يوسف أبو الفوز

haddad.yousif@hotmail.com

 "مه راني" اسم واد يقع في خاصرة سلسلة جبال كارة الوعرة، في منطقة بهدينان في كوردستان العراق، وارتبط الوادي باسم الأنصار ـ البيشمه ركه الشيوعيين . في 2 /10/1982 اختير الوادي مقرا لمقاتلي الفوج الاول، من قوات قاطع منطقة بهدينان لانصار الحزب الشيوعي العراقي . أخذ وادي "مه راني" أهميته كموقع للأنصار من موقعه المهم، المتقدم نسبيا، في عمق الوطن، وسط مواقع قوات النظام الديكتاتوري، حيث يتوسط المقر عدة اقضية ونواحي مهمة، الذي اهله لان يكون ليس فقط مقرا خلفيا لقوات أنصار الحزب الشيوعي الناشطة في المنطقة، بل وصار موقعا يثير أجهزة النظام الديكتاتوري بنشاطاته التي تجاوزت كونه موقع آمن لقيادة قوات الأنصار، اذ صار موقعا سياسيا ينبض بالحركة والعلاقة مع جماهير المنطقة، ولذلك راح طيران النظام الديكتاتوري يكرر غاراته على المقر باستمرار . وشيد الأنصار مقرهم على أنقاض قرية تحمل اسم الوادي، هجرت ضمن سياسة التهجير القسرية التي مارسها النظام المقبور ضد الالاف من القرى الكوردستانية . بنى الانصار غرفهم بالاستفادة من تضاريس الوادي، وحسب خبرة المهندس الأول في المنطقة، الا وهو الفلاح الكوردي، الذي يفهم جيدا كيفية توظيف ثنايا الجبل وصخوره لبناء غرف للسكن تصمد أمام المطر والثلوج والبرد . تميز وادي "مه راني " بوجود كثافة من أشجار الجوز المعمرة، التي كانت تساعد على تمويه موقعه أمام طلعات الطيران المتواصلة، وتصطف على جانبي مسيل ماء نبع عذب بارد طوال السنة، اشتهر وعرف به الوادي . في تلك الايام الوعرة، وفي يوم 31 اذار 1987، واحتفالا بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، نظم انصار الفوج الاول في وادي "مه راني"، يوما احتفاليا شهد الكثير من الفعاليات الفنية والثقافية والسياسية، معارض تشكيلية، عروض مسرحية، قراءات شعرية وحفل موسيقي، وايضا تجربة الاذاعة الداخلية التي بثت برامجها ليوم واحد، تحت اسم  " أذاعة مه راني … صوت انصار الفوج للحزب الشيوعي العراقي "، التي قدمت برنامجا منوعا حافلا، وكانت تبث عبر جهاز لاسلكي، وكان اغلب مستمعي الإذاعة بعض سكان القرى المجاورة الذين تم ابلاغهم مسبقا، وايضا أنصار الفوج الاول الذين راحوا يستمعون الى اذاعتهم بشغف، ويفرحون اذ تعبر اصواتهم عبر الاثير ليسمعهم من يتلقف اذاعتهم، وفي بال كل منهم احلاما بوسع الوطن كله .

ودارت الايام، وحين بدأ الانصار الشيوعيون باستثمار خدمات شبكة الانترنيت، وتحديدا برنامج المحادثة الصوتية " البالتولك "، وظهرت امكانية انشاء غرف المحادثة الصوتية، بادر بعض الانصار الشيوعيين لتأسيس غرفة محادثة سميت " مه راني "، تيمنا بذلك المكان الاثير لديهم، لكن التجربة تعثرت بسرعة لاسباب لمجال لذكرها هنا . ومع تشكيل رابطة الانصار الشيوعيين، ونهوض العمل المنظم للرابطة وتشكيل اللجان الفنية المسؤولة، واهتمام الرابطة بالنشاط الاعلامي للتعبير عن اهداف وبرامج الرابطة، ظهرت فكرة احياء غرفة المحادثة الصوتية الخاصة بالانصار الشيوعيين، ليكون لهم صوتهم ـ اذاعتهم، ومكان لقائهم وبث احلامهم وذكرياتهم، ومتابعة شؤون الوطن، فكانت غرفة :" ينابيع العراق " !

وأذا كان  ينبوع وادي "مه راني"  سقى انصار الفوج الاول وزوارهم، واذاعة " مه راني " لم تتعد مساحة القرى المحيطة بمقر الانصار، فأن " ينابيع العراق " صارت نهرا هادرا سقى بفكره الخصب كل زواره، من الانصار الشيوعيين واصدقائهم وضيوفهم، وعلى مساحات شاسعة من كل القارات !

واذا كانت اذاعة  وادي "مه راني"، مجرد حلم، وبثت لنهار واحد، وكان مستمعيها محدودين جدا، فأن صوت "ينابيع العراق" صار يدخل كل بيت ديمقراطي وطني، ويرغب بسماع الحقيقة والانصات الى مفاهيم الفكر العلمي التنويري. صارت " ينابيع العراق " صفا دراسيا يفتح ابوابه وقلوب رواده لكل ضيف يحترم حرية الفكر والرأي الاخر ويجلس بهدوء رغبة في الاستفادة والافادة . صارت "ينابيع العراق " شلالا هادرا دفاعا عن الوحدة الوطنية وحرية الوطن . صارت "ينابيع العراق " شعاعا يبث الامل في قلوب المخلصين التواقين لعراق ديمراطي اتحادي تعددي مستقل مسالم .

كم من نصير مر من هنا، واخرج من عليجته اوراقه الانصارية، واستل من خزين ذكرياته صفحات مهمة من تجربته ورواها لنا ؟  كم من محاضر ضيف قدم لنا عصارة فكره النير ؟ وكم من مستمع تمعن في مصير الوطن في زحمة الحوار الساخن او الهاديء في غرفة " ينابيع العراق"؟

واذ تطفأ " ينابيع العراق "، غرفة المحادثة الصوتية للانصار الشيوعيين العراقيين واصدقائهم، على برنامج الانترنيت " البالتولك "، شمعتها الثالثة، باقات الورد لكل روادها وزوارها، وتحية اعتزاز وتقدير للجهود الرائعة والمثابرة للمشرفين على ديمومة نشاط  هذا الموقع الاعلامي الوطني .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com