الحراك والناصري كل يبحث عن ليلاه(2-2)
محمد علي محيي الدين
abu.zahid@yahoo.com
لو تساءلنا من منطلق أخلاص حقيقي ،ما هي الفائدة من القذف والتشهير الذي يمارسه هذا الطرف أو ذاك اتجاه أطراف شيوعية،هل يخدم وحدة الشيوعيين العراقيين،أو يخدم المسيرة الوطنية التي يحمل الجميع راية النهوض بها،أم يزيد من التفاف الجماهير حولها بعد أن يرى أن هؤلاء(يتعاركون على سمك البلشط) فهم خارج السلطة ويتصارعون فما بالك إذا كانوا على رأسها،أذن سيكون (دمها للركاب) بعد أن يكون لهذا الطرف قواه التي يحارب بها وجماعته التي يتقوى بحولها،هل هذا هو النضال لطرد الاحتلال أن تترك المحتل يلعب بالبلاد(شاطي باطي) وأنت تحارب من هو قريب منك في الكثير من الثوابت،أم أنها الطريقة التي أتبعها قاسم عندما أنشأ حزبا كارتونيا بقيادة داوود الصائغ لمحاربة قيادة الحزب التاريخية،وهل هناك أطراف أخرى تلعب من وراء الستار لتمزيق وحدة الشيوعيين العراقيين خشية تأثيرهم على توجهات العراقيين،ليراجع الجميع أنفسهم ليعرفوا مواقع أقدامهم ولمن يخدمون في هذا الخلاف والاختلاف الذي لم ينشأ لخلاف مبدئي أيدلوجي،وإنما لقضايا شخصية وحساسيات نتيجة العمل اليومي أفرزت هذا الحقد القاتل الدفين.
· ولي أن أسأل الأخوة الذين يطبلون ويزمرون للنضال الشعبي والكفاح المسلح ،ما هي الاعتصامات والأضرايات والتظاهرات التي قام بها هؤلاء،وأين هي الجماهير التي تنتظر أشارة منهم لتنقض على الأعداء كالشواهين،وإذا قيض لهم المشاركة في الانتخابات المقبلة فعلى ماذا سيحصلون، أن الانتخابات هي الفيصل في معرفة حجم هذا الطرف أو ذاك ومحله من الأعراب،وليس مجرد الإدعاء والثرثرة الفارغة عن وجود موهوم ليس له أثر إلا في تفكيرهم،وعليهم أن كانوا أحرارا خوض النضال الشعبي داخل العراق ،وإخراج المحتلين بالطريقة التي يشاءون وسيكون الكثيرون إلى جانبهم إذا وجدوا فيهم الأمانة والالتزام،أما العنتريات التي ما قتلت ذبابة فأن مكانها السيرك لا ساحات النضال.
· ويتصور البعض أن محض الكلام كاف لإخراج المحتل وأن يحزم الأمريكان أمتعتهم لمجرد كلمات تذروها الرياح،وأنا أسأل الأخوة الأعزة كم عراقي يعرف استعمال الإنترنيت أو يطلع على ما ينشر فيه ،وكم عراقي يقرأ الصحف اليومية أو يستمع لتحليلات المحللين السياسيين أو الأخبار،أن ما نسبته 10% من يعرف بوجود الانترنيت أو يطالع الصحف والدليل أن ما يباع من الصحف المحلية مجتمعة لا يتجاوز 150 ألف نسخة،إذا فأن الآليات التي كانت من محركات الجماهير وهي وسائل الأعلام أصبح تأثيرها محدودا،ولكن لمن هو التأثير في الساحة الآن ،أن التأثير أصبح للماسكين بأزمة السلطة المتربعين على منابر الوعظ والإرشاد لغياب المنافس لهم بسبب التشرذم الحاصل في الأطراف صاحبة المصلحة الحقيقية بالتغيير،وأن هؤلاء قادرون على تحريك الجماهير في الوقت المناسب بكلمة تخرج من أفواههم قد لا تقنع من هو على شيء من بصيرة،فكيف يكون العمل وسط هذا الطوفان المريع،هل العمل بالخلاف أم بالتوحد ومحاولة بناء جسور مع الجماهير العريضة،وهذه الجسور لا تبني بهذه الطريقة،والجميع يعرف الطريق السليم للوصول إلى الهدف وعسى أن نتعلم الدرس ونبدأ(من حله وجديد) عسى أن يكون لنا أثر بين الآخرين.
· أن الشيوعيين العراقيين خاضوا نضالا عسيرا في العهد الملكي ،وتمكنوا باليات وإمكانات متواضعة الوصول إلى أقصى نقطة في الريف العراقي،ووصلوا إلى العمال في معاملهم والطلبة في معاهدهم،والمثقفين والشباب والنساء ،واليوم في ظل التكنولوجيا المتطورة يتقهقر من علموا الناس كيف يكون النضال وكيف تؤخذ الحقوق لأن زيدا أو عبيدا وجد في نفسه الأهلية أن يكون زعيما ولم تسعفه الظروف ليكون ذلك الزعيم فيحاول ما وسعه الجهد العمل لإفشال المساعي الأخرى على قاعدة(لو العب لو أخرب الملعب) ناسيا أو متناسيا أن قادة الحزب لم يكونوا في يوم من الأيام طلاب جاه أو سلطة،وإنما مناضلين عقائديين،ضحوا بالغالي والنفيس من أجل قضيتهم ولم يأخذهم في الحق لوم لائم ،واستطاعوا بناء كيان طاول الذرى وسامق السماء،وأتحدى من يدعي القيادة والقدرة أن يبني كما بنا أولئك الخالدين، الذين ينظرون من عليائهم لما وصل إليه الأمر في ظل التشرذم الخطير الذي يتبناه البعض ممن لم تحصد مرتهم،أو تعلو شأفتهم،ولكنهم تخيلوا أنهم امتلكوا ناصية الأمر ،وأن لهم أن يفصلوا الأمور على مقاساتهم ،متجاوزين بذلك طبيعة الزمان والمكان وما تفرضه الظروف وتتطلبه الأحوال،وبعد أن تهيأ لقوى هامشية الاستحواذ على الجماهير التي يمثلها الشيوعيين خير تمثيل،فيما لا زال البعض يعيش في الأبراج العاجية متخيلا أن الجماهير بانتظار أشارة من أصبعه الكريم،غير عالم بأن العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين والنساء قد استحوذت عليهم قوى تمكنت من تسييرهم وفق أهوائها،فيما يتصارع الآخر مع الأقرب منه تاركا الساحة للآخرين.
· وقد يتصور البعض أني مندفعا لتأييد طرف على آخر،أو ممالئا لهذه الجهة أو تلك،ولكن أقول لهؤلاء أن علينا ا، ننظر للأمور بمنظار شيوعي شفاف،وأن نجعل مصلحة الشيوعية فوق المصالح الشخصية والقضايا الآنية،وأن ما يحصل من أخطاء هو نتيجة قراءة خاطئة لهذا أو ذاك يتحمل مسئوليتها وفق أطار موضوعي سليم،وأن لا يتحمل الحزب أي انحراف أو خطأ يرتكبه هذا أو ذاك ،والشيوعي يجب أن لا يقطع شعرة معاوية مع القريبين منه،وأن يحاول ما وسعه الجهد تقريب وجهات النظر،بدلا من الحرب الكلامية التي لا تخدم الهدف الكبير الذي نسعى إليه،بل تخدم في النهاية عدونا المشترك الذي يسره ما نحن فيه من احتراب واقتتال،في الوقت الذي تركت الساحة لمن هب ودب ليهيمن على الشارع العراقي بفضل الأخطاء التاريخية التي يتحمل مسئوليتها من قام بها،والأخطاء التي يرميها هذا الطرف أو ذاك هي نتيجة للعمل الخاطئ الذي وافق عليه الجميع،فليس من المعقول أن تكون في صميم العملية السياسية،وتنحى باللائمة على الآخرين محملا هذا أو ذاك المسئولية في الوقت لذي تتحمل فيه جزء منها.وأن من يعمل لابد له أن يخطئ في جانب ويصيب في أخر والمعصوم هو المتفرج الذي لا يقوم بأي عمل حتى نعرف غثة من سمينه ،وعلى الجميع الجلوس على مائدة واحدة للوصول إلى أمر يخدم الشيوعية واليسار،ويصب في الهدف الكبير الذي نسعى لتحقيقه.
· أن المطلوب من الجميع تناسي الماضي والعمل لما يخدم الحاضر متجاوزين بذلك الخلفيات القديمة التي أدت إلى هذا التشرذم،وعليهم الجلوس إلى مائدة المفاوضات للوصول إلى قناعات مشتركة يمكن أن تعيد الوئام والحب بينهم ،وأن يعمل الجميع من منطلق وطني بعيد عن الحزازات الشخصية،والأنانية،وأن يكون رائدهم مصلحة الحزب والشعب،وأن تترك الأمور الخلافية الكبرى التي لم يئن الحديث عنها الآن ،وأن يسعى الجميع لإعادة بناء الحزب على أسس مبدئية سليمة استنادا للإرث النضالي الكبير الذي يمتلكه الشيوعيون العراقيون، بعيدا عن المناصب والمكاسب التي يحاول البعض الحصول عليها،وأن من يمتلك الكفاءة والقدرة يستطيع أن يتبوأ المكان المناسب بالطرق السليمة البعيدة عن التآمر والانشقاق،ولنا بالانشقاقات السابقة أسوة حسنة حيث أصبحت جميعها في ذمة التاريخ،وذهب القائمين بها كل يلاقي ما جنته يداه،فأين هو داوود الصائغ وأين فلان وأين علان، لقد أصبحوا على الرفوف العالية يجترون ماض محمل بالكثير من المزعجات وعلى الآخرين أن يأخذوا العبر من هؤلاء بدلا من الاقتداء بهم والعودة إلى النقاء الشيوعي الذي يحسدنا عليه الآخرين.
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب