|
إلى أين تمضي القافلة بالصحفيين العراقيين
محمد علي محيي الدين سبق أن حذرنا القوى المهيمنة على سلطة القرار في العراق الجديد بأهمية التعامل الحذر مع القوى البعثية المنظمة والمتمرسة بالألاعيب الشيطانية وقدرتها على التحايل واغتنام الفرص للوصول الى أغراضها ،ولكن هذه القوى لم تأخذ بالنصيحة وانساقت دون وعي منها لتكون آلة مسيرة لهؤلاء لتنفيذ أجنداتها ومشاريعها الرامية الى أعادة الهيمنة والسيطرة على مقدرات البلاد،وقد أستطاع هؤلاء بما يمتلكون من قدرات استثنائية وإمكانيات مادية هائلة وقدرة على التلاعب بالأوراق الامتداد في مختلف المجالات ،فترى البرلمان العراقي يعج بالعشرات منهم،ودوائر الدولة ومؤسساتها غاصة بالآلاف منهم،وهؤلاء لا زالوا ينظرون الى الوراء ويحاولون أعادة سابق مجدهم بما جبلوا عليه من قدرة وخبرات ولنا تجارب سابقة معهم منذ الرابع عشر من تموز/1958 ولحد الآن،فهم يتلونون تلون الحرباء ويرتدون لكل حلة لبوسها فتراهم مؤمنين إسلاميين إذا كان النظام إسلاميا وبعثيين قتلة إذا كان النظام بعثيا وقوميين (للكشر) إذا كان النظام قوميا ،وعملاء مخلصين إذا كان النظام استعماريا،ويستطيعون التقلب مع متقلبات الحياة،ولم يتضرر البعثيون طيلة تاريخهم فبعد الموبقات والجرائم الكبيرة التي ارتكبوها بعد شباط الأسود عمدت السلطة العارفية الى أعادتهم الى الواجهة من جديد وأطلقت سراح القتلة والزناة منهم ،وعندما عادوا بعد انقلاب تموز 1968 عادوا بوجههم الكالح ليرتكبوا أبشع الجرائم بحق العراقيين،وبعد سقوط النظام تصورنا أنها بداية النهاية لهم،وفعلا اختفوا الأيام الأولى ليعودوا بوجوه جديدة أسلامية وقومية وعادوا الى السلطة والتحكم شركاء عدي وقصي وسجودة ومن كانوا يديرون أعمالها ونهبوا أموالها مثل مشعان الجبوري وصالح المطلق ومن لف لفهم ممن لا زالت الوثائق الموجودة لدى الحكم الجديد تثبت تورطهم بالكثير من الجرائم والأعمال الإرهابية،ولم تستطع أحزاب السلطة الجديدة الحد من نفوذهم أو كسر غلوائهم أو قطع شأفتهم لأن هذه الأحزاب للأسف الشديد لم تكن أحزاب سلطة ،أو قادرة على أدارة البلاد فأستطاع هؤلاء الضحك على ذقونهم فارتدوا اللبوس الجديدة وعادوا الى الواجهة من جديد بحماية من المحتل وبعض الأحزاب التي تفتقر للجماهيرية ليكونوا أداتها في العمل السياسي التخريبي لمسيرة العراق الجديد ،وتمكن البعثيون من العودة الى الدوائر الأمنية والمخابراتية والمواقع الحساسة في الدولة الجديدة ومارسوا أدوارهم بذات النفس البعثي المقيت. والدليل هيمنتهم على مقدرات نقابة الصحفيين العراقيين وبسط نفوذهم فيها، والكثير من هؤلاء من الطبالين في الجوقة البعثية،ولم تصرف هويات جديدة للصحفيين من قبل الكارتل البعثي المهيمن على النقابة في الوقت الذي قام به النقيب الجديد بتنظيم مئات الهويات الى صحفيين جدد بعد استلامه لمهام النقابة وعطل صرف الهويات لغير المحسوبين عليه أو الخارجين عن هيمنته ،ولا يزال مئات الصحفيين العاملين في الصحف العراقية بدون هويات نقابية لأنهم لم يكونوا من صحفيو النظام السابق أو السائرين في ركابه، وقد أجريت الانتخابات الأخيرة في ظل عمليات تزوير مفضوحة إذ شارك فيها المئات من الصحفيين الذين سجلوا في الفترة المحصورة بين استشهاد النقيب السابق وموعد الانتخابات،وهذا الخلل تتحمل مسئوليته الأطراف الفاعلة في الساحة العراقية التي لم تسهم بشكل فاعل في أعادة بناء البيت الصحفي على أسس سليمة وسمحت لطبالي العهد السابق بأن يأخذوا مكان الصدارة ويعودوا الى المراكز التي طردوا منها،لذلك أرى أن يعاد من جديد تقييم الصحفيين المسجلين في النقابة سواء في العهد السابق أو العهد الجديد وفق الأسس التالية: 1- جرد أسماء الصحفيين القدماء منهم والجدد وتقديم جرد كامل بمقالاتهم المنشورة في الصحف وأبعاد العناصر التي كانت تروج لسياسات النظام السابق من صحفيي القادسية وأم المعارك والمجازر والمسالخ التي راح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين. 2- على الصحفيين المتضررين الأخبار عن الصحفيين الأمنيين الذين كانوا يكتبون التقارير للأجهزة الأمنية والحزبية وقطعوا أرزاق زملائهم أو أدو الى اعتقالهم أو تصفيتهم أو هروبهم الى خارج العراق. 3- يطرد من النقابة كل صحفي كان يكتب عن بطولات صدام حسين ونظامه المقيت،أو كان من رموز النظام والمروجين لسياسته القمعية ممن جعلوا من صدام رب الأرباب،ومن البعث قدس الأقداس والأرشيف الصحفي للصحف الصادرة في تلك الفترة فيه الكثير مما يصلح دليل إدانة لهؤلاء. 4- أجراء اختبار لمنتسبي النقابة في كتابة التقرير الصحفي أو المقالة الصحفية أو التحقيق أو المقابلات وتخليص النقابة من الصحفيين الطارئين الذين أساءوا الى الصحافة والصحفيين بأعمالهم الأسترزاقية التي يندى لها الجبين. 5- تشكيل هيئة مؤقتة من رؤساء ومحرري الصحف المعتبرة والشخصيات المهنية ذات الماضي النظيف تتولى أمور النقابة لحين تصفيتها من الطارئين وأجراء انتخابات نزيهة لاختيار العناصر المؤهلة لقيادة النقابة وأدارتها بشكل سليم. 6- إفساح المجال للصحفيين الجدد بالانتساب الى النقابة بعد تقديم المستمسكات الثبوتية على عملهم الصحفي،وإخراج العناصر الطارئة التي أدخلت في غفلة من الزمن. أن الواجب المهني والمسؤولية الأدبية تحتم على الجميع التضامن لإعادة الأمور الى نصابها وبناء النقابة على أسس مهنية سليمة بعيدا عن سيطرة الجهات المشكوك بولائها للوطن.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |