|
د.عزيز الدفاعي اثار الرحيل المفاجئ والغامض لاية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي في مدينة قم والتشييع الذي حضره مئات الآلاف في مدينة كربلاء التي عاد اليها جثة هامدة الكثيرة من التساؤلات السابقة بشان حقيقة وخفايا فلسفة التشيع في ايران منذ اواخر القرن السادس عشر وحتى اليوم في ظل( ولاية الفقيه ). ويتلمس الباحث في هذا الشأن ذلك الصراع المتواصل والمحتدم بين كبار المرجعيات الدينية في ايران بسبب اختلاف الاجتهادات وتعارض الرؤى والمصالح احيانا الذي قد يصل الى درجة التحالف والتعاون مع السلطة السياسية في طهران ضد مخالفي العقيدة والفكر داخل المؤسسة الدينية نفسها. فرجل الدين الايراني المعروف وصاحب اكبر موسوعة في تأريخ التشيع في ايران وهو محمد باقر المجلسي مؤلف بحار الانوار (25 جزءاً)وقف متشنجا ومعاديا لجميع من انتقده من معاصريه من رجال الدين اواخر القرن السابع عشر الذين كان ماخذهم عليه عدم تدقيقه وتمحيصه للروايات الخاصة بأحاديث وسيرة الائمة الاثنى عشر اذ لجأ الى الدولة الصفوية لتكميم وازاحة من خالفه في الرأي في وقت كانت فيه الامبراطورية الفارسية بامس الحاجة للغطاء المرجعي في صراعها المرير ضد الدولة العثمانية . ومن حركة (المشروطية) وصولا الى مرحلة الصدام مع شاه ايران عندما اطلق ثورته التحديثية التي عرفت( بالثورة البيضاء) مطلع الستينات حين كانت مرجعية قم احد الاسس الرئيسية لدعم الملكية الدستورية لشاه ايران احتفظ جهاز المخابرات الايراني بملفات ضخمة تكشف وشاية رجال الدين بعضهم ببعض لا تقل في اثارتها عما يحدث في دهاليز السياسة المظلمة من اغتيالات ومؤامرات واقصاء قسري....,في وقت بقيت فيه النجف وعلى مدى قرون طويلة مركزاً للحوار والفكر والفلسفة وتعدد الاراء, وافقاً علميا رحباً منفتحا على كل الفلسفات الدينية والسياسية والادبية حتى في احلك الظروف واصعبها, ومدرسةً حقيقية لفكر الشيعة الامامية بسبب تسامح حوزتها وصدق علمائها واخلاصهم للعقيدة الاسلامية السمحاء . لقد القت قضية اغتيال المفكر والفيلسوف الايراني الكبير الدكتور علي شريعتي عام 1977 في لندن الضوء مجددا على هذا السيناريو الدموي الذي تورط به بعض رجال الدين الايرانيين الذين لم يتورعوا عن تحريض الشاه لاغتيال مفكر الثورة واكبر مجدد في الفكر السياسي للثورة الاسلامية في ايران لانه وضع يده على حقيقة ما عرف بالتشيع الايراني الذي يستلهم الارث والفلسفة الفارسية والذي سعى الى نفض غبار الخرافة عن فكر الامامية.... ,في وقت لازال فيه الكثير من قادة ومفكري الحركة الاسلامية في العراق يتساءلون عن حقيقة الجهات التي نشرت برقية التأييد المزعومة التي ارسلها اية الله العظمى محمد باقر الصدر الى الامام الخميني عام 1979 في تأييده للثورة الايرانية والتي دفع حياته ثمناً لها وكان خسارة فادحة للحركة الفكرية والوطنية في العراق والعالم الاسلامي؟! لقد عرف عن الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو الذي قدم الى ايران بعد انتصار الثورة الايرانية وكان مفتونا بها من اوائل من تنبؤا بان هذه الثورة سوف تلتهم بانيابها الالاف من الذين قاموا بصناعتها عندما شاهد عمليات الاعدام والتصفيات الجسدية ضد مخالفي الرأي السياسي والاجتهاد العقائدي وخاصة ضد أولئك الذين عارضوا ولاية الفقيه او ماعبر عنه الشيرازيون المعارضون بنظام (ديانة وحدة الموجود) والذي اعتبره خرقا شرعيا لنظرية الامامة وقد سبقهم فيه الامام الخوئي والحكيم ومحمد مهدي شمس الدين ومطهري والانصاري الذين اعتبروها صياغة جديدة لما ورد في كتاب (عوائد الايام) للشيخ النوراقي الذي صدر قبل حوالي قرنين مؤكدين ان الحجة محصورة في الامور العبادية فقط وانها لا تمثل تطويراً للمرجعية او سلطة سياسية مطلقة تحت أي مبرر او ذريعة . لقد تعرض كبار رجال الحوزة في قم خلال السنوات الماضية لاعتى واقسى انواع المساومة والاضطهاد الذي عبر عنه اية الله مجتبى بن المهدي الحسيني الشيرازي بقوله ( ان الشموع في ايران تنطفئ اما بفقدان دينها واما بفقدان نفسها ) في تعليقه على رحيل السيد محمد رضا الشيرازي. وعلى اية حال فان ايران قد عرفت اربع نسخ مختلفة من الامام الخميني مثلما يقول حجة الاسلام محسن كديور الاولى هي( امام قم) والثانية (امام النجف) عندما تم نفيه هناك ثم (امام باريس) حيث وضع حجر الاساس لفكرة الجمهورية الاسلامية من دون ذكره لولاية الفقيه اما الامام الرابع فهو (امام طهران) عندما عاد منتصرا من منفاه الباريسي وبات القائد الاعلى والولي الفقيه المطلق السلطات . محمد رضا الشيرازي (فيلسوفاً) لا نرى مثل الكثيرين بان محمد رضا الشيرازي كان رجل دين عادي مثل المئات من خريجي الحوزة في النجف وقم الذين تقف حدود معرفتهم على النص الفقهي والتاريخي والقبول بالخطاب الرسمي التقليدي للمؤسسة الدينية الشيعية. كما انه لم يكن قائدا سياسيا لحركة او تنظيم ديني مثل التي يزخر بها العراق وايران ولبنان ضمن تصنيفات( مرجعية الميدان) او (المرجعية الصامتة )لكن الكثير من كبراء الفقهاء في فكر التشيع المعاصرين وجدوا فيه قدرة فذة على استخلاص الرؤيا الحداثية في الموروث الديني بما يقدم تصوراً جديداً لفكر اهل البيت ونظرية الامامة والتقليد في ظل معطيات المرحلة التأريخية الراهنة وتحدياتها . وكان يرى مثل الكثيرين ان ايران تقترب من نهاية مرحلة ولاية الفقيه التي ارتبطت بشخص الامام الخميني مثلما كان مدركا بان ادارة المجتمع تحتاج الى اكثر من المعرفة الفقهية .وهو وفق مانقراه في محاضراته(800محاضرة) وكتبه وخاصة (الترتيب) و(التدبر في القران)و (الرسول الاعظم رائد الحضارة الانسانية)و(سلسلة المهدوية) وكتابه الاخير (ومضات) وكانه يسعى بحذر الى صياغة نظرية اقرب منها الى الفلسفة الإحيائية للتصورات التي صاغها الامام جعفر الصادق وتفسيرات الفخر الرازي واستقراء معاصر لفكر العلامة الكليني والشيخ الصدوق والطوسي في مسعى منه لنفض غبار الخرافة والخروج من عبادة الفرد ومنع السقوط في فخ التراجيدية والخروج من محيط دائرة الاسطورة والعذابات في سيرة الائمة الاثني عشر. لقد سعى الشيرازي الى التأكيد على الدور الفكري والانساني والاخلاقي لمذهب الامامية الذي يلتقي ويتواصل بحبل سري غير مرئي للوهلة الاولى مع القران والسنة وعبقرية اول فيلسوف في الاسلام علي بن ابي طالب وحكمة نجله الحسن في الرضوخ المرحلي لاستحقاقات السياسة تمهيدا للثورة الحسينية ناسفا محاولة خلق التواصل غير المشروع بين غيبة الامام الثاني عشر لدى الشيعة ومحاولة ردم فراغ الفكر والسلطة التبريري الذي عرضه الامام الخميني حين انتقل رجال الدين في ايران من مثلث (المرجعية-البازار –السلطة) ليزيحوا طرف المعادلة الاخير مؤسسين لنوع جديد من الثيوقراطية الدينية التي ظنها البعض او توهم بانها استعادة للجمهورية الفاضلة لعلي بن ابي طالب لتكشف بعد فترة وجيزة عن وجه سلطوي قومي يمسك بضريح الامام علي الرضا بيد وحبل المقصلة باليد الاخرى . كان محمد رضا الشيرازي نموذجاً جديداً مكملا لرسالة علي شريعتي في فكره وتجديده وربما كان ذلك سبب مصرعه. وهذا التقييم الذي جاء بعد منحه درجة الاجتهاد والتقييم العلمي اكده معلميه اية الله العظمى الوحيد الخراساني والمرزا جواد التبريزي اضافة الى عمه السيد مرتضى الشيرازي . الا ان هذا المشروع العقائدي الكبير لمحمد رضا الشيرازي كان بحاجة الى سنوات طويلة اخرى لانضاجه وبلورته الا ان يد المنون كانت له بالمرصاد . ان قناة الانوار الفضائية التي يشرف عليها عائلة الشيرازي والتي سلطت الضوء على الراحل وفكره وفلسفته ساهمت في انجذاب الملايين لارائه وفلسفته وربما كانت السبب في اثارت حفيظة وامتعاض جهات رسمية ومرجعية في قم وطهران التي خشيت من تداول محاضراته وكتبه في الاوساط الشيعية في العالم . ففي احدى محاضراته ينتقد بشدة فكرت القائد الاوحد التي تدور حول فرد واحد يمسك جميع القرارات بيده مؤكدا ان عالم اليوم بحاجة الى مؤسسات ذات استمرارية في مواجهة ما افرزته العولمة من تحالفات دولية ضخمة وشركات متعددة الجنسية تستعين بمراكز الابحاث لصناعة الفكر والاعلام وتوجيه القادة متسائلا عن الاسباب التي قادت الى استمرار الهزائم العربية منذ عام 1967 وحتى اليوم, مؤكدا ان العقل الواحد لا يمكن مهما أوتي من قدرات ان يحيط بكل الزوايا مستشهدا بمقولة الامام علي بن موسى الرضا (ان ابي ربما شاور الاسود من غلمانه الذي ربما فتح الله على لسانه) ان الشيرازي يؤمن بان الحضارة مبنية على عنصر التراكم بينما يقوم نظام الفرد الواحد على الغاء كل ماانجزه سلفه ليبدا من نقطة الصفر . ان اكثر ماكان يقلق المؤسسة الدينية في ايران بعد الثورة لم يكن مسعود رجوي او ابو الحسن بني صدر او صادق قطب زاده او ابراهيم يزدي او غيرهم من الرموز السياسية التي تم تصفيتها او ازاحتها عن المسرح السياسي بعد ان احكم المتشددون قبضتهم القومية على السلطة مثلما لم يشكل الاصلاحيون الذين قادهم خاتمي أي تأثير فعلي على سياسة الدولة ومحاورها انما يكمن الخطر الاكبر من وجهة نظر السلطة في ايات الله الرافضين للانصياع( لخط الامام) وتشابكات ولاية الفقيه واستحقاقاتها السلطوية ,ان العديد من ايات الله الكبار في الحوزة لا يؤمنون بولاية الفقيه مثل اية الله محمد الشيرازي ووحيد خراساني وكانوا لا يرون لها أي مستقبل حقيقي . ان الكثير من الايرانيين يعرفون ان السيد علي خامنئي ليس لديه من المعرفه الفقهية ما يؤهله ليكون مرجعها اعلى وقد حاول ان يدير المجتمع بطريقة اية الله الخميني الذي مزج بين القيادة السياسية والدينية في ظرف تأريخي معين ربما لن يتكرر وبالتالي فان سلفه كان حريصا على عدم السماح ببروزاي قيادة او مرجعية تتسبب في استقطاب الشارع الايراني المفتون تأريخيا وفلسفيا بالمنقذ من نسل اهل البيت العلوي . كان محمد رضا الشيرازي المولود قريبا من قبة الحسين ابن علي في كربلاء قبل نصف قرن والمشبع بفكر الشهادة ووهج ملحمتها نموذجا مثاليا للمرجعيةوالقيادة الواعدة في ايران . فعندما ولد كان جده المرجع الاعلى للشيعة في العالم وبعد وفاته بسنوات اصبح والده من كبار مراجع الشيعة وحين ابعدت العائلة عن العراق خلال فترة النظام البعثي في العراق وتوجهت الى الكويت كانوا من اشد انصار الثورة الايرانية قاصدين الى قم للمشاركة في هذا المشروع الاسلامي الكبير الا ان افراد العائلة تعرضوا هناك الى الاعتقال والتحقيق معهم مرارا مما اضطر العديد من افراد الاسرة الى العودة الى الكويت . وفي احد المرات قام ضابط في المخابرات الايرانية بصفع السيد محمد رضا على وجهه ملقيا عمامته السوداء على الارض وكان لها دوي وتأثير في ضميره لم يفارقه حتى لحظة رحيله . جمهورية الموت منذ اول عصر الامام الخميني وحتى الخامنئي فقد تم اقصاء وتعذيب واعتقال كبار الايات الذين كانوا داخل ايران وساهموا في قيادة المعارضة ضد الشاه ومن بينهم اية الله العظمى شريعة مداري والطلقاني, حيث اغتصب السافاك كريمة الاول امام عينيه فيما تعرض الطلقاني لابشع انواع التعذيب الوحشي وكان سجانوه يتناوبون التبول على راسه حين كان يسجد للصلاة . تجدر الاشارة الى ان شريعة مداري هو الذي اقنع اية الله البروجردي بمنح الخميني درجة اية الله عام 1963 لمنع اعدامه من قبل الشاه لان الدستور الايراني انذاك كان يمنح من يصل الى هذه الدرجة الحصان ضد حكم الاعدام .لقد لقي شريعة مداري واية الله الطلقاني من الاهمال والتنكيل والاقصاء في زمن الجمهورية الاسلامية ما فاق التعذيب الذي لقياه في زمن الشاه وقد توفي الاثنان في ظروف غامضة . اية الله العظمى الميرزا محمد الشيرازي لقي هو الاخر من السجن والتعذيب والتشهير والاسقاط الديني والاخلاقي الكثير حتى توفي هو الاخر في ظروف غامضة . اية الله العظمى السيد محمد الروحاني لقي نفس المصير ومات في ظروف غامضة ورفضت السلطات الايرانية تشريح جثته بناءا على طلب اسرته . اية الله العظمى السيد الرستجاري قضى جل حياته في سجون الجمهورية الاسلامية اكثر مما بقي في داره ومات في ظروف غامضة ايضا الشيخ اية الله العظمى مرتضى الحائري لقي مصرعه بسبب التعذيب والسجن لسنوات طويلة ومات ايضا في ظروف غامضة . اية الله الشيخ الخاقاني لقي من التعذيب النفسي والجسدي مايفوق الوصف وبقي رهن الاقامة الجبرية حتى وفاته في ظروف غامضة . اية الله حسن القمي قضى عمره بين التحقيق والاقامة الجبرية حتى هذا اليوم . واذا ماتحدثنا عن كبار رجال الدين الشيعة خارج ايران فاننا سوف نرى ان مركز القرار الاعلى في قم قد تعامل مع هؤلاء بنفس التبرير والبرغماتية أي ان الذي ليس معنى من ايات الله فهو ضدنا. فقضية الامام الغائب موسى الصدر التي اقام الامام الخميني الدنيا ولم يقعدها بعد اختطافه في ليبيا عام 1977 تم تجاهلها تماما بعد قيام الحرب مع العراق بسبب دعم القذافي العسكري والسياسي للجمهورية الاسلامية ضد العراق رغم صلة المصاهرة بين العائلتين وزيارة السيدة رباب الصدر وتوسلاتها بالقادة الايرانيين للكشف عن مصير الامام الغائب والتي ذهبت سدى حتى هذه اللحظة . فيما لقي اية الله العظمى محمد حسين فضل الله الامرين من دسائس وعدوانية ايات الله في طهران وقم شملت حتى الطعون الاخلاقية والتشكيك الفقهي ,فيما نال اية الله العظمى محمد صادق الصدر في العراق حصته من بيانات التشكيك الديني والطعن في مرجعيته في اوج صعوده الى قمة المرجعية الدينية في الكوفة عام 1998 التي سرقت بريق قم حيث قدمت ايران مانعتقده الغطاء لجهاز الاغتيالات الخاصة في عهد صدام حسين بعد نشر كراس من 36 صفحة نسب الى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية يشكك ويطعن بمرجعية الصدر ويعتبره لعبة من الاعيب دكتاتور العراق السابق . وحتى هذه اللحظة فان كثير من المعلومات الاستخبارية تثير الشكوك حول تورط المخابرات الايرانية او خلاياها في العراق بتصفية اية الله العظمى محمد باقر الحكيم الذي انتهج خطا عروبيا وسياسة تهدف الى التوحيد الطائفي اذ تم اغتياله في تلك الجمعة قبل يوم واحد من مؤتمر الوحدة الشيعية والسنية الذي كان مقررا عقده في سامراء في اليوم التالي . لقد عرف عن الشيرازيين تمسكهم التأريخي ومعارضتهم وتصديهم للاحتلال في العراق وايران ولا يمكن التطرق الى المشروطية او ثورة العشرين والدفاع عن نهج الامامية دون ان يرد ذكر لهذه العائلة . فموقفهم المتحفظ على ولاية الفقيه من منظور مذهبي لم يتعارض مع تأيدهم ودورهم في بناء الجمهورية الاسلامية في ايران الا انهم في ذات الوقت الذي انتقدوا فيه القوى الشيعية في العراق لدورها في المشروع الامريكي وابدوا ملاحظات كثيرة على موقف المرجعية العليا في النجف ازاء مايحدث في بلاد الرافدين محذرين من انعكاسات ذلك على علاقات الشيعة العرب باخوانهم السنة في المحيط العربي والاسلامي فانهم انتقدوا ايضا التدخل الايراني في العراق وتحويل هذه الدولة الى ساحة لتصفية الحسابات الايرانية -الامريكية على حساب دماء العراقيين واشعال نار الفتنة الطائفية في المنظقة برمتها . ان محمد رضا الشيرازي دون الدخول في ملابسات موته الغامض وترجيح فرضية تصفيته جسديا كان ينتظر الشهادة داخل ايران مثلما فعل من قبل محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر في عهد صدام حسين لانه كان على قناعة بان هذا المصير هو الوحيد الذي يجعل مستوى عطائه الجسدي بمستوى ادراكه الفكري بدليل رفضه لجميع توسلات عمه واشقائه في الكويت الذين حصلوا قبل اسابيع من اغتياله على معلومات من داخل ايران تؤكد عزم السلطات على تصفيته لكنه كما يبدو فضل النهاية بهذه الطريقة . و في اللحظات الاخيرة التي سبقت موته اقدم على كتابة وصيته في قصاصة ورق صغيرة دسها في ردائه وكانت الشيء الوحيد الذين سمح به جلادوه. واذا كانت عائلة الشيرازي قد صمتت على تصفيته تحت تأثير الصدمة في اليوم الاول الا ان جميع مقلديها واتباعها قد حصلوا على بيان وزع على شبكة الانترنيت يحمل السلطات الايرانية مسؤولية اغتيال السيد محمد رضا الشيرازي في وقت كانوا فيه يستعدون للاحتفال بمرور عام على استشهاد اية الله حسن الشيرازي مؤسس الحوزة في سوريا . لازالت كثير من ملابسات رحيل محمد رضا الشيرازي طي الكتمان وقد رفضت عائلته في البداية التعليق على الانباء التي ذكرت ان المخابرات الايرانية رفضت تسليم الجثة او تشريحها ولم يصدر عن المستشفى التي اصدرت شهادة الوفاة ذكر الاسباب الحقيقية لذلك الا ان صورة التقطت سرا له خلال تغسيل جسده اظهرت وجود كدمات منتشرة في جميع الاجزاء مما يرجح لدى خبراء الطب العدلي فرضية تعرضه لمادة سامة غير معروفة . غير ان السيد مرتضى الشيرازي اشار صراحةً الى ان نجل شقيقه قد تعرض للاغتيال وفيما رفض السيد احمد الشيرازي التعليق على الامر كان اية الله مجتبى الشيرازي الاكثر جرأة حين اتهم علي خامنئي بانه يتحمل مسئولية هذه الجريمة ذات الطابع السياسي فيما بث شريط التعليق على قناة الانوار اسم السيد محمد رضا الشيرازي مسبوقا بعبارة (الشهيد والمغدور). لم يكن غريبا ان يتم استقبال وتشييع الراحل بهذه الحشود التي تجاوزت نصف مليون من العراقيين الذين احبوا هذا المفكر ذي الرؤيا الثاقبة والادب الرفيع والمتمسك بصدق بمنهج اهل البيت وتواضعهم ورفعتهم فقد عاد ثانية الى الارض التي ولد فيها واحبها وعشقها ومات من اجل الدفاع عن المبادئ التي حملها الحسين ابن علي وال بيته واصحابه في الوقوف بوجه الباطل والانحراف عن قيم الرسالة المحمدية اضافة الى تأكيد موقف الملايين من العراقيين الرافضين للتدخل الخارجي في شؤون بلادهم تحت أي ذريعة سياسية او مذهبية . ولعل اصدق عبارة قيلت في اللحظة التي اوري فيها السيد محمد رضا الشيرازي الثرى هي تلك التي اطلقها العلامة عبد الحسين القزويني قائلا(لقد سلك عمره مظلوما مقهورا ....ولقد عاد اليكم سيدي ابا عبد الله مقهورا مظلوما ). رحم الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي يوم ولد..... ويوم استشهد..... ويوم يبعث حياً مع الشهداء والصديقين .....
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |