|
د. حامد العطية بالأمس دنس جندي أمريكي من قوات الاحتلال في العراق نسخة من القرآن الكريم بأن جعلها هدفاً للرماية، وتفيد التقارير بأن تلك لم تكن حادثة فردية، فقد سبق لجنود أمريكيين وبصورة متكررة إهانة القرآن الكريم وتدنيس المساجد، ناهيك عن انتهاكم أعظم الحرمات في شرع الله بقتلهم الأبرياء من الرجال العزل والنساء والأطفال. لعل البعض يقول بأنها مجرد عنجهية محتلين، وليست أمراً مبيتاً، خططوا له من قبل، ولربما عزاه البعض لنقمة العلمانيين على الأديان كلها، وأقول لو كانت الحملة ضد الإسلام مجرد فصل من فصول هجمة العلمانيين ضد الأديان فلم تغاضى هؤلاء "العلمانيون" عن أكبر فضيحة أخلاقية في تاريخ الدين المسيحي، وهي لواط قساوسة كاثوليك في أوروبا وأمريكا بالألاف من الصبية القصر، من الأيتام في الملاجيء الكنسية وغيرهم، وصبوا اهتمامهم على تشويه صورة الإسلام؟ ليس من قبيل الصدفة تزامن نشرالرسوم الساخرة من الرسول الأعظم وعرض فلم مسيء للإسلام مع تدنيس القرآن الكريم، فهي كلها متسقة في مقاصدها مع أهداف الاحتلال الأمريكي وحلفاءه الأوربيين في العراق والمنطقة، والقاسم المشترك بينها هو إذلال المسلمين إلى الحد الذي تنحط فيه روحهم المعنوية واعتزازهم بأنفسهم وبهويتهم الثقافية إلى الحضيض الذي يكونون فيه غير قادرين على مقاومة الاحتلال الأمريكي، مما سيمكن الغزاة الأمريكيين من بلوغ أهدافهم في دحر قوى الممانعة وعلى رأسها إيران وحركات التحرر الشيعية في لبنان والعراق تمهيداً للهيمنة على المنطقة برمتها، وتشهد المصادر التاريخية ودراسات الأنثربولوجيا بأن المستعمرين كانوا إذا أرادوا بسط سيطرتهم على أمة من الأمم استهدفوا معتقداتها الدينية بالسخرية والتدنيس وشجعوا السكان على مخالفة تعاليمها باقتراف الفواحش والمنكرات، وقد نجح المستعمرون الأوروبيون في اجتثاث السكان الأصليين في قارتي أمريكا الشمالية واستراليا وايصالهم إلى حافة الانقراض بهذه الطريقة، وهاهم الأمريكيون يطبقون نفس السياسة في العراق وأفغانستان. كانت ردود الفعل على تدنيس القرآن الكريم وغيرها من الإهانات المقصودة لديننا فاترة جداً، ومخيبة للآمال، وخاصة على صعيد الحكومات والمؤسسات الرسمية والمراجع الدينية، فقد اقتصرت الاحتجاجات الشعبية على خروج الألاف في مظاهرات انتهت بإحراق أعلام دول غربية، واكتفى بعض رجال الدين بإصدار بيانات استنكارية، وشتان ما بين ردات الفعل الباهتة هذه والغضب العارم الذي استقبل به المسلمون وعلى رأسهم الإمام الراحل الخميني كتاب المرتد سلمان رشدي في ثمانينات القرن الماضي، وهو مؤشر خطير دال على سريان الوهن في صفوف المسلمين نتيجة جهود أعداء المسلمين وعملائهم في المنطقة لبث الفرقة بينهم من خلال اصدار الفتاوى الوهابية التكفيرية، وتنفيذ العمليات الإرهابية الطائفية، والتمكين لبقاء الاحتلال الأمريكي في العراق لأمد غير منظور، وهي بمثابة رسالة مشجعة للمحتلين الأمريكان وأعوانهم الأوروبيين، مما يستدعي التذكير بالناقة. اختبر الله قوم ثمود بالناقة، وثمود من الأعراب البائدة، ونبيهم صالح عليه السلام، ويخبرنا القرآن الكريم قصة ثمود والناقة في الآية القرآنية التالية: (وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من آله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم) الأعراف:73، ولقد أخفق الثموديون في الاختبار الرباني فأقدموا على قتل الناقة، كما يبين لنا القرآن الكريم: (فعقروا الناقة وعتوا عن آمر ربهم وقالوا يا صالح آتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين فاصبحوا في دارهم جاثمين) الأعراف:77-78. أباد الله ثمود لعقرهم الناقة، والناقة غير ناطقة بينما القرآن الكريم كتاب الله المبين، والداعي إلى الصراط المستقيم، وهو الشاهد الدائم على نزول الوحي، والحجة المستمرة على الخلق أجمعين، وتكمن أهمية الناقة كما يبينها لنا القرآن الكريم في كونها آية من آيات الله (هذه ناقة الله آية)، وفي القرآن الكريم 6236 آية، فإذا كان الله أباد ثمود لانتهاكهم آية واحدة فما هو جزاء من يسيء للقرآن الكريم؟ وماالذي سيحيق بنا نحن المسلمين من غضب رباني على سكوتنا على هذه الاساءات المتواصلة؟ لو استمر صمتنا على الاحتلال الأمريكي واستهانته بمعتقداتنا فأجزم بأننا سنخسر تدريجياً ثقافتنا وهويتنا وكرامتنا وعزة أنفسنا، وآنذاك سنتمنى لو أبادنا الله مثل ثمود وكنا نسياً منسيا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |