نزار حيدر

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

 قراءة في حلقات

 ان العراق الجديد الذي يحتاج الى ثقافة جديدة، لا بد ان تعتمد التغيير الذاتي اولا.

 هذا ما اتفقنا عليه في الحلقات الماضية من هذه القراءة.

 وقلنا، بان من الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد، هي؛

 اولا: ثقافة الحياة

 ثانيا: ثقافة التعايش

 ثالثا: ثقافة المعرفة

 رابعا: ثقافة الحوار

 خامسا: ثقافة الجرأة

 سادسا: ثقافة الحب

 سابعا: ثقافة النقد

 ثامنا: ثقافة الحقوق

 تاسعا: ثقافة الشورى

 عاشرا: ثقافة الاعتدال

 لماذا نحن متطرفون في كل شئ؟ فإذا أحببنا أحببنا بتطرف، وإذا كرهنا كرهنا بتطرف، وإذا قرأنا قرأنا بتطرف، وإذا حاورنا حاورنا بتطرف، وإذا عارضنا عارضنا بتطرف، وإذا أيدنا أيدنا بتطرف، وإذا انتقدنا انتقدنا بتطرف، وإذا تصالحنا تصالحنا بتطرف، وإذا تقاتلنا تقاتلنا بتطرف، وإذا دافعنا دافعنا بتطرف، اليساري عندنا متطرف، واليميني عندنا متطرف، الديني عندنا متطرف، واللاديني، كذلك، عندنا متطرف، القومي عندنا متطرف والاممي عندنا متطرف، العالم عندنا متطرف والجاهل عندنا متطرف، الحكومة عندنا متطرفة والمعارضة، كذلك، عندنا متطرفة، لماذا؟ لماذا لا يوجد في قاموسنا الثقافي شئ اسمه الاعتدال؟ ولماذا غابت الوسطية عن حياتنا اليومية؟ وماذا لو استمر التطرف هو الحاكم في كل شئ، في ثقافتنا وفي فكرنا وفي سياستنا وفي حكومتنا وفي معارضتنا، وفي كل شئ؟.

 إن التطرف يدمر الحياة ويدمر الإنسان، لان الله تعالى خلق الحياة متوازنة وموزونة في كل شئ، ولذلك فهي متنوعة ومتعددة ومتكاملة في آن واحد، أما التطرف، فلا يرى الأشياء إلا بعين واحدة ولا يقراها إلا بلون واحد، ما يعني أن التطرف، بطبيعته، يلغي الحياة لأنه يلغي التعدد والتنوع والتكامل والتعايش، ولذلك فان التطرف بكل أشكاله من الأمور المذمومة التي يحذر منها الإسلام كما يحذر منها العقلاء، فالتطرف هو بداية التدمير الذي تصاب به الأمم والمجتمعات، فكان الإسلام وسطيا، كما في قول الله عز وجل {وجعلناكم أمة وسطا}.

 تعالوا أولا نعرف لماذا يتطرف الإنسان؟.

 برأيي، فان هنالك عدة أسباب للتطرف الذي يصيب تارة الإنسان - الفرد، وتارة يصيب الإنسان - المجتمع، أي عندما يكون المجتمع كله متطرفا، والأسباب هي؛

 أولا؛ النظر إلى العالم من زاوية واحدة، ورؤية الأشياء بلون واحد، ما يرسم عند المرء صورة ناقصة أو مشوهة عن الأشياء والأمور والقضايا التي تدور من حوله.

 ينبغي أن ننظر إلى الأمور بعينين، واقصد بهما، عين الرضا وعين الرفض، عين الحب وعين البغض، كما ينبغي أن ننظر للأشياء بكل ألوانها الطبيعية، فلا ننظر للون ونغمض العين عن بقية الألوان، لان ذلك يضلل الرؤية ولا يساعد على التوصل إلى الحقيقة أبدا، ما يسبب التطرف في الموقف أو الفهم والوعي.

 ثانيا؛ عندما نتصور أن الصورة التي في الذهن هي الحقيقة المطلقة، فلا وجود لغيرها، فان هذا التصور يدفعنا إلى أن نتطرف، في الوقت الذي يجب على العاقل أن يترك مساحة ما لآراء وأفكار ورؤى الآخرين، من منطلق استحالة امتلاك الإنسان، أي إنسان، للحقيقة المطلقة، فلماذا أتطرف لصالح ما أراه، ولا اترك الباب مفتوحا للعقل ليستوعب الرؤى الأخرى، بغض النظر عن قناعتي بها من عدمها؟.

 إن الحياة كالبستان، يتصور من يدخلها من الباب التي تقوده إلى أشجار البرتقال، أنها بستان برتقال، ويتصور من يدخلها من الباب التي تقوده إلى أشجار العنب أنها بستان عنب، ويتصور من يدخلها من الباب التي تقوده إلى أشجار النخيل أنها بستان نخيل، وكل هذه التصورات خطأ لا أساس لها من الصحة، والحقيقة هي أنها بستان فيها كل هذه الأشجار، فهي بستان برتقال وعنب ونخيل وكل شئ آخر، وان الخطأ في التصور ناتج من الاستعجال في إصدار الأحكام، قبل اكتمال الصورة، فلو كان المرء قد صبر قليلا وسعى إلى أن يدخل البستان من كل أبوابها، أو أن يدور ويتجول في كل أجزائها قبل أن يصدر حكمه، لما قال أنها بستان برتقال فحسب أو بستان عنب فقط.

 الحياة، كذلك، فيها الحقيقة مقسمة ربما عند كل الناس، لا يمكن الوصول إليها قبل الاطلاع على كل الأجزاء، ويخطئ من يتسرع في إصدار أحكامه على الأشياء قبل أن ينظر إلى كلها، فلا يقتصر بالرؤية إلى جانب دون آخر أو لون دون بقية الألوان.
 إن من ينظر إلى الأشياء في هذه الحياة بهذه الطريقة المعوقة والناقصة، ستقوده رؤيته إلى التطرف، وتاليا إلى الهلاك، لان التطرف ليس طريقا للوصول إلى الحقيقة أبدا.

 أنا لا أقول أن علينا أن نقبل بكل ما نسمعه أو نقراه، أبدا، وإنما أدعو إلى أن نسمع كل شئ ونقرا قبل أن نصدر الحكم، فقد تكون الحقيقة أو جزء منها فيما اسمعه من الآخر أو أقراه عن الآخر، فلماذا أحول فيما بيني وبين الحقيقة أو جزئها؟ والتطرف هو الجدار الفاصل الذي يفصل الإنسان، عادة، عنها.

 حتى القران الكريم يوصي بذلك، كما في قوله عز وجل {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب} أي أن الله تعالى جعل طريق المعرفة والوصول إلى الحقيقة وجادة الهداية في الاستماع، من دون أن يحدد هوية من نستمع إليه، لأنه تعالى وزع أجزاء الحقيقة على بني البشر، ثم دعاهم إلى أن يستمع بعضهم إلى البعض الآخر، في مسعى إنساني للوصول إلى الحقيقة أو بعضها، وإذا كان الخالق جل وعلا قد دعانا إلى ذلك، فلماذا نصم آذاننا ونغمض عيوننا ونرفض الإصغاء قبل أن نصدر الحكم؟ ونتسلح بالتطرف لنرفض الآخر بلا شروط أو حدود؟.

 ثالثا؛ اعتداد المرء بنفسه أو بمن يعتقد به، لدرجة العبودية، بعد أن يصنع من نفسه أو من معبوده صنم من دون الحقيقة، فلا يقبل أن يقال له على عينيك حاجب، كما يقول المثل العراقي المعروف، كما لا يسمح أن يسمع همسا أو لمزا عن معبوده الرمز، وإلا سحب خنجره ليسيل الدم الحرام.

 فعندما يظن الإنسان بأنه علامة زمانه وانه بطل عصره وانه يعلو ولا يعلى عليه، وانه افهم الناس وأوعاهم وأشجعهم وأكثرهم إقداما، وان الآخرين لا يفهمون ولا يعرفون شيئا، وان معبوده علم لا يضاهيه احد في العلم والمعرفة بنظره الثاقب وعقله الراجح، ما يلزم أن يعبد من دون الله تعالى، وعندما لا يرى الإنسان إلا نفسه ولا يعتقد إلا بها، ولا يتلمس إلا آثارها، وان كل الناس في طريقهم إلى النار إلا هو، فإلى الجنة، وان كل العالم على خطأ إلا هو على صح مئة بالمائة، ولان كل الناس لا يفهمون، فلذلك عليهم أن يتبعوه في كل صغيرة وكبيرة، ومن يأبى فالقتل مصيره، وان على العالم كله أن ينبطح أمامه كالجسر ليعبر عليه إلى حيث يريد، وان على الجميع أن يتصاغر أمامه لأنه العملاق الوحيد، إن الإنسان عندما يفكر بهذه الطريقة ويتصرف على هذا الأساس، فيتعصب في الدفاع عن نفسه أو عن معبوده، يتطرف بالتأكيد لأنه لا يرى إلا نفسه أو معبوده، وان الأقوام التي عبدت رموزها، أنبياء كانوا أو مصلحين، من دون الله تعالى إنما بسبب تطرفها في الاعتقاد بهم ما ساهم في تحويلهم إلى أصنام عندهم، والى هذا المعنى تشير الآية المباركة، في كتاب الله العزيز {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} فعندما سئل المعصوم عما إذا عبدت تلك الأقوام أحبارهم ورهبانهم بمعنى عبادتهم لله تعالى، أي هل أنهم سجدوا لهم؟ أجاب بالقول (لا، ولكن أمروهم فأطاعوهم، طاعة عمياء أبعدتهم عن عبادة الله عز وجل والتسليم إليه).

 وان إنسانا يتصرف بهذه الطريقة، يفكر في أن يرغم الآخرين على الإيمان بما يؤمن به، ظنا منه بأنه قادر على أن يصبغ كل الحياة والبشرية باللون الذي يحبه، فيتطرف ثم يستخدم كل الوسائل لتحقيق ما يصبو إليه، سعيا منه لإلغاء الآخرين، وهنا تكمن المصيبة.

 لعل هذه هي أهم الأسباب التي تخلق حالة التطرف عند الإنسان، إلى جانب عامل التربية التي ينشا عليها الإنسان منذ الصغر والتي تقوم، في مجتمعاتنا، على التطرف في الحب والبغض والقبول والرفض والتربية والتعليم.

 وكلنا يتذكر كيف ترعرع كل واحد منا في بيئته، والتي علمتنا التطرف في التعامل مع الأشياء، فنشانا متطرفين في الفهم، ومتطرفين في رؤيتنا للأشياء وللآخرين، بعيدا كان هذا الآخر أم قريبا جدا منا، ومتطرفين في الدفاع عمن نحب أو محاربين ضد من لا نحب، فتحول التطرف إلى جزء لا يتجزأ من كياننا الذاتي، يكبر كلما كبرنا وتقدمنا في العمر، حتى بتنا نتقاتل بالنيابة عن الآخرين، الكبار عادة، من الذين لم نرهم في حياتنا، أو مروا علينا مرور الكرام في نظرات أو لقاءات واجتماعات عابرة وعن طريق الصدفة ومن دون قصد.

 تأسيسا على ما تقدم، ينبغي لنا، ونحن نسعى للمساهمة في بناء العراق الجديد، أن نغير طريقة التربية في المنزل وأسلوب التعليم في المدرسة، ووسائل العلاقات مع الآخرين، في المحلة ومكان العمل والسوق، وفي كل مكان، فنبدأ نتعلم ثقافة الاعتدال في كل شئ، لنقضي على ظاهرة التطرف في سلوكياتنا، والتي إن استمرت، كجزء من كياننا الشخصي والاجتماعي، فسوف نفشل في تحقيق قيم التعايش والاعتراف بالآخر، واحترام رأي الآخرين، ورجالات الآخرين ورموزهم، فمهما اتسعت دائرة الاختلاف في الرأي، ومهما اختلفت الانتماءات الدينية والمذهبية والاثنية والمناطقية، لا بد لنا أن نتعايش، وان المرء المعتدل في تفكيره وأسلوبه ووسائل حواره، هو الذي يمكن أن يقرب المسافات مع الآخرين مهما اتسعت، والعكس هو الصحيح، فالإنسان المتطرف في تفكيره وطريقة حواره مع الآخرين، يوسع الهوة والفجوات مع اقرب الناس إليه، لان بعد المسافة وقصرها بين الناس لا يحددها حجم الاختلاف في الرؤى والأفكار، وإنما تحددها طريقة التفكير والأدوات المستعملة في الحوار.

 حقا، إن من المعيب جدا، أن نرى كل هذه الفجوات والهوات السحيقة بين أبناء البلد الواحد، بل بين أبناء المذهب الواحد، بل بين أبناء البلدة الواحدة، بل بين أبناء التيار الفكري أو المرجعي أو الثقافي أو السياسي الواحد، ولذلك بتنا نشهد انشطار التيار الواحد إلى أجزاء متناثرة ومتباعدة، وعلى الطريقة الأميبية، أي بطريقة الانقسام الهندسي، ليس إلا بسبب حالة التطرف التي تتحكم في عقول الناس، وحالة التطرف التي تسيطر على طريقة تفكيرهم، بل وعلى وسائل تعامل بعضهم مع البعض الأخر، لدرجة بتنا نشهد الاقتتال الداخلي كمشهد يومي بين أبناء العائلة الواحدة، لان احدهم لا يتحمل الآخر في حوار أو نقاش أو جدال في أية قضية من القضايا، فتراهم إذا ناقش الأشقاء قضية تخص المرجعية تعصب كل واحد منهم إلى صاحبه فيتحول النقاش بعد قليل من الحوار إلى ساحة للمعركة الحقيقية، وإذا طرحت قضية سياسية للنقاش فيما بينهم تطرف كل واحد منهم إلى حزب أو جهة، ليتحول الحوار بالكلمات إلى حوار بالرصاص، وإذا ناقشوا قضية دينية أو مذهبية أو تاريخية تطرف كل واحد منهم لصالح الاتجاه أو الفكرة التي يراها ولا يرى غيرها، لتتشابك البنادق فوق رؤوس العائلة الواحدة، وهكذا، فيما كان من الممكن أن يواصل المتحاورون نقاشهم وحديثهم باعتدال بعيدا عن التطرف والتعصب الأعمى، فإما أن يصلوا إلى نتيجة مشتركة أو أن يؤجلوا جلسة الحوار إلى موعد قريب آخر، علهم يعيدوا الكرة من جديد فيصلوا إلى نتيجة مرضية للجميع، أو إلى بعضها، كأن يأتي كل واحد منهم إلى منتصف الطريق كحل توافقي ونتيجة متوازنة،أو أن يتقاطعوا في الرأي ويتناقضوا فيحتفظ كل واحد منهم برأيه ويحترم رأي الآخر (على محبة الله) كما يقولون، أما أن يتحول كل حوار إلى شجار، وكل نقاش إلى عراك، وكل جدال إلى معركة أو حرب استنزاف مفتوحة وبلا أفق منظور، فتلك هي الجريمة بعينها، لان هذه الطريقة لا تبقي على صداقة ولا تحافظ على أخوة ولا تستر عرضا أو مالا ولا تصون دما، وهذا ما نراه ونلمسه اليوم في العراق، وللأسف الشديد، وكله بسبب التطرف وغياب الاعتدال والوسطية.

 في كل المجتمعات، فان الحوار هو الوسيلة التي يختارها الناس للتقارب والتفاهم وتاليا للتعاون، إلا في مجتمعنا، فان نتيجة أي حوار، عادة، الخصام والقطيعة وتاليا الحرب، لأننا نبني الأساس على قاعدة التطرف وعدم الاعتدال، فنجلس للحوار بأحكام مسبقة، متطرفة عادة، فكيف تريدنا أن نصل إلى نتيجة، وإذا سئلنا عن جلسة الحوار وأجواءها ونتائجها، ترانا نتباهى بكلمات العصبية والانتقام مثل (دمرته وأفحمته وكسرت رأسه وأرغمته) وكأننا لم نكن في جلسة حوار وإنما في ساحة معركة، ولذلك ترانا في جلسات الحوار مستنفرين كل قوانا السبعية، وجالسين لبعضنا (ركبة ونصف) كما يقول العراقيون، بانتظار أن يخطا الآخر أو يكبو لنوظف خطاه للقضاء عليه والتشهير به و (شره على الحبل) كما يقول العراقيون كذلك.

 لقد أوصانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، بان لا نسأل تعنتا، فلا نتحاور بعنف، وإنما نسأل لنعرف، فنتحاور من اجل أن نعرف لا من اجل أن نتخاصم، أو أن يكسر بعضنا رأس بعض، وكل هذا لا يمكن أن يتحقق فينا إلا بالاعتدال والوسطية، بعيدا عن كل أنواع التطرف، يقول أمير المؤمنين عليه السلام {سل تفقها، ولا تسأل تعنتا، فان الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، وان العالم المتعسف شبيه بالجاهل المتعنت}.

 أخيرا، علينا أن ننتبه إلى حقيقة في غاية الأهمية، قد تردعنا عن التطرف وتحول بيننا وبينه، ألا وهي، أن كل تطرف في اتجاه، سيقود صاحبه إلى تطرف في اتجاه مضاد بدرجة (180) درجة، طال الزمان أو قصر، وتلك هي حقيقة علمية أثبتتها تجارب الإنسانية، ولذلك علينا أن لا نتطرف في شئ، ونتذكر دائما بان مثل هذا التطرف سيقودنا إلى ضده، فلماذا لا نتسلح بالاعتدال لنختصر الزمن على أنفسنا وعلى الآخرين، وللتأكد من هذه الحقيقة والظاهرة الاجتماعية، أتمنى على كل واحد منا أن يعيد شريط أفكاره ومواقفه وعلاقاته، ليرى كم مرة تطرف في اتجاه ليناقضه، وبتطرف، في الاتجاه المعاكس، بعد حين؟ إذن، لماذا التطرف، إذا كانت نتيجته تطرفا معاكسا بعد حين؟.

 الحل، إذن، في أن نتسلح بثقافة الاعتدال في كل شئ وفي كل أمورنا، فلا نتطرف أبدا، لنضمن على الأقل استمرار الحوار بطريقة حضارية، وان اختلفنا في كل شئ، لنصون الدم والمال والعرض والأرض والحاضر والمستقبل و....أولادنا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com