كل ما حولنا يدفعنا إلى الشعور وكأنً العالم يعيش حالة من الصراع  الأزلي من اجل الاستمرار والبقاء، فدنيانا التي نعيشها حبلى بالتناقضات و(عيارها فالت) كما يقال!وفي كل شيء من شأنه أن يكون سببا للحياة وديمومتها، والقول هنا ليس من باب الاعتراض على الدنيا وبلائها لاسمح الله ، إنما للوقوف عند هذه البلايا والامتحانات المتعددة الصنوف الدائمة الفصول والصروف، والتي يكون الإنسان  وفي معظم الأحيان السبب الرئيس في وقوعها، فالطبيعة وتقلباتها وثوراتها  من زلازل وبراكين وفيضانات وعواصف مدمرة، والتي  نسمع  عن أخبارها ونشاهد مخلفات دمارها  بين الحين والآخر عبر شاشات التلفاز، هي في الحقيقة رسالة تحذير ونذير شؤم ليس لتلك الشعوب التي نكبت بها فحسب، إنما آثاراها  غير المحمودة على المناخ والتربة والإنتاج الزراعي تضر مناطق قد تبعدها بآلاف الكيلو مترات .

 وبين غضب الطبيعة وتجني بني البشر على نفسه ومخلوقات الله من زرع وضرع حيث  الحروب ومخلفاتها وانعكاساتها السيئة على الجنس البشري، نجد الخير وقد شح والفقر بدا متزايداً والأمراض وقد تفشت وأصبح غذاؤنا اليومي الذي نملأ به بطوننا لايخلو من المواد الضارة من حيث الجينات المعدلة المستعملة في عملية حفظ الطعام لمدد أطول، فحتى الخضار والفاكهة تبدو ومن طعمها ومذاقها صناعية وتحمل موادا كيماوية.لا يحمد عقباها.

 معادلة صعبة وبسيطة في ذات الوقت بحثها زعماء العالم الذين اجتمعوا في روما العاصمة الايطالية حيث عقدت قمة الغذاء العالمية التي ختمت أعمالها يوم الخميس 5-6-2008، و نظمتها منظمة الغذاء والزراعة العالمية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) وبحضور واسع لدول العالم الكبرى والصغرى والنامية منها،وجمعت هذه القمة زعماء العالم وأصحاب القرار على الرغم من خلافاتهم السياسية فكان من بين ابرز حاضريها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاة والرئيس الأمريكي جورج بوش ، مجموع من حضر الاجتماع العالمي هذا 180 دولة ،كلها توجست خيفة خطر ارتفاع الأسعار الغذائية الذي أيقض العالم بأسره.

بلدان تعد قويه الاقتصاد تحدثت عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية واعتبر ممثلوها المشكلة كارثيةّ! فكيف بالفقيرة المعدمة؟ والتي تفتك بها المجاعة والأمراض المزمنة! كدول أفريقيا  السمراء، مثل أثيوبيا التي تتناقل وسائل الإعلام صور موت أبنائها الجماعي نتيجة المجاعة وقلة المياه الصالحة للشرب والدواء، وزمبابوي التي مثلها في القمة رئيسها روبرت موغابي غير المرغوب فيه من قبل الإدارة الأمريكية والدول الأوربية التي تتهمه بنشر العنف والتشجيع عليه خلال العملية الانتخابية الأخيرة!، وإذ يعاني ويكابد شعبها مرض الايدز الفتاك (نقص المناعة المكتسبة) الذي يتحالف ويتسابق مع الجوع والفقر على قتل الصغار والكبار على حد سواء فيه.

وليس ببعيد عنا وضع دول كأفغانستان التي عاش شعبها الفقر والعوز حتى بعد أن تخلص من زمر طالبان المتشددة القمعية،ظلت هذه الدولة تعاني الوضع الاقتصادي المزري ،والجوع والحرمان بقى نصيبها وقدر أبنائها الذي لا يفارقهم أبدا! وغزة وحصار الجوع المؤسف الذي يتعرض له أبناؤها، ومصر وأزمة رغيف الخبز! والقصة تطول!

 وكي لا نطيل وننسى وطننا ،عراقنا وشعبنا الصابر المكابر على الآلام والجراح  الذي يسبح ببركة الخالق المنان على بركة من النفط ما شاء الله تبارك الله! والنعم الوفيرة الأخرى مثل الزراعة  والحضارة والسياحة الدينية والتنوع والتعدد وكل مقومات الدولة المدنية العصرية القوية ، في ظل كل هذه النعم كيف يمكن أن نتصور الوضع الاقتصادي للفرد العراقي يا ترى؟ هل كما ينقل لنا عبر التقارير شبه اليومية ومن قبل الكثير من الفضائيات العراقية إن كانت حكومية وغيرها ؟؟ وهل تبالغ التقارير إن تتحدث عن عمالة الأطفال ونزول الكثير منهم الشوارع من اجل البحث عن مصدر رزق لعوائلهم الجائعة في وطن النفط والخيرات؟

 وحتى لا نبخس الحكومة العراقية حقها فقد نقر ونقول  أن المشهد الأمني قد تغير وانعكس إيجابا على الحالة الاقتصادية! ، لكن ماذا عن الأمن الغذائي في العراق ؟ هل ارتفعت الأسعار في الأسواق العراقية وشكلت عبئا على محدودي الدخل والفقراء أم لا؟. . وماذا عن  وضع التيار الكهربائي والوقود ؟ هل توفرت وبأسعار تناسب جيب المواطن المسكين الحيران؟

قلت لصديقتي: القمة الغذائية العالمية إنتهت! وتعهد حاضروها على العمل  بجد من اجل تقليص عدد جياع الكرة الأرضية، فأجابت مبتسمة "بابا العراق ومسألة النهوض باقتصاده وبنيته التحتية والقضاء على الجوع فيه وليس القضاء على جياعه!...مسألة تحتاج إلى قمم ضميرية ذاتية لاعلاقة لها بقمم الأمم المتحدة العالمية!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com