|
ما تسرّب من البنود السريّة للإتفاقية الأمنية التي تريد الحكومة الأمريكية فرضها على الحكومة العراقية، يكشف عن أن الإدارة الأمريكية تنظر الى العراق على أنه مستعمرة وليس بلدا ذا سيادة ... فالإتفاقية تريد إضفاء الشرعية على هذا الإسـتعمار، الأمر الذي يوجب على الشعب العراقي وقواه الوطنية ومرجعـياته الدينية التصدي الحازم لمشروع الإتفاقية " العار " لإرغام الإدارة الأمريكية على سحب مشروعها، والإيفاء بوعدها في إنهاء إحتلالها للعراق . لقد انتهكت حكومة المالكي الدستور العراقي بإقدامها على عقد سـلسـلة من التفاهمات السرية مع الإدارة الأمريكية دون الرجوع إلى البرلمان .. وعدم كشفها للشعب العراقي وقواه الوطنية وشركائها في الحكم، ما تضمنته تلك التفاهمات والبنود السـرية التي وصفها السيد ابراهيم الجعفري بـ " وصمة عار " هو انتهاك للدستور العراقي، يوجب على البرلمان حجب ثقته بها . صحيح أن السيد نوري المالكي لم يوافق بعد على هذه الإتفاقية " العار " فأعلن الناطق الرسمي باسم حكومته أنها " أي الحكومة " ليست مسـتعـدة للتفريط بالسـيادة الوطنية ـ ما يعني اعترافا ً صريحا ً بإن مـشـروع الاتفاقية يمثل إلغاءً للسيادة الوطنية ومصادرة كيدية لحق الشعب العراقي في رسم مستقبله السياسي والتصرف بثرواته ... الحكومة العراقية لم تـُبـد ِ هذا التحفظ إلآ حين ارتفعـت أصوات الجماهير الشعبية وقواه الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ـ بل وصدور فتاوى بعض المرجعيات الدينية بتحريم تلك المعاهدة " العار " .. اللافت للإنتباه، أن بعض القوى الوطنية الممثلة في الحكومة والبرلمان وذات التاريخ النضالي العريق في التصدي للمعاهدات المشبوهة، قد اكتفت بمناشدة خجولة تدعو فيها الحكومة إلى الشفافية ـ في حين شهدت المدن العراقية تظاهرات جماهيرية حاشدة رفعت شعارها الصريح المطالب بإسقاط المعاهدة المؤامرة جملة وتفصيلا طالما بقي الإحتلال قائما ـ وليس ترقيع أو إعادة النظر في بعض بنودها كما تـشـي تصريحات مسؤولين عراقـييـن آخرين !! ما الحل إذن لإنقاذ العـراق من الإنزلاق في وحل مشروع معاهـدة العار هذه ؟ ألحل هو أحد أمرين : إما أن يقوم البرلمان (على افتراض أنه يمثل الشعب العراقي وليس الأحزاب أو الطوائف المشتركة في وليمة السلطة) بسحب الثقة بحكومة السيد نوري المالكي فيما إذا لم تـسـتجب لإرادة الشعب العراقي فترفض التوقيع على أية معاهدة إسـتراتيجية قبل خروج العراق من قيود الإحتلال والوصاية الدولية، فيـسـقط مشروع المعاهدة بسقوط أحد طرفيها ... وإما أن تخضع المعاهدة إلى اسـتفتاء شـعـبي برعاية دولية لا تشترك الولايات المتحدة الأمريكية فيها ـ بعد أن يتمَّ نشر بنودها كاملة عبر وسائل الإعلام كافة وإقامة الندوات الجماهيرية من قِبَـل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لـشـرح ما يترتب عنها على العراق من التزامات ... وعند ذلك، يكون رأي الشعب العراقي هو القول الفصل في التوقيع على الإتفاقية من عدمه .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |