|
التجمّع العراقي للتحرير والبناء بعد الكثير من اللغو حول معارضة الاتفاقيات الأمنية مع أمريكا والذي أريد منه ذرّ الرماد في عيون الشعب العراقي يعود المسؤولون في حكومة الاحتلال إلى الحديث عن أنّ "الجانبان اتفقا على البحث عن حلول مناسبة للقضايا العالقة للوصول إلى اتفاق يلبي حاجات الطرفين". إنّ التصريحات الأخيرة لكبار المسؤولين في حكومة الاحتلال بضمنهم نوري المالكي رئيس الوزراء وهوشيار زيباري وزير الخارجية تشير صراحة إلى أنّهم قريبون من توقيع الاتفاقيات، والمسألة لا تعدو محاولة تبديل بعض الكلمات والعبارات في النصوص لجعلها غامضة لا تشير صراحة للنوايا الأمريكية المبيّتة للعراق. إنّ واقع الاحتلال والحكومة المنصّبة من قبله بكافة أحزابها وأطرافها والمشاركين بدعمها فيما يسمى بالعملية السياسية لا يسمح برفض أية مطاليب أمريكية أبداً. فالكل وبغض النظر عن موقع المسؤولية هم أدوات للمحتل وبدونه لا يجلسون على كراسي الحكم. إلا أنّ الملفت للنظر مما يظهر في وسائل الإعلام أنّ الوفد العراقي الذي "يتباحث" مع الجانب الأمريكي هو في غالبيته المسؤولة يتكون من قيادات الأحزاب الكردية ممثلة أولاً بهوشيار زيباري (وزير الخارجية) وهو من الحزب الديمقراطي الكردستاني نيابة عن ابن اخته ورئيس الحزب مسعود البرزاني وثانياً برهم صالح (نائب رئيس الورزاء) عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه جلال الطالباني (رئيس الجمهورية). ومن جهة أخرى يبدو أنّ المباحثات حول الاتفاقيات الأمنية مع أمريكا المحتلة قد انتقلت إلى واشنطن. فوزير الخارجية هوشيار زيباري الذي "وبّخ" كما قيل رئيس الوزراء نوري المالكي لتصريحه بأن المباحثات قد وصلت إلى طريق مسدود يجلس في واشنطن وقابله جورج بوش ونائبه ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندليزا رايس ووزير الدفاع روبرت جايتس وأعضاء من الكونغرس الأمريكي كما قابل كل من مرشحي الرئاسة الجدد جون ماكين عن الحزب الجمهوري وباراك أوباما عن الحزب الديمقراطي. كما أنّ جلال الطالباني (رئيس الجمهورية) سافر إلى واشنطن قبل خمسة أيام بدعوى العلاج في أمريكا – أم للالتحاق بهوشيار زيباري وقيادة المباحثات؟ إنّ هوشيار زيباري ومسعود البرزاني وجلال الطالباني وبرهم صالح وغيرهم في قيادة الأحزاب الكردية المتحالفة مع أمريكا يريدون بأي ثمن الحصول على الاتفاقيات مع أمريكا لأنها تشكّل بالدرجة الأولى حماية للأحزاب الكردية وليس للعراق. فالقيادات الكردية التي شاركت في احتلال أمريكا للعراق بكل ما لديها من قوة وخدمت المحتل أفضل خدمة لا مانع لديها من بيع العراق وثرواته للأمريكان بثمن بخس حتى لو أدى ذلك إلى ضياع العراق وشعبه. المهم لديهم بقاء أمريكا تحميهم وتحمي امتيازاتهم ونهبهم. ووجودهم المكثّف والمميز في حكومة الاحتلال وثقة أمريكا بهم أكثر من أي طرف عميل آخر في حكومة الاحتلال وعمليته السياسية يعطيهم موقعاً ممتازاً لبيع العراق. العراق وثرواته صار بيد مجموعة من اللئام. ويوم أمس فقط أعلنت وزارة النفط العراقية ووزيرها حسين الشهرستاني عن عودة شركات النفط الاحتكارية إلى العراق التي أنهى التأميم وجودها قبل ست وثلاثين عاماً... واليوم يقود زيباري وطالباني والمالكي عملية بيع العراق لأمريكا... فلماذا يصمت العراقيون وهم يرون بلادهم التي دمرها المحتل وأذنابه الخونة تباع بثمن بخس دون تحريك الشارع وقلب موازين القوى على رؤوس المحتل ولصوص الاحتلال. القضية ما عادت تحتمل والوقوف على قارعة الطريق والتفرج صار بمثابة الموافقة على ما يجري.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |