من المسلم به أن منهجية وطنية الفرهود في أجتثاث المكونات ألأجتماعية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية تلبية لمتطلبات تمدد المشروع السياسي العروبي ألأسلاموي قد تباينت من حيث أسبابها وتأثيرها.

إذ بدأت بحصاد شعبي لليهود العراقيين بسبب أندلاع الحرب العربية - ألأسرائيلية. ألا أن الدولة العراقية حينها أتخذت أجراءات ترحيل اليهود العراقيين وسحب جنسياتهم العراقية وفق أصول مرعية لم تصل فيها ألى ألأنتهاكات ألتي رافقت أجتثاث الفييليون .

أن اليهود العراقيين المهجرين تم أسقاط جنسيتهم وتجميد اموالهم وتهجيرهم ألى دولة تعترف بهم كمواطنين تابعين لها وهي دولة أسرائيل. فهو لا يعد سوى أجتثثاث على مستوى مجاميع شعبية فوضوية . تحت غطاء وطنية الفرهود.

أما أجتثاث الفيليين فقد قامت به الدولة العراقية مباشرة . حيث أنها منذ نشأتها أقرت بتبعية مواطنيها للدولة العثمانية المنهارة. ذلك من شأنه أن أوجد مبررات تهجير عراقيين لهم تبعيات أخرى كما حدث مع الفييلين.

(على أثر ذلك صدر قانون الجنسية العراقية رقم (42) لسنة 1924 ذي الاطوار الشاذة والغريبة حيث لامثيل له في كل دول العالم على الاطلاق، وبموجبه أعتبر العثماني عراقي الجنسية حكماً وبصفة اصلية، في حين منح الكوردي الفيلي الجنسية العراقية بصفة مكتسبة لأسباب طائفية، أي يصبح العثماني مواطناً عراقياً من الدرجة الاولى وأن كان ساكناً في تركيا العثمانية والبلاد التابعة لها (مثل البلقان، الشام، مصر، ... الخ) وبغض النظر عن لغته وعرقه وجنسه)

قانون التعديل الثاني رقم (69) لسنة 1943 اذ عدلت بموجبه الفقرة (1) من المادة (30) من القانون الاساسي العراقي لسنة 1925 وكما يلي : "لايكون عضواً في أحد مجلسي النواب والاعيان ما لم يكن عراقياً اكتسب جنسيته العراقية بالولادة أو بموجب معاهدة لوزان أو بالتجنس على أن يكون المتجنس منتمياً الى عائلة عثمانية كانت تسكن عادةً في العراق قبل سنة 1914 ومر على تجنسه عشر سنوات" (1)

بحق الفيلين تكرست وطنية الفرهود في أداء الدولة العراقية أصالة بقانون الجنسية العراقية وليس وكالة من خلال مجاميع شوارع. حيث تسخن الدولة العراقية ملف تهجير الفيليين . طالما أن هذا المكون يصطدم مع نفوذ المشروع السياسي للعروبة وألأسلام في العراق بأعتباره عنصر توازن أجتماعي يضمن الهوية العراقية المستقلة.

من هنا يتضح أن أجتثاث الفيليين قد هدد وجودهم في جميع مناحي الحياة من خلال أستخدام ورقة التبعية . بأعتبار الفيلي متجنس بألأكتساب أستنادا ألى أن العراقية ألأصيلة تعني التبعية العثمانية. لذا فقد حرموا من وظائف ومراكز مهمة في الدولة.

أن أكتساح المشروع السياسي العروبي ألأسلامي للعراق قد أشتد بعد أنقلاب عام 1963. بأعتباره تحول جذري صهر هوية ألأمة العراقية دستوريا في المشروع السياسي للأحزاب العروبية وألأسلاموية. لذا صدرت قوانين أشد وطأة بحق هذا المكون العراقي.

(وفي 10/5/1964 صدر الدستور العراقي المؤقت في عهد عبد السلام عارف، وقد ضم أوضاعاً غريبة وشاذة وخاصة مايتعلق بالكورد الفيليين، ففي المواد (41 و 72) من الدستور أعلاه "قد أشترطت على كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء حين توليهم مناصبهم أن يكون عراقياً ومن أبوين عراقيين ينتميان الى أسرة تسكن العراق منذ عام 1900 وكانت تتمتع بالجنسية العثمانية، وأن لا يكون متزوجاً من أجنبية، وتعتبر العربية التي من أبوين وجدين عربيين). (2)

تعمقت رغبة الدولة العراقية على أجتثاثهم مع سطوة البعث على السلطة بعد عام 1968. حيث تحولت آليات ألأجتاث ألى تصفيات سياسية داخلية وحروب خارجية . فهم ضحايا عمليات مكافحة ألأحزاب ألأسلامية الشيعية .أوألحرب ضد القضية الكوردية . حتى بلغ ألأمر ذروته عند نشوب أزمة وكلاء الحرب الباردة (صدام والخميني) . سيما أن النظام السابق قد أستثمر نص دستوري ورد في المادة (42) من دستور عام 1970 كي ينشط قوانين دولة فرهود الفيلية . مستفيدا من قانون التبعية العثمانية لتهجير الفيليين ويصادر أمولاهم ويحتجز أولادهم. 

من خلال القرار المرقم (666) الصادر من مجلس قيادة الثورة المنحل والذي جاء فيه

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس قيادة الثورة

رقم القرار / 666

تاريخ القرار /7/5/1980

استناداً الى أحكام الفقرة ( أ ) من المادة الثانية والاربعين من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتأريخ 7/5/1980 ما يلي :ـ

 ـ تُسقط الجنسية العراقية عن كل عراقي من اصل اجنبي اذا تبين عدم ولائه للوطن والشعب والاهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة .

 ـ على وزير الداخلية ان يأمر بابعاد كل من اسقطت عنه الجنسية العراقية بموجب الفقرة (1) ما لم يقتنع بناء على اسباب كافية بأن بقاءه في العراق أمر تستدعيه ضرورة قضائية أو قانونية أو حفظ حقوق الغير الموثوقة رسمياَ ً.

 ـ يتولى وزير الداخلية تنفيذ هذا القرار .

صدام حسين

رئيس مجلس قيادة الثورة

عزز النظام هذا القرا ر بقرارت أخرى تغلق أي منفذ قانوني للفيلي كي يضمن البقاء في وطنه العراق

(القرار رقم (180) في 3/2/1980 والذي تضمن شروطاً مشددة للحصول على الجنسية ولم تكن معروفة في التشريعات السابقة وأعطى وزير الداخلية صلاحيات مطلقة وكاملة في قبول تجنس الاجانب ورفضه، وحثهم على تقديم طلبات أكتساب الجنسية العراقية خلال مدة نفاذ القرار المحددة بـ (6) أشهر والاسيتعرضون للطرد)

القرار رقم (518) في 10/4/1980 والذي أستثنى الاجنبي الايراني الاصل من الاحكام الخاصة بالتجنس الواردة في القرار رقم (180) في 3/2/1980

تبع هذه القرارت أجراءات تنفيذية أدارية وحزبية تكشف أن هنالك قرار سياسي بأبادة الفيليين

الجمهورية العراقية

وزارة الداخلية

برقية رقم 2884 في 10/4/1980

 لوحظ وقوع اخطاء والتباسات عديدة من قبل اجهزتكم في التسفيرات وتحديد المشمولين بها والمستثنين من التسفير . توضيحا للتعليمات السابقة ، ادناه الضوابط التي يجب العمل بموجبها في هذا الشأن :

 1- يسفر جميع الايرانيين الموجودين في القطر وغير الحاصلين على الجنسية العراقية وكذلك المتقدمين بمعاملات التجنس ايضا ممن لم يبت بأمرهم .

 2- عند ظهور عائلة ، البعض منها حاصلون على شهادة الجنسية تشملهم الضوابط الا ان البعض الاخر مشمولون فيعمد مبدأ ( وحدة العائلة خلف الحدود ) مع سحب الوثائق اي الجنسية ان وجدت والاحتفاظ بها لديكم ، ومن ثم ارسالها الى الوزارة مع تزويد الوزارة بقوائم المشمولين بقرارنا هذا ليتسنى لنا اسقاط الجنسية عنهم .

3- يجري تسفير البعض خاصة العوائل عن طريق القومسيرية وفي حالة عدم استلامهم يجري تسفيرهم من مناطق الحدود الاعتيادية .

الاستثناءات :

اولا : العسكريون على مختلف الرتب يسلمون الى الانضباط العسكري في بغداد للتصرف بهم من قبلها وحسب التعليمات المبلغة اليها .

ثانيا : عدم تسفير الشباب المشمولين بالتسفير المقيمين في القطر وتزود هذه الوزارة بقوائم تتضمن هوياتهم الكاملة واعمالهم .

ثالثا : النساء الايرانيات المتزوجات من اشخاص عراقيين ترسل قوائم بأسمائهن الى الوزارة .

رابعا : عدم تسفير الشباب المشمولين بالتسفير الذين اعمارهم من 18 – 28 سنة والاحتفاظ بهم في مواقف المحافظات الى اشعار آخر .

خامسا : يستثنى من التسفير الارمن الايرانيون المقيمون في القطر وتزود الوزارة بقوائم تتضمن هوياتهم الكاملة واعمالهم .

سادسا : لا يشمل التسفير الاجئين السياسيين الايرانيين .

سابعا : يستثنى العرب العربستانيون المقيمون في القطر من التسفير .

ثامنا : عند ظهور اية حالة من غير الواردة اعلاه اعلامنا هاتفيا قبل البت فيها .

لم يكتف النظام بالتهجير بل عمل على تفكيك البنية ألأسرية للعائلة الفيلية

القرار رقم (474) في 15/4/1981 والذي بموجبه يصرف للزوج المتزوج من أمراة من التبعية الايرانية مبلغ قدره (4000) دينار أذا كان عسكرياً و (2500) دينار أذا كان مدنياً في حالة طلاقه من زوجته وتسفيرها الى خارج القطر

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس قيادة الثورة

مكتب امانة السر – سري وشخصي

رقم 31/13/2469

تاريخ 22/4/1981

نشير الى قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 474 في 15/4/1981 .

تقرر ما يلي :

1- يصرف المبلغ المشار اليه في القرار اعلاه للمتزوج من ايرانية قبل نفاذ القرار المذكور ممن يبادر الى طلاق زوجته وعدم العودة لمطلقته ولا يصرف المبلغ في حالة الزواج من ايرانية بعد نفاذه ولو بادر بتطليقها بعد ذلك .

2- عند ايقاع الطلاق تقوم وزارة العدل باشعار وزارة الداخلية لتقوم الاخيرة من جانبها بتسفير المطلقة المذكورة الى خارج القطر .

3- يلزم الشخص الذي استفاد من قرار مجلس قيادة الثورة اعلاه بعدم الزواج ثانية من ايرانية وفي حالة زواجه يسترد منه كافة المبلغ

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس قيادة الثورة

قرار رقم 474

استنادا الى احكام الفقرة ( أ ) من المادة الثانية والاربعين من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتأريخ 15/4/1981 ما يلي :

1 - يصرف للزوج العراقي المتزوج من امرأة من التبعية الايرانية مبلغ قدره اربعة آلاف دينار اذا كان عسكريا وألفان وخمسمائة دينار اذا كان مدنيا في حالة طلاق زوجته او في حالة تسفيرها الى خارج القطر .

2 - يشترط في منح المبلغ المشار اليه في الفقرة (1) من هذا القرار ثبوت حالة الطلاق او التسفير بتأييد من الجهات الرسمية المختصة واجراء عقد زواج جديد من عراقية .

3 - يتولى الوزراء المختصون تنفيذ هذا القرار .

صدام حسين

رئيس مجلس قيادة الثورة (3)

مما تقدم يمكن القول أن فرهود الدولة العراقية بحق الفيليين قد تكللت بمجموعة قرارات أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحل معززة بتعليمات تنفيذية صادرة عن وزير الداخلية وأجهزة حزب البعث الحاكم . من أجل أبادة الفيليين وأجتثاثهم وتفكيك نسيجهم ألأجتماعي العائلي ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة.

تظهر آثار القرار رقم (666) في

 - أن سحب الجنسية العراقية عنهم بحجة التبعية ألأيرانية . التي لا يعترف بها القانون ألأيراني قد جعلهم أفراد دون جنسية . ذلك يقتضي تطبيق نصوص اتفاقية حالات انعدام الجنسية التي أعتمدها مؤتمر المفوضين المنعقد عام 1959 ثم عام 1961 ، تطبيقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 896( د- 9 ) والمؤرخ في 4 كانون الأول 1954 (4) . التي وقع عليها العراق ايضا. ذلك يتطلب صدور قانون خاصة للجنسية يصحح أوضاعهم القانونية.

-جرائم أبادة عراقية وأحتجاز وتعذيب . من المفترض أن ينظر فيها قضاء جنائي مختص

- مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة. فمن الضرورة تشكيل هيئة قضائية تنظر في الدعاوي المقامة على وزارة المالية لأستعادة أموالهم المصادرة.

بعد سقوط سلطة وطنية الفرهود عام 2003 هل تم أنصاف الفيليين وتصحيح وضعهم القانوني في قانون الجنسية. وتعويضهم عما أصابهم من ضرر التهجير وألأبادة؟ ذلك ما سنتناوله في القسم القادم من البحث.

(1) رياض جاسم فيلي - قضية الكورد الفيليين وأبعاد معاناتهم وتسفيرهم في ظل التشريع العراقي

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=108601

(2) رياض جاسم فيلي – نفس المصدر الساب

(3) جميع الوثائق حصلت عليها من البيت الفيلي

http://www.faylee.org/docs/page1.htm

(4) زهير كاظم عبود _ المسؤولية القانونية في قضية الكرد الفيليين

http://www.wattan4all.org/wesima_articles/destour-20071221-25796.html

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com