العراق في مواجهة الاحتلال

 

السيد عبدالله هاشم الهاشمي

hashemi_y@hotmail.com

 بداية لابدّ من أن نذكر أن ميثاق الأمم المتحدة قام على أساس حرية كل شعوب الأرض ... وأن لا تنتهك دولة حدود دولة أخرى أو تعتدي عليها إلاّ إذا كانت دفاعاً عن النفس.

وهذا الميثاق يتكون من 111 مادّة تنتظم في 19 فصلاً وتعتبر الفصول الثلاثة 5، 6 ، 7 هي أهم الفصول وأخصّها هو البند السابع ... وفي هذا البند الأخير يتحدث عن مجلس الأمن واختصاصاته، ويضم 39 ـ 51 مادة من الميثاق ـ وهذا البند ـ أي السابع يحمل عنوان «فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقع العدوان» ـ علماً أن أهمية هذه المواد تنبع من أنها تتضمن صفة القسرية في تطبيقها على الدول المخاطبة.

خصائص البند السابع:

لابدّ أن نشير إلى المواد المهمّة في البند السابع وهي 39 ، 41 ، 42، وفحواها هي:

المادة 39 : هي مرحلة إصدار القرار من مجلس الأمن الدولي، فهي تقرر فيما كان قد وقع تهديداً للسلم أو الإخلال به، أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان.

المادة 41: في هذه المادة يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة والتي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ـ فقط إصدار العقوبات كأن قطع الصلاة الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية وغيرها، وقفاً جزئياً أو كلياً.

المادة 42: في حال أن المادة 41 لا تفي بردع من أخلّ بالسلم أو حاول العدوان على دولة أخرى، ففي هذه المادة جاز لمجلس الأمن أن يتخذ التدابير بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال الحصار والعمليات الجوية والبحرية.

ملاحظات:

1 ـ لا تطبق هذه المادة على الدول دائمة العضوية أو حليفها، ولو استخدمت فمن حق الدولة دائمة العضوية استخدام حق النقض «الفيتو» لمنع إصدار قرار من مجلس الأمن يستند إلى البند السابع.

2 ـ في حالة إصدار أي قرار من مجلس الأمن لابدّّ أن يحوز على أصوات تسعة من أعضاء المجلس على الأقل. بمن فيهم أصوات الأعضاء الخمسة الدائمين، ويجب أن يصوتوا هؤلاء الخمسة إيجاباً، وفي حالة امتناعهم عن التصويت أو التغييب، فلا يعتبر التصويت سلباً.

3 ـ يمكن لمجس الأمن أن يوصي توصيةً غير ملزمة في حالة وجود حالة مهدّدة للسلم. والتوصية غير القرار لأن القرار ملزم على الدولة المخاطبة.

4 ـ في حالة إصدار القرار فحينها يكون مُلزماً على الدولة المخاطبة.

5 ـ إن الدولة الضعيفة تعتبر هذا البند ـ البند السابع ـ جاء لحمايتها من احتلال الدولة الكبرى، بينما الواقع هو العكس حيث أن الدولة الكبرى هي المستفيدة من هذا البند ـ حيث أنها تسخّر مجلس الأمن والبند السابع لخدمة مصالحها وأهدافها. والدليل على ذلك أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الواقع تحت البند السادس والذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي جرى احتلالها في 22/تشرين الثاني / 1967 يعتبر غير ملزماً رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية من الدولة التي صوتت لصالح هذه التوصية. ولأن هذا القرار واقع تحت البند السادس وليس السابع، فهو توصية، وليس قراراً ملزماً، وإن أمريكا تعي جيداً أن القرار الذي يقع تحت البند السابع فهو ملزم على الدولة المخاطبة، أما غيره فهو مجرد توصية ليس إلا، لذلك صوتت عليه أمريكا.

فأمريكا لا تحترم القانون الدولي، فلو صوت مجلس الأمن ضد إسرائيل بإجماعه على إدانتها فستجدها تسارع إلى استخدام حق النقض «الفيتو».

وإن كثيراً ما استخدمت أمريكا البند السابع، فهي استخدمته في البلقان وأفريقيا وآسيا وبخاصّة الدولة النفطية.

وبما أن أمريكا مسخّرة لخدمة الصهيونية العالمية، إذن فالبند السابع مسخّر لخدمة الأهداف الصهيونية بدرجة كبيرة جداً.

لذا نجد مجلس الأمن يتخذ القرارات تلو القرارات بحق العراق وأفغانستان وإيران ـ رغم أنها إلى اليوم لم يتخذ أي قرار مُلزم ضد إسرائيل رغم إخلالها بأمن والسلام العالميين، والعدوان على الدولة الإسلامية وبالخصوص فلسطين ولبنان.

خطورة البند السابع

منذُ عام 1990 وخاصّ’ بعد غزو القوات العراقية للكويت كثُر استخدام البند السابع في القرارات الخاصّة بالعراق فصدر ما يزيد على 60 قراراً، واستمرت القرارات إلى ما بعد استعادة الكويت وكل القرارات كانت ضمن البند السابع أي أنها مُلزمة ـ باستثناء قرار واحد وهو 688 الذي يضمن تأمين حقوق الإنسان السياسية والإنسانية لجميع المواطنين والكف عن الإبادة والقمع الذي كان يمارسها النظام المقبور بحق أبناء الشعب العراقي. ... فقط هذا القرار ـ 688 ـ غير مُلزم ... والقرارات التي فيها إذلال العراق بأكمله فهي قرارات مُلزمة.

وأخطر القرارات الملزمة التي صدرت بحق العراق هو قرار 678 الصادر بتاريخ 3/نيسان/ ابريل/ 1991 ويعتبر أبو القرارات كلها، حيث احتوى هذا القرار على 34 مادة كلها وضعت العراق أمام خطر البند السابع المسخّر لخدمة الأهداف الأمريكية الصهيونية، فكان العراق تحت الوصاية الأمريكية تحت مظلّة الأمم المتحدة.

لذلك أعلنت القوات الأمريكية حين دخولها العراق في نيسان/2003 أنها غازية وفق القرار الأُممي 1483 وبعدها عدلت عن هذا القرار، فأطلقت على نفسها قوات متعددة الجنسية بقرار 1546.

 الاتفاقية بين العراق وأمريكا

مضمون الوثيقة والموقعة في 26/آب/2007 مضمونها أن حكومتي العراق والولايات المتحدة سوف تكرسان الاهتمام والجهود من أجل تطوير علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد، بينهما كدولتين كاملتي السيادة ومستقلتين، ولهما مصالح مشتركة ...الخ.

وهذا يكون في المجالات السياسية الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية والأمنية وهذه هي الأبعاد المعلنة للاتفاقية أما غير المعلنة فهي:

1 ـ إن هذه الاتفاقية أساساً تهدف إلى استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق إلى ما لا نهاية. وذلك لأن الاتفاقية طويلة الأمد وغير محددة.

2 ـ إن أي اتفاقية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية تكون فاقدة للشرعية وغير قانونية، لأن العراق تحت ظروف الاحتلال ـ فهو ليس مستقلاً لعقد اتفاقية ـ تكون معتبرة قانونياً.

3 ـ إدارة بوش بمساعدة بعض النواب الديمقراطيين وعناصر اللوبي الإسرائيلي، لجأت إلى المراوغة، بحيث لا يتم عرض إعلان المبادئ على مجلس الشيوخ الأمريكي.

4 ـ سوف تقيم الولايات المتحدة القواعد العسكرية وتقوم بشن العلميات العسكرية والاستخباراتية وعلى العراق تمويل القوات الأمريكية، وإجبار العراق على تحمل نفقات العدوان الأمريكي على إيران وسوريا.

5 ـ المقرر بناء 14 قاعدة أمريكية دائمة الوجود كالقواعد الأمريكية الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وهذا يترتب عليه ما يلي:ـ

أ) سيتم بناء على هذه القواعد بناء على طلب من الحكومة العراقية، وهذا يستوجب أن تكون جميع نفقات هذه القواعد من الأموال العراقية، ومن عائدات النفط العراقي. وبهذا تكون أمريكا قد ضمنت من يقوم بدفع نفقات قواعدها العسكرية العدوانية في منطقة الشرق الأوسط.

علماًَ أن تكلفة القاعدة الواحدة 7 مليار دولار من الدولارات فيكون المجموع الكلي 98 مليار دولار تبقى بذمة العراق كديون يسددها من واردات النفط العراقي.

ب) وتمتد هذه القواعد متوزّعة على ثلاثة مناطق الغربية ضد سوريا، والجنوبية ضد إيران لضربهما على المدى القريب، وثالثة على الجنوب الغربي لضرب السعودية على المدى المتوسط المدى أو البعيد.

6 ـ هذه الاتفاقية الأمنية بناء على طلب الحكومة العراقية وهي بين بلدين مستقلين وأن التواجد الأجنبي في العراق جاء بناءً على طلب الدولة المضيفة. فأي تدخل من الأمم المتحدة أو دولة أخرى يعتبر تدخل في الشؤون الداخلية. فهو غطاء شرعي لوجود احتلال دائمي وبمحض إرادة العراقيين.

7 ـ إنّ أمريكا تصرّ على إضافة بند ينص على حصانة القوات الأمريكية فيكون العراق دولة ناقصة السيادة ... وفي مقابل هذا الطلب فإن الحكومة العراقية تشدّد على تعهد الحكومة العراقية حماية المنطقة الخضراء.

وكل هذا يتم بمعزل عن رأي الشعب العراقي.

8 ـ إن المعاهدات بين الدول لابدّ أن تقوم على التكافؤ وعدم الجور على الطرف الأضعف وإن الاتفاقية المزمع توقيعها تعتبر غير قانونية لأنّها تقوم بين دولة مستعمرة لدولة أُخرى.

 الختام

إن الاحتلال الأمريكي واقع سوى وقعت الاتفاقية أم لا تقع، ولا سبيل لإخراجها إلا بطريق المقاومة، فعلى الحكومة أن تصحو من غفلتها، وتكالبها على مناصب ذليلة، فإما أن تصمم على إخراج الاحتلال بقرار شجاع، أو تصطف مع المقاومة الشريفة ضد الاحتلال الأمريكي، وعلى مقاومتنا أن توحّد أهدافها وتجعل قضية تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي وتدع القضايا والاختلافات جانباً.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com