|
تفاؤل بترشيح الدكتور رافع العيساوي لمنصب نائب رئيس الوزراء .. وحديث عن ضرورة تحديد الصلاحيات بدقة
سامي الحمداني لم يشهد العراق توافقا سياسيا فيما بعد الاحتلال كالذي يشهده الآن حيث توصلت الأطراف المعنية مؤخرا إلى صيغ توافقية لا ترقى الى مستوى الاستقرار الكامل لكنها تركت أثرها الواضح على الساحة العراقية، وفي خضم البحث في الجزء الأول من التجربة السياسية الحديثة عن الأسباب والعوائق التي أدت إلى فشل جزئي- إن لم نقل كليّ- في تلك التجربة تم طرح أمور كثيرة في هذا المجال تتعلق بالمصالحة الوطنية وضرورة التوافق من أجل مصلحة العراق وحقن الدماء وغير ذلك كثير لكن هناك أمر لم يُطرح على تلك الطاولة بشكل جدي وفعال الا وهو موضوع الصلاحيات. إن تحديد صلاحيات كل مسؤول في الدولة وكل جهة بشكل دقيق يؤدي بالنتيجة إلى أمرين: الأول: تمكن الجهات الرقابية مثل مجلس النواب من قياس نسبة استخدام المسؤول أو المؤسسة للصلاحيات الممنوحة إليه وبالتالي معرفة مقدار تحرك المسؤول أو المؤسسة كعامل مساعد في تقييمها. ثانيا: عدم تجاوز بعض الشخصيات أو المؤسسات على صلاحيات آخرين ووقوف كلٍّ على حدوده. وقضية صلاحيات مجلس الرئاسة غير بعيدة عنّا حيث كانت كثير من صلاحيات مجلس الرئاسة مغيبة بسبب تنازلات معينة من قبل المجلس مراعاة للمصلحة العامة والمصالحة الوطنية وغير ذلك، لكن في النهاية حدث مشكلات معينة ولم يكن بالإمكان غض النظر عن تحديد الصلاحيات بدقة حيث نشر موقع الهاشمي موضوعا بعنوان (صلاحيات مجلس الرئاسة لمن لا يعلم) وذلك إثر تصريح لمريم الريس نائبة رئيس الوزراء قالت فيه إن صلاحيات مجلس الرئاسة تشريفية. وعود على بدء فإن التقييم الأولي للدكتور رافع العيساوي يدور حول جديته ونشاطه الذين ربما يقودانه إلى استيعاب تحركاته لكافة صلاحياته وعليه يجب تحديد صلاحياته كنائب رئيس وزراء بدقة كي لا يحد موضوع الصلاحيات من تحركاته أو يؤخر مشاريعه خدمة للصالح العام وبقراءة سريعة لكتابات المحامي طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق نستنتج مجموعة صلاحيات لنائب رئيس الوزراء وكما يأتي: - يشارك في مشروع قانون الموازنة العامة. - يشارك في طلب حل مجلس النواب. - مسؤول عن السياسة العامة للدولة مع رئيس الوزراء وأعضاء مجلسه. - يساهم في تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة . - يشرف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة. - اقتراح مشروعات القوانين. ويوضح السيد حرب ضرورة تحديد صلاحيات نائب رئيس الوزراء بالقول: " وجود هذا المنصب (نائب رئيس الوزراء) يدخل في مفهوم التنظيم الاداري الذي يعني تصنيف الاجهزة الادارية للدولة وبيان تشكيلها وتوزيع الاختصاصات الادارية بينها وكيفية ممارستها.ذلك ان منصب رئيس الوزراء لابد ان يدخل التصنيف الاداري للدولة بحيث يتم ايجاد نوع من توزيع الاختصاصات بين رئيس الوزراء. ونائب رئيس الوزراء اي لابد من الرجوع الى الاحكام المتعلقة بالتفويض والتخويل الواردة في القانون الدستوري والقانون الاداري باعتباره الاسلوب الامثل لتحقيق عدم التركيز الاداري، اي عدم تركيز جميع السلطات في يد رئيس الوزراء فقط، اذ لابد ان ينقل رئيس الوزراء بعضاً من اختصاصاته الى نائبيه، ليمارساها دون الرجوع اليه. مع بقاء مسؤولية رئيس الوزراء عن هذه الاختصاصات امام مجلس النواب". ويؤكد السيد حرب ان " لنائب رئيس الوزراء الذي تم تخويله بعض الصلاحيات تفويض هذه الصلاحيات لغيره من الوزراء و الموظفين أو الموظفين الآخرين فالتفويض لا يتم الا مرة واحدة ولا يتكرر والا استمر الى ما لا نهاية. ويشترط في التفويض تعيين حدوده وتحديد مداه بدقة كي لا يؤدي الى سوء فهم او نزاع ولرئيس الوزراء تعديل نطاق سلطات نائبيه وتغيير مداها". ولتوزيع الصلاحيات بين رئيس الوزراء ونوابه وانتقال وتناقل الصلاحيات فوائد كبيرة يلخصها طارق حرب حيث يؤكد "ان مبدأ تفويض السلطة Delegation of authority ضرورة من ضرورات حسن التنظيم الحكومي والاداري من اجل تحقيق المهمات المناطة بمجلس الوزراء. اذ تتجلى في سرعة اتخاذ القرارات لمواجهة الوقائع حين حدوثها وبذلك يتم حل المشاكل قبل تعقيدها كما انه يؤدي الى سرعة اتخاذ القرار وخفض التكاليف المالية والاجراءات الادارية واختصار الوقت". ويتابع رئيس جمعية الثقافة القانونية مستشهدا بالتجربة السابقة في ظل الحكومة الانتقالية " ان التجربة السابقة لمجلس الوزراء في الحكومة الانتقالية اوضحت ان اناطة قضايا الطاقة بنائب رئيس الوزراء استطاعت تدارك خللاً كبيرا، اذ تم تشكيل عدة لجان برئاسة نائبي رئيس الوزراء". والفقرة الأهم في أبحاث طارق حرب هو موضوع تشكيل اللجان التي يترأسها نائب رئيس الوزراء لا سيما ما يتعلق بالجانب الأمني حيث يعلق على هذه المسألة بقوله " ما تتم مناقشته هذه الايام حول تشكيل لجنة امنية يرأسها نائب رئيس الوزراء لا تخرج عن احكام الدستور الجديد شريطة الالتزام باحكامه اولا والالتزام باحكام تفويض السلطة التي اسلفناها لا سيما وان المادة (85) من الدستور اوجبت على مجلس الوزراء اصدار نظام داخلي لتنظيم سير العمل في المجلس ولأعزو ان اللجان التي يرأسها نائبا رئيس الوزراء يجب ان يتضمنها هذا النظام. وما قيل عن اللجنة الامنية المقترحة التي تضم عدداً من الوزراء وبرئاسة نائب رئيس الوزراء مما يوافق احكام الدستور ولا يخالفه ان حسنت النوايا في ان تخويل السلطات من رئيس الوزراء الى نوابه مقصده الوطن العراق والمواطن العراقي". ومن كل ذلك يتبين أن تحديد الصلاحيات بدقّة للمسؤولين والمؤسسات المختلفة، وتوزيع تلك الصلاحيات بشكل عملي مدروس بالاستفادة من التجارب السابقة أمر لا مفر منه فليس الذي يعرف بوضوح صلاحياته كافة كمن يشوب صلاحياته التي بين يديه ضباب وتتخللها عبارات مطاطية وليس أدل على هذا مما حدث خلال السنوات السابقة التي تداخلت فيها الصلاحيات وحدثت تجاوزات كثيرة زادت الأمور تعقيدا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |