العــــراق بين فـــيــلين

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

هل يتجه البلدان الولايات المتحدة وإيران نحوالحرب؟ قد لا يكون الجواب على هذه التساؤلات سهلا لكن المراقب يمكنه أن يضع جدولا بالتوقعات بناءا على الماضي، وطبيعي جدا أن نتوقع أن يكون العراق جزءا من خط المواجهة العريض والذي أصبح الآن يحيط بإيران ابتداءا من أفغانستان ومرورا بالخليج وانتهاءا بالعراق وتركيا، وهذه المواجهة إن حصلت فستكون أقرب إلى الحرب الإقليمية الكبرى منها بحرب عالمية صغيرة.

فإيران لها حلفاءها في المنطقة والولايات المتحدة أيضا ـ وإن كانت هذه الأخيرة غنية عن الحلفاء ـ والطرف الإيراني هوالأكثر تصلبا وتشددا في مواقفه لحد الآن، فالرئيس الإيراني الذي يُنفذ سياسة "خامنئي" لم يترك لنفسه مجالا للمناورة والمساومة وهذه السياسة تعتبر أمرا طبيعيا بالنسبة للدول ذات النهج الآيديولوجي الشمولي التي تستخدم تنظيراتها "الثورية" في إدارة السياسة، من هنا كانت النتيجة الحتمية فيما يتعلق بهذه السياسة أنها ستضيق آفاق التوصل إلى حل لمسائل كالأزمة النووية وقضية سلام الشرق الأوسط وصراع الإيرانيين ودول المنطقة على النفوذ في العراق.

الولايات المتحدة الآن وكما يبدولي هي على مفترق الطرق بين أن تحصل من النظام الإيراني على موافقة في أن تعطيها إيران موافقة في إيجاد حل نهائي لملفها النووي ومن ثم باقي القضايا العالقة، والذهاب إلى الحل العسكري وبدء الاستعدادات الجدية لها، والطرف الإيراني الآن هوالطرف الوحيد الذي يمتلك في يده معرفة إن كانت المنطقة مقبلة على حرب لأنها هي صاحبة الأزمة وتعرف من خلال تحديدها أهدافها الاستراتيجية أنها ستخوض حربا أم لا، وما يبدوظاهرا للعيان هوأن إيران قد قررت فعلا أنها لن تتنازل عن ملفها النووي حتى لوتطلب ذلك خوض حرب قد تكسر العمود الفقري للدولة الإيرانية.

منذ قيام الثورة الإيرانية وهذه الدولة تنتهج سياسة غير مطاطة وذات أوجه فلسفية تحاول إيجاد مخارج متعددة للمشاكل والأزمات، لكنها على العكس تزداد تصلبا وتحجرا وتجاه قضايا معقدة في المنطقة، إن الأنظمة الثورية دوما تسقط إما عبر ثورة مضادة "من الداخل" وعبر تدخل عسكري خارجي، وغير خاف على أحد أن المنظومة الفقهية الإيرانية أصبحت احتكارا لطرف واحد هومعسكر المحافظين المتطرف الذي لا يريد أن يحل أزمات المنطقة إلا عبر تفسيره الخاص وعمليته الجراحية، فليس لدى النظام الإيراني إلا حل واحد لكل أزمة هو: "إما أن ترضخوا لنا والمواجهة".

والولايات المتحدة حددت هدفها الأساسي وهوأن مواجهة إيران بلا قنبلة ذرية هوخيار أفضل من مواجهتها وهي مسلحة بسلاح دمار شامل، ورغم كل ادعاءات النظام الإيراني الذي يدعم الإرهاب الوهابي وغير الوهابي في المنطقة في أن فقهاء قُم وطهران أفتوا بحرمة امتلاك سلاح ذري وأي سلاح دمار شامل، إلا أن النظام الذي يقمع شعبه ولا يكون مانعا عنده أن يستخدم حتى الإرهاب كوسيلة وورقة ضغط ـ على الطريقة السعودية ـ هونظام غير مؤهل للثقة وعلى الحكومة العراقية أن تنجز معاهدة أمنية مع الولايات المتحدة لأن النظام الإيراني سيوجه أنظاره نحوالعراق سواء وجد أمريكيون وغربيون على أرضه أم لا، فمن السهل على الحكومة الإيرانية في حال حصول مواجهة في المنطقة أن توسع نفوذها وتدخلها باتجاه العراق سواء عبر الزعم أن عدوها استخدم أجواء وأراضي العراق وبسبب "عملاء الأمريكيين"!! كما يحلولهم دوما أن يفعلوا.

وقوف العراق على الحياد في هذه الحرب لن يكون لصالحه، فالإيرانيون طامحون فعلا في تدمير ما يرونه "مشروعا أمريكيا" وهوما يعتقدون ـ وأنا أيضا أعتقد ـ أن بإمكانهم الإخلال بالأمن في غياب الطرف الأمريكي عن الساحة العراقية عبر تهيئة صراع طائفي + قومي قد يكون مصطنعا في البداية ثم يتحول إلى حقيقة، النظام الإيراني يمثل خطرا على شعبه قبل أن يمثل خطرا على الآخرين، فقد بدّد ملايين الدولارات على حزب الله وحماس وتنظيمات "المقاومة الإرهابية" في العراق، بينما كان الأولى بهذا النظام إنقاذ الإيرانيين من شظف العيش والحرمان.
والمستقبل القريب سيكشف لنا إلى أين تتجه الأوضاع.

حــــــــــرب أم ســــــــلام؟؟

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com