حكومة الوحدة الوطنية .. المشروع الذي لن يرى النور؟

 

احمد البديري

 يتفق جميع المراقبين على أن الحكومة العراقية غير جادة في تشكيل حكومة وحدة وطنية بالمفهوم الواسع الذي ينظر إليه على أساس أشراك جميع الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية والمنضوية تحت قبة مجلس النواب.

وليس هذا الاستنتاج نابع من تكهنات وتوقعات عشوائية وإنما ترتب على أساس المعطيات الواقعية لمسيرة تشكيل هذه الحكومة المرتقبة والتي بنيت من خلال متابعة ما توصلت إليه الاجتماعات وصدر من دعوات خجولة للمشاركة بقت حبرا على ورق كما يعبرون ونسفت الاحتمالات الايجابية التصريحات المتوالية للائتلاف الحاكم من خلال بعض شخصياته الإعلامية التي قطعت الطريق أمام التفاؤل الموجود في نفوس بعض الوطنيين الطامحين إلى جمع شمل أبناء الشعب ورص صفوفهم وتوحيد كلمتهم التي فرقتها بعض الأصوات النشاز من هذا الطرف أو ذاك لتمزق كل حبال الود والإخاء وتحول الساحة العراقية الى ميدان للحرب الطائفية يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى المسؤولين في السلطة وصناع القرار السياسي .

ولن نخوض في ذكر بعض التفاصيل التي تثبت عدم صدق النوايا لدى قادة السلطة في لملمة الصف العراقي بل لنتفق جميعا على ان الاتفاق الذي صدر بالإجماع عن المجلس السياسي للأمن الوطني نص فيما نص عليه من مشاريع وجوب العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية مبنية على أساس عدم تهميش أو إقصاء لأي مكون سياسي مشارك   العملية السياسية إلا أن هذه النقطة الجوهرية لم يتم تفعيلها وتنفيذها بدعاوى واهية ومغالطات مكشوفة .

وليس في الدستور نص يتيح للسلطة أن تمنع مكون ما من المشاركة في العملية السياسية تحت ذريعة وجود خارجين على القانون في أوساطه الشعبية على الرغم من انه يمتلك أكبر حصة من الممثلين في البرلمان العراقي المنتخب ولا يمكن أن يكون ذلك سببا لحرمان احد أهم المكونات السياسية في البلد وتوجيه رسائل متكررة بالتهديد بمنعه من مواصلة نشاطه السياسي.

  إلا أن ذلك في كفة وما صدر من تصريح للناطق باسم الحكومة علي الدباغ في كفة أخرى، إذ أعلن السيد الناطق الحكومي بأن موضوع اشتراك حزب الفضيلة في الحكومة الجديدة خاضع وبحاجة إلى توافق الكتل السياسية ؟!

ولم يبين الأخ الدباغ لنا جدوى ومصداقية ما أعلنه سابقا مرارا وتكرارا عن قيام الحكومة بتوجيه الدعوة إلى جميع الكتل من اجل المشاركة في الحكومة المرتقبة بدون استثناءات أو شروط مسبقة فماذا حدى مما بدى يا سيادة الناطق ..

كما لم يوضح لنا السيد الدباغ من هي الكتل المقصودة بالاستشارة في هذا الموضوع لأن جميع المتابعين والمراقبين والمواطنين يعرفون جيدا ان مقاليد السلطة في العراق اليوم تتقاسمها كتلتي الائتلاف والتحالف حصراً بعد انسحاب سابق لكتل الصدرية والعراقية والتوافق بالإضافة الى إقصاء وحرمان الفضيلة والحوار الوطني من المشاركة أصلا .

واذا كانت الدعوة للفضيلة للمشاركة في الحكومة قد وجهت اساسا من التحالف عبر شخص رئيس الجمهورية فمن هو المعارض لمشاركة الفضيلة بحسب هذه المعطيات غير الائتلاف ، وهل يمت هذا التصرف والاستبداد والاستئثار في السلطة الى ما اتفق عليه الجميع في المجلس السياسي للأمن الوطني وهل هذا ما يتأمله العراقيين من ديمقراطية وتعددية سياسية ام أن هذه التصرفات والممارسات بمثابة مضي على ما أسس له النظام البعثي الديكتاتوري من استبداد سلطوي .

بل اعتقد ويؤيدني الكثيرون في أن هذا التصريح غير المسؤول من قبل الناطق الإعلامي للحكومة لا يعبر ولا يتناغم مع شعار الحكومة ورئيسها ودعواته المتكررة وإعلانه عن سعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد مواقف القوى السياسية أمام التحديات الخطيرة التي تواجه مستقبله ووحدته وأمنه من الداخل والخارج .

وإذا صح ان هذا التصريح يمثل وجهة نظر خاصة واجتهاد شخصي من لدن السيد الدباغ فأنه سوف يكون منتهى نكران الجميل من جنابه تجاه الحزب الذي فتح له الأبواب على مصراعيها واحتضنه في أصعب لحظات عمله السياسي بعد أن خرج خالي الوفاض هو وقائمته الانتخابية ( الكفاءات المستقلة) التي اجبر على النزول بها في الانتخابات السابقة عندما لفظته قائمة الائتلاف بسبب إصرار بعض القوى فيها على إقصائه وتهميشه فكان لهم ما أرادوا، وبينما كان الدباغ يمر بظروف صعبة نتيجة لما تقدم سارع حزب الفضيلة إلى احتضان السيد الدباغ وحفظ ماء وجهه من خلال قبوله في الحزب ومنحه موقع قيادي فيه استمر به لأسابيع قليلة قبل ان يعين من قبل السيد المالكي مستشارا وناطقا باسم الحكومة لقاء أنسحبه من حزب الفضيلة ،وبقي الحزب رغم كل ذلك حريصا على علاقاته الطيبة مع الدباغ الذي يبدوا انه يواجه ضغوط معينة دفعته لمواجهة الفضيلة بهذا التصريح المعيب . 

   الدكتور باسم شريف نائب رئيس كتلة الفضيلة سارع للرد على تلك التصريحات من خلال توضيح فكرة المشاركة وبين ان الدعوة التي وجهت للاشتراك في التشكيل الوزاري الجديد قد صدرت من السيد رئيس الجمهورية ونائبيه وأوضح ان الحزب لم يطرق أبواب أي كتلة أو مسؤول للمطالبة في أن يتم إشراكه بالحكومة المنتظرة بالإضافة الى وجود شروط مسبقة للحزب قبل الشروع بمفاوضات العودة تتضمن إشراك جميع الكتل السياسية وعدم إقصاء طرف ما وكذلك ان يكون القرار السيادي معبرا عن جميع الكتل والمكونات السياسية في البرلمان العراقي كما ويجب عدم الاعتماد على المعايير الطائفية في الاختيار وتوزيع المقاعد الوزارية .

لذلك وكما تبين أعلاه فأن موضوع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أمر غير متيسر بسبب عدم وجود رغبة صادقة ونوايا جادة عند المسؤولين والمتنفذين في مركز القرار السياسي بإشراك جميع الكتل السياسية مما يؤكد المخاوف حول الاتجاه الذي تسير عليه بعض القوى بتشكي حكومة أحزاب التحالف الثلاثي او الرباعي او الخماسي في أحسن الأحوال فيما لو تم حصول اتفاق حول مرشحي جبهة التوافق التي تواجه انقساما حادا وتباينا في المواقف بين مكوناتها بسبب توزيع المقاعد فيها ، وبالتأكيد فأن هذا التقنين السياسي سوف يكون فلتة ديمقراطية نسأل الله ان يقي شرورها أبناء العراق المكتوين في أتون الساسة الحداثويون ... 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com