|
وعند جهينة الخبر اليقين (حول مجزرة قصر
الرحاب)
محمد علي محيي الدين بعد ردي بسلسلة من المقالات على ما نشره السيد مصطفى القره داغي حول ما أسماه مجزرة قصر الرحاب،وردتني الرسالة التالية ومرفقها مقال للضابط العراقي (الخميسي) الذي كتب الكثير عن الثورة وملابساتها وأحداثها بحكم معاصرته الحدث،واطلاعه الواسع على وقائع تلك الأيام،منطلقا من حرصه الشديد على تبيان الحقائق وفضح الزيف الذي لجأ إليه أنصار الملكية والقوى الرجعية التي رفعت راية العداء لثورة تموز،ولا زال الكثير من هؤلاء على قناعاتهم السابقة رغم الكثير من الوثائق التي كشفت ارتباطات الحكم الملكي وعلاقاته بالجهات الأجنبية،وأن الحكم المذكور لم يكن وطنيا في يوم من الأيام،وأنه كان يمثل المصالح الغربية في الهيمنة على ثروات العراق ونهبها،وما المعاهدات الجائرة التي كبل بها العراق إلا دليلا واضحا على عمق هذا الارتباط ومتانته،ولكن للأسف الشديد فالحكومات التي أعقبت الثورة كانت تحاول ما وسعها الجهد الإساءة إليها ونشر كل ما يسيء لبعض المشاركين فيها لتمرير أجندات معلومة لها أهدافها الخارجية والإقليمية،ولا زال مثل هؤلاء يجدون لهم مكانا في الإساءة إليها لمصالح وارتباطات مشبوهة،أو تنفيسا عن حقد لهذا أو ذاك،ورغم أن الدوائر الغربية لم تكشف عن الكثير من الوثائق التي تدين العهد الملكي إلا أن ما نشر منها كافيا للحكم على تلك الفترة ومحاكمتها على أساس من العدالة والموضوعية. ولأننا نبحث عن الحقيقة أينما تكون،فقد رأينا نشر هذه الوثيقة الدامغة التي أبطلت ما جاء على لسان السيد القرداغي من روايات لم يكن لها نصيب من الصحة وكانت سيناريوهات جاهزة أعدت بعناية من قبل أعداء الثورة استطاعوا من خلالها تمرير مخططاتهم اللئيمة في الانقلاب على الثورة وإنهائها،والقيام بمجازر ليس لها مثيل في تاريخ الإنسانية،و لا زال الكثير من أصحاب الوريقات الصفراء يعيشون على المتناقضات التي كانت وراء إنهاء الثورة والقضاء عليها،ولا زال الكثيرون يحاولون اللعب على هذه التناقضات والاستفادة منها في تمرير أجنداتهم اللئيمة مستغلين غياب الوعي والنباهة لتمرير ما يردون تمريره تحت واجهات مختلفة كان لها دورها المعروف في أحداث العراق. أخي الأستاذ محمد علي محيي الدين مع التحية والتقدير إلى / الكاتب السيد مصطفى القره داغي وعلى هامش مقالته (مجزرة قصر الرحاب جريمة مع سبق الإصرار والترصد) هناك مثل عراقي تداوله ألعامة من الناس، يقول المثل (الجذب المسفط أحسن من الصدق المخربط) وأنا هنا أقول للكاتب القره داغي، أنت يا سيدي بعيد عن الفقرة الثانية من المثل، أما الفقرة الأولى منه فأنت غير موفق في تخريجها لأسباب بسيطة جدا، سأتناولها لعلها تكن من حسن تعاملك مع الأحداث مستقبلا. كتب الكثير من الكتاب المعاصرين والمؤرخين والتدريسيين وذي الاختصاص وغيرهم عن ثورة تموز 1958 كل من زاويته، والقلة القليلة منهم قد أتى على حواشيها دون لبها واختلطت عليه الأمور، حيث ترك لمخيلته العنان وبدا يحلم وعند الصباح روى حلمه لغير الحليم ليصدقه، والأخ السيد القره داغي حلم وانفرد يروي لنا الحدث، وقد مضى عليه خمسون سنة بالتمام والكمال، وهو لا يعلم إن شهود العيان لتلك الواقعة أو بعضهم لازالوا إحياء يرزقون، وهو أمر قد لا يسر الكاتب الموقر ويخرب عليه حلمه، علما إن هناك عدد من الكتاب والمواكبين للإحداث سبق وقد جلبوا عناية السيد المذكور لما يكتب من اختلاق إلا انه يدعي وحده امتلاك الحقيقة مع سبق الإصرار والترصد، لعل ذلك من باب خالف تعرف . وقبل أن أبين ماهية ما حدث والذي عاصرته بنفسي أبين للقراء الكرام إني شخصيا استنكر بشدة قتل الأبرياء وإراقة دماء الإنسان أي إنسان ولست ممن لهم مصلحه فيما سأرويه ولغرض الإيضاح أبين هنا بعض المعلومات والاجراءآت الاعتيادية التي كانت تتخذ يوميا في حراسة قصور الملك والتي لا يعرفها احد لا السيد القره داغي ولا غيره إلا أولئك الضباط ممن لهم اطلاع أو خدموا بلواء الحرس الملكي آنذاك، ففي كل ليلة يتواجد داخل قصر الرحاب ضابطين اثنين لا غيرهما، الأول هو ضابط الخفر برتبة ملازم أو ملازم أول، والثاني هو رئيس الخفر برتبة رئيس أو رئيس أول (نقيب أو رائد)، يقضيان ليلتهما في غرفتين منفصلتين من غرف القصر واقعتين بالطابق الأرضي على جانبي المدخل الرئيسي للقصر، إضافة إلى ذلك يوجد ضابط ثالث يسمى مقدم الخفر برتبة مقدم، يطلق عليه بمقدم الخفر يكون مكان تواجده ليليا بمقر لواء الحرس الملكي الكائن في قصر الزهور الذي يبعد عن قصر الرحاب بحوالي 500 متر تقريبا، وعلى هذا الأساس كان الضباط التالية أسماؤهم هم فقط المتواجدين ليلة 14/ تموز لا غيرهم إطلاقا . الأول ضابط الخفر - الملازم الأول مؤنس ثابت (وهو مرافق الملك بنفس الوقت) . الثاني رئيس الخفر-الرئيس عبد الرحمن صالح (وهو أمر سرية في احد أفواج الحرس). الثالث مقدم الخفر المقدم طه البامرني وهو معاون أمر احد أفواج الحرس . ومن هنا أسال السيد القره داغي من أين أتيت بأسماء الضباط الآخرين المذكورين بالمقال موضوع الحديث؟ فقد أوردت اسم المقدم محمد لطيف والملازم ثامر الحمدان والرئيس سامي عبد المجيد انه أمر غريب حقا، هل يشارك خمسة أو ستة من الضباط سكن العائلة المالكة كل ليله؟ كيف وما سبب تواجدهم داخل القصر ليلا إن كان لهم وجود أصلا؟ أما المقدم طه البامرني مقدم الخفر، فقد كان من المؤيدين للحركة لم يقم بتنفيذ ما أمر به الوصي لضرب القوه المهاجمة . وهذا عكس ما توصلت إليه أنت تماما . ولعلمك يا سيدي ما كان لثورة14/ تموز أن تنجح لولا موقف البامرني من الثورة . وعليه فان كل رواياتك عن موقف هذا الضابط والوصي عبد الإله وحدوثة المفاوضات لا صحة لها إطلاقا . وحكاية ثانية غريبة حقا ترويها وهي مختلقه ومفضوحة، إن عبد الستار ألعبوسي في سنة 1947 حاول قتل الوصي عبد الإله في شارع الرشيد يوم افتتاح البرلمان العراقي آنذاك؟ وهذا الادعاء مع الأسف باطل وليس له شيء من الصحة، وهو مكشوف بدليل بسيط جدا إن ألعبوسي في تلك ألسنه 1947 لم يكن قد التحق بالكلية العسكرية وكان لا يزال طالبا لم يكمل مرحلة الدراسة الإعدادية بعد !! أما وضعك لسيناريو الحدث كما تخيلته فلم تكن موفقا بإخراجه، فقد ذكرت وصفا دراماتيكيا لحركة ألعبوسي ودخوله القصر .. والرمي من الخلف .. الخ .. هذا كله لا صحة له، لأن شهادات الوفاة الطبية للقتلى، تشير إن سبب الوفاة للجميع كانت من جراء الإصابات باطلا قات ناريه صادره من سلاح خفيف، وكلها جاءت من الإمام وليست من الخلف، وهي بالتأكيد موجودة بأرشيف مستشفى الرشيد العسكري. ولعلم السيد القره داغي إن المسئول الأول والأخير عما حدث هو ضابط الخفر الملازم الأول مؤنس ثابت، نتيجة للخطأ الجسيم الذي ارتكبه عندما فاجأ المهاجمين هو شخصيا بفتح نار مسدسه، كإشارة مبيتة منه للإيعاز إلى جنوده من حراس القصر لبدء الرمي من شرفات القصر وفق خطة غير موفقه أدت إلى النتائج المؤسفة للواقعة المذكورة . أضيف إن ألعبوسي رمى فقط اطلاقتين من قاذفة الصواريخ البازوكا عيار 105 ملم ضد الدبابات، أصابت الأولى العمود الكونكريتي (الدنكه) لباب الشرفة للطابق الأرضي، والثانية لجدار القصر الأيسر، بالنسبة لمن يقف بمواجهة الباب لا غيرها . فلا هاونات دكت القصر ولا هم يحزنون، كما أوردها السيد القره داغي !! عجيب ثم عجيب هذا الادعاء الباطل والتلفيق المكشوف . شيء مهم أود التطرق أليه، وهو إن منظمة الضباط الأحرار، كانت تضم عددا كبيرا من الضباط الذين امضوا سنوات عديدة من خدمتهم العسكرية في لواء الحرس الملكي، إما بصفة مرافقين أو منتسبين لوحدات الحرس،اخص منهم الزعيم الركن ناجي طالب، والزعيم الركن احمد يحيى محمد علي، والزعيم الركن ناظم الطبقجلي، والمقدم الركن عدنان أيوب صبري، والمقدم الركن صبحي عبد الحميد، والمقدم طه البامرني، والمقدم الركن الطيار عارف عبد الرزاق، وغيرهم وهم كثر لا تحضرني جميع أسماؤهم الآن . والسؤال المطروح هل سأل السيد القره داغي نفسه ما هو سر هؤلاء الضباط في إجماعهم على ضرورة تغيير نظام الحكم الملكي بالعراق؟ أليس هم وبحكم اطلاعهم المباشر اعرف من غيرهم بتصرفات وأعمال الوصي وعمالة الحكم برئاسة (الجنرال نوري السعيد باشا؟) أم لماذا ....؟خاصة وان رتبهم عاليه، ومراكزهم مميزه، وانتماءاتهم وميولهم مختلفة، وانحداراتهم متباينة،إلا أنهم قد اتحدوا جميعا من اجل التغيير؟ وان إجماع الشعب العراقي بجميع أحزابه الوطنية تحت راية جبهة الاتحاد الوطني وتأيده للثورة هو الآخر يضيء درب الحقيقة؟ وختاما اكتفي بهذا القدر من الإيضاح، رغم احتواء مقاله السيد القره داغي موضوع هذا الحديث على الكثير من المغالطات، مما يتوجب الرد عليها وتفنيدها جملة وتفصيلا، تاركا للقارئ اللبيب استخلاص المعاني والعبر وتتبع وقائع الحدث راجيا إعادة قراءة التاريخ دون لف أو دوران وصولا للحقيقة. الخميسي ضابط متقاعد من ذاك الزمان أدناه نص مقالة السيد مصطفى القره داغي موضوع الرد
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |