|
نزار حيدر نـزار حيدر في حوار مع شبكة النبأ: إعداد وحوار: محمد حميد الصواف - كل شعب، عندما ينتقل من مرحلة الاستبداد جذريا، لا بد ان يمر بهذا المخاض - متى نبدأ بتغيير ما جبلنا عليه من ثقافات هدامة مترسبة في نفوسنا زرعها النظام المقبور؟ - العراق أصبح الآن جزءا لا يتجزأ من الأمن والمصلحة الإستراتيجية العليا لأميركا - لماذا يتخذ العراقيون النموذج الفيتنامي في المقاومة، ولا يتخذون النموذج الياباني؟ - مؤسسة النبأ من المؤسسات المتخصصة التي تتبنى نهجا استراتيجيا وليس تكتيكيا شبكة النبأ: منذ نعومة أظفاره ولج عالم المخاطر والشقاء، بعد أن أحس نبض النضال والسياسة يخفق في قلبه، تدفعهما الحاجة إلى الحرية والمساواة، فنذر قدره من اجل وطنه وقيم الإنسانية التي شب مقتنعا بها. أحب مدينته كربلاء واخلص لها كما أحبته ونهل من ثقافتها حتى أيقن أن لا بد للحق من ناصر ينتصر له مهما طال عهد الظالمين. تصدر الجموع وارتقى أعواد المنابر قاذفا بحمم كلماته وقصائده التي أضجرت السلطات مستصغرا في اندفاعه مهالك الاعتقالات التي نجا منها بأعجوبة في كل مرة. شهدت له سوح النزال جرأته وشجاعته في التصدي لسياسات القمع والاستبداد التي انتهجها النظام البائد. يعرفه المقربون منه قارئا نهما مقتفيا آثار العلم والفكر بشتى ألوانه، فلم تستطع السياسة، رغم شغلها لمعظم وقته، أن تسرقه من عالمه الخاص أو تسقطه من أحضان الثقافة وشؤونها ليشق طريقه في مضمارها بتواز مع مشواره السياسي مستسقيا من مزيج الاثنين معا علقما وحلاوة. تأقلم مع مدلهمات الليالي وضنك الأيام دون أن تثنى له عزيمة أو تنكسر في داخله شكيمة، لازمته طلعته اللطيفة شابا وأبا وجدا، دون أن يلقي الزمن بظلال تقادم السنين على تقاسيم وجهه. تجرع الغربة والفراق عن أهله ومريديه منذ صغره متنقلا في مشارق المعمورة ومغاربها حاملا في جعبته هموم وطن جريح، متخذا من قضيته قبسا ينير به من حجبت عن أنظاره الحقيقة. غالبا ما تنتخبه الظروف، فكان من التسع الناجين في تنظيمه المكون من مئة عنصر الذين اعدموا في العراق عامي 1979ــ 1980. واحد الأعضاء الخمسة والعشرون في قيادة المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني العراقي الموحد عام 1992. وأيضا عام 1999 احد الزعامات المنتخبين في مؤتمر زعامات المعارضة العراقية في المهجر. آمن بالقدر حتى كفل له أن يرى عاقبة الظالمين، ويجاهد فورة بداية الطغيان و نهاية انخماده المخزي، فراهن بحياته على ما يعتقد وكسب الرهان. انه نــــــــــزار حيدر... في زيارته الحالية إلى العراق كان لـ (شبكة النبأ المعلوماتية) هذا اللقاء مع الأستاذ نزار حيدر مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، لتسليط الضوء على سيرة شخصية مهمة كان لها دور بارز في التصدي للنظام البائد، فكان لنا هذا الحوار: أستاذ نزار... من هو نزار حيدر؟
نزار حيدر من مواليد 1959 مدينة كربلاء المقدسة، أكملت الدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في كربلاء، ثم درست الهندسة في جامعة السليمانية حتى عام 1980. كيف بدأ نشاطك السياسي ومتى؟ بدأت بنشاطي الحركي والسياسي عام 1972 م حيث انضممت إلى صفوف الحركة المرجعية والتي سميت فيما بعد بالحركة الرسالية التي تحولت في عام 1979م إلى ما يعرف بمنظمة العمل الإسلامي في العراق، حيث نشطت في العمل السياسي من خلال كتابة الشعارات ونشر المنشورات السياسية المحرضة على سياسات النظام الطاغي آنذاك. شاركت في انتفاضة صفر عام 1977م ، وقد استطعت الهروب بعد أن القي علي القبض، وشاركت في مظاهرة انطلقت من مدينة كربلاء إلى مدينة النجف في ذكرى وفاة الرسول حيث استطعت النجاة مرة أخرى من الاعتقال بعد إلقائي قصيدة هجوت بها النظام على طول الطريق الذي قطعته المسيرة (التظاهرة) انتهاءا بصحن الروضة العلوية. ولكن في عام 1980 عندما اشتد بطش النظام بالمعارضة هاجرت إلى سوريا حيث كنت احد الناجين التسعة من الإعدام الذي طال خليتي المتكونة من 110 طالب وطالبة، شغلت حينها منصب عضو شورى القيادة في منظمة العمل الإسلامي، وفي ذلك العام انتدبت لأكون ممثلا للمنظمة في أوربا فأصدرت مع عدد من الأخوة أول جريدة معارضة ضد النظام الشمولي البائد، كما نظمنا أول اعتصام سياسي في باريس في مقر منظمة العفو الدولية دام ثلاثة أيام فضحنا فيه النظام وسياساته الإرهابية الدموية التي كان يمارسها ضد الشعب العراقي بكل أطيافه، فبدأت المطاردات البوليسية المعهودة من أجهزة استخبارات النظام ضد معارضيه والمنتشرة في العالم آنئذ، وفي عام 1982 م انتدبت كرئيس لتحرير جريدة العمل الإسلامي ومسؤول للمكتب الإعلامي إلى عام 1989 م، لأسافر في نفس العام إلى بيروت حيث صادفتني ذروة الاقتتال الشيعي ــ الشيعي بين حركة أمل وحزب الله لأعود إدراجي بعد ستة أشهر. بعد ذلك ترأست وفد الحركة الإسلامية المنطلقة إلى كردستان العراق إبان الانتفاضة الشعبانية عام 1991م لتنسيق الجهود بين قوى الشمال والجنوب المنتفضة للإطاحة بالنظام، قبل توجهي إلى مدينة البصرة المنتفضة آنذاك. هاجرت عام 1996م إلى سوريا عند اجتياح قوات الحرس الجمهوري كردستان العراق ليستقر بي المقام هناك حتى عام 1998م قبل أن أهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية. كيف تقيم تجربتك السياسية؟ الأعمال بالخواتيم، وقد وفقنا الله جل وعلا أن نساهم وننجح في تخليص العراق من الديكتاتورية، وكما يدرك الجميع فان العمل السياسي في مثل تلك الأجواء التي انقضت كان يعتبر مجازفة خطيرة جدا مهما كانت طبيعة هذا النشاط، فكانت الإعدامات تنفذ بالجملة دون أي رادع أخلاقي وقانوني للنظام البائد وقد فقدت العديد من رفاق دربي وأصدقائي وشمَلَت الملاحقات عائلتي وأقاربي وحوربوا بجميع أشكال الضغط النفسي والمادي، صحيح أن الله تعالى من علي بالنجاح في أن أرى نهاية هذا الطاغوت الذي قبع فوق صدور العراقيين، لكن المهمة كانت شاقة ومرعبة. وقد ألقيت على عاقتي العديد من المهام الحساسة والخطيرة التي كانت تضعني في واجهة أزلام النظام وزبانيته ففي عام 1992م لدى تشكل المؤتمر الوطني العراقي في كردستان انتخبت عضوا في المجلس التنفيذي، الذي ضم 25 عضواً ممثلا عن منظمة العمل الإسلامي. كما ساهمت بشكل فعال في مؤتمر الزعامات الذي عقد في العاصمة السورية دمشق عام 1996 وقد تشكل من 4 أعضاء عن التيار الإسلامي و4 أعضاء عن التيار القومي و2 عن التيار الكردي وعضو واحد عن التيار الديمقراطي (الشيوعي تحديدا) وقد ضم كل من شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم والسيد محمد تقي المدرسي والسيد جلال طالباني، والشهيد سامي عبد الرحمن، وغيرهم، قبل أن اترك نشاطي التنظيمي الرسمي في منظمة العمل الإسلامي. بعيد الهجرة إلى أميركا شاركت في مؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في نيويورك عام 1999 بصفة مستقل حيث تشكل المجلس المركزي عوضاً عن المجلس التنفيذي، وقد انتُخبت كأحد الأعضاء في هذا المجلس. باعتبارك مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن هلا تحدثنا بنبذة تعريفية عنه؟
تأسس مركز الإعلام العراقي في واشنطن، وهو مؤسسة غير حكومية وغير نفعية، من مجموعة من الإعلاميين المثقفين، ولا يرتبط بأي جهة حكومية أو سياسية عراقية، وهو يهدف إلى تبني ونشر المقالات والآراء السياسية ذات الصلة بالشأن العراقي في الأوساط الإعلامية، وجسر معرفي بين العراق وأمريكا وهو مشروع كبير لا يزال في مرحلة التطوير. ما هو دور الجالية العراقية في نقل الصورة الحقيقية لمحنة العراق؟ كانت ولا تزال الجالية العراقية تنشط في نقل محنة ومعاناة الشعب العراقي من قبل زوال النظام البائد، من خلال التحرك والتأثير على مؤسسات هيئة الأمم المتحدة ومندوبي الأعضاء بالإضافة إلى الإدارة الأمريكية ومراكز الدراسات والصحافة الغربية لفضح الانتهاكات التي كان يمارسها النظام ضد الشعب، وكان من أكثر الشخصيات تميزاً ونشاطاً في هذا المضمار، في واشنطن تحديدا، هو الدكتور احمد ألجلبي بالإضافة إلى الدكتور كنعان مكية، والدكتور ليث كبة، والأخت رند رحيم التي شغلت منصب سفيرة العراق في أمريكا بعيد التغيير والتي لا تزال تدير مؤسسة البيت العراقي هناك، وقد أثرت هذه الجهود في تحشيد الرأي العام الأمريكي ودفع الإدارة الأمريكية إلى الإطاحة بالنظام الديكتاتوري القمعي في العراق عام 2003 م بعد إصدار قانون تحرير العراق في العام 1998 الذي مهد وشرع العلاقة بين الإدارة الأمريكية والمعارضة العراقية، وبالمقابل حرم إي علاقة بين الإدارة الأميركية والنظام البائد، حيث كان هذا القرار نقطة تحول في تاريخ العراق. في ظل الصراع الانتخابي في الولايات المتحدة هناك أجندة يروم الديمقراطيون تحديداً تطبيقها في العراق لكسب هذه الانتخابات عبر كسب الرأي العام، ما هو نشاط الجالية العراقية الآن للحفاظ على ما قد يعتبر انجازاً في العراق وهو الإطاحة بالديكتاتورية وتأسيس نظام ديمقراطي لا يزال فتياً ويحتاج للعون والمساعدة الأميركية؟ أولاً، فان كل ما يسمع عن تنافس الحزبين في أمريكا وما يدور حول الملف العراقي مجمله لا يتعدى الحملات الإعلامية والدعائية، فلا تصدقوا كل ما يقال وان الديمقراطيين تأثيرهم ضعيفا في الملف العراقي، وليس كما يحاول الإعلام الغربي تصويره، والتغيير إن حصل في البيت الأبيض فالسياسة الأمريكية تجاه العراق لن تتغير بشكل انقلابي وان كان لها تأثيراً طفيفاً، لأن العراق أصبح الآن جزءا لا يتجزأ من الأمن والمصلحة الإستراتيجية العليا لأميركا وأنا أتوقع أن لا يحصل ذلك التغيير الكبير، وسيربح الجمهوريون الانتخابات الرئاسية المقبلة بحسب اعتقادي. كيف ترى الشأن العراقي في ظل الإحداث الراهنة؟ وما هي توقعاتك المستقبلية للأوضاع؟ اعتقد أن في الحياة يوجد نوعين متشابهين من المعاناة ولكن نتائجهما تختلف الواحدة عن الأخرى جذرياً، فهناك معاناة ما قبل الولادة وأخرى معاناة رعشة ما قبل الموت والاثنان يمر بهما الإنسان، والأمرين شديدي الصعوبة لجلبهما الألم والمعاناة، إلا أن أحداهما مفرح والأخرى محزن كون نتائج مخاض الولادة فرز ايجابي بينما مخاض الموت سلبي لفقد الإنسان حياته. وبرأيي، فإن ما يمر به العراق الآن هو مخاض ما قبل الولادة فرغم السلبيات التي قارنّاها بألم المخاض، ستكون النتائج ايجابية ومفرحة كون الوليد سيتمخض عن نظام حر وديمقراطي يكفل حقوق الجميع ويؤمن لهم حرياتهم التي حرموا منها العقود الماضية. وكل شعب أو امة على امتداد التاريخ عندما ينتقل من مرحلة الاستبداد والديكتاتورية والتخلف إلى المرحلة المضادة جذريا لا بد أن يمر بهذا المخاض، والقرآن الكريم يروي لنا في آياته العظيمة عن قصة النبي موسى (ع) وبعثته لبني إسرائيل لنقلهم من مرحلة إلى مرحلة أخرى، وكيف أنهم مروا بألم المخاض قبل وبعد البعثة، حتى اشتكوا ذلك إلى نبيهم موسى عليه السلام، فلقد مروا بمخاض عسير على عكس ما كانوا يتوقعون من أن مجرد أن يبعث الله تعالى لهم موسى نبيا، سيتبدل واقعهم المتمثل بسبي نسائهم واستعبادهم وقتلهم، إلى التحرر والغنى والتسيّد على بقية الناس ولكن ما جرى كان مخالفا لتوقعاتهم، وإذا بهم يمرون بحالة أكثر من الخوف والهلع والجوع، حتى قالوا لموسى، يا موسى أوذينا من قبل ما جئتنا ومن بعد ما جئتنا، ولم يستقر بهم الحال إلا تدريجياً. والمسلمون أيضا في بداية البعثة مرّوا بالمعاناة والألم والتقتيل والمحن لمدة 23 عاماً حتى استتبت أمورهم وبسط دين الإسلام ولم يتغير الحال بمجرد بعثة الرسول مباشرة والتاريخ الحديث غني أيضا بالعديد من التجارب المشابهة كاليابان، وكندا، وألمانيا والهند واسبانيا والولايات المتحدة الأميركية واندونيسيا والكثير من تجارب الشعوب والأمم، حيث كانت تعيش مخاضا أسوء مما نمر به الآن، فالحرب الأهلية الأمريكية استمرت سنوات طويلة أحرقت الأخضر واليابس، إلا أن نهاية المخاض كانت دول عملاقة وشعوب آمنة. والعراق لا يزال في مرحلة تحول وتغيير فنحن أزلنا صدام الشخص ولكن منهجه لا يزال ساري المفعول، يجب أن نغير تفكيرنا وأسلوبنا وثقافتنا التي بنيت على مبادئ العنف والاستكبار والإلغاء ورفض الحوار المنطقي واستبداله بحوار الدم، إذا لم نغير ذلك سنبقى نعيش المخاض المؤلم، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع للنهوض بغد مشرق يؤمن الحياة الكريمة للأجيال القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا جميعاً هو، متى نبدأ في تغيير ما جبلنا عليه من ثقافات هدامة مترسبة في نفوسنا زرعها النظام المقبور؟ متى نبدأ لنصل إلى الشاطئ الآخر؟. مع كل ذلك، إلا أن مجمل الأمور تبشر بالخير، وصحيح إننا نتقدم كالسلحفاة ولكن أفضل من أن نبقى نراوح في نفس المكان. ما هو رأيك في مستجدات الأحداث التي جرت مؤخراً في العراق وكيف تنظرون إلى الأداء الحكومي؟ ما أتمناه من كل قلبي هو أن تكون الأحداث الأخيرة بمثابة جرس إنذار لجميع العراقيين وليس للحكومة فقط، حتى يكون التفكير عام ولا يبقى جزئي ومحدود، والتصدي للواقع المتردي، ومراجعة أنفسنا جميعاً، حتى من يحمل السلاح عليه أن يراجع نفسه، فالسلاح لا يبني دولة أو بلداً، وأمامنا عدة تجارب رفع فيها أبناء البلد السلاح بوجه الآخر حتى يأسوا وجلسوا للحوار كما هو الحال بالنسبة للبنان مثلاً، وعلى الحكومة تحمل مسؤولياتها إزاء الشعب، كما أن على الشعب أيضا والأحزاب والتيارات الدينية، والمرجعيات والمثقفين والجميع، أن يتحملوا مسؤولياتهم، فالمسؤولية اليوم تضامنية مئة بالمائة، إذ يجب أن يكون الشعار هو حديث رسول الله (ص) {كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته} فلن تسقط المسؤولية عن احد، ولا يحق لأحد أن يتفرج، وان اختلف حجم المسؤولية ونوعها. ولكن هناك العديد من القناعات التي يحملها من يرفع السلاح بمبررات الاحتلال وغيرها؟ الأعمال بخواتيمها والعبرة بالنتيجة، فلنأخذ نموذجين مقاربين للعراق تعرضا للاحتلال سابقاً في العصر الحديث ومن قبل نفس الدولة وهي الولايات المتحدة الأميركية، وهما اليابان وفيتنام فاليابان وقعت على استسلامها وحكمت من قبل حكومة عسكرية أميركية يترأسها جنرال، ولكن الم يقاوم اليابانيون الاحتلال؟ نعم قاوموا ولكن بطريقة تختلف عن الطريقة الفيتنامية حتى تحرر البلدان. والنتيجة أن اليابان الآن تنافس وتزعج أمريكا، في حين أن فيتنام صحيح أنها قاومت وطردت الأمريكان أيضا كاليابانيين، ولكن طريقة المقاومة الفيتنامية أنتجت دولة ضعيفة بكل المقاييس، بحيث إلى الآن أفواج اللاجئين الفيتنام تتوافد على أميركا هرباً من واقعهم، ولكن هل رأيت أو سمعت أن يابانياً طلب اللجوء إلى الولايات المتحدة؟. أريد أن أبين هذه الحقيقة ثم أتساءل، لماذا يتخذ العراقيون النموذج الفيتنامي في المقاومة ولا يتخذون النموذج الياباني أو الألماني، الفيتنامي قاوم بيده ولكن الياباني قاوم بعقله، وهنا ترتبت فروق النتائج المنظورة للجميع. وهناك من يقول انه يريد أن يطرد الجيوش الأمريكية من العراق ولكنه يضرب القوى العسكرية العراقية كما تفعل القاعدة وأمثالها، أليس هذا يتناقض بالقول أو الفعل؟. وأقول إلى من يرفع شعار التحرير والمقاومة، إذا أراد فعلاً التحرير فعليه أن يسند ويدعم القوى الأمنية والعسكرية العراقية، لأن تلك القوى في حال اشتد ساعدها وفرضت الأمن والقانون فإنها ستزيل جميع المبررات لبقاء القوات المحتلة. أين يجد نزار حيدر نفسه؟ في الإعلام أم في السياسة؟ الإعلام هو السياسة، والسياسة هي الإعلام، وإذا فرقنا بينهما فسأجد نفسي في الإعلام، والثقافة تحديداً. سؤال أخير، ما رأيك بمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام؟
افتخر فأقول بأنني ممن تابع نشوء وتطور هذه المؤسسة منذ البداية، فلقد كنت، ولا أزال، قريبا عنها، وهي، برأيي، من المؤسسات المتخصصة التي تتبنى نهجا استراتيجيا وليس تكتيكيا، وإذا لم يتحسس البعض ثمار ونتائج نشاطها الفكري والثقافي والإعلامي، فلهذا السبب، وكلنا يعرف جيدا، بان الخطط الإستراتيجية لا تؤتي أكلها بسرعة، ولكنها عندما تنتج وتثمر فستنتج ثوابت حقيقية تدوم طويلا، بعكس الخطط التكتيكية التي تؤتي ثمارها بسرعة، ولكنها ما أسرع زوالها، وأنا شخصيا اعتقد بأننا في العراق الجديد بحاجة إلى مؤسسات إستراتيجية، وعلينا أن لا نستعجل النتائج، لنبني بنى تحتية حقيقية تستمر لقرون طويلة ولتتحمل البناء العملاق الذي ننتظره وتنتظره الأجيال القادمة. ختاما، أتقدم بشكري الجزيل وامتناني الوفير للإخوة في النبأ، لإتاحتهم لي هذه الفرصة الثمينة، لأطل من خلالها على القراء الكرام، متضرعا إلى العلي القدير أن يسدد الجميع وان يأخذ بأيدي الجميع لمراضيه، ولما فيه خير الدنيا والآخرة، وان ينزل على العراق وشعبه الأبي الصابر والمضحي شآبيب رحمته، انه سميع مجيب. بغداد في 5 مايس (أيار) 2008 هاتف (964) 07708425415: للاطلاع على نص الحوار في موقع النبأ، الرجاء الضغط على الوصلة التالية:
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |