الديمقراطية .. (7)

 

هلال آل فخرالدين
hilal.fakhreddin@gmail

منذ فجر التاريخ ولعصرنا الحاضروالاستبداد ظاهرة ملازمة لكافة الانظمة الاسرية والحكومات الفرعونية والامبراطورية ولاتنفك عن الاستعباد وان اختلفت النظريات والاساليب والاليات .. ويعد ظهور الاسلام بحق نقلة نوعية عظيمة في تفكيك اسس افة الاستبداد و تحرير مسارالانسان من عبوديات البشر ومنحه حقوقه واطلاق حرية ارادته وفكره من خلال حزمة من التشريعات والتطبيقات ..لكن البحث اوسع جدا في ماحصل من نكوص عن تلك القيم العظيمة بل سحقها وبمجرد ارتحال الرسول (ص) الى الرفيق الاعلى ولحد الان ..ومن خلال اكداس من التصرفات الاستبدادية وما يدعمها من الموضوعات (فتاوى الرأى)والتأويل اصبحت ترقى الى مستوى النص المقدس واكثر من الاستشهاد بها والاعتماد عليها حتى اصبحت اشكالية وكل ما اقوم به هوالقاء الاضواء على مسارات اساسية لمفاصل الحركة المضادة (الانقلاب على الاعقاب) ..وهنا اود ان اشير الى مطالب يستلزمها بحث الاستبداد في الاسلام وذلك لخطورة هذا البحث وعدم اعتناء منظري الاسلام السياسي به وتكييف نظام شرعي اسلامي معاصر من جهة ولاهميته من جهة اخرى لما يتخذ منه وسيلة لاتهام الرسالة بتشجيعه وما يستلزمه من التخلف والارهاب ولتشعبه في مضان مواضيع لايمكن تجاهلها لشديد ارتباطها به كنشوء المذاهب والتعصب الطائفي وتزييف النصوص وحتى طمسها واختراع اليات لتبريرالاستبداد وكون مجتمعاتنا لازالت الى الان غارقة في مستنقعاته وان تذرعت الدول بلبوس متعددة لنفيه عنها كالاصلاح والديمقراطية وحقوق الانسان لكنه اصبح ثقافة سائدة ..وحاولت ان اجمع بين الاصالة والتوثيق وبين الحداثة والتحليل والاختصارغير المخل ماستطعت الى ذلك سبيلا وتعمدت ان لا استعين بغير المصادر السنية لكونهم الحكام للعالم الاسلامي في طول تاريخه ومنهم شيوخ فتاوى الاستبداد والمعارضون .. ولا اقول اني احطت بهذا البحث الواسع والشائك او افيت البحث حقه حيث لاتعدوا الا محاولة جهد المقل من القاء اضواء على مطالب اساسية (الاستبداد والشورى والديمقراطية ) والعذرمن القصور والتقصيروما التوفيق الا منه سبحانه.    

تناقضات خلافة مدرسة السقيفة:

 اولا: فكرة الإجماع

 من الافكارالخادعة البراقة التي جادة بها قرائحهم هي فكرة اجماع الامة او الاجماع على تنصيب الخليفة الاول لاجل منحه الشرعية من جهة ومن جهة اخرى لكم الافواه وارهاب الاخرين كما حدث بما اطلق عليه حروب الردة او مانعي الزكاة وهذا الموضوع بحثناه باستفاضة في بحثنا جذور الارهاب.

ودعواهم بالاجماع على خلافة ابي بكر ساقطة ولاتحتاج الى مشقة بحث اوعمق فهم ..فلم تجمع قريش على خلافته وخروج رهط النبي عليها (بني هاشم ) وغيرهم من بطون قريش كذلك لم يجمع عليه المهاجرين لخروج طائفة منهم وكذلك لم يجمع عليه الانصار لخروج زعيم الخزرج وقومه عليها وكاد يقتل لامتناعه عنها ...  

ان القوم قالوا بحجة الاجماع واستخدموه في المسائل التي تعوزهم فيها النصوص التي يمكن توجيهها مع اغراضهم ومعناه عندهم هو قبول جميع الامة للرأي المجمع عليه وعدم وجود خلاف او اطراف او اتجاهات مخالفة له .

ومثل هذا الاجماع لم يتحقق في فترة من الفترات التاريخ الاسلامي ان لم نقل باستحالته فهناك من الصحابة والتابعين من التزم بنهج اهل البيت وهناك الخوارج وهناك المعتزلة والاشاعرة والزيدية وهناك مدرسة الحديث ومدرسة الراي وهناك المذاهب الباقية كالاحناف والمالكية والحنابلة والشافعية سائر الفرق والمذاهب الاخرى المندرسة كالطبرية والظاهرية وو

وكل مذهب او فرقة كانت لها شعبيتها في وسط المسلمين وهي تتبنى اطروحة مخالفة لخط القوم ..فاي اجماع ذاك الذي يتحدثون عنه ..؟.

والاجابة هي اجماع اهل السنة او الخط الحاكم او نظام السلطة ومن يتبعه من الفقهاء والمشايخ والقضاة على عدة قضايا ومفاهيم تحقق الاستمرارية السيادة لتسلط القوم ..صحيح ان الحق ان يبدي الراي لكن لا للراي ان يصبح حقا ..ودعوا الاجماع هذا لازالت ترددها لحد الان الانظمة الاستبدادية والشمولية وحتى في مهازل انتخابات الانظمة العربية فتطبل وتزمر للطغاة بحصولهم على اجماع منقطع النظير بنسب 99/99 % من الاصوات .

هذا هو الاجماع وهذه هي الحقيقة انه اجماع خاص بالقوم وليس بالامة وهو اجماع مصيري بالنسبة لهم إذ الخروج عليه معناه هدم عقائدهم ومفاهيمهم ولولا هذا الاجماع ما استطاع القوم من اضلال واقناع المسلمين والاجيال الاحقة بتبني خطهم واطروحاتهم وعقائدهم .

والهدف من فكرة الاجماع هو نفس الهدف من فكرة عدالة الصحابة وكلاهما يدفع الامة الى الاستسلام والخنوع لخط النظام او التسلط السائد واضفاء الشرعية عليه وكما وان فكرة (العدالة) من اختراع السياسة فان فكرة(الاجماع) من اختراع السياسة ايضا ولقد استخدمت فكرة الاجماع كسلاح يتم اشهاره في وجهه المناوئين والمعارضين والرأي الاخر وعلى اساسه يتم تصفية الاتجاهات المخالفة بجة الاجماع وعزلها واشهار السيف عليها لتذبح بحجية الاجماع او بحجية الشرعية  ذلك ليثنعم الولاة والحكام الذين وجدوا في هذه الفكرة خير عونا لهم وخير نصير في مستندهم

وللفيلسوف ابن رشد قول مأثور في كتابه المعنون «فصل المقال»: «لا يقطع بكفر مَنْْ خرق الإجماع في التأويل» ومعنى هذا القول أنه لا تكفير مع التأويل ولا إجماع مع التأويل وكان يعني ابن رشد بالتأويل إعمال العقل في النص الديني من أجل الكشف عن المعنى الخفي الأمر الذي يفضي إلى تعدد التأويلات وبالتالي إلى مشروعية هذه التأويلات.

وقد اجمع القوم مثلا على صحة خلافة الاربعة ابو بكر وعمر وعثمان وعلي

واجمعوا على حجية كتاب البخاري ومسلم

واجمعوا على طاعة الحكام الظالمين

واجمعوا على عدم الخروج على الطغاة لكونها مفسدة وفتنة

واجمعوا على الركون الى الجبابرة والمفسدين لان فيها صلاح

واخيرا حتى المفكر الاسلامي  جمال البنا يراى ان الثرثرة افضل من دعاوى الاجماع يؤكد ان: "البَلبَلة خيرُ من الإجماع الخاطئ".

 ثانيا:   فكرة الشورى والبيعة:

ان ظاهرة تلبيس المفاهيم من الامور الشائعة كثيرا عند علماء السنة ففي السابق يثيروا مسألة الشورى كنظام حكم شرعي ويتابعهم عليه في العصر الحديث منظري الحركة الاسلامية بانه نظام الحكم الانجح والاصلح للامة في ازمتها الراهنة لانه يخرجها من بودقتها الحالية ويعيدها الى سالف عزها وعصرها الذهبي ..وحتى يرنوا الى تطبيق ذلك النظام -(الغلبة بالسيف) وان برقع بالشوارى لاحقا-على كافة امم الارض لانه النظام الامثل الذي يجب الاقتداء به ..!!

وهذه مغالطة ليس فقط منطقية بل وشرعية وذلك لان الشورى لاتعطي الحاكم الشرعية وكذلك البيعة ان لم يكن الحاكم نفسه مؤهل للشرعية واهل لتحمل مسؤلية الامامة وقيادة الدولة حيث لادليل على شرعية الحاكم مطلقا وقد تعرض هذه النظرية كركن اساس من اركان الشرعية الحاكم ولكن عقد البيعة إنما يكون بعد توفر الشرعية والبيعة معناها التعهد للحاكم الشرعي بعدم الخلاف او الخذلان والبيعة لاتعطي الشرعية لانها لاحقة على وصول الحاكم الى السلطة  اوهي لاحقة على الشرعية بحسب هذا المنظور  وبمتابعة موارد البيعة وجدنا ان رسول الله (ص) كان قد بايعه المسلمون (سبعة مرات) ولو كانت البيعة تمنح الشرعية لمنحت الرسول (ص) الشرعية وهذا اسلوب تفكير مسف للغاية وكل ما وجدناه من صور البيعة هو تعهد المسلمين بعدم خيانة وخذلان الرسول (ص) وليس إعطائه السلطة والتوكيل في الحكم

وما استجد بعد ذلك في اتخاذ هذا الاجراء في الحكم لاضفاء الشرعية الزائفة عليه  وذلك ان الحاكم بعد السيطرة على الحكم يطالب المسلمين بالبيعة له كمعاهدة على الطاعة والتسليم اوبالاحرى الاستسلام  وقداشيع مؤخرا ان هذا يعطي الشرعية للحاكم باعتبار رضا المبايعين  بينما الواجب هو ان يعطى الحاكم غير المعصوم التعهد للمسلمين على طاعة النظام  وحسن السيرة والعدل في الرعية وليس العكس  والعمل بهذا المنهج في نظام الحكم كان من اهم اسباب ابتلاء المسلمين بحكام الجور والطغاة والجبابرة وما اكثرهم في تاريخنا والذين اوحوا الى مرتزقة  معممي البلاط او رجال الدين الرسمين بابرازه بالثناء والتاكيد على شرعيته وذلك لان هذا النظام طبق في كثير من الاحيان للتغطية على نظام (الغلبة بالسيف ) بحجة الشرعية المتاخرة على  الاستيلاء .

واما ما يقال عن الشورى في هذا النظام فالوارد منها في النصوص الاسلامية لايفي باكثر من وجوب طلب المشورة ومناصحة الراي لتصويب المسيرة وتحديد المصالح والمفاسد فلم نجد اي نص يعطي الشرعية لنظام حكم يسمى نظام الشورى.

وبالرجوع الى التراث القبلي في السالف البدوى العروبي في التشاور في احوال القبيلة اصالة وتيمنا وتمسكا بالعريق من التاريخ دون فهم  لاصل ولعل مجلس الشورى اليوناني الاصل وليس كما يعتقد انها موافق لمصطلح الاية الكريمة :(وشاورهم في الامر )ال عمران 159  او :(وامرهم شورى بينهم ) الشورى 38 كما كانوا يجنحون الى  دار الندوة في الجاهلية  للتشاور بما يطرء عليهم  ويطلبون  باحلالها الان وفي هذا الوقت الراهن تيمنا وتمسكا بالعريق دون فهم لطبيعة عمل دار الندوة وعمل المجلس النيابي  والتشريعي  فلم يكن دور دار الندوة للقبيلة مجالس حكم وتشرع او سلطة للامة لحفظ النظام وسن القوانين بل كانت ملتقى تفاهمي لحل المنازعات القبلية والمشاكل الاجتماعية  وهذه المباحث سوف نلقي عليها مزيدا الاضواء فيما بعد تحت عنوان مفاهيم خاطيئة .

 ثالثا:الإ ئمة الاثنى عشروالتخبطات:  

اولا :لمن يريد الاطلاع على مزيد من تناقضات خلافة السقيفة فعليه بكتب الصحاح وشروحها وبكتاب السيوطي (تاريخ الخلفاء ) وباقي كتب التاريخ والرجال حيث حشد تبريرات اراد منها تطبيق حديث النبي (ص) الذي بشر بهم وربط عز الاسلام بهم  لمن يخلفه من بعده من (الائمة  الاثنى عشر) الذي يرثونه(ص) لمواصلة وتتمة رسالته حيث اخطر القوم الى صرفها عن معناها ومؤداها وتحويلها نحو الحكام حتى لايكون عليهم من قبل الخصوم دالة وقد حدد فقائهم الائمة الاثنا عشر في دائرة الخلفاء وحكام بني امية على تسلسل عدد الخلفاء فاولهم ابو بكر وعمر وعثمان وعلي ثم معاوية ويزيد ثم عبد الملك بن مروا –وتناسوا خيط باطل مروان الوزغ ابن الوزغ- واولاده الاربعة الوليد وسليمان ويزيد وهشام ثم عمر ابن عبد العزيز وبعدهم اخذ الامر بالانحلال  وبعضهم اضاف الى الاربعة الامام الحسن فصار عددهم خمسة والمفارقة انهم اشركوا فيهم معاوية رغم فضيع جرائمه و (يزيد) الكفر والفجور شارب الخمور وقاتل العترة الطاهرة ومبيح المدينة ورامي الكعبة بالمنجنيقات ..و(الوليد ) وما ادراك مالوليد الذي مزق كتاب الله وكرع الخمور في البرك وافتض العمات والخالات وووواضرابه من الفراعنة كالناقص  ووو..فما استطاع ان يظفروا بسبيل صحيح ينطبق عليهم تسلسل هؤلاء (الاثنى عشر) لاصطدامها بكثيرا من العوائق والسدود المنيعة لذلك يلاحظ تخبطهم خبط عشواء وبالخصوص ما يتعلق بجبابرة بني امية الخلفاء انظر كتاب الامارة في صحيح مسلم وكتاب الاحكام باب 51 صحيح البخاري وفتح الباري ج12اخر كتاب الاحكام وشرح النووي لمسلم تاريخ الخلفاء للسيوطي وشرح العقيدة الطحاوية .

 ثانيا:ومن جهة اخرى المستغرب ان الخليفة الاول بعد ان تقمصها يستقيلها ويقول اقيلوني لست بخيركم.. فاذا كان اهلا للخلافة وان الخلافة فرض لازما وشرعية له وصحيحا مسارها  فكيف يتنازل عنها وهي الزام فرض واذا كان ليس بخيرا لها فكيف يدعيها او يتقحمها ..!!

فهو هنا يستقيلها ولكن في رمقه الاخير يعقدها لوزيره ابن الخطاب وفي كتاب مختوم لاتدري مافيه وما على الامة الا ان تبايع على الغيب وتاخذ بامر ابن ابي قحافة .

ومما يبعث على الدهشة ان ابن الخطاب هو الممهد لخلافة الاول ولولا سعيه لما تقمص ابو بكر الخلافة  لكنه يقول :( كانت بيعة ابي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها الا ومن عاد لمثلها  فقتلوه )...لاتعليق وعند دنواجل ابن الخطاب يقول لوكان سالما حي لوليته الخلافة ..وسالم ليس من قريش الذين يزعمون ان الخلافة فيهم نصا واجبا والملاحظ عن الستة(اهل الشورى) الذين عينهم لاستخلافة انه قدح في كل واحدا منهم الا من الامام علي حيث قال لو وليها الاجلح لحملهم على المحجة البيضاء ..ولاقدرة للناس على ذلك ..فمن لايسعه الحق فالظلم عليه اضيق  

لكن الذي لايمكن تصوره هو ان تسحب شرعية الجعل الالهي لخلفاء ليس فقط ليسوا لها باهل من الخلفاء بل وطغاة وجبابرة  كما وتسحب مستلزمات  منصب الخلافة بضرورة الطاعة والانقياد اليهم على انهم ظل الله في الارض وحتى لوانهم سطوا عليها بالسيف والرعب والارهاب ومن المعلوم ان اولئك ينطبق عليهم هذا الجعل الالهي : (وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً يدعون الى النار..)القصص 5.

ثالثا:ومن السخرية ان يتنازل منصب الخلافة لمن لايستحقها واستنكار تولي هذه العصبة لها حتى ان يرفض هؤلاء ويستهجنهم حتى الطلقاء بل وزعيمهم ابو سفيان وكما يعبر عنه علماء السنة سيد قريش ولبيبها انه جاء الى الامام علي يستنهضه للاخذ بحقه وعدم اطماع هؤلاء –تيم او عدي-بالخلافة ...وانهم اوضع الناس في قريش وكان رد الامام علي له واضحاوصريحا في خوفه على الاسلام من الانشقاق والانهيار وانه ليسالمن ما سلمة امور المسلمين ولو كان عليه ظلما خاصا ... 

ويحدد العلماء شروط  في اسقاط منصب الاخلافة لمن ينهض باعبائها ومن خرج عنها فلا يكون اهلا لها يقول العلامة ابن الجوزي :( ومتى فعل اشياء بهواه – اي الخليفه - لم يكن نائبا عن الله ولا عن رسوله وكانت ولايته جورا لاامارة ) لجليس الصالح ص206.

وتظل توفر الشروط في شخصية  الخلفاء وشروط تبوء الخلافة في الدائرة الفقهية الاسلامية مجرد تنظير نظري ليس له من واقع،وهذا ما دفع ابو الحسن لاشعري لتبرير تلك الاحوال الشاذة  من الاختلاف ملتمسا لها  ثوبا  اسلاميا يجللها جميعا  بغير واقع حق  بالقول :( اختلف الناس  بعد نبيهم  (ص) في اشياء كثيرة ضلل بعضهم  بعضا  فصاروا  فرقا  متباينين واحزابا  مشتتين الا ان الاسلام  يجمعهم ويشتمل عليهم ) مقالات الاسلاميين  اختلاف  المصلين 201.

و لكن د. هيكل   يعترف  بوضوح قائلا عن  تلك الاختلافات ( اضاف الى الدين اشياء  كثيره  لا يرضاها الله ورسوله واعتبروها من  صلب الدين  ورمي من ينكرها  بالزندقه )حياة  محمد  ص29وهذا الواقع المرمن الطعن الاخر ووصمه بالارتداد او الزندقة او الرفض والمروق ليس مرهونا فقط بتلك العصور فقط حيث تشحذ الخلافة اقلام ماجوريها في تسقيط لكل المعترضين على سياسات الاستبداد بل حتى في عصرنا الحديث مع اختلاف في الاساليب والاليات    

ظلمات خلافة السقيفة.

يقول العلماء والمفكرون الاتراك في كتاب الخلافة  ص105 :( ان حضرة الامام المعظم ابي حنيفه وهو من اكبر ائمة الدين لم  يقبل الخلافة الاموية و العباسيه ولم  يجزهما  ولهذا رفض  تولي القضاء  اولا  في زمان الامويين ثم  في دور العباسيين حين كلفوه بها بل كان يعطي  الفتاوى سرا بلزوم اداء الزكاة والعشرالشرعي الى احفاد علي بن ابي طالب ) ويقول ( لا يخفى على القارئ  تاريخ الاسلام ما ارتكبه الخلفاء الامويين من الظلم والسفه بحق احفاد الرسول (ص) . وما سبق منهم من الجور عليهم  والجفاء لهم  ثم تاسست الدوله العباسيه على الظلم  والاعتساف  والقهر والتغلب  فان عدد الذين قتلهم ابو مسلم الخراساني  من الامويين يبلغ  ستمائه الف اما عبد الله بن علي عم ابو العباس السفاح اول الخلفاء  العباسيين فقد اجرى مقتله عامة في الشام  حين استيلائه عليها ... كما انه فتح قبور  الخلفاء الامويين واحرق اجسادهم  وعظامهم  وكذلك سليمان بن علي  اخوه قتل  من لقيه من الامويين بالبصره وامر بجر جثثهم  في الازقه  وتركها  طعاما للكلاب ) المرجع السابق  نقلا عن تاريخ الخلفاء للسيوطي  ص350

واخيرا فان ( الخلافة الممتدة ومنذ ان قبض الرسول (ص) -الا  لمما  من الزمن - والى  الحكم الاموي  والعباسي  وما تلاها حتى الخلافة  العثمانية لم تكن  سوى  حكم سياسي متستر  برداء  ديني يمارس من خلفه  طغيانا واجراما لا حدود لهما .وان كل الاحاديث   والاقاويل  التي تؤكد ان الخلافة منحة سماوية وان على المسلمين  الطاعة لولي الامر ( الخليفة )  مهما قال ومهما  فعل  ماهي الا محظ اختراع وابتداع !!) لان هؤلاء الخلفاء بشر وتزداد في نفوسهم نهم الاستحواذ وابتلاع ما يجدون وما لايجدون كلما ازداد سعرهم يشتد استبدادهم ويقوى ظلمهم ...)

وربما يقول البعض كيف يقول هؤلاء عن الخلفاء ويطعنوا فيهم وفيهم الزاهد والصابرعلى شظف العيش والمتنسك ووووقد اجاب عن هذا الشاعر قائلا :

وقد صبرت عن لذة العيش انفس     وما صبرة عن لذة الامر والنهى

اي عن شهوة الحكم والتسلط

كماقال عبد الملك عندما وصله خبر تنصيبه خليفة في دمشق فكان يقرأ القران فرماه وقال هذا فراق بيني وبينك انظر الطبري .

وقال هارون الرشيد لولده: لونازعتني فيه –اي الملك- لاخذت الذي فيه عينيك ..اي قطع الوتين.!

اي ان الحكم عقيم في نظرية السقيفة لايعرف دين ولارحمة ولا شفقة ولاضمير.

  واخيرا نختم هذه الحلقة بقول المفكر جمال البنا: "الفقهاء أبناء عصرهم لا يمكن أن يتحرروا من روح العصر. عصر مغلق، عصر مستبد، عصر فاسد من أيام معاوية إلى عبد الحميد الثاني كل هذه الخلافة منذ سنة 40 هجرية إلى  1924 ميلادية، أكثر من ألف عام. ما يسمونه خلافة كان ملكاً عضوضاً وليس له من الخلافة شيء. هذا هو العصر الذين عملوا فيه حاول بعضهم أن يثور على حكم هؤلاء الطغاة، فسحقوا حتى الأئمة الأربعة كل منهم تعرض لاضطهاد رهيب. الشافعي كان قاب قوسين من الموت مالك خلعت أكتافه ابن حنبل مثله أبو حنيفة يقال أنه سم لأنه رفض تولى القضاء. "إذاً  كان هؤلاء لا يملكون حرية الفكر لهذه الأسباب جعلت فكرهم لا شيء وجعلته قديماً ولا يصلح لعصرنا علناً. قد يقول قائل أن في أقوالهم للآلئ ودررفعلي من يريد الحصول على عرق الذهب الصغير أن يهد الجبل ونحن لا عندنا وقت ولا جهد لذلك وبعدين لماذا لا نعمل عقولنا نحن، لأننا لو اعتمدنا على عمل الأسلاف معنى ذلك أننا لن نعمل عقولنا وهذه أكبر خطيئة." 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com