حيرة الرئيس الطالباني!

 

رياض الحسيني/ كاتب

وناشط سياسي عراقي مستقل

Iraq4Iraqis@googlegroups.com

 رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني ومن خلال موقعه ذو الصلاحيات الواسعة التي كادت ان تكون أقرب الى صلاحيات رئيس الوزراء او فاقتها في احيان كثيرة هو اليوم على المحك وبكل ما أوتي من قوة وسلطة ونفوذ. حيرة الرئيس الطالباني أنما تتأتى من كونه رئيسا للعراق ولكل العراقيين من جهة ورأسا هرميا لحزب قومي كردي من جهة اخرى.

جلسة مجلس النواب التي جرت اليوم الثلاثاء 22 تموز 2008 للتصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي كانت ولاتزال محل اشكال وتشكيك حتى قبل انعقادها ناهيك عن عبارات التخوين ومنطق المؤامرة والكيد وسياسة لوي الاذرع وهو ماكنا نتمنى الا نسمعه او نراه خصوصا واننا من المفترض ان نكون في فترة انفتاح ونتجه نحو مرحلة يجب ان تكون اكثر تأكيدا على المواطنة العراقية وبعيدة عن منطق الضيق والحصري في القومية والطائفة والحزب والمناطقية. ما أدلى به السيد محمود عثمان النائب عن القائمة الكردستانية حول اقرار مجلس النواب وبالاغلبية لصالح القانون يمكننا ان نصنفه على انه تصريحا كان متشنجا وفي فورة الحدث ليس أكثر وذلك اعتمادا على قاعدة "أحمل أخاك على سبعين محمل"! دعوة عثمان للرئيس الطالباني على عدم التوقيع على القانون الذي اقره مجلس النواب انما يضع الرئيس الطالباني في موقف لايُحسد عليه فكيف يمكن للرجل ان يقوم بمهامه كرئيس لدولة ديمقراطية أقر فيها المجلس التشريعي وهو الجهة الاساسية والرسمية في البلاد قانونا يعطله فرد من افراد هيئة الرئاسة؟! لم تنتهي دعوة عثمان عند هذا الحد بل طالب القائمة الكردستانية وتحديدا قيادة الحزبين الكرديين على ما أسماه "اعادة النظر في التحالفات السياسية والبرلمانية" مضيفا ودون مراعاة لاي دبلوماسية "ان هناك اجماع من الكتل الاخرى لاضعاف الموقف الكردي" وكلمة اجماع هنا تنوه الى "منطق المؤامرة" قطعا! حقيقة لايتمنى الشعب العراقي ان يسمع من السياسيين هكذا تصريحات غير مسؤولة لن نرى من وراءها في الساحة العراقية الا المزيد من التناحر والاقتتال والاصطفافات.

برأي الكثير من المتابعين ان قانون انتخابات مجالس المحافظات وان كان عليه بعض المآخذ ففي الوقت ذاته يتفق الجميع على انه لم يكن بالامكان الخروج بأفضل مما كان. لذا فان دعوات عثمان ليس في محلها وليس من مبرر لها وان كان البعض منا يصنفها في خانة التخوين من جهة والتلويح بالعصا الغليضة اتجاه الكتل الاخرى من جهة ثانية الا انه لايمكن لنا او للقائمة الكردستانية ان نتناسى ان هناك من خرج من جلسة التصويت ولم يصوّت لصالح القرار خصوصا وان الذين صوّتوا له (141) من اصل (275) وهو مجموع اعضاء مجلس النواب. فبالاضافة الى خروج القائمة الكردية فقد خرج الحزب الشيوعي فضلا عن خالد العطية نائب رئيس مجلس النواب وثلّة من اعضاء الائتلاف العراقي وهذا هو الاسلوب الديمقراطي في الحكم. كل منا يقول رأيه ويفعل مايراه مناسبا في حدود القانون ومايمليه عليه ضميره الانساني والمهمات الموكلة اليه وكلٌ من موقعه فلماذا لغة التخوين والارهاب والتلويح بالعقوبات؟!

الرئيس الطالباني اليوم في حيرة وفي موقف لايُحسد عليه حقيقة ولكنه ايضا اختبارا للرجل في اواخر ايام رئاسته للعراق والتأريخ لايرحم والشعب العراقي لن ينسى وباقي الكتل وبالتحديد من صوّتوا لصالح هذا القرار لن يسكتوا وبالتالي لن يكون وضع الطالباني من جهة والقائمة الكردستانية من جهة اخرى في موقف يحسدون عليه. تصويت الرئيس الطالباني لصالح القرار سيكون بمثابة الانتصار الحقيقي للديمقراطية اما عدم توقيعه فليقرأ 30 مليون عراقي على دولة الديمقراطية السلام وأهلا بالديكتاتورية بثوبها الجديد.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com