التاريخ العراقي يعيد نفسه مع بائع فلافل ..!!
جاسم المطير
j.almutair@kpnplanet.nl
الحوار المتمدن - العدد: 2305 - 2008 / 6 / 7
مسامير جاسم المطير 1482
عندما دخلت القوات البريطانية إلى العراق في بداية القرن العشرين قالوا للعراقيين وللعالم اجمع : لقد جئنا محررين ولسنا محتلين .
أجاد الاميركان استيعاب معاني هذه النظرية عندما دخلت قواتهم إلى العراق في بداية القرن الحادي والعشرين فأعادوا تكرار نفس النغمة إذ قالوا للعراقيين : جئناكم محررين ولسنا محتلين .
لكي تبني الحكومة البريطانية واحتكاراتها الرأسمالية ، فور احتلالها العراق ، قاعدة اقتصادية متينة وصولا إلى أعماق المجتمع العراقي والى أعماق اقتصاده الوطني كان عليها أن تبني ، أولا وقبل كل شيء ، جسرا موصولا بين طبقة رأسمالية عراقية ( كومبرادور ) وبين الشركات الرأسمالية البريطانية . وكان لها ما شاءت . ففي الريف العراقي كان مثال هذه القاعدة هو النظام الاقتصادي شبه الإقطاعي . وكان مثالها في المدينة هو ( شركة حنا الشيخ في ميناء البصرة ) حيث تحول السيد ( حنا ) من كادح بسيط إلى مليونير كبير ، مهمته الرئيسية خلق طبقة كومبرادورية مرتبطة رأسا بالشركات الاحتكارية وخاصة بشركة نفط العراق البريطانية .
من الأقوال المأثورة التي قالها ذات يوم المستر حنا الشيخ : حين يغادر البريطانيون ارض العراق سأغادرها إلى لندن ..الحياة هناك أفضل ..! هذه التجربة كررتها الإدارة الأميركية في العراق خلال السنوات الخمس الماضية عند البحث عن تكوين " طبقة " من رجال الأعمال العراقيين الذين ظهروا في البصرة وبغداد وكردستان بعد الغزو الأميركي ليكونوا قاعدة الكومبرادور الأميركي . وكان المثال الساطع لهذا التكوين بائع فلافل أسمه الكريم ( محمد الشمري ) الذي تحول من كادح مع " الفلافل " إلى رجل أعمال مرموق من الصنف الأول حال توقيعه على " عقد طويل الأجل " لتزويد القوات الأميركية بالسندويجات المستوردة من واشنطن على متن الطائرات القادمة كل يوم ..!!
بقدرة من الله سبحانه وتعالى وبسرعة مذهلة تحول هذا الرجل العصامي إلى " مليونير " بل إلى " ملتي مليونير " يملك قصرين فخمين ببغداد ومحلا كبيرا في الأردن ويختا في دبي ..!
استنادا إلى منـظــّر الكومبرادور البريطاني المستر ( حنا الشيخ ) صرح المستر محمد الشمري لصحيفة الاندبندت البريطانية : إذا غادر الأمريكيون العراق، سأغادر العراق إلى واشنطون .. فالحياة هناك أفضل ..!
على هذه الصورة وعلى هذه الشاكلة فأن طبقة الكومبرادور العراقية الجديدة صارت تخشى من الاستقلال الوطني ومن مغادرة القوات الأميركية ..!
وأقول بصراحة ان غالبية رجال الأعمال الجدد في بلاد الرافدين صاروا يخشون من قضية تحويل عقود العمل بالمقاولات الكبرى والصغرى إلى الحكومة العراقية ..!
لقد كانت الشركات الغربية، مثل " بيكتل " هي التي سيطرت على تلك العقود منذ الغزو وفازت بالقدر الأكبر من مبلغ 20 مليار دولار خصصت لإعادة الأعمار وكان المستفيد الأكبر منها هم بعض المقاولين العراقيين الذين أصبحوا ، على الفور ، قاعدة للكومبرادور الجديد ..!
تحية مسمارية حارة إلى صاحب مصنع اسمنت في مدينة الحلة يزود الحواجز الخرسانية للقاعدة الأمريكية هناك والذي صرح لصحيفة الاندبندت نفسها بقوله : إن الحكومة العراقية قد لا تختلف فسادا عن النظام السابق وانه يخشى على عمله لو اضطر للتعامل معها...!
***********************************
• قيطان الكلام :
قال بيديا الفيلسوف رحمة الله عليه : الأحلام رأس الأمور كلها . وأعظم ما في الأمريكان أنهم يحققون أحلام الكومبرادور العراقي في المال والمتاع بسرعة صاروخ كروز ..!!
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب