المتسلط الأحمق

 

حسين أحمد

Hisen65@hotmail.com

من المفارقات المضحكة – المبكية في آن واحد , إننا مازلنا على الرغم من كلّ التطور الحاصل للمجتمعات البشرية – نرزح تحت نير تخلف اجتماعي فظيع ومؤلم وقاتل في بعض الأحيان , فلا يعلم إلا الله متى وكيف نتخلص منه , والضحايا في اغلب الأحيان , هي المرأة التي تدفع حريتها  وشخصيتها وكيانها ووجودها ثمنا لذلك , ويأتي بعد المرأة الشباب , هولاء الذين هم عماد تطور المجتمع ورقيه , وحضارته , وواضح للعيان , إن اخذ القرارات في هكذا مجتمع متخلف , تبدو صعبة للغاية , من هذه الزاوية , فان التغيير لا يمكن أن يحصل إلا بالتضحية في كسر بعض تقاليدنا السيئة والمهترئة , التي أكل الدهر عليها وشرب والعزيمة الشديدة و الرؤية الواضحة والخلاقة . ما عدا ذلك لا يمكن لمجتمعنا, أن يدخل بوابة العصر والحضارة

نسرد لكم قصة – مؤلمة من قصص مجتمعنا المتخلف هذا وضحيتها شاب وفتاة في مقتبل عمرهما ليس لهما ذنب في كل ما جرى ...شاب خلوق وجميل ومتواضع في مقتبل عمره ( 24 ) سنة حاصل على الشهادة الإعدادية تعرف عن طريق بعض معارفه على فتاة , عمرها ( 21 سنة ) حاصلة على الشهادة الثانوية الزراعية – جميلة - مهذبة - خلوقة , ذات تربية سليمة اقتنع بها الشاب واقتنعت به فتاته , وبعد لقاءات حميمية عديدة توسعت مساحة هذه العلاقة , إلى أن تكونت بين أسرتيهما نفس هذه المودة والمحبة , بعد السؤال والتساؤل  بعضهما عن البعض لذلك أراد هذا الشاب الاقتران والزواج من فتاته التي اقتنع بها كما هو العرف السائد في لزوميات الاقتران من خلال الوسيط وفاعل الخير اتفقا كلا الأسرتين على جميع الترتيبات اللازمة بما فيها تحديد قيمة المهر . وطبعا بعد الاتفاق وكما هي العادة عند الكرد أن تجتمع كلا العائلتين مع بعض الأقرباء والأصدقاء وكبيرعائلاتهم لدفع المهر, وتحديد يوم الخطوبة  والزواج و توزيع الحلوى, و إلى ما هنالك احتفاء بعقد القران وإطلاق الزغاريد وتمتين أواصر ألقربي والمحبة بينهما.لكن ما جرى في هذه الرواية عكس ذلك تماماً . فهي الصدمة بعينها كما قلنا بعد الجلوس لدفع المهر حيث ان أهل الفتاة قاموا بكلَّ الواجبات المترتبة عليهم , لان الجلسة  كانت عندهم , وهم في أوج فرحتهم وسرورهم التي لا تصف ابداً , وبعد أن قدم لهم الغذاء حسب الأصول وفي منتصف الحديث قام أخ  العريس بين الحضور وصرخ بكل صفاقة ودون احترام لأية مشاعر لا لأهله و لأ لأهل (العروسة ) قال نرفض تزويج أخانا بأبنتكم  لأنها ليست جميلة وهي لا تليق بنا مطلقاً  ....هذا التصرف لا يقوم به ألا السفهاء – الذين  لا يمتون بصلة إلى شيمنا الكردية الأصيلة – كانت صدمة ومناجاة لكل الحاضرين في الجلسة وأصر هو على ذلك دون رادع له , فأغمي على الفتاة من ناحية ومن ناحية الأخرى كان غضب الشاب غضباً صارخاً في وجوه الجميع ومعهما الحق في ذلك وتجمد الجميع في مكانهم مذهولين مذعورين من هول ما يشاهدونه , انفضت الجلسة بسلام دون حصول أي ردة  فعل عنيف من قبل أهل العروسة رغم الصدمة الهائلة لهم لكنه تبين بعد ذلك أن أخ العريس مديون بدفع المهر لأخيه وهم كانوا قد جلبوا المهر من احد أقاربهم على ان يسدد دينهم خلال فترة قصيرة . الأخ  المديون لم يجد وسيلة سهلة  للتخلص من الدفع سوى أن يقوم بهذا التصرف الشنيع بعد أن تأكد من أن الموضوع قد أصبح جديا . بسلوكه هذا , وبأخلاقه البعيدة عن قيمنا وعاداتنا الكردية الأصيلة أضر كثيراً في بعلاقتنا الكردية , وبعائلته وبأخلاقه الاجتماعية , فأصبح سيرة سيئة بين الناس .بهذه العجالة , لم يكن أمامنا ,سوى أن نقدم هذه العبرة , كما جرت بحذافيرها, للقراء والمجتمع الكرديين  لأخذ الفائدة والعبرة , وتغيير مثل هذه السلوكيات السائدة كثيراً في مجتمعنا و يبدو أن سطوة المادة , ستغيير كل عاداتنا وتقاليدنا الجميلة والأصيلة نحو درك الأسفل.  بدلاً أن نستفيد منها نحو الأحسن والأرقى ... أخيراً , علينا أن نردع مثل هؤلاء المسيئين والجهلة المنحطين لقيمنا الإنسانية . ونهمس في آذان الضحايا ( الفتاة والشاب ) فلتكونوا صبورين مقاومين  لكل أشكال الذل والهوان , الذي حصل لكما , من جراء هذا التصرف الأحمق , من تلك النفس المريضة من ذلك الأخ  المتسلط الذي لا يحمل أية سيمات الإنسانية. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com