العراق مابين الكان واليكون .. كتاب في حلقات – 10

 

محمد حسـيـن/ مدير مركز

الإعلام العراقي – سيدني

imcsydney@yahoo.com

عندما جائت الهجمة الأستعمارية على البلاد ظهرعجز السلطة الحاكمة عن مقاومتها، وذلك بتخلفها وتآمرها الواضح ضد الشعب المغلوب على أمره، ولهذه الاسباب وتلك التي ذكرناها سابقا دخل الأستعمار الأوربي أو البريطاني الى العراق، فكان الحاكم التركي يترك البلاد مفتوحة أمام المستعمر، وبه يسلـَّم الشعب الفقير الأعزل الى جيش العدو المدرّب والقوي، ونادرا ماكانت جيوش الأتراك تحارب جيوش المستعمر الفاتح، بـل كانت غالبا تسلمهم البلاد من دون قتال . 

 ولم يكن أمام الشعب آنذاك إلاّ أن يبدي مقاومته البدائية أمام جيوش المستعمر الجبارة، وكيف يستطيع شعب مستعبد ولقرون من الزمان لايملك من أمره شىء أن يقف بوجه المستعمر الغازي المؤجج بالعدة والعتاد وأمام قوة غازية كقوة الغرب .

فلقد كان الحكم التركي يترك الشعب بدون سلاح أو مال ناهيك عن المؤسسات الاجتماعية او المحلية، فكان العراقييون الشرفاء الأحرار يواجهون الأتراك الى جانب مواجهتهم للمستعمر الغازي، ومع كل تلك المحن والمآسي التي جرت على الشعب العراقي، ورغم خيانات حلفاء المستعمر لم يستسلم الشعب الى قوات المستعمر بل ظل يقاومه بما يمتلك من قوة وبأس ... 

 وبعد الهزيمة رفض شعبنا الأبي كل أنواع التعاون مع المستعمر الغازي للعراق . والجدير بالذكر فأن الفرنسيين لاقوا مقاومة عنيدة وشرسة من قبل أبناء الجزائر ومراكش وهكذا هو الحال بالنسبة للأيطاليين في ليبيا، فما أن دخلوا المستعمرين الى البلاد فأنهم لم يروا من الشعوب إلاّ المقاطعة والتنظيم السري للمقاومة ضدهم من أجل نيل حريتهم والوصول الى تحقيق هدفهم بالأستقلال .

وهكذا الحال كان ساريا ليس على شعوب المغرب العربي فحسب بل في المشرق العربي أيضا كما حصل في سوريا وأيران وأفغانستان والهند . ففي مثل هذه المواقف ينكشف زيف الحكام فيتعرض وجهاء السلطة للخطر، فينهزم الملوك والزعماء من قصورهم التي بنوها للأبد ويسقط عن رؤوسهم تاج المملكة فلاصولجان ولاجلاد في البلاط . 

 فهنا تظهر جليا هوية الشعوب وبها يستيقظ الضمير الحي، فينتفض بعد إنكشاف واقع الحكام وعجزهم عن ردّ الأخطار عن الوطن، وحينئذ لايبقى أمام الزعماء المزيفين سوى طريق الهرب أو اللجوء الى صف الغزاة المغتصبين، ولا يبقى أمام الشعب إلاّ اللجوء الى زعمائه الحقيقيين من العلماء والمفكرين وبمختلف مشاربهم وأديانهم وقومياتهم . 

وخلاصة القول :- إنه وفي اللحظات الحرجة والحاسمة من تأريخ الشعوب تظهر الهوية الحقيقية للأمة، مثلما يبرز الزعماء الحقيقيون والشرفاء الذين يثقون بقوى الشعب والشعب منهم في ثقة، فيرفعون علم التحدي ضد المستعمر الغازي، وقد ظهرت هذه الحقيقة عندما بدأ الهجوم الأمبريالي لإستعمار البلاد العربية فتجلت هذه الحقيقة في ثلاثة مظاهر هي :-

 أولاً :- إنبعاث روح الاديان في ضمير الامة من جديد باعتبارها اساس هوية وتاريخ وثقافة الملل، وأمام هذا الانبعاث الثقافي للاديان انهزم كل ماهو خاضع مستسلم في قصور السلاطين .

 ثانياً :- بروز قيادات شعبية وفكرية لمختلف الانتماءات باعتبارهم الممثلين الحقيقيين لثقافة الشعوب، وبالمقابل إندحرت زعامة السلاطين والملوك الذين كانوا يحكمون الشعوب بالحديد والنار وبقهر الاجهزة البوليسية .

 ثالثاً :- إلتحاق وعّاض السلاطين وأقلامهم بأسيادهم الخونة وانسحابهم عن الساحة بعد خيانتهم للامة وبروز دور روّاد الحرية والعدالة والمفكرين المرتبطين بجذورهم الشعبية القوية .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com