مقابلة مع سماحة الاخ المرجع القائد السيد احمد الحسني البغدادي –ادام الله ظله – أجراها الدكتور عدنان سليم السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي – اتحاد الشعب- بتاريخ 8حزيران (يونيو)-2008
د.عدنان سليم
ali_199062@yahoo.com
وجه لفحته شمس العراق، تراكم عليه غبار السنين, نظرة ثاقبة حادة ذكية،حديثه مركز ينم عن دراية وخلفية ثقافية وسياسية سؤال لي مع سماحته أعطاني فكرة عن حال العراق بعد مرور خمس سنوات عجاف، وعن حالة المقاومة العراقية ثم أردف مرتجلا : الرعب في العراق أصبح عدوى جماعية، قابلة للانتقال من شخص الى آخر, ومشهدا ًقابلاً للتضخم يوما بعد آخر، وأنت تصغر أمامه، ولا تدري في جوف أي فريق ستنتهي،وبأية تهمة سيكون قتلك . ان المنطق العبثي والعشوائي للموت في زمن الحرب تلك المجهشة الموجعة تتلخص في هذا ((كل ما اعرف إني أموت مضغة تافهة، فمنذ بدء الغزو كان واضحا أن موسم الصيد قد فتح، وأصبح السؤال بعد كل موت من سيكون دوره الآن .. شاب في العشرين يخفي مسدسا خلف جريدة متربصا بأحد ما، وآخر يقف متكأ على جدار في انتظار ضحية أي قناص سادي هذا القدر يتخذ له زاوية فسيحة في حياتنا،ثم يأخذ بإطلاق النار على كيفما اتفق على من أحببنا,كل حرب تغير لبعض الوقت تعريف الموت، وبهذا تفصل بشرخ سري بين الأجيال، أصبح عشاق بغداد والموصل والبصرة الذين ضاقت بهم الحياة يوما بعد آخر يلتقون بالمقابر، جالسين على قبر يصادفونه بانتظار دفن شهيد،هي جاءت مع الذاكرة لتدفنها وهي تدفن زوجها,مات في زمن العبوات الموقوتة والسيارات المفخخة،فخخوا أحلامها وأطلقوا الرصاص على ذاكرتها ، فدخلت عمر الذهول ، لا عن شيخوخة ولكن لان الوطن كان محنة ومأساة, ثمة حزن يصبح معه البكاء مبتذلا،حتى لكانه أهانه لم نبكيه، فلم البكاء مادام الذين يذهبون يأخذون دائما مساحة منا،دون أن يدركوا هناك حيث هم،أننا قوتا بعد آخر نصبح أولى منهم بالرثاء،وان رحيلهم كسر ساعتنا الجدارية،وأعاد عقارب ساعة الوطن سنيناً إلى وراء، لكن الحياة تستعد لأنهاء دورة الفصول والبدء من جديد،فلم الألم مادامت تلك النهايات تشبهنا،حتى لكان الاستشهاد يجعلنا أجمل، رحم يقذفن الى رحم،ونحن الذين تساوينا في المجيء والولادة، لن نسأل لم يكون الميلاد واحداً,ويتعدد الموت،أي زمن هذا ؟ أوطن هو هذا الذي كلما انحنيا لنقبل ترابه اغتالنا الخونة بسكين وذبحنا كالنعاج بين أقدامه،وهانحن جثة بعد أخرى نفرش أرضنا بسجاد من الرجال كانت لهم قامة أحلامنا وعزتنا الوطن ؟كيف أسميناه وطناً هو الذي في كل قبر له جريمة على أيدي الدخلاء وفي كل خبر لنا فيه فجيعة. في بغداد والبصرة وديالى وفي الموصل وكركوك والفلوجة شوارع يخاف الناس من عيون عابريها، مطاعم ومخازن لايجرؤ أحد على ارتيادها,وبيوت أبوابها موصدة،وقراصنة اليانكي والعملاء والمليشيات تعيث في الأرض فساداً،تصل وتحرق، وتسرق وتغتال، كل إنسان يعيش في وطنه,إلا العراقي فوطنه يسكن فيه. وعن المقاومة ؟ نعم كنا مضطرين للمقاومة ضد الاحتلال،مدافعين عن حريتنا عن قيمنا الروحية، وعن الحياة نفسها،مقاتلين عن الحق الطبيعي في الوجود الطبيعي في الوجود،لم يكن لشعبنا خيار آخر،النصر أو العبودية، نحن نخوض مقاومة عادلة،فمهما كانت مقاصدنا سامية، فان الحرب بقيت بالنسبة لنا مأساة بشرية،من يومهاالأول وحتى هذه اللحظات أن المقاوم العراقي يسعى جاهدا ًوبكل قواه لان يساعد على انتصار العدالة والتحرر بكل أمانة وعلى الدوام هدفه الخير للشعب وطرد المحتل وكنس العملاء والدخلاء،نحن نشعر بالثقة ونحن ننظر للمقاومة في أقسى الأيام بان الآلام ستزول والمحتل سيندحر وأننا سوف ننتصر من كل بدنه ويبقى العراق مهد الحضارة الإنسانية حرا شامخا موحداً,ويبقى الإنسان العراقي رمزا شامخا للإباء والرجولة والبطولة،رمزا للتضحية والفداء من أجل العراق العظيم .
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب