|
منذ فجر التاريخ وولعصرنا الحاضروالاستبداد ظاهرة ملازمة لكافة الانظمة الاسرية والحكومات الفرعونية والامبراطورية ولاتنفك عن الاستعباد وان اختلفت النظريات والاساليب والاليات .. ويعد ظهور الاسلام بحق نقلة نوعية عظيمة في تفكيك اسس افة الاستبداد وتحرير مسارالانسان من عبوديات البشر ومنحه حقوقه واطلاق حرية ارادته وفكره من خلال حزمة من التشريعات والتطبيقات ..لكن البحث اوسع جدا في ماحصل من نكوص عن تلك القيم العظيمة بل سحقها وبمجرد ارتحال الرسول (ص) الى الرفيق الاعلى ولحد الان ..ومن خلال اكداس من التصرفات الاستبدادية وما يدعمها من الموضوعات (فتاوى الرأى)والتأويل اصبحت ترقى الى مستوى النص المقدس واكثر من الاستشهاد بها والاعتماد عليها حتى اصبحت اشكالية وكل ما اقوم به هوالقاء الاضواء على مسارات اساسية لمفاصل الحركة المضادة (الانقلاب على الاعقاب) ..وهنا اود ان اشير الى مطالب يستلزمها بحث الاستبداد في الاسلام وذلك لخطورة هذا البحث وعدم اعتناء منظري الاسلام السياسي به وتكييف نظام شرعي اسلامي معاصر من جهة ولاهميته من جهة اخرى لما يتخذ منه وسيلة لاتهام الرسالة بتشجيعه وما يستلزمه من التخلف والارهاب ولتشعبه في مضان مواضيع لايمكن تجاهلها لشديد ارتباطها به كنشوء المذاهب والتعصب الطائفي وتزييف النصوص وحتى طمسها واختراع اليات لتبريرالاستبداد وكون مجتمعاتنا لازالت الى الان غارقة في مستنقعاته وان تذرعت الدول بلبوس متعددة لنفيه عنها كالاصلاح والديمقراطية وحقوق الانسان لكنه اصبح ثقافة سائدة ..وحاولت ان اجمع بين الاصالة والتوثيق وبين الحداثة والتحليل والاختصارغير المخل ماستطعت الى ذلك سبيلا وتعمدت ان لا استعين بغير المصادر السنية لكونهم الحكام للعالم الاسلامي في طول تاريخه ومنهم شيوخ فتاوى الاستبداد والمعارضون .. ولا اقول اني احطت بهذا البحث الواسع والشائك وافيت البحث حقه حيث لاتعدوا الا محاولة جهد المقل من القاء اضواء على مطالب اساسية (الاستبداد والشورى والديمقراطية ) والعذرمن القصور والتقصيروما التوفيق الا منه سبحانه. شجب ظلمات خلافة السقيفة : وببصيرة الباحث وموضعية العالم يفند الشيخ علي عبد الرزاق ماقيل حول قدسية الخلافة والخلاف حولها وعن شهوة الحكم التي تسلطت على الخلفاء حتى جعلت ( الخلافة ) لاتقوم الا على الاستبداد والقهر والظلم :( واذا كان في الحياة الدنيا شيء يدفع المرء الى الاستبداد والظلم ويسهل عليه العدوان والبغي فهومقام الخليفة وقد رايت انه اشهى ما تتعلق به النفوس وا هم ما تغار عليه واذا اجتمع الحب البالغ وامدتها القوة البالغة فلا شيء الا العسف ولا حكم الا السيف ) علي عبد الرزاق الاسلام واصول الحكم ص28وجاء في كتاب جماعات التكفير في مصر د. عبد العظيم رمضان ص23 ما طراء من تناقض في نظام خلافة مدرسة السقيفة وذكر مجازر الخلفاء ما حدا بالشيخ علي من شن هجوم على فكرة الخلافة كنظام سياسي في الحكم ونفي وجود سنة لها من القران وسنة النبي (ص) وندد بدورها في التاريخ الاسلامي قائلا :( شعائر الله تعالى ومظاهر دينه الكريم لا تتوقف على ذلك النوع من الحكومة الذي يسميه الفقهاء خلافة واولئك لذين يسميهم الناس خلفاء فليس من حاجه الى تلك الخلافة لامور ديننا ولا لامور دنيانا ولوشئنا لقلنا اكثر من ذلك فانما كانت الخلافه ولم تزل نكبة على الاسلام المسلمين وينبوع شر وفساد )10الاسلام ونظام الحكم وان التاريخ لا يذكر لنا خليفة ( الا وقترن في اذهاننا بتلك الرهبة المسلمة التي تحوطه والقوة القاهرة التي تظله والسيوف المصلتة التي تذود عنه ويدعوا الى التخلص من ذلك النظام بقوله ( لا شيئ في الدين يمنع المسلمين من ان يدينوا ذلك النظام العتيق -الخلافه - الذي ذلوا به واستكانوا اليه وان يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم على احدث ما انتجت العقول البشريه )الشيخ علي عبد الرزاق -الاسلام واصول الحكم -القاهره ص36 وقال :(ان التاريخ الاسلامي لا يكاد يعرف خليفة الا عليه خارج ولا جيل من الاجيال مضي دون ان نشاهد مصرعا من مصارع الخلفاء وانه على الرغم من ان الخلافة- من الناحية النظرية تقوم عند المسلمين على اساس البيعة الاختيارية الا انها من الواقع لم ترتكز الا على اساس القوة والرهبة وحد السيف . وقال ان المسلمين ليست بهم حاجة الى تلك الخلافة وان ينزه الله سبحانه وتعالى عن ان يجعل صلاح المسلمين وفسادهم رهنا بالخلافة وتحت رحمة الخلفاء وانما ترك الله للمسلمين الحرية في الاختيار النظم السياسيه التي تهدي اليها عقولهم وعلومهم ومصالحهم ) .ويمضي بعد ذلك مشددا النكير على كل من يدعي ان من اتى بعد الرسول وتزعموا المسلمين من بعده ومن بينهم الخلفاء الراشدون لم تكن زعامتهم دينيه اوانما سياسيه ودنيويه وليست قائمه على اساس الدين وان كل ما قاموا به هوتستر باسم الدين وكيف ان ابي بكر هوالذي اطلق على نفسه لقب خليفه وان بيعته كانت فلته وقى الله المسلمين شرها حسب قول خليفته عمر ابن الخطاب ومن ثم فان حكمه كان حكما مدنيا واجتهادا وكان اجتهاده دنيوينا لا علاقه بفكره الدوله الدينيه . ان الخلفاء والسلاطين استبدوا بالمسلمين وحجبوا عنهم نور الحق واذلوهم باسم الدين وحرموا عليهم النظر في امور السياسه باسم الدين وخدعوهم وضيقوا على عقولهم في فهم الدين فصاروا لا يرون غير الدين مرجعا حتى في امور الادارة الصرفة والسياسة الخاصة وادى ذلك الى موت ملكة التفكير الرصين عند المسلمين ) ومن فر منا ببعض البصر وواجه الدنيا بعينيه فانبهر يضل الرعب يصاحبه والخوف يسربله لا يستطيع البوح باسراره والافصاح عن ارائه والاعلان عن معتقداته فان جادت الاحوال وانفرجت الاجواء فلا تخفق من الحقائق الا نسمات وما تجود به الا نتفا وكمصت الوشل وثماله الكاس. واقع عصور الخلافة : وعن صورة واقع عصور الخلافة وتنكبها الرسالة يؤكد احمد امين ان حالة الخلافة في تلك الفترات :( كانت تسود فيه النزعه الجاهليه لا النزعه الاسلاميه )16 من غلبت خلفاء بني امية على سدة الحكم بحد السيف واستعلوا على الناس وتعسفوا في العصبية مع الامم وساموا الاخرين سؤ العذاب ثم اتى بنوالعباس على رماح فارسيه فساد الموالى وملاوا القصور والمراكز الرئيسيه واعتلى سلاطين الاتراك الخلافة بالقهر والمكر وسلطوا طغام زبانيتهم وذؤبان الانكشارية على المجتمعات يسومونهم سوء العذاب. حتى ان الباحث ليذهل لاول وهله مما يرىمن مفارقات عجيبه ومطارحات غريبة ومشاكل عويصة يستعصي فهمها على نمرقة جادة الحق وطريق العدل لما يلفها من تناقض بين النصوص والتأويل وما يعتريها من الغموض والابهام حتى لييعجز عن فك رموزها لتعقيدات شفرتها ..!!لذلك يلاحظ على الكتاب نمطين :فإما يكون غير متحري للحقيقه ومجانبا للموضوعيه ممن يدس راسه في التراب وياخذ الامور على علاتها والاحداث على عواهنها من غيرتمحيص ولا تحقيق اما لخوف اوعصبية وهوى واستكبار وما لطمع متبعا عما جاء عن الاسلاف وكانه حجة بالغة ورسالة منزلة ويعتقد الشيخ علي عبد الرزاق ان خوف البعض من اعلان ارائهم وان خالفت راي الجموع ( ليس بانفع للبشرية من اهل البلد الذين لايميزون بين خير وشر بل ربما كان اولئك في سكوتهم عما يعرفون وفي اعراضهم عما انكشف لهم من الحق احط درجه من الحمقى والمغفلين ) ( فالذي ينقصنا هوالشجاعة في الراى وقول الحق من غير تردد ولا رياء فهنا ميبداء الكمال الانساني وهنا تختلف اقدار الرجال ... مصلح ومفسد وشجاع وجبان ) 11 تتقاذفه تقلبات الاهواء وتصادمها معه المصالح وتعارضه الوقائع لاتأثرفيه ويغض الطرف عنها ماسعه ذلك ويتستر عليها وبل يبررها ويلتمس لهاالمعاذير ويدافع عنها حيث الغشاوة على العيون والطمس على القلوب .فهذه تلازمنا فما نكاد نولد ونفتح اعيننا حتى يتلقفنا الكبار من حولنا ويقودوننا ويلقنوننا : (فلا نبصرالاشياء الا با عينهم ولا نسميها الا بما وضعوالها من اسماء وما اضفوا عليها من صفات وسمات .... لقد وسموا عقولنا ومهروا افكارنا بهذا المصير:ان نفقد جدتنا ومنذوا طفولتنا وفي شبابنا يصموا اذاننا بالصيحه الاولى والى الكبر والاذان تصاب بالصمم والقلوب بالوقر والافئده بالطمس ومن انفلت من الشباك كانت كلاب الامراء في الارض تطارده وصقورهم لهوبالمرصاد تلاحقه فان كتب له النجاة وفر بريشه تلاقفته سهام الصائدين وسيوف الذباحين فالظلم والجور ضارب باطنابه فلا يدري الى اين المفر وتضيق عليه رحاب الله بما وسعت فكانت عصور ألخلافه كما يقول الشيخ محمد الخضري في اتمام الوفاء في سيره الخلفاء ص 191 (وتنوسي الحال واستفحل الملك وكانت عروق الجاهليه تنبض ووجدوا الرياسه حكما مدنيا سياسيا قبليا . وليس له رابطه بصحيح الدين سوى ظاهر البرقع .) ولذلك غيرت الاحكام وحرفة السنن وكثرة البدع ويذكر العلامة المقريزي في خططه ج2 ص 271 بيان سبب تغيير صورة الاذان وما اضيف اليه وما ذا انقص مه وما ارتكبه خلفاء بني العباس من نقض سنن المصطفى اتباعا للهوى (فلما استولى العجم وترك خلفاء بني العباس الصلاة بالناس ترك ذالك كما ترك غيره من سنن الاسلام ). مقارعة المستبدين : روى مسلم في صحيحه عن رسول الله(ص) قوله :( ما من نبي بعثه الله في امة قبلي الا كان له من امتة حواريون واصحاب ياخذون بسنته ويقتدون بامره ثم انها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهومؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهومؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهومؤمن ليس وراء ذلك من ايمان حبة خردل ) غير ماذكر عن الثورات الكبرى التي لايمكن تجاهلا والتي دونت في العصور العباسيه حتى هذه زوروا وقائعها وطمسوا معالمها وشوهوا اهدافها اسوتا بواقعنا الحالي المعاش.وهنا ننقل نتف من الاحاديث الصحية عند العامة من التمسك بالسنة النبوية الشريفة وجاء في الترغيب والترهيب للمنذري ج1 ص80 عن ابن عباس عن النبي (ص) قال:( من تمسك بسنتي عند فساد امتي فله اجر مائة شهيد ) وجاء في الترغيب ج1 ص 83 عن جابر قال :رسول الله (ص) (اما بعد فان خير الهدي هدي محمد وشرالامورمحدثاتها وكل بدعة ضلالة ) رواه ابن حبان في صحيحه. وجاء في الترغيب ج1 ص84 عن عائشه عن رسول الله (ص) قال :( سته لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي الزائد في كتاب الله عز وجل والكذب بقدر الله والمتسلط على امتي بالجبروت ليذل من اعزه الله ويعز من اذله الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والتارك لسنتي ) رواه الحاكم في المستدرك زابم حبان في صحيحه والطبري في الكبير وهذ الحديث والذي بعده يعطي دلالة واضحة على حدوث التلاعب بالسنة ويؤكد حدوث البدع والضلالات وان رسول الله (ص) يدعوا ويطلب من الامة ان تحي سنته من بعده لكثرة الكذب والتزوير فيها . الترغيب ج1 ص91 عن رسول الله (ص) قال : ( من احيا سنة من سنتي قد اميتت بعدي كان له من الاجر مثل من عمل بها من غيران يترك من اجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل اثام من عمل بها لاينقص ذلك من اوزار الناس شئا ) الترغيب ج1 ص 90 قال : رسول الله (ص) ( من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها من بعده من غير ان ينقص من اجورهم شيئ ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير ان ينقص من اوزارهم شيئ ) رواه مسلم في صحيحه والنسائي وابن ماجه والترمذي .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |