|
جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا عضوألأتحاد الدولي للصحافة وعضومنظمة العفوالدولية في صيف الماضي كتبت مقالة عن لقائي بأحدى الغجريات وقرأتها فنجان قهوتي وتنبئت بالكثير وكانت أغلبية تلك التبؤات صحيحة الى حد المبالغة !!!... (كذب المنجمون ولو صدقوا) . صادفتها في أحدى المقاهي اليابانية في فرع متفرع من أكبر وأجمل شوارع مدينة / زيورخ وهذا الشارع( Bahnhofstrasse) معروف بكونه مركز تجاري ومصرفي كبير حيث أكبر المصارف العالمية ناهيك عن أكبر محلات الساعات العالمية ومحلات الشكولادته هناك !!. بعد تلك الجلسة وصحة أكثرية تنبأتها حاولت مرات ومرات العثور عليها والجلوس معها ولو لدقائق لتخبرني بالمزيد عن أهلي وناسي ووطني الجريح!!.. ولكن للأسف الشديد فقدتها ولم يبقى لها أثر.. والمصيبة أن تلك الكافتريا قد حولوها الى معرض للأقمشة وألأزياء!!.. ياترى كيف سأجدها في مدينة مزدحمة وكبيرة كهذه المدينة ؟؟؟. والذي زاد تشائمي أكثر هو معرفتي بطبيعة حال وترحال الغجر.. أنهم لايملكون وطناً.. فكل بلدان العالم أوطانهم وكل المدن مدنهم والغابات غاباتهم .. اليوم هنا وغداً في مكان أخر وبعد غد في أخر.. هكذا هي حياتهم أنهم لم ولن يستقروا إلا ما ندر.. هكذا هي طبيعة عيشتهم ورزقهم !!!. بالأمس كنت على موعد مع أحد ألأصدقاء اللبنانيون لتناول وجبة طعام لبنانية في مطعم صغير يملكه أحد اللبنانيون ( مطعم ناصر ) فهو ألأخر من ألأخوان الدرزيون من العاصمة اللبنانية / بيروت... كثيرا ما نجلس هناك ونتمتع بوجبة لبنانية وشاي عراقي وتمروقهوة عربية والحديث عن هموم بلدينا... ياااااااااااه من هموم كثيرة.. نشكر الباري!!. كنت حامل حقيبتي الصغيرة ومتوجه الى مكان الموعد مع / الحاج عباس البيروتي.. وإذا أرى من بعيد تلك الغجرية التي أصبحت ظالتي المنشودة منذ مايقارب السنة .. كدت لا أصدق.. هل هو حلم ؟؟ خيال؟؟ أم حقيقة؟؟!!!!. لمحتها وأنها كما تركتها في المرة السابقة قبل عام.. عمرها في العقد السادس وشوية.. ولكنها نشطة وتتمتع بحيوية وكأنها لاتزال شابة .. ملابس ملونة.. أقراط كبيرة.. مكياج صاخب.. العديد من لأساور وقلادة كبيرة وشعر أشقر ومنفوش وألأبتسامة على شفتيها .. أحمر الشفاه ولون ألأظافر منسجمة تماماً مع لون فستانها ـ البمبي ـ .. أما العيون ففيهما الكثير من الكحل وغير الكحل .. بأختصار كأنها أحدى راقصات ( الفلامنكو ) ألأسبانيات .. كانت جالسة على حافة حوض مياه ( نافورة ) ..ما أن أقتربت منها حتى نهضت من مكانها وصرخت بصوت عال : ـ وأخيراً التقينا يا بن ذلك البلد الذي كان في يوم من ألأيام بلد الف ليلة وليلة والشعراء والسحر والجمال!!!... لماذا حولتم بلدكم الى جحيم ياولدي* ؟؟؟؟. فرحت جداً.. نسيت نفسي... رحبت بها بحرارة وبادلتني نفس الشىء.. يا لهذه الصدفة الجميلة : ـ أنا فرحان كثير.. ياست.. والله منذ سنة وأفتش عنك.. أين أنت ياسيدتي؟؟؟. = أنا أكثر.. سمني بـ ( Zigeuner)* كل يوم أحمل أسماً.. هكذا أفضل!!. ـ ولكنك لست غجرية بمعنى الغجر ( جاملتها ) ..أنك سيدة راقية ومن يراك يتوقع أنك من عائلة أرستقراطية من عوائل هذه المدينة !!. شكرتني على مجاملتي... دعوتها لتناول طعاما لبنانياً.. قبلت العرض فورا ً!!!. في الطريق وقبل وصولنا المطعم..أردت أن أتأكد هل ممكن رؤيتها مرات ومرات... ضحكت وقالت: = لايا جلال.. أننا كالزئبق.. نتحرك في أنحاء العالم .. أينما نحط فهو بلدنا والناس ناسنا.. ولكن صدقني كنت أتوقع لقاءك.. أعطني رقم تلفونك كلما أتيت الى زيورخ سأتصل بك.. ولاتنس أن تكتبلي عنوانكم ألألكتروني أيضاً!!. بيني وبينكم شعرت بالخجل أن أسألها وهل تملكين حاسوب وأنترنيت؟؟؟.. لم لاء هذه هي العولمة... عاشت العولمة !!!. عندما وصلت المكان كان / الحاج عباس قد سبقني بدقائق.. دخلنا وقدمتها لصاحبي وجلسنا وبدأ المشوار الطويل والحديث عن العراق وأهل العراق ومشاكل العراق وأحتلال العراق ووضع العراق... يااااااااااه .. نسينا أنفسنا.. أكاد أموت من الجوع.. كم أنتِ عجيبة أيتها الغجرية ؟؟.. لديك جاذبية غريبة في الكلام وجذب المقابل للأستماع وكأننا تلاميذ في المرحلة ألأبتدائية وأمامنا / ناظر المدرسة يلقي علينا الكلمة الصباحية قبل رفعة العلم !!!. تمتنعنا بتلك ألأطباق اللبنانية حيث { الكبي والفتوش والحمص بطحينة والبابا غنوج والسلاطة والشطة والخبز العربي والمعجنات وأسياخ من صدر الدجاج المحمر} .. نسينا أنفسنا فأذا واحدنا أكل كثيراً... ضحكنا أكثر.. كانت جلسة لاتتكرر بسهولة !!!. بعد أن أخذت نفساً عميقاً من سيكارتها.. تطاير الدخان وشكل سحاباً أبيضاً فوق رؤسنا.. أنها خبيرة في كل ألأمور حتى مسكة السيكارة لها فنونها!!.. بدأت بقرأة فنجاني أولا!!! : = فنجانك غريب وعجيب ياولدي... غريب وعجيب كبلدك ياولدي!!.. آااااخ ياولدي..لنترك فنجانك جانباً .. مالك وألأستماع الى قرأة الفناجين؟؟؟ لأبدأ بفنجان صاحبك اللبناني أولاً!!! وبعدها نقرر ما نعمل !!!. نهضت محتجاً وأقسمت أن يكون فنجاني ألأول!!.. لماذا التهرب من الواقع ياسيدتي.. ؟؟؟ أقرأي وكلي آذان صاغية لك ولفنجاني.. أنها قدرنا فأين المفر من القدر يا قارئة الفنجان؟؟؟. = وهل أنت مصر الى هذه الدرجة؟؟. ـ وأكثر... أرجوكي أبدأي!!!. حملت الفنجان مرة ثانية... نظرت الى داخل الفنجان.. رفعت رأسها ونظرت الي عيني نظرة تعجب وأستغراب .. وبدأت !!!. = شوف يا ولدي ..... ــ في الحلقة القادمة وبأذنه تعالى ... سنرى ماذا قالت هذه الغجرية ؟؟؟؟؟؟؟ ـ ----------------------------
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |