|
"خــمرة الديمقراطية المحرّمة"!!
سهيل أحمد بهجت الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة يجب أن تحظى باهتمام عراقي قائم على أساس براغماتي واقعي يصب في مصلحة المواطن العراقي، لأن الواقع البديهي يقول أن لا مجال للمقارنة بين العراق ـ الذي بالكاد نستطيع وصفه بالدولة ـ والولايات المتحدة التي يستطيع المفكر بأن يصفها بأنها قمة التطور البشري وفي كافة المجالات، لا مجال للمقارنة قطعا بين العراق الذي هولا يمتلك مناعة وحصانة من التدخل الخارجي وأيدي الإرهاب السلف ـ بعثي الذي تعمل على تخريبه، والولايات المتحدة التي تخطط للهبوط على المريخ. لكننا نجد كتلا برلمانية "من التي تتبنى التيار البعثي"، تحاول عرقلة هذا الاتفاق الذي يحتاجه العراقيون بينما الأمريكيون في غنى عنه، فالولايات المتحدة سواء امتلكت جيوشا في العراق ولم تمتلك فهي قادرة على احتواء هذا البلد وبأكثر من وسيلة، لكن ما تحاول فعله الولايات المتحدة هودعم العراق والدفاع عن تجربته الديمقراطية إلى أن يستطيع الشعب العراقي أن يحكم نفسه بنفسه، وخلال القرن الماضي وأثناء الانتداب البريطاني على العراق، استفاد العراق كشعب وبلد من هذا الانتداب رغم مساؤه وأخطاءه، لكن حينما قررت بريطانيا تخفيف وجودها في العراق إلى حد الانسحاب، أصبح العراق ساحة لدعاة "القومية العربية" وغير العربية، وكانت النتيجة أن العراق فقد استقلاله ليكون تابعا لـ"الأعراب" ولغيرها من الآيديولوجيات القومية التي مزقت العراق وأصابته بالتشضي. والآن حينما نجد "التيار البعثي" وهويدعوالعراقيين إلى التظاهر كل جـــمـعة ضد "الاحتلال"!! الذي حررهم، فإنهم يهيئون البلد والشعب للحرب الكارثية التي ستجعل الطائفيين والقوميين يتصارعون على أرض العراق وباسم العراقيين، والانتحاريون والقتلة والسفاحون على الحدود السعودية والإيرانية ومناطق أخرى ينتظرون من العراق أي بادرة ضعف وتهاون للانطلاق في اكتساح البلد وتمزيق هذا البلد "الخائن العميل"!! وذبح شعبه "الآثم لأنه شرب خمرة الديمقراطية المحرمة"، وهذا ليس رجما بالغيب لأنه هذا ما شهدناه فعلا طوال السنوات الخمس الماضية، بل إن محافظة كالبصرة منعت "استيراد الخمرة" وفي ظل الحماية البريطانية، فما بالك إذا انسحبت قوات التحالف!! الأكيد أننا سنسمع ونرى أحكام الجلد والذبح والرجم وقطع الأيدي والأرجل من خلاف. معروف أن إيران ومن خلال رئيسها ـ نجاد ـ أعلنت أنها مستعدة لملء أي فراغ ينتج عن أي انسحاب أمريكي، ومؤكد أن السعودية ـ مملكة الخراب والإرهاب ـ ستسارع إلى فعل الشيء ذاته، ولأن العراق بلد في طور النشوء فمن السهل على مليشيات الطوائف والقوميات أن تفتت البلد المفكك الأوصال وتحويل المناطق والمدن إلى أماكن للتصفية "القتل"، "الذبح"، و"المفخخات" وفرض الرأي الواحد والدكتاتور الأوحد الموحد الذي يضع "صوره الشخصية" حتى في "المرافق الصحية". ترى بأي منطق يفكر هؤلاء الذين يرفعون ذات الشعارات الفارغة التي كنا نسمعها بالأمس القريب من النظام الإجرامي البعثي المهزوم، فتيار البعث الذي يجعجع رافضا الإتفاقية الأمنية "جملة وتفصيلا" ينظر إلى الوضع العراقي بعقلية ـ المعارك المصيرية ـ ودون مراعاة المسؤولية التي كلفوا بها ممن انتخبهم، مع أنهم لا يستحقونها، إنهم لا يقدسون العراق شعبا وحدودا وسيادة، لأن نظرتهم لا تختلف إطلاقا عن نظرية البعث الذي كان دوما يعتبر العراق جزءا من "أمة" أكبر وبالتالي يجب على المواطن العراقي أن يضحي بعائلته وحياته وأمواله في سبيل قضايا الآخرين. إن الاتفاقية الأمنية لن تعني إلا شيئا واحدا: إن هي أُبرمت فهذا سيعني أن العراق سائر في الطريق الصحيح باتجاه الأمان والإعمار والجيش القوي، وإن هي فشلت فسيعني ذلك كارثة للعراقيين لأن بلدهم الضعيف والمنهك والمدمر سيصبح حديقة خلفية للإيرانيين والسعوديين ومدارس عبادة الأسلاف من الطائفيين والقوميين وستكون رقاب العراقيين ـ لا سامح الله ـ جاهزة لتجربة سكاكين الذباحين وصانعي الموت المجّـان.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |