعتنا بأن المرأة العراقية هي أكثر من نصف المجتمع .. وان الواقع لعملها ممهداً ايجابياً ولو بشكل بسيط إلا إننا نجد أن وضع المرأة العراقية اليوم لازال مختنقاً في قعر الزجاجة ولم يصل حتى إلى العنق كما يقول المثل الشائع. من أهم عوامل الضعف العام الذي أصاب المرأة العراقية ولازال .. ثقافة الدونية الموجودة لدى المرأة .. لن أكون قاسي الطرح واسمي المفهوم (بعقدة الدونية) وهي باختصار مجموعة الأفكار والسلوكيات التي تقنع المرأة ذاتها بأنها دون الرجل .. وبالتالي تضطهد نفسها ذاتياً قبل أن يضطهدها العرف الاجتماعي الخانق. شعور المرأة بالدونية تجاه الرجل، حالة سلبية وغير منطقية وعنصر جذري في تعميق التراجع في حال المجتمع .. وهنا نحن عندما نحارب ثقافة الدونية لدى المرأة لا نصطدم عن بعيد أو من قريب مع الطرح الديني للمرأة .. فالدين الإسلامي (الدين الأعم في العراق) لم يضع المرأة في معيار دوني تجاه الرجل و(القران الكريم) واضح في هذا الطرح .. ففي قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) * يتضح المعنى بان المرأة هي من أنفسكم وليست من نفس أخرى (أدنى أو اعلي) إذن الجنس البشري المتكون من الرجل والمرأة في طبيعة الحال هو جنس واحدة أي من نفس واحدة ، فليس هناك نفس أخرى ذكورية أو نفس أنثوية .. فالتعبير واضح واختلاف الجنسين فيما بينهما ليس سوى اختلاف عضوي (بيولوجي) وظاهرة طبيعية لاستمرار الحياة وتحريك العواطف والمشاعر ولخلق أعلى درجات التكاملية. إذن المرأة ليست دون الرجل وليست أعلى من (إنهما مشترك حقيقي تكاملي) .. ولقد أثبتت النظرية الماركسية الذي غزت الفكر العالمي في القرن السابق خطئها بتعاملها مع المرأة بمفهوم دوني .. حيث رأت (النظرية الماركسية) إن التحول من المجتمع الشيوعي الأول إلى المجتمع الشيوعي الثاني يأتي من خلال قوة الإنتاج ولطالما كانت المرأة اضعف من الرجل من حيث البدن فهي ووفقاً لنظرية الماركسيين تحاول أن تعالج خللها وضعفها البدني فتنطوي تحت لواء الرجل .. إن هذه النظرية أثبتت تجنيها على المرأة من خلال التطبيق، فلو أمنا بالنظرية أعلاه واعتبرنا إن قوة الإنتاج هو الأساس في التحول الاجتماعي ستدحض النظرية الماركسية نفسها .. لان قوة الإنتاج اليوم أصبحت عقلية وليست بدنية من خلال تطور الماكنة وأجهزة الحاسوب الرقمي .. والمرأة ليست اقل عقلا من الرجل أو أندر موهبة .. بالتالي وهي شريك تكاملي ليس بالأدنى بكل المعايير. إن اقتناع المرأة بالدونية تجاه الرجل سيكون معرقل حقيقي لنشاط وعزيمة أكثر من نصف المجتمع العراقي .. وخاصة ونحن بطور بناء البلاد والنهوض بها .. إذن ينبغي بادئ ذي بدء دحض ثقافة الدونية .. كما يجب أن تنهض المرأة ذاتها قبل أن تتوجه لمواجهة العرف الاجتماعي .. كما إن استثمار الايجابيات التي حصلت عليها المرأة ومعالجة السلبيات الملقاة على طريق المرأة ستساهم بفاعلية في تسيير عجلة البلاد وتطوير الواقع العراقي في مختلف مفاصله وفروعه. * سورة الروم 21
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |