|
العراقيون.. حيث توقف الزمــــن!! سهيل أحمد بهجت لا زال العقل السياسي العراقي وللأسف الشديد متعلقا بثقافة الوطنية على النمط القديم، النظرة إلى مفاهيم "السيادة"، "الاستقلال" و"الوطنية" وما إلى ذلك من المصطلحات السياسية المتداولة على الساحة العراقية عبر عقلية القرن الـ19 و20 الماضيين، والنكتة الكبرى التي سمعناها من السلطات وسائر رجالات السياسة العراقية هومطلبهم من الولايات المتحدة أن تتعامل مع العراق كبلد "كامل السيادة ومتساو"!!. ولست هنا بصدد الانتقاص من العراق كدولة وشعب بقدر ما أثار دهشتي المسؤولون العراقيون الذين لا يختلف عقلهم "الدونكيشوتي" الخيالي عن عقل وأحلام الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق، فالعراقيون ينتظرون من "الأمريكيين" أن لا يتخذوا أرضهم قاعدة للهجوم على الجيران وأن يدافعوا عن العراق وحدوده ضد أي اعتداء خارجي وأن لا يكون هذا الجيش الأمريكي ـ الغير مرغوب به دونكيشوتيا ـ محصنا ضد القضاء وأن لا تكون هناك هيمنة اقتصادية أمريكية على العراق (الحوافز الاقتصادية للعراق أصبحت هيمنة بمنطق حكامنا لأن المواطن بمجرد الخلاص من المأزق الحالي سينبذ حكامه إلى جهنم) وأن يكون الاتفاق "شيكاً على بياض"!! وأن وأن...!! إن دولة لا تملك شيئا على أرض الواقع وشعبها منهار ومحطم ونفطها منهوب ومسؤولوها بين لاهث وراء شعار ديني للمتاجرة به وشعار قومي يُخدع به الشعب المحطم، لا يمكن له أن يتعامل مع دولة تملك مفتاح إخراجه من مأزقه كدولة تحت الوصاية بهذه الطريقة اللا واقعية، فماذا لوقررت أمريكا أن تنسحب فجأة إذا رأت أن حكومة العراق هم أناس جبناء لا يقدرون أن يقولوا لشعبهم بصراحة: أننا لسنا دولة بل نحن في الطريق إلى أن نصبح دولة وأن شعبنا يعاني الفقر وشظف العيش والأفضل لنا أن نتحالف مع طرف يمتلك كل الشروط الإيجابية، أنه ديمقراطي.. أنه أقوى اقتصاد في العالم.. أقوى جيش في العالم.. أنها الولايات المتحدة التي يخشاها كل دول العالم الدكتاتوري. أنا مع تصلب في الموقف العراقي في حدود المعقول والواقعية وفهم الحجم العراقي على أرض الواقع وبدون معارك خيالية ضد طواحين الهواء، ترى هل بوسع العراق إيجاد حليف بديل عن الولايات المتحدة؟ لا أحسب أن دولة ضمن البند السابع لميثاق الأمم المتحدة تستطيع أن تتفاوض مع أي دولة خصوصا حينما يتعلق الأمر بتحالفات "استراتيجية" وبالذات في منطقة شديدة التعقيد كالشرق الأوسط، لكن ما خلصت إليه بعد تفكير طويل هوأن الأحزاب التي تكون منها البرلمان والحكومة هي أحزاب تكره "الديمقراطية" وترى في الشعب والمواطن مجرد طفل يجب أن يكون دوما تحت وصاية الحكومة والجهات الدينية والقومية، فبدلا من أن يهرع المسؤولون إلى المرجعية التي تملك اختصاصا دينيا بعيدا عن الشؤون الدنيوية، كان بإمكان المسؤولين أن يضعوا الاتفاقية كموضوع لـ"استفتاء" الشعب ورأيه وحينها يكون المسؤولون قد أنجزوا مهمتهم في أن يتحمل الشعب قراره. قالها أحد السياسيين العراقيين وبـ"تفاخر" مثير للسخرية: نحن لسنا اليابان ولا ألمانيا.. نحن عراقيون نحن مسلمون..!! نعم حقا نحن لسنا اليابان الدولة الصناعية والتي يعمل أطفالها في البرمجيات ويصنع مهندسوها الروبوت الذي سيصبح خادما للإنسان في المستقبل.. لسنا مثل الألمان الذين يصنعون أضخم المشاريع وينتجون آلاف الأدوية وتغزوسياراتهم أسواق العالم.. فعلا نحن العراقيون سنبقى نجر الحمير ونبيع "شعر البنات" على الرصيف ونجابه العبوات "المذهبية والقومية" لعقود قادمة.. لا زلنا نعيش في عشرينات القرن الماضي..
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |